جريدة صيدونيانيوز.نت / "رئة" يتنفس بها مخيم يختنق !
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار مدينة صيدا / "رئة" يتنفس بها مخيم يختنق !
المصدر: رأفت نعيم
في قطعة ارض كان يشغلها مرآب للسيارات في مخيم عين الحلوة ، يمضي يوسف اسماعيل معظم وقته بالإعتناء بورود وشتول واشجار زينة تتوزع في انحاء المكان الذي تحول بفعل ذلك الى اشبه بـ"رئة " نظيفة يتنفس بها المخيم المختنق بأبنيته وبيوته وقاطنيه .
والى فسحة خضراء تكسر رتابة المشهد المشوه بتراكم العوامل المشوهة للمنظر العام كما الملوثة للبيئة، مع الأخذ بعين الاعتبار استثنائية وخصوصية وضع مخيم يضم اكثر من 80 الف لاجىء فلسطيني وفلسطيني سوري والمعاناة التي يعيشها القسم الأكبر من ابنائه تحت خط الفقر او بأحسن الأحوال عنده ، وما يراكم يوميات ابنائه من هموم المعيشية واعباء ناجمة عن ارتفاع نسبة البطالة والنقص الكبير في الخدمات التي يمكن ان توفر لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة ما يجعل هذه المعاناة تتقدم على ما عداها من اولويات، ويدفع بكثير من ابنائه وقاطنيه الى محاولة اجتراح افكار واشكال من الأعمال المتاحة التي تعود عليهم بمردود يقوت عائلاتهم، وبعضها اعمال قد تكون غير مألوفة بالنسبة لمكان كالمخيم ومنها على سبيل المثال " مشتل " ابو محمد " والذي يبدو غريبا بعض الشيء بالنسبة ان يخترق هذا المتنفس الطبيعي مخيماً لا تتعدى مساحته الكلم المربع الواحد تتكدس فيه المساكن وتضيق بقاطنيها وتزدحم الشوارع نهاراً وتنحسر فيه المساحات الخالية او غير المشغولة بسكن او تجارة او صناعة او مقرات سياسية ودولية ، وما يتبقى منها تشغله مرائب صغيرة للسيارات .
يقول اسماعيل وهو لاجىء فلسطيني – سوري "انه اساساً كان مزارعا لكنه عمل لفترة الى جانب ذلك بمهنة تلبيس الحجر". ويضيف " بدأت الفكرة باستقدام شتول وورود الى المخيم وبيعها ضمن نطاق محدود ، وسرعان ما تطورت الى فكرة تحويل مرآب للسيارات الى مشتل كبير وقد نجحت الفكرة كونه يقع في منطقة حيوية داخل المخيم ، ويتوسط شارعا فيه مدارس ومكاتب للأنروا ومرافق تجارية .
ما ان يحل فصل الربيع حتى تزهر ورود مشتل " ابو محمد " في قلب عين الحلوة ، ذلك أنه يكون أوان تفتحها ويزدهر الاقبال عليها .
وبحسب اسماعيل يتفاوت الاقبال على مشتله بين موسم وآخر ، لكنه بنسبة كبيرة اجمالا هو من خارج المخيم! . وان معظم الزبائن ممن يواظبون على الاعتناء بحدائقهم المنزلية او ممن يحبون اقتناء الأزهار واشجار الزينة المنزلية وبعضها ممن يهدونها في مناسبات معينة .
وتتنوع اصناف الزهور التي يعتني بها ولعل الأكثر شعبية منها الغاردينيا والياسمين والفل و" الجميلة " او " المجنونة" . الى جانب اشجار الزينة والعرائش والليمون الانكليزي .
واكثر ما يطمح اليه اسماعيل الذي راكم خبرات ومعرفة بعالم الشتول والورود والأشجار والنباتات هو زيادة المساحات الخضراء في المخيم ،وان كان ذلك رأيه يبدو متعذراً لأنه لا يوجد اساساً مساحات خالية ومناسبة فيه . وفي ضوء ذلك هو يكتفي بطموح يقدر عليه وهو تطوير عمله وتوسيعه اكثر ورفده بأنواع جديدة ومميزة من الشتول والشجريات .
ويأمل ابو محمد كما كثيرين من ابناء عين الحلوة ان يكون للمخيم ليس فقط متنفس طبيعي او بيئي ،وانما الأساس ان يتنفس اقتصادياً واجتماعياً وحياتياً .. ليبقى قادرا على الصمود كرمز لقضية مقدسة هي قضية فلسطين ولاجئيها وحق العودة !.