الرئيسية / أخبار لبنان /سياسة /الجمهورية : الإستقرار جنوباً يصطدم بالجدار... والخبز والملح يتجدَّد بين ‏برِّي والحريري

جريدة صيدونيانيوز.نت / الجمهورية : الإستقرار جنوباً يصطدم بالجدار... والخبز والملح يتجدَّد بين ‏برِّي والحريري

 

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / الجمهورية : الإستقرار جنوباً يصطدم بالجدار... والخبز والملح يتجدَّد بين ‏برِّي والحريري

"الجمهورية "  :

إنضبط المشهد الداخلي على إيقاع اربعة عناوين اساسية، ‏أوّلها إعادة بث المزيد من الحيوية في العلاقات الرئاسية ‏وتصليب خيوط الربط بين الرؤساء بعد الأزمة التي فرّقت في ما ‏بينهم في الماضي القريب. والثاني مؤتمر روما الذي تقرّر عقده ‏في 15 آذار المقبل، وما يمكن ان يجني لبنان من دعم خصوصاً ‏للمؤسسة العسكرية، علماً انّ حجم المشاركة فيه وفق ‏التوقعات الرسمية ستكون كبيرة، وقد أشار وزير الداخلية نهاد ‏المشنوق الى انّ أيّاً من الدول لم تعتذر عن عدم المشاركة ‏فيه. والعنوان الثالث إنتخابي في ظل انطلاق قطار الترشيحات، ‏بالتوازي مع بروز ثغرات في الشروحات الجارية من قبل القوى ‏السياسية لقانون الانتخاب، ولا سيما حول سبل الانتخاب ‏والصوت التفضيلي وكيفية توزيعه ضمن اللائحة اضافة الى ‏كيفية اقتراع الشخص الأمّي غير القادر على الكتابة واستخدام ‏القلم، خصوصاً انّ القانون الجديد يمنع البصم الذي كان ملحوظاً ‏في القوانين السابقة. وأمّا العنوان الرابع فهو المستجدات على ‏الحدود الجنوبية المرتبطة بالجدار الإسمنتي الذي تسعى ‏إسرائيل الى بنائه في المنطقة المتنازَع عليها مع لبنان‎.‎

 

 

ينتظر لبنان وصول وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون الى بيروت بعد ‏غد، إذ على هذه الزيارة يتبيّن الخيط الابيض من الخيط الاسود، وتبعاً للون ‏الخيط الذي سَيتبدّى، يتحدد ما اذا كانت تطورات الجدار الاسرائيلي وإعلان ‏ملكية اسرائيل للبلوك رقم 9 سيدفعان الجبهة الجنوبية الى التصعيد او الى ‏التبريد‎.‎

 

 

يأتي ذلك وسط تبلّغ المراجع الرسمية اللبنانية حرصاً اميركياً نقله مساعد ‏تيلرسون، دايفيد ساترفيلد، بأنّ واشنطن معنية بالحفاظ على الاستقرار في ‏لبنان، وعدم فتح الجبهة الجنوبية على اي تصعيد مع الجانب الاسرائيلي قد ‏تترتّب عليه توترات يخشى ان تمتد على مساحة كل المنطقة. الّا انّ صدقية ‏هذا الاصرار، وفق ما اكد مرجع كبير لـ"الجمهورية" تحتاج الى ان تقترن ‏الرغبة الاميركية بالتهدئة بخطوات عملية تفرضها واشنطن على اسرائيل‎.‎

 

 

واذا كان بعض الاطراف في الداخل يعتبرون انّ اللقاء الرئاسي الثلاثي في ‏قصر بعبدا امس، وهو الثاني بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد ‏الحريري، يشكّل اختزالاً للحكومة اللبنانية ويقوم بما يجب عليها القيام به، الّا ‏انّ اهمية هذا اللقاء وفق تأكيد الرؤساء الثلاثة انه يبثّ جوّاً اضافياً من التفاهم ‏الداخلي، ما ينسحب تلقائياً على المناخ الداخلي بشكل عام والملفات ‏العالقة تحت اكثر من عنوان، ويتعزّز ذلك ايضاً باللقاء الثنائي في عين التينة ‏بين بري والحريري، والذي يأتي بعد فتور في العلاقات بينهما على خلفية ‏أزمة مرسوم الاقدمية‎.‎

 

 

وما تسرّب عن اللقاء الرئاسي يَشي بأجواء جيدة جدا، وبأنّ خط الانسجام ‏الرئاسي صار أمتن من ذي قبل، خصوصاً انّ الامور والقضايا تتمّ مقاربتها ‏بروحية ايجابية، وباستعداد لتجاوز اي عقبات يمكن ان تعترض المسار ‏الداخلي، وكذلك باستعداد لتجاوز كل الهنات التي حفلت بها مرحلة ما قبل ‏الوئام الرئاسي، وأدخلت البلد في مدار التأزيم والسجال. واللافت في هذا ‏السياق كان اللقاء الودّي بين بري والحريري الذي يمكن وصفه، مع الغداء ‏الذي تخلله بـ"لقاء المصالحة على مائدة الخبز والملح". وحرصت أجواء عين ‏التينة على مقاربة اللقاء بارتياح، حيث تمّ فيه بحث قضايا الداخل بأولوياتها ‏كافة‎.‎

 

 

وقال بري امام زوّاره: "بحثنا في كل الامور، وخلال ذلك أعدتُ طرح موضوع ‏الموازنة العامة للعام الحالي وضرورة إحالتها سريعاً الى مجلس النواب ليُصار ‏الى إقرارها خلال الفترة الباقية من عمر مجلس النواب‎".‎

 

 

والهدف الاساس الذي اشار اليه بري "هو انّ الوضع المالي صعب جدا ‏ويتطلب إرسال الموازنة لإقرارها قبل نهاية ولاية المجلس لأنّ التأخير في ذلك ‏قد يوقعنا في الدوامة من جديد، اذ انه بعد الانتخابات النيابية ستنتهي ولاية ‏الحكومة الحالية، وتشكيل الحكومة الجديدة قد يستغرق وقتاً ربما لشهر او ‏لأشهر، وساعتئذ بدل ان نكون امام موازنة العام 2018 نصطدم بموعد موازنة ‏الـ2019. وعندها، نعود الى الدوران حول أنفسنا بموضوع قطع الحساب وما ‏شابه ذلك من تعقيدات. لذلك الافضل ان تأتي الموازنة الآن‎".‎

 

 

وفيما بَدا من نتائج اللقاء انّ الحريري عبّر عن استعداد للتعجيل بإحالة ‏الموازنة قريباً، الّا انّ ذلك يتطلّب عقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء مخصصة ‏لها، والاسبوع المقبل موعد ملائم لذلك، علماً انّ مشروع الموازنة مُنجز من ‏قبل وزارة المالية وما ينقص هو الطرح امام مجلس الوزراء. الّا انّ مصادر وزارية ‏اكدت لـ"الجمهورية" انها تستبعد عقد جلسات للموازنة، لأنّ الوقت داهمنا ‏جميعاً ولم يعد يتّسِع الّا للانتخابات‎.‎

 

 

الّا انّ الاساس، في اللقاء الرئاسي، وفق اجواء الرؤساء ليس تجاوز الحكومة ‏في مرحلة تشهد تراجعاً طبيعياً في الانتاجية الحكومية ربطاً بالزمن الانتخابي ‏الحالي والتحضيرات لإجراء الانتخابات في ايار المقبل، بل هو أكل العنب، إن ‏لناحية بَثّ المزيد من الارتياح الداخلي، أو لجهة إظهار صورة لبنانية موحدة ‏من التهديدات الاسرائيلية واجراءاتها الاستفزازية على الحدود. وبالتالي، ‏إظهار انّ القيادة السياسية في لبنان موحّدة وفي اعلى درجات التنسيق ‏حيال مسألة وطنية كمسألة التهديد الاسرائيلي للسيادة اللبنانية‎.‎

 

 

ما يعني، إرسال رسالة شديدة الوضوح الى الخارج، بأنّ لبنان لا يتهاون في ‏موضوع سيادته وحقوقه، وهو على استعداد للدخول في حرب اذا ما وجد ‏تَعنتاً اسرائيلياً وإصراراً على المَس بسيادته وقضم الحق اللبناني في برّه ‏وبحره، وانّ قراره هو عدم السماح لإسرائيل بأن تسطو على بَرّنا وبحرنا ‏وثرواتنا، في سبيل ذلك سيستخدم كل ما يملك من قوّة وقوى للتصدي ‏والدفاع‎.‎

 

 

والتأكيد على موقف التصدي والمواجهة تمّ تزويده لممثّل لبنان في اللجنة ‏الثلاثية مع "اليونيفيل" والجانب الاسرائيلي، بعدما تبيّن انه خلال اجتماع ‏اللجنة في الناقورة أمس، قدّم الجانب الاسرائيلي جواباً سلبياً، يتضمّن ‏تَمسّكاً ببناء الجدار الإسمنتي في المنطقة التي حدّدتها إسرائيل، اي ضمن ‏النقاط المتنازَع عليها مع لبنان بما يعني ضمناً مصادرة هذه الاراضي واعتبارها ‏ملكاً لإسرائيل، وما يعني ايضاً انّ هذه النقاط البريّة تمتد الى الحقل النفطي ‏بحراً وقَرصَنته وحرمان لبنان منه. وهو الامر الذي اكد الجانب اللبناني في ‏اللجنة الثلاثية انه يرفضه جملة وتفصيلاً، ولن يسمح بالتعدّي على أرضه‎.‎

فسيادة لبنان أولاً، وحق لبنان في برّه وبحره اولاً ايضاً ولا ينازعه عليه احد. ‏فيما بَدا انّ "اليونيفيل" اقتصر دورها على التأكيد للجانبين اللبناني ‏والاسرائيلي على تهدئة الامور والالتزام بالقرار 1701‏‎.‎

 

 

وقال مرجع سياسي كبير لـ"الجمهورية": "انّ لبنان ليس معنياً بالتصعيد، وقد ‏لمسنا هذه النيّة بعدم الرغبة في التصعيد من الموفد الاميركي ساترفيلد، ‏واذا كنّا لسنا معنيين بالتصعيد، فهذا لا يعني ابداً انه تخلّينا عن حقنا وارضنا ‏وبحرنا وسيادتنا، وقرارنا أبلغناه لكل المستويات الدولية، وتحديداً للأميركيين، ‏بأنه ممنوع وغير مسموح التعدّي على السيادة اللبنانية لا في البر ولا في ‏البحر، والتعليمات التي أعطيت للجيش خلاصتها الرَدّ بكل الوسائل المناسبة ‏على أيّ اعتداء، وعلى اي محاولة للاقتراب من النقاط المتَحفّظ عليها على ‏الحدود. واذا اراد الاسرائيليون ان يبنوا الجدار فهذا شأنهم، لكن فليبنوه على ‏الجانب المقابل من خط الحدود الدولية مع لبنان، وليس من الجهة اللبنانية‎.‎

 

 

بدوره، قال مصدر عسكري رفيع لـ"الجمهورية": "الجيش يأخذ كل التدابير ‏على الحدود الجنوبية، لكن حتّى الساعة لم يسجّل أيّ خرق إسرائيلي ‏للخطّ الأزرق، وعندما يتمّ التعدي على أرضنا فلكل حادث حديث"، لافتاً الى ‏انّ "الحدود الجنوبية تعيش هدوءاً، والحياة مستمرة في القرى الحدودية ‏بشكل طبيعي‎".‎

 

 

وكان عون قد أكّد في حديث صحافي انّ لبنان أخذ قراراً بالدفاع عن أرضه في ‏حال حصول اعتداء اسرائيلي عليها او على حقوقه في النفط. وقال: "إنّ ‏الاستفزاز الاسرائيلي الكلامي لا يهمنا، ولكن اذا دخل حَيّز التنفيذ ستكون ‏هناك حروب جديدة"، مُستبعداً في الوقت نفسه ان تقدم اسرائيل على ‏تنفيذ تهديداتها، وقال: "نحن طرحنا حلاً، هناك نقاط حدودية متنازَع عليها مع ‏اسرائيل، فلنحلّ النزاع حول هذه النقاط أولاً، لأنه لا يمكن لإسرائيل ان تبني ‏جداراً في اراضينا‎".‎

وفي سياق أمني آخر، قال مرجع امني كبير لـ"الجمهورية: "لبنان ينعم بوضع ‏امني جيّد جداً قياساً مع أمن سائر دول العالم، فالوضع ممسوك ومطمئن، ‏خصوصاً انّ الجيش والاجهزة الامنية تقوم بجهود كبيرة في هذا المجال منعاً ‏للإخلال به‎".‎

 

 

وأضاف المرجع: "لن نسمح لأيّ كان في الاخلال بالامن. الجيش ومديرية ‏المخابرات يفككان يومياً خلايا إرهابية ويقبضون على ارهابيين، كما حصل ‏مؤخراً في عرسال وطرابلس، وحَذرنا الأساس في هذه المرحلة هو من ‏عودة الإرهابيين الذين كانوا يقاتلون الى جانب المجموعات الارهابية في ‏سوريا، وقرار الجيش هو ملاحقة من تَمكّن من التسلل الى لبنان، ومنع ‏الآخرين من التسلل، خصوصاً انّ هؤلاء يشكلون قنابل موقوتة تهدد الاستقرار ‏الداخلي وأمن كل الناس‎".

مؤتمر روما‎

وفي هذه الاجواء، أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في الاجتماع ‏التحضيري لمؤتمر روما 2 في السراي الحكومي، "انه يرى في المؤتمر، ‏فرصة تاريخية نحصل فيها على احتياجاتنا من أجل مستقبل آمن، ليس في ‏لبنان فقط، إنما في العالم‎".‎

وقال: "نتطلّع إلى اليوم الذي يصبح فيه السلاح غير الشرعي بأمرة الدولة، ‏ونتطلّع إلى اليوم الذي يعود الجيش إلى ثكناته ليقوم بواجبه في حماية ‏حدود الوطن. وتبقى قوى الأمن مسؤولة وحدها عن أمن اللبنانيين‎".‎

وقال المشنوق: "لم ترفض أيّ دولة عربية حضور المؤتمر، وتحديد موعده في ‏‏15 آذار المقبل مؤشر إيجابي‎".‎

 

 

وقال مصدر عسكري رفيع لـ"الجمهورية" إنّ "قيادة الجيش تبلّغت أنّ أسباباً ‏لوجستية وتقنية تقف وراء عقد مؤتمر روما 2 في 15 آذار بدلاً من أواخر ‏شباط، وذلك من أجل تنظيم أكثر للمؤتمر وتنسيق المواقف بين الدول ‏المشاركة"، مشدداً على عدم "وجود أي أسباب سياسية وراء تأجيله بضعة ‏أسابيع‎".

ولفت الى أنّ "المهم نجاح المؤتمر، علماً انّ دولاً كبرى أبدَت حماستها في ‏المشاركة والدعم‎".‎

2018-02-13