عمال السكك الحديد يتظاهرون في باريس (أ ب).
جريدة صيدونيانيوز.نت / الثلثاء الأسود في فرنسا: عمّال سكك الحديد بدأوا اضرابهم
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار العالم / الثلثاء الأسود في فرنسا: عمّال سكك الحديد بدأوا اضرابهم
المصدر: أ ف ب
بدأ عمال سكك الحديد اليوم تحركا اضرابيا كثيفا يهدد بشلّ #فرنسا على مدى ثلاثة اشهر، ويمثل تحديا كبيرا للرئيس #ايمانويل_ماكرون وتصميمه على إصلاح البلاد.
وشارك اكثر من ثلاثة ارباع سائقي القطارات في اليوم الأول من الاضراب، وفقا لإدارة الشركة الوطنية للسكك الحديد "إس إن سي إف"، الشركة العامة المشرفة على القطارات في فرنسا، والتي ترزح تحت ديون طائلة، ويرغب ماكرون في إصلاحها. لكن ثلث عدد الموظفين فقط شاركوا في الإضراب، على ما افادت.
وتم تسيير قطار واحد فائق السرعة "تي جي في" من أصل ثمانية، وخمس القطارات المحلية، في ما وصفته وسائل العلام الفرنسية بـ"الثلثاء الأسود".
وسيواجه مستخدمو القطارات يوميا، والبالغ عددهم 4,5 مليون شخص، اسابيع من الفوضى، وسط إضراب ليومين كل خمسة أيام يستمر حتى 28 حزيران، بما يوازي 36 يوما من الإضراب إجمالا.
وقال فيليب مارتينيز، رئيس "الكونفدرالية العامة للعمل" (سي جي تي)، أكبر النقابات الفرنسية لاذاعة "فرانس انتر": "طالبنا بالشيء نفسه، لاسابيع عدة، بأن تعيد الحكومة النظر في خطتها كليا. عليهم أن يبدأوا من الصفر مجددا".
وينفذ موظفو شركة "اير فرانس" وجامعو النفايات وبعض موظفي قطاع الطاقة اضرابات منفصلة اليوم، وسط تزايد الاستياء الاجتماعي بعد 11 شهرا على وصول الرئيس البالغ 40 عاما إلى الاليزيه.
وتبلغ نسبة التأييد الشعبي لاضراب سكك الحديد أقل بقليل من نصف المستطلعين، وفقا لاستطلاع لمركز "ايفوب" نشرت نتائجه الاحد. وعبّر المسافرون عن مزيج من التعاطف والاحباط إزاء تقليص الخدمة.
واشتكى جان ناهافوا، المدير في شركة للبيع بالجملة يقيم في ليل، ويأتي إلى باريس للعمل من "انني أبدأ عملي الاولى بعد الظهر، واضطررت الى الاستيقاظ الساعة 5,00 صباحا". واضاف: "سيستمر الأمر ثلاثة اشهر، وسيكون الوضع معقدا".
من جهته، قال باسكال لاسنييه، الموظف في مصرف، وكان ينتظر في المحطة نفسها: "أفهم أنهم يريدون الدفاع عن مصالحهم، لكن ربما هناك طرق اخرى للقيام بذلك".
وبينما اختار المواطنون التنقل بالسيارات، كانت طرق باريس تشهد اختناقات "استثنائية" امتدت 370 كيلومترا خلال ساعات الذروة الصباحية قبل أن تهدأ، وفقا لموقع "سيتادين" الذي يرصد حركة المرور.
وفي محطة "غار دو ليون" المزدحمة في العاصمة، كانت الأرصفة تغص بالركاب الى درجة أن امرأة وقعت في مسار القطار، وانقذها ركاب كانوا موجودين هناك.
لكن المحطات المحلية الرئيسية، كتلك في نيس وليل ومرسيليا، فقد كانت مهجورة عمليا، إذ توقع الركاب الغاء رحلات.
وتم تسيير ثلاثة أرباع عدد قطارات "يوروستار" إلى لندن وبروكسيل، فيما كانت خطوط "تاليس" إلى بلجيكا وهولندا تسير في شكل شبه طبيعي. في المقابل، لم يتم تسيير أي قطار إلى إسبانيا وإيطاليا وسويسرا.
ويحتج موظفو السكك الحديد على إلغاء الوضع الخاص الذي يحظون به، وخطط لفتح القطاع امام المنافسة، وتحويل الشركة شركة مساهمة، مما يمهد في رأيهم لعملية خصخصة في المستقبل، رغم نفي الحكومة ذلك.
وتأمل النقابات، رغم انقساماتها وافتقارها إلى الصفة التمثيلية، بحيث أن 11% فقط من الموظفين في فرنسا منتسبون إليها، في كسب تأييد الرأي العام الذي تقول غالبية ضئيلة منه في الوقت الحاضر إنها تعارض الإضراب، وفقا لاستطلاعات الرأي.
ولم يكن لحركات التعبئة الاجتماعية في بداية ولاية ماكرون الذي انتخب في أيار 2017، بناء على برنامج إصلاحي ومؤيد للاتحاد الأوروبي، تأثير كاف لحمل الحكومة على تغيير مواقفها.
وإذا كانت السلطة التنفيذية تبدي حتى الآن "تصميما هادئا وتاما"، إلا أنها تواجه تصعيدا في المعركة مع استهدافها قطاعا يوظف 147 ألف شخص، وحصل على دعم 12 حزبا يساريا. وقال مصدر حكومي: "نتوقع تحركا اجتماعيا كبيرا جدا وقويا جدا، مع وطأة شديدة للغاية على مستخدمي القطارات. وعلينا في المقابل أن نبقى ملتزمين الوجهة التي حددناها".
وعلى هذا الصعيد، طلب رئيس الوزراء إدوار فيليب من غالبيته الحفاظ على وحدة صفها ولحمتها في مواجهة التحركات المعارضة.
وتشير الحكومة في تبريريها الإصلاح المزمع، إلى الديون الطائلة المترتبة على الشركة، والتي بلغت 46,6 مليار أورو في نهاية 2017. وتشدد على ضرورة تحديث قطاع سيفتح قريبا على المنافسة، مذكرة بأن "كلفة تسيير قطار في فرنسا أعلى بـ30 بالمئة من أي مكان آخر".
وبمعزل عن الحكومة، فإن الرئيس هو الذي يقدم على المجازفة الأكبر في هذا الملف المهم. وإذا كان بقي حتى الآن على مسافة، فأنه لا يمكنه التراجع أمام تحركات موظفي السكك الحديد مثلما فعلت الحكومة اليمينية العام 1995، بعدما اتهم أسلافه بالتقاعس والتخوف من الإصلاح.
في المقابل، تدعو "الكونفدرالية العامة للعمل" (سي جي تي)، أكبر النقابات الفرنسية، إلى "ضم المعارك"، آملة في جمع المطالب للدفاع عن الخدمات العامة وما يعرف بـ"النموذج الاجتماعي الفرنسي".
واتهم الأمين العام لفرع النقابة الخاص بموظفي السكك الحديد لوران بران الاثنين إدارة شركة السكك الحديد بالسعي الى "دفع (المضربين) إلى ارتكاب خطأ". وقال في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لو باريزيان": "إنها تسعى إلى المواجهة بين المضربين وغير المضربين".
من جهته، دعا الأمين العام لـ"الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل" لوران برجيه إلى محادثات بين نقابات شركة السكك الحديد والحكومة لـ"تفادي نزاع شديد لا يتمناه"، في مقابلة نشرتها صحيفة "لو فيغارو" على موقعها الإلكتروني.
وبعدما نزل الطلاب وموظفو الدولة والمتقاعدون إلى الشارع في الاسابيع الماضية، يحصل موظفو السكك الحديد اليوم على دعم موظفي جمع النفايات وموظفي قطاع الطاقة الذين يضربون أيضا.
أما الإضراب في شركة "إير فرانس" الذي قد يؤدي، وفقا للإدارة، إلى تجميد ربع طائرات الشركة، فليس ناجما عن إصلاحات ماكرون. لكنه يعطي موجة الاستياء مزيدا من الزخم في مرحلة مفصلية، سواء للنقابات أو للحكومة.