(مروان طحطح)
جريدة صيدونيانيوز.نت / «المقابر اليهوديّة»: الشاهد الأخير
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / «المقابر اليهوديّة»: الشاهد الأخير
إيلده الغصين / الاخبار
قرابة 3500 مدفن موزّعة على عقارين بمساحة تفوق 10 آلاف متر مربّع، تشكّل ما يعرف بـ«المقابر اليهوديّة» في لبنان، أدّى انهيار جزء من حائط سورها إلى تكسّر أربعة قبور. الانهيار حصل بفعل المطر الغزير ليل الأربعاء - الخميس، في جانب من المقابر اليهوديّة في منطقة السوديكو (طريق الشام)، التي تشكّل آخر معقل معروف لطائفة الاسرائيليّين كما تعرّف رسمياً، أو للطائفة اليهوديّة التي كانت لسنوات خلت من الأقليّات الطائفيّة الثريّة التي لها بيوت وأملاك تتعدّى إطار المقابر.
الانهيار الجزئي للحائط وسقوط القبور الأربعة ذكّر من تمكّنوا سابقاً من زيارة المكان - المقفل عادةً - بـ«رمزيّته»، وبطائفة يتوارى معتنقوها المعدودون عن الظهور العلني. أما على مواقع التواصل، فحصلت حملة «استنكار» واسعة باعتبار أن «الدولة اللبنانيّة المقصّرة تحرم الأموات الراحة»، وهذا ليس بالجديد، علماً أن الدولة لا يد طولى لها في الأوقاف والمقابر. إنما الجديد مشاركة اسرائيليّين حول العالم في حملة «اللوم» تلك، وللموضوع رمزيّته الطائفيّة المفهومة لديهم، وأرفقت بـ«تضخيم» لانهيار حصل ضمن ملك خاص بالوقف اليهوديّ.
القبور الأربعة تعود ليهود «دفنوا في لبنان خلال الأربعينات، اثنان منهم لبنانيّان والآخران عراقيّان هما لوسي مشعل وابراهام اسحق كما أظهر شاهدا القبرين المحطّمين»، وفق الكاتب المتخصص بالشؤون اليهوديّة ناجي جرجي زيدان. ويشرح أن المدافن «تضمّ 3407 قبور ليهود من مختلف الجنسيّات معظمهم يهود لبنانيّون، وقد بدأ تشييدها عام 1828 وكان القبر الأول لحاخام عراقي من عائلة يديد ليفي»، التدوينات على الشواهد «معظمها بالعبريّة وفيها آيات من أسفار التوراة إضافة إلى رمز نجمة داوود»، موضحاً «أن اليهود في لبنان هم من أنصار النجمة علماً أن الرمز الأصل لليهود هو الشمعدان السُّباعي وثمة اختلاف في اختياره».
المحامي باسم الحوت، وكيل الطائفة اليهوديّة في لبنان، يشرح «أن الحائط انهار قبل نحو 7 سنوات وأعيد ترميمه على حساب الوقف بما أنّه ملكه»، اما بلديّة بيروت «فقد طالبناها أكثر من مرّة بالمساعدة لأن ثمة مشاكل مختلفة منها في الشجر المعمّر داخل السور الذي يؤدّي تمدّد جذوعه إلى وقوع الحائط، ومشكلة مع الردميّات والنفايات التي تُرمى من الأبنية قيد الإنشاء إلى داخل سور المقابر، وهو أمر لا يمكن ضبطه، خاصة أن العقار كبير وتفوق مساحته الـ10 آلاف متر مربع. ... ولهذا الغرض تمّ إرسال أكثر من كتاب إلى محافظ بيروت وبلديّة بيروت وحصلت اجتماعات مع مسؤولي الوقف ولم يظهر أي تقدّم في الموضوع». الحوت يؤكّد وجود «دعوى سابقة أمام قاضي التحقيق في بيروت بسبب نفايات الابنية قيد الإنشاء ولم يحدث أي شيء». أما مسؤوليّة الترميم «فستكون على عاتق الوقف اليهودي». حملة التضامن «مبالغ بها لأنّه جرى تضخيم المسألة، فيما المشكلة هي في سقوط الحائط كما حصل أمام المبنى السابق للسفارة الفرنسية في كليمنصو لأن الحجر القديم».
القبور الأربعة تعود ليهود دفنوا في لبنان في الأربعينات اثنان منهم لبنانيّان والآخران عراقيّان
تواجد اليهود في بيروت، بدأ بحسب زيدان «عام 1799 وكانوا حينها 4 أشخاص، وفي عام 1932 أصبح لهم 253 اسم عائلة أصولها من سوريا وتركيا وروسيا وسواها. وآخر وفاة دُفنت في تلك المقابر تعود لعام 2014 لامرأة من عائلة زيتوني».
«يعد اليهود أقدم طائفة في لبنان» وفق الأبحاث التي يجريها زيدان، وذلك الوجود كان «مع يهود صيدا عام 47 قبل الميلاد تبعاً لوثيقة وجّهها إليهم القيصر الروماني بواجب دفع الضرائب». بالعودة إلى إحصاء 1932 «كانت الاسرائيليّة كما تعرف قانوناً أكبر طائفة بين الأقليّات، وكان يحقّ لها مقعد نيابي وسجّل وقتذاك ترشّح ليهودي على لائحة سامي الصلح لم يتمكّن من الفوز عن مقعد الأقليّات».