جريدة صيدونيانيوز.نت / كن نشيطا
صيدونيانيوز.نت/ أقلام ومقالات/ كن نشيطا
اجهدْ ولا تكسلْ ولا تكُ غافلًا فندامةُ العُقبَى لمن يتكاسلُ ..(علي بن أبي طالب)
فالعبد الذي ينشط ويكون ذا همة تبلغه وترقيه يسعد وتسعد به أمته.
أقسام النشاط
ينقسم النَّشَاط إلى قسمين:
القسم الأوَّل: النَّشَاط المحمود: وهو النشاط في الطاعات طلبًا لمرضاة الله، والنشاط في الأمور النافعة كافة.
القسم الثَّاني: النَّشَاط المذموم: وهو ما لا ينفع في الآخرة، أو كان على وجه الرِّياء، الذي هو الشِّرك الأصغر. ومن النشاط المذموم النشاط فيما يضر بالعبد في دينه أو دنياه.
ومما لا شك فيه أن النفس تتأثر بالصحبة والبيئة المحيطة فربما اندفع العبد للعمل بهمة ونشاط في وجود من يعينها ..[فليحرص المرء على الصحبة الصالحة التي تعينه على الخير والهمة فيه]
من فوائد النشاط:...
- النَّشَاط سبب صفاء الذِّهن، وصدق الحِسِّ، وكثرة الصَّواب.
- به يُذاد عن الأوطان، وتُحمى الأعراض وتُنشر الفضيلة، وتُدحر الرذيلة.
- النشاط في عمل الخير يكسب المرء حبَّ الله ورضا الناس، ويرفع ذكره في العالمين.
- كثرة تحصيل الثواب، والاجتهاد في الطاعات، وبلوغ أعلى المقامات.
- أنَّ النَّشَاط سبب الوصول إلى كلِّ خير: من العِزِّ والغنى والرِّفعة والنَّبَاهة....
من أقوال الصالحين في الحث على النشاط:
قال علي رضي الله عنه: (أوصيكم بتقوى الله في الغيب والشَّهادة، وكلمة الحقِّ في الرِّضا والغضب، والقصد في الغِنَى والفقر، والعدل في الصَّديق والعدو، والعمل في النَّشَاط والكسل).
وقال ابن القيِّم: (الكسَالى أكثر النَّاس همًّا وغمًّا وحزنًا، ليس لهم فرح ولا سرور، بخلاف أرباب النَّشَاط والجِدِّ في العمل).
وقال آخر: (اجعل الاجتهاد غنيمة صحَّتك، والعمل فرصة فراغك)...
وقال حسين المهدي: (إن التَّنقُّل والمشي يعين على طلب الرِّزق، ويُكْسِب الصِّحة، ويجدِّد للإنسان النَّشَاط، ويغرس فيه الأمل، ويُبْعده عن الكسل، وأي قيمة لإنسان فارغ كسول في حياة مفعمة بالجِدِّ والعمل وحبِّ الإنتاج، فمن رضي الخُمُول كان فارغًا كسولًا، تموت آماله وهو يرمقها بعين النَّدامة، لا غاية له يسعى إلى تحقيقها، ولا طريق واضحة يسير فيها، إنَّ حياته كلَّها شقاء).
من الوسائل المعينة على النشاط
ذكر نعم الله:قال تعالى: {اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 20].
فإنَّ ذكرها داعٍ إلى محبَّته تعالى، ومُنَشِّط على العبادة.
التَّذكير بآيات الله:
قال تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15].....
التَّأمُّل في قصص السَّابقين:
قال تعالى: {وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120].
فؤادك (أي: قلبك؛ ليطمئن ويَثْبُت، ويصبر كما صبر أولو العزم من الرُّسل، فإنَّ النُّفوس تأنس بالاقتداء، وتنشط على الأعمال، وتريد المنافسة لغيرها، ويتأيَّد الحقُّ بذكر شواهده، وكثرة من قام به).
الفَأْل الحسن:
فإنَّ (فيه من المصلحة: النَّشَاط والسُّرور، وتقوية النُّفوس على المطالب النَّافعة)
فـ(الإنسان إذا تفاءل، نشط واستبشر، وحصل له خير).
طلب نعيم الله ورجاء ما وُعد به الصَّالحون:
يقول الغزالي: (فإن قلت: فأين مظنة الرجاء وموضعه المحمود؟ فاعلم أنه محمود في موضعين... الثاني: أن تفتر نفسه عن فضائل الأعمال، ويقتصر على الفرائض، فيرجِّي نفسه نعيم الله تعالى وما وعَد به الصَّالحين، حتى ينبعث من الرَّجاء، نشاط العبادة، فيقبل على الفضائل، ويتذكَّر قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1-2] إلى قوله: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10-11]، فالرَّجاء الأوَّل، يقمع القنوط المانع من التَّوبة، والرَّجاء الثَّاني يقمع الفتور المانع من النَّشَاط والتَّشمُّر).
الشُّعور بالمسؤولية، وعدم التَّهاون بما كُلِّف به:
هذا الشعور يحمله دائما على القيام بما ينبغي مما يستدعي النشاط واليقظة وأما عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لن تزول قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسأَلَ عن أربعِ خِصالٍ : عن عُمرِه فيما أفناه ، وعن شبابِه فيما أبلاه ، وعن مالِه من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن عِلمِه ماذا عمِل فيه".
المبادرة والمداومة والمثابرة في كلِّ الظُّروف:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69].
واعلم أيها الحبيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من العجز والكسل، وكان مما أوصى به: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها "...
نسأل الله التوفيق لكل خير، والحمد لله رب العالمين.