الرئيسية / أخبار صيدا /شؤون إعلامية وصحافية /إعلام اليوم.. وزمان الوصل ( رأفت نعيم)

جريدة صيدونيانيوز.نت / إعلام اليوم.. وزمان الوصل ( رأفت نعيم)

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار صيدا /  إعلام اليوم.. وزمان الوصل ( رأفت نعيم)


رأفت نعيم

أعترف بأني، كما كثيرين من أبناء جيلي من الإعلاميين، استلحقنا أنفسنا في التمرّس بمجال الإعلام الرقمي، مواكبة لتطور مؤسساتنا الإعلامية في هذا المجال. وساعدنا في ذلك أمران:

الأول، أننا وجدنا أنفسنا، كروافد إخبارية لوسائلنا الإعلامية، مواطنين في هذه القرية الكونية الصغيرة التي باتت تتحكم بإعلامها وسائل التواصل الاجتماعي.

الثاني، أننا أباء وأمهات لجيل إلكتروني بامتياز تتفتح عيناه ووعيه على الحياة منذ سنواته الأولى عبر نافذة تكنولوجيا التواصل والتفاعل المختلفة، ولو كانت وجهة استخدامهم الأولى لها الترفيه أو التسلية، حتى أصبحوا أكثر منا معرفة بخفاياها وأسرع منا استخداماً لها، وأصبحت أكثر استهلاكاً لأوقاتهم. رغم ذلك، بقي ويبقى لدى الكثيرين من الإعلاميين - المخضرمين - ذاك الحنين إلى الإعلام الورقي المندثر شيئاً فشيئاً، إلى وسائله البدائية منذ الورقة والقلم وآلة التصوير الفوتوغرافي التي تتهاوى بدورها وأثرها أمام هجمة وتكدس الأخبار والصور التي تنقلها او تلتقطها الهواتف الذكية وما أكثرها واجتياحها لوسائل التواصل الاجتماعي وعبرها إلى وسائل الإعلام ومنها الورقية أو ما بقي صامداً منها.

إلا أنه ليس الحنين وحده بالضرورة هو من يجعلنا نتمنى لو يعود زمن الصحافة الورقية بكل مهنيتها وتقنياتها البدائية أو التقليدية، وإنما أيضاً تلك الفوضى الإعلامية التي باتت تجتاح هواتفنا ووسائل تواصلنا الاجتماعي وعبرها المواقع الإلكترونية وتقع في أشراكها بعض المؤسسات الإعلامية مرئية أو مسموعة أو ما صمد ويصمد من المقروءة.

عشوائية وتسرع في نقل الخبر على حساب دقته حيناً آخر. وتجهيل لمصدره أحياناً كثيرة كي «يضيع دمه» وسط احتمالات تعدد المصادر، أو كي تبقى مصداقيته معلقة ويكون سبباً لطرح تساؤلات من هنا أو تأكيد من هناك أو نفي من هنالك. ذلك أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يعودوا فقط مستهلكين للمعرفة بل أيضاً ناقلين لها لكن من دون ضوابط. وهذا يضع الإعلام المُلتزم مهنياً أمام تحدٍ مضاعف في أن يضحي بالسرعة والوقت أحياناً لصالح الدقة والواقعية التي تفرض تحري حقيقة خبر يصلك عبر وسيلة من وسائل التواصل لا تكون أنت بطبيعة الحال مصدره الأول ولا متلقيه الأخير.

أما التحدي الأهم والأخطر على رسالة الإعلامي فهو أن يتحول من صانع لخبر يعطيه من جهده ووقته وخبرته ويقدمه ببصمته وأسلوبه، إلى ناقل له أو مكتفٍ ببعض الروتوش الخارجية لشكل الخبر من دون أية إضافة في المضمون. وبالتالي يتحول الخبر إلى فقاقيع صابون مهما بلغ حجمها سرعان ما تتلاشى في الهواء، وكأنه سلعة سريعة الاستهلاك لا طعم ولا نكهة ولا عنصر إبداع من حيث المعلومة أو اللغة أو الصياغة أو الاستحضار لأدبيات العمل الصحفي ومصطلحاته واستعاراته وإسقاطاته واحترام خصوصيات الآخرين في زمان تسقط فيه كل الخصوصيات والاعتبارات الأخلاقية والإنسانية صوتاً وصورة ومعلومة. حتى أصبحنا نخاطب زمان الصحافة الجميل بلسان الشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب: «جــادك الغيــث إِذا الغيـث همـى.. يــا زمــان الــوصل بــالأَندلسِ».!

2018-10-04

دلالات: