الرئيسية / أخبار لبنان /الصحة النفسية/د.بلال سالم /إدمان المسلسلات الرمضانية

الصورة عن الانترنت

جريدة صيدونيانيوز.نت / إدمان المسلسلات الرمضانية

صيدونيانيوز.نت / الصحة النفسية /الدكتور بلال سالم / إدمان المسلسلات الرمضانية 

إدمان المسلسلات الرمضانية

أحببت في هذا المقال أن أتطرق الى ظاهرة غزت عالمنا العربي للأسف و ضيعت على الناس أوقاتها و خربت على العائلات الاستمتاع بأجمل أيامها و شتت المرء عن الواقع و أسكنته في دنيا الخيال و الدراما الغير واقعية و موضوعنا اليوم إدمان الشاشة و بشكل أخص إدمان المسلسلات الرمضانية.

سأبدأ مقالي بكلام لمريض أميركي عانى من إدمان الشاشة لسنوات عديدة و أرجو أن يسقط القارئ قصة هذا المريض على حالنا هذه الأيام مع المسلسلات الرمضانية . يقول ميشال بولوك في مدونته المعنونة "كيف إنتصرت على إدمان الشاشة و استعدت حياتي وكسبت شهرين في السنة؟" :

لا يتمنى أي أحد ممن فارق الحياة و سكن القبر أنه أمضى وقتا" أكثر مما أمضاه في حياته مشاهدا" التلفاز،الحياة قصيرة,و هناك أشياء مهمة أكثر و مسلية و طموحة أكثرمن الجلوس مشاهدا" التلفاز ساعات طويلة. أنا لا أقترح التوقف بشكل قاطع عن مشاهدة التلفاز، و لكن أفضل أن تكون هذه المشاهدة في طرف حياتنا و أن لا تكون مركزها.

هذا الشعور لم يكن موجودا" لدي في الماضي، حيث كنت أمضي 6ساعات يوميا" مشاهدا" التلفاز. وكانت لما تمر ساعات الليل الطويلة تراني مزروعا" كالشجرة في أريكتي، متوجها" بكل جوارحي إلى التلفاز و أعلف نفسي من كل ما لذ و طاب حتى يغالبني النوم في منتصف الليل على أريكتي و أستيقظ من النوم بعد 8 ساعات و الطعام مازال أمامي و التلفاز لا زال شغالا" مع الإحساس بالتعب المستمر من دون أخذ القسط الكافي من الراحة.

و عندها بدأت بعمل الحسابات و هنا أصبت بالصدمة. 6 ساعات يوميا" تساوي 2190  ساعة سنويا" أي 91 يوما" سنويا" مما يصل إلى 3 أشهر في السنة...نعم 3 أشهر في السنة مسمرا" مخدرا" أمام هذا الجهاز من دون أي إنتاجية أو عمل. أعيش 3أشهر في عالم من الخيال بينما يعيش أقراني في عالم من الواقع و الحقيقة.

ومع أني فشلت أن أنتبه لمشكلتي في ذلك الوقت،ولكني أعترف حاليا" أن مشاهدة التلفاز كانت إدمانا" واضح المعالم لي الآن. كان وسيلة هروب تشتتني عن مشاكلي اليومية، عن مخاوفي و تحدياتي عندما لاأريد أن أواجهها في الواقع.

كنت أستخدم التلفاز لأشتت نفسي عن الخزي و الإحراج الذي نتج عن قراراتي المالية العشوائية و الغير مسؤولة و ما نتج عنها من خسارات جمة.

كنت أستخدم التلفاز لأهرب نعم لأهرب من التواصل مع الآخرين و تحقيق الغاية الأسمى التي خلقت لأجلها. كنت أشاهد التلفاز لأملأ حياتي الفارغة و أتكيف مع الضجر و الملل. بإختصار كانت حياتي مضطربة و ثقتي بنفسي معدومة ، ومع أن التلفاز أعطاني هروبا" مؤقتا" من الحقيقة و لكنه جعلني سجينه، فبدل أن أستخدم طاقتي ووقتي لأواجه مشاكلي و أحسن حياتي كنت أضيعها على هذا الجهاز.

ولحسن الحظ فقد التقيت إلين شريكة حياتي في السنوات الأخيرة. عندما التقيت بها لم تكن حتى تقتني تلفازا"، وهذا جعلني محتارا" و مرتبكا".كيف تتسلى هذه المرأة؟ ألا تشعربالملل كباقي البشر؟كيف تستطيع أن تحتمل السكون؟ لم أسألها هذه الأسئلة لأنني لم أكن أهتم بذلك فعلا" بل كنت أغبطها على خياراتها بالابتعاد عن التلفاز و ووسائل التسلية في ذلك الوقت.

في إلين وجدت شخصا" يعيش حياة عقلية ذات هدف وتتمحور حول أشياء مهمة جدا" كالعائلة و والأصدقاء و المجتمع وعملها كمدربة يوغا.وجدت فيها شريكة حياتي المستقبلية المحتملة و مثال ملهم حي عن الشخص الذي أريد أن أكونه و عن الحياة التي أريد أن أحياها.

من الصعب أن يمر يوما" من دون أن أشكر الخالق على أنه أرسل إلين إلى حياتي المملة الفاشلة. لقد أعطتني الإيحاء و التشجيع و الدعم الذي جعلني أتفوق على الصعاب في ذلك الوقت. وقد ألهمني مقال نشرته إلين لطلابها في صف اليوغا كتبت فيه:"أين تجد نفسك بعد 5 سنوات أو سنة أو حتى يوما" ؟  من الممكن أن تجد هذا السؤال صعبا" ولكن من المهم جدا" أن يكون عندك رؤية واضحة لحياتك كلها  ، و إن لم تملك هذه الرؤية تكون كالسيارة التي تحاول أن تتحرك فيها ومغير السرعة على وضع الإيقاف. أحببت هذا المقال لأنه وصف حالي و حياتي التي كانت بلا هدف و بلا معنى.

انتهى عرض ميشال لمشكلته و سيشرح لنا في مقالي القادم كيف استطاع أن يخرج من عنق الزجاجة التلفزيونية إلى العالم الخارجي و يواجه مشاكله.

وهنا أضيء على بعض النقاط و الأسئلة المهمة التي يجب أن نسألها لأنفسنا عن مشاهدتنا للتلفاز:

1.كم ساعة نقضي في شهر رمضان -الذي بات يعرف بأشهر المسلسلات -على شاشة التلفاز أو الحاسب لنشاهد المسلسلات الرمضانية؟

2.هل الساعات لتي نمضيها على التلفاز تشغلنا عن أعمال أخرى أكثر أهمية؟

3.هل نلبي دعوة لإجتماع عائلي أو عمل خيري أو أي شيء يهمنا إذا تضارب مع موعد عرض حلقة لا تعاد من مسلسلنا المفضل؟

4.هل تساعدنا هذه المسلسلات على حل مشاكلنا المادية و الحياتية أم أنها تصرفنا عنها  و تصعب حلها؟

5.أما السؤال الأهم فكيف تحل مشكلتك مع العالم الإفتراضي إذا لم تجد ألين بعد؟

أجتهد في تحديدالإجابة أو طريق الحل في المقال القادم إن شاء الله.

رمضان مبارك

بلال سالم

5 رمضان 1439

21 مايو 2018

2018-05-21

دلالات: