الرئيسية / أخبار لبنان /إعتداءات صهيونية على لبنان /الأخبار: من الغواصة إلى الروبوت؟...المسيرات ـــ الرحلة 1: تثبيت إطار التفاوض..المقاومـ ة تدخل..المفاوضات على طريقتها؟

صورة من مقطع فيديو تُظهر لقطات من مسيرة لمنصة FPSO التابعة لشركة «انيرجيان» في حقل «كاريش» (أ ف ب)

جريدة صيدونيانيوز.نت / الأخبار: من الغواصة إلى الروبوت؟...المسيرات ـــ الرحلة 1: تثبيت إطار التفاوض..المقاومـ ة تدخل..المفاوضات على طريقتها؟

Sidonianews.net

------------

الأخبار:  ابراهيم الأمين

من دون شروحات لا معنى لها، لم تكن المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل في حالة دهشة مما حصل السبت. التقديرات الاستخباراتية لدى العدو كانت تشير بقوة إلى عمل ما يحضر له حزب الله. ربما لم يُفاجأ العدو بالرسالة، لكن السؤال الرئيس كان حول حجم الرسالة وأدواتها وتوقيتها. وتصرف جيش العدو بناء على إشارات بنى على أساسها تقديره الذي اتبعه بإجراءات عسكرية دفاعية واسعة النطاق، ما سمح له برصد الطائرات بعد دخولها الأجواء التي تحيط بالمنطقة، قبل أن يقرّر طريقة التصرف بناء على نوعية الطائرات التي لم تكن من جيل واحد. لكن العدو كان واثقاً إلى حدّ بعيد بأن الطائرات غير مسلحة وليست معدّة لهجوم عسكري.

العدو يقرأ جيداً عقل حزب الله. لكنه يخطئ أحياناً عندما يستمع إلى تقديرات بأن الحزب مقيّد لأسباب، منها ما هو داخلي في لبنان ومنها ما يتعلق بثمن المواجهة. ومع ذلك فإن «العاقلين» في مؤسسات العدو يعرفون جيداً أن خطوة حزب الله مهّد لها علناً قبل أسابيع، عندما حدّد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الوجهة بالقول: «إن الهدف هو منع العدو من المباشرة بنشاط استخراج النفط والغاز من حقل كاريش، وعلى العدو أن ينتظر نتيجة المفاوضات. ونحن نملك القدرات لمنعه من العمل في حقل كاريش، وكل إجراءات العدو لن تقدر على حماية المنصات. وعلى السفينة أن لا تتورط في العدوان على لبنان. ويكفي أن نرسل فوقها مسيّرات حتى تعرف ما الذي يجري الحديث عنه. والمقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهب ثروات لبنان وكنز لبنان. وكل الخيارات مفتوحة ومطروحة أمامها ومن دون أي تردد».
 

لكن سؤال العدو، وغيره في لبنان والخارج، كان حول التوقيت. وقد اتضح للجميع بأن الخطوة جاءت في سياق الجولة الأولى من المفاوضات «الجديدة» التي قادها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين بين لبنان وكيان الاحتلال. وكان الحزب على صلة تفصيلية بكل الرسائل التي تتنقل بين بيروت وواشنطن وتل أبيب، كما أتيح له الاستماع مباشرة، من جهات غربية، على أجواء الموقف في كيان العدو. وكانت الخلاصة واضحة بالنسبة إليه، وهي أن العدو يناور بدعم أميركي لإجبار لبنان على التنازل عن حقوقه. بالتالي، وجد الحزب نفسه أمام خطوة هدفها الفعلي «تشكيل حدث تأسيسي بما خص الصراع القائم، خصوصاً أن العدو وأميركا بنيا استراتيجيتهما ومواقفهما وخططهما على تقديرات بأن حزب الله مطوّق رسمياً وشعبياً، ويُدفع دفعاً نتيجة الضغط الداخلي إلى الانكفاء والابتعاد عن التأثير في مسار التفاوض. بالتالي، فإن عملية المسيرات ستكون بنداً أولاً في الجولات التفاوضية الجديدة.
ولتوضيح الموقف يجب الإشارة إلى أن حزب الله يناقش الجهات الرسمية حول ملف الترسيم، لكنه ينبه دوماً إلى أن على لبنان التصرف من موقع أنه يملك قوة قادرة على مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأميركية. ويوضح لمن يهمه الأمر بأن الحاجة الأميركية والأوروبية إلى الطاقة تحتاج إلى استقرار في كل البحر المتوسط، وهم يعرفون أن أي مواجهة مع إسرائيل ستجعل مياه البحر المتوسط كلها في حالة عدم أمان، وليس بمقدور أحد ضمان الأمن لأي تحرك ملاحي تجاري أو غير تجاري. وحتى إسرائيل لم تكن لتأتي بالسفينة لولا أنها واثقة من عدم حصول تطورات عسكرية. بالتالي، فهي لا تريد الذهاب نحو مواجهة، ما يعني أنها جاهزة ضمنياً للتنازل.


على لبنان إضافة بند واضح إلى المفاوضات بالسماح للشركات العالمية بالعمل في كل الحقول اللبنانية حتى الحدود مع سوريا

كذلك أكدت المقاومة التزامها الموقف الرسمي لناحية المناطق الاقتصادية في البحر. لكنها قالت صراحة إنه في حال ناور العدو ولجأ إلى الاعتداء على حقوق لبنان، ولم تبادر الدولة اللبنانية إلى إجراءات ردعية واضحة وفعالة، فهي ستبادر إلى ردود تتناسب مع الاعتداءات الإسرائيلية لوقفها وردعها وضمان حقوق لبنان.
وبعيداً من أجواء الهبل التي تسود جماعة أميركا وإسرائيل والسعودية في لبنان، فإن كل من هم في موقع القرار، داخل الحكم أو خارجه، في لبنان وخارجه، حتى داخل العدو، يعرف أن المقاومة تتصرف بواقعية وهي ستقوم بالرد المتناسب، ولن يتمكّن العدو من استدراجها إلى أي فخ ينصبه، وهي في الوقت نفسه تتصرف في مثل هذه الحالات على أساس التقدير الأسوأ.
نحن الآن أمام جولة جديدة من المفاوضات بوساطة أميركية، فيما الإيجابية التي حملتها الجولة الأخيرة من التفاوض وما نقله الأميركيون ينحصر عملياً في «أن إسرائيل ترحب بالتنازل اللبناني عن الخط 29 وتبدي استعدادها للعودة إلى مفاوضات الناقورة». وهذا لا يلغي الأجوبة السلبية بعدم إقرار إسرائيل بأن الخط 23 هو خط نهائي، وبأن حقل قانا يتبع بكل ما فيه للبنان. إضافة إلى أن الأميركيين والأوروبيين لم يتطرقوا بعد إلى حاجة لبنان الواضحة لالتزام المجموعة الدولية بمباشرة الشركات العالمية العمل في الحقول اللبنانية وعدم انتظار التسويات الكبرى، وأنه في هذه الحالة ستلتزم المقاومة منع العدو من العمل قبل ضمان حقوق لبنان، ليس في الحدود فقط بل في مباشرة العمل على استخراج الطاقة من هذه المناطق.
 

عملياً، تفرض استراتيجية لبنان أن يتم سريعاً حسم حقوق لبنان في كامل حقل قانا وفي تثبيت الخط 23، بالتالي الانتقال فوراً إلى مرحلة تعديل جدول الأعمال بحيث يكون هناك بند جديد واضح وجلي يقول إن هذه الاتفاقيات يجب أن تشمل، وبوضوح، حصول الشركات العالمية على تفويض دولي بالقدوم إلى لبنان والمباشرة بالأعمال كما هي الحال في الجانب الآخر، وألا يقتصر ذلك على هذه المنطقة، وإنما إطلاق حريات الشركات العالمية في العمل في كل الحقول اللبنانية الممتدة شمالاً حتى الحدود مع سوريا.
يبقى أن على اللبنانيين التصرف بقلق دائم حيال تصرفات بعض القيادات اللبنانية التي تخشى الأميركيين لأسباب مختلفة. والتوازن مع هؤلاء يقتضي إدراك الجميع بأن واشنطن والعدو يعرفان، بالدليل الملموس، أن خيار التوتر خيار جدي وليس تهديداً في الهواء. مع الإشارة إلى أن الوسيط الأميركي كان سمع عن هذا الأمر لكنه تعامل معه بخفة، إلى أن سمع خلال الاجتماع في القصر الجمهوري كلاماً أكثر وضوحاً ولو اتسم بديبلوماسية، وهو ما قاله نائب رئيس المجلس الياس بوصعب لهوكشتين، بأنه يفترض بالجانب الأميركي العمل على خلق «خط ساخن مع الجهات الأمنية اللبنانية، وتحديداً الأمن العام اللبناني لمواجهة احتمالات فشل المفاوضات وانتقال الجميع إلى مرحلة قد تشهد تطورات غير سياسية». وقد فهم الأميركيون الأمر على أنه رسالة واضحة تقول بأنه في حال فشلت المفاوضات قد نكون جميعاً أمام مواجهة من نوع آخر.

---------------

المقاومة تتجاوز رهان القيود وتفتح الباب على المفاجآت
الأخبار:  يحيى دبوق 

إرسال ثلاث طائرات مسيّرة غير مسلحة في اتجاه حقل كاريش، على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، ليس حدثاً آنياً ينتهي مع نهاية الحدث نفسه، ولا يشبه أياً من العمليات التي نفّذها حزب الله ضد العدو في السنوات القليلة الماضية، سواء في ما يتعلق بالدافع، أو بالظرف المرافق، أو بالغاية النهائية منه.

عبارة «وصلت الرسالة»، كما وردت في بيان حزب الله الذي تبنّى فيه إرسال الطائرات الثلاث، تختصر التحليلات. لكن ما هي الرسالة، وما هو موجبها، وإلى أين تريد أن تصل؟ أكثر من سؤال بات مطروحاً على طاولة البحث في واشنطن وتل أبيب، عن أصل الحدث وعن رسائله.
من الواضح للجميع الارتقاء في رسائل حزب الله، من الموقف السياسي المعلن والحازم إلى خطوات عملية ولو بالحدّ الأدنى.

 

كذلك يبدو أن ما فرض هذه الخطوة التصعيدية، المحدودة، هو مسار مفاوضات الترسيم برعاية «الوسيط» الأميركي، والذي باتت تل أبيب وواشنطن فيه رهينتين للحسابات الخاطئة ولأطماع زادت عن حدها. ويمكن التقدير أن مسار المفاوضات ونتائجها الآنية، أو تلك التي يدفع باتجاهها العدو و«الوسيط»، لم تعد تسمح لحزب الله بالامتناع عن إرسال رسائل تحذير، عملية هذه المرة، كي يكف الجانبان، الإسرائيلي والأميركي، عن الحسابات الخاطئة التي قد تقود - بل تقود - إلى خيارات متطرفة.
أما في النتائج المباشرة لتسيير المسيّرات الثلاث، فيمكن إيراد الآتي:
أولاً، على إسرائيل من الآن أن تخفض سقف اطمئنانها المبني على توقع أن حزب الله لن يجرؤ على تحويل موقفه السياسي إلى خطوات عملية.
ثانياً، رهان العدو و«الوسيط» على أن الأزمة المالية والاقتصادية عامل كابح وضاغط على حزب الله، بات متضعضعاً، إن لم يكن قد تبدّد.
ثالثاً، بيّن تسيير المسيرات عقم رسائل التهديد التي أطلقها قادة العدو أخيراً ضد حزب الله ولبنان، وتحديداً عن وزير الأمن بني غانتس ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، وهي تهديدات لم تؤثر في قرار حزب الله، بل حفّزته أكثر للمبادرة.
 

رابعاً، تبديد نظرية استغلال أزمات لبنان ودفعه لـ«قبول أي شيء» يعرض عليه. وهي نظرية «الوسيط» الأميركي التي أعلنها جهاراً، ويبدو أنه عمد بمعية العدو إلى دفعها على طاولة المفاوضات، أو «طاولة الفرض» كما تريدها إسرائيل.
وأياً يكن الأمر، فإن مبادرة حزب الله من شأنها تعزيز الموقف الرسمي اللبناني المفاوض، أي موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، علماً أن معظم البقية يتمايلون للانزياح لإرادة الأميركي. وفي محصلة النقاط المثارة هنا، سيكون العدو معنياً بأن يبحث جيداً في رسالة حزب الله: هناك سقوف لا يمكن القبول بها. فهل وصلت الرسالة؟ وكيف سيكون الرد عليها؟

رد فعل العدو
ردود الفعل لدى المسؤولين الإسرائيليين، كما لدى الخبراء، تسمح بتلخيص الموقف الإسرائيلي على الشكل الآتي:
على المستوى الرسمي جاء موقف وزير الأمن مطابقاً لما عاد وقاله رئيس الحكومة الجديد يائير لابيد الذي لم يغيّر كثيراً من العبارات. فقد حذر الجانبان من إرباك المسار التفاوضي. واعتبر غانتس أن إرسال المسيّرات «يقوّض المفاوضات والاتفاق الذي يتبلور»، ما يؤكد حقيقة التوجه لفرض الإرادة وإعطاء لبنان فتات الثروة الغازية، وهو التفسير أكثر معقولية من تفسير آخر قيل إنه يتعلق بخشية إسرائيل على مسار المفاوضات لذاتها. والمعنى استطراداً: خطوة المسيّرات هي بدء رد مقابل على خطة العدو و«الوسيط» لفرض حل بعيداً من مصلحة لبنان.
 

بات العدو، كما يفهم من المواقف الرسمية أو تلك التي وردت على لسان الخبراء والمراسلين والمصادر، أمام خيارات عملانية متعددة، وهي كلها تحت سقف الرد المباشر في لبنان نتيجة الخشية من التداعيات، وكما يرد في التعبيرات العبرية: «إسرائيل تدرك أنه في مقابل حزب الله لا يمكن للجيش الإسرائيلي الرد بشكل واضح وعلني لأن المسألة معقدة».
بدّدت المسيّرات نظرية «الوسيط» الأميركي باستغلال أزمات لبنان ودفعه لـ«قبول أي شيء» يعرض عليه

ويمكن اختصار مروحة الرد غير المعقدة بثلاثة خيارات:
أولاً، اللارد لأنه لم يحدث أي ضرر. لكن اللارد سيؤدي إلى تشجيع محاولات مماثلة من حزب الله في المستقبل.
ثانياً، الرد. على البنية التحتية لحزب الله في سوريا، وهو ما سيظهر أننا غير معنيين (خائفون) من المهاجمة في لبنان.
 

الرد: بـ«حرب الوعي» سيبرانياً، لكن هذا الرد أيضاً سينظر إليه على أنه تعبير عن موقف إسرائيل ضعيف.
في المواقف غير الرسمية، تجاذب المقاربة اتجاهان: تقارير مدفوعة من ماكينة الجيش عملت على «تمجيد» قدرة الاعتراض، مقابل تقارير تساءلت عن الإنجاز. وفقاً للاتجاه الأول، أظهرت إسرائيل قدرتها «الفائقة» على اعتراض المسيّرات. وفقاً للاتجاه الثاني، انتقادات واضحة للمقاربة الأولى والتضخيم فيها إذ إنهم «في الجيش الإسرائيلي يدركون جيداً أنهم لم يحبطوا اليوم أي عملية، لأنه لم تكن هناك محاولة لتنفيذ عملية» (القناة 12 العبرية)، ولأن «حزب الله قال عبر المسيّرات إن في إمكانه إرسال مسيرات غير مفخخة، ولكن في إمكانه أيضاً إرسال مسيرات مفخخة تنفجر في سفينة الاستخراج عندما يبدأ العمل فيها، ولدى حزب الله قدرات أكبر بكثير من تلك التي بدت بالأمس، والتي هدفت إلى إرسال رسالة وحسب، من دون التسبب بأضرار» (يديعوت أحرونوت).
هل يقدم الإسرائيلي، بإذن من الأميركي، على خطوات سلبية، سواء كانت سياسية أو عملياتية؟ هل يندفع الطرفان (أميركا وإسرائيل) إلى وقف العملية التفاوضية، علماً أن موقفاً كهذا من شأنه دفع حزب الله للارتقاء أكثر عملياتياً، أم سيقدمان على تعديلات نسبية في المقاربة التفاوضية؟ الأسئلة مفتوحة، وكذلك الأجوبة.
في الموازاة، تنتظر اللبنانيين حملة بدأت بالفعل فور الإعلان عن المسيّرات، تقودها جماعة أميركا في لبنان، مبنية على فذلكة ممجوجة ضد المقاومة: حزب الله يحرم اللبنانيين من ثروتهم عبر استثارة الإسرائيلي ومنع المفاوضات. وهي محاولة قلب حقائق وتشويه تكرّر نفسها ضد أي إنجاز أو مقدمة إنجاز يحققه حزب الله في مواجهة اعتداءات العدو وحماية الثروات اللبنانية من أطماعه. وبدلاً من أن تكون خطوة المسيّرات حدثاً يعزز الموقف اللبناني، يتحول لدى هؤلاء إلى النقيض تماماً. علماً أنه الدور الطبيعي والتقليدي الموكل أميركياً لهؤلاء.
 

تبقى الإشارة إلى أن إسرائيل تدعو مقابل التهديد القولي، والآن العملي، إلى ضرورة التمسك بالديبلوماسية، وتصف خطوة المسيرات بالتقويضية للعملية التفاوضية والحلول التسووية. فلا تهديدات إسرائيلية ولا «فشخرات»، وهو الأمر اللافت بقوة.
يعود ذلك إلى جملة عوامل تدفع تل أبيب إلى الانكفاء التهديدي. فهي، إضافة إلى أنها لا تريد في الأساس مواجهة مسلحة واسعة ضد حزب الله، أو محدودة من شأنها أن تتحول إلى واسعة، معنية أكثر في مرحلة ما بعد الغاز والنفط وانتشار المنشآت في عرض البحر، بأن لا تتسبب بأي ضرر للبنية التحتية، فوق الماء وتحتها، لغازها ونفطها، بما يشمل الاستخراج والنقل والتخزين في البحر والبر، وهي نقطة ضعف إسرائيلية إضافية يبدو من الصعب الدفاع عنها في زمن الحروب، وربما أيضاً لدى العمليات المركزة المضادة من الخارج.
أيضاً، إسرائيل معنية بأن لا تتضرر بيئة الأمان لمنشآت الطاقة وبنيتها التحتية، وأن لا تكون محلاً للتهديد والسجال حوله، وهو سجال سيتسبب بأضرار غير محصورة، من بينها أن الشركات صاحبة الامتياز ستعاني من أكلاف كبيرة جداً لتأمين المنشآت، وهي أكلاف من شأنها إبعاد الاستثمار وهروبه أو جعل شروطه صعبة على إسرائيل. ناهيك عن أن ضعف عامل الثقة الذي يتغذّى حتى من الإشاعات، يثقل على إسرائيل وعلى الشركات، التي ستواجه ضغط شركات التأمين العالمية وصولاً إلى حد وقف التأمين نفسه، ما يعني، عملياً، وقف عمل المنشآت.

------------

من الغواصة إلى الروبوت... وأسراب المسيّرات

 لا يخفي الإسرائيليون تقديراتهم إزاء الإمكانات العسكرية التي يمتلكها حزب الله في الساحة البحرية، وهم في العادة ينشرون جزءاً من هذه التقديرات لأهداف مختلفة. والمؤكّد أن لدى الإسرائيليين معلومات عن جزء معتدّ به من هذه القدرات، وهي كافية بذاتها، بغض النظر عما خفي منها، أن تردع، أو تساعد في ردع، قرارات إسرائيل بالاعتداء على لبنان، وتضع حداً لها في الساحات الأخرى.

قدرات حزب الله البحرية، على تواضعها عام 2006، أخرجت سلاح البحرية الإسرائيلية من الحرب في حينه. وما تراكم من قدرات، منذ 2006، ترميماً وتعاظماً، لا يقاس.
ووفقاً لمنشورات عبرية، «طوّر حزب الله ثلاث قدرات في الساحة البحرية: إصابة منصات بحرية ثابتة، وضرب سفينة أو هدف بحري متحرك، إضافة إلى قدرة على الإبرار، وهو وصول القوات بحراً إلى البر عبر قوارب وزوارق إنزال مسلحة لتنفيذ مهام عملياتية. ويؤكّد مسؤولون في البحرية الإسرائيلية (موقع واللا) أن حزب الله سرّع في العقدين الماضيين عمليات بناء القوة البحرية، و«يكفي أنه وفقاً لسجلات عمليات سلاح البحر الإسرائيلي. وبعد تحقيق معمّق وفحص للبيانات والاستخبارات، اتضح أن غوّاصين من قوة النخبة في حزب الله وصلوا، في حالة واحدة على الأقل، إلى منطقة الحدود البحرية وعبروا الجانب الإسرائيلي بهدف فحص التكنولوجيا الإسرائيلية تحت الماء»، وهو يشير إلى أن الجمع الاستخباري البحري منتظم وتقليدي وعلى مدار الساعة، ولا يتعلق فقط بتحضير مسبق وفوري لعمليات تقرر تنفيذها في النطاق البحري. ويمكن القياس على ذلك.


إلا أن ما يبرز في الإعلان، هو الحديث عن القدرات البحرية المرتبطة تحديداً بالوسائل القتالية، وتبدأ من حيازة غوّاصات صغيرة قادرة على الوصول إلى أهداف قريبة وبعيدة نسبياً، وقوارب مطاطية سريعة الحركة والتنقل من حيّز مائي إلى آخر بسرعة معتدّ بها، إضافة إلى صواريخ بر - بحر، قديمة وحديثة، دقيقة أو أخرى في طور التحول إلى دقيقة، جرى تفعيل عدد منها خلال حرب تموز عام 2006، بواسطة قدرة صاروخية صينية محسّنة، كانت تعد في حينه من الصواريخ ذات الشأن والتأثير، رغم تقادمها النسبي قياساً بالترسانة الموجودة حالياً، كمّاً ونوعاً.
الآن، وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، يحوز حزب الله منذ سنوات على صواريخ روسية الصنع من نوع «ياخونت» قادرة على استهداف أي قطعة بحرية إسرائيلية في عرض البحر، مع إصابة دقيقة وقدرة فائقة على التملص من الرادارات. إضافة إلى «ياخونت»، لدى حزب الله - وفقاً للتقديرات نفسها - صواريخ بر - بحر من أنواع مختلفة، معظمها إيراني الصنع، أو نسخات محسّنة وتلائم حاجات حزب الله العملياتية، من صناعات إيرانية وغير إيرانية.

تخيلوا لو أرسل حزب الله سرباً من 100 مسيّرة نحو ميناء حيفا


ووفقاً لمنشورات عبرية (مركز علما الإسرائيلي)، حدّث حزب الله منذ عام 2006 ترسانته الصاروخية الساحلية مع عشرات القواعد على طول الساحل، و«لديهم مجموعة متنوّعة من القدرات التي تسمح لهم الوصول إلى شواطئ إسرائيل. وهناك تقدير بأن لديهم غواصات إيرانية الصنع صغيرة لنقل المقاتلين. وهم يتدربون أيضاً على استخدام معدّات غوص متطورة لمسافات طويلة قبالة سواحل لبنان على أعماق مختلفة. كما يعرفون كيفية تنفيذ الغارات والاستيلاء على الأهداف البحرية واستخدام العبوات الناسفة وزرع الألغام».
ويبقى الشغل الشاغل للاستخبارات الإسرائيلية، هو توسيع ما أمكن من الكشف والاستعلام الاستخباري عن القدرات الدقيقة التي تعد تهديداً داهماً يفوق أي تهديد عملي آخر تواجهه إسرائيل، سواء بهدف المعرفة والإدراك المسبق لوجه التهديد وماهيته، تمهيداً لاستهدافه إن أمكن، أو للاستعداد لمواجهته لاحقاً إن أمكن كذلك. علماً أن تهديداً كهذا لا يقتصر بطبيعته على وسائل قتالية، تستثنى منها الساحة البحرية، ما يعني أن أي مكان شاطئي في إسرائيل، أو في عمق البحر، بما يشمل المنشآت الغازية والنفطية، هي عرضة للاستهداف بدقة، وفقاً للقرار والإرادة، من لبنان.
وبحسب منشورات عبرية، «وفقاً للتقديرات، لن يتسرّع حزب الله في إرسال مقاتلين إلى معارك مع الجيش الإسرائيلي، إذ إنه قادر على أن يتحكم عن بعد بروبوتات تحتمائية، يمكن أن تهدد السفن ومنصات الغاز». ووفقاً لصحيفة «معاريف»: «تخيلوا لو أرسل حزب الله سرباً من 100 مسيّرة نحو ميناء حيفا. حزب الله قادر على مهاجمة أهداف استراتيجية في إسرائيل بواسطة مئات المسيرات في آن. حتى الآن خبرت إسرائيل وواجهت مسيرات معدودة أتت من سوريا أو من غزة وأيضاً من العراق ومن اليمن. لكن لم نر بعد أسراب المسيرات».


وقال مصدر أمني لـ«معاريف» إن حقل «كاريش» خاص جداً، بني بعيداً عن حدودنا، وضربه يمكن أن يشل قطاع إنتاج الغاز في إسرائيل. وأضاف: «البعد عنا لمسافة 90 كيلومتراً، خلافاً لحقول غازية أخرى قريبة من الساحل الإسرائيلي، يصعّب علينا حماية هذا الحقل».

2022-07-04

دلالات: