جريدة صيدونيانيوز.نت / الفطر... فوائد غذائية وصحية
صيدونيانيوز.نت / تغذية صحية / الفطر... فوائد غذائية وصحية
يكتسب تناول الفطر (عيش الغراب) Mushrooms اهتماماً طبياً، نظراً لاستهلاكه الواسع النطاق عالمياً كغذاء وظيفي Functional Food نتيجة غناه بالبروتينات والأحماض الأمينية الأساسية والألياف والمعادن والفيتامينات ومضادات الأكسدة والمركبات الكيميائية من السكريات العديدة. وهي التي تُكسبه أيضاً خصائص تراكمية مضادة للالتهابات ومضادة للأكسدة ومضادة لتكتل الصفائح الدموية ومضادة للنمو السرطاني.
وتحديداً، تشير نتائج التحليل الكيميائي المقارن إلى أن الفطر أعلى المنتجات النباتية احتواء على مضادات الأكسدة.
الفطر وصحة القلب
وضمن العدد الأول من مايو (أيار) من «المجلة الطبية الأميركية» The American Journal of Medicine، عرضت مجموعة باحثين في طب القلب من هيوستن ونيويورك وكليفلاند نتائج دراستها بعنوان «تناول الفطر وصحة القلب والأوعية الدموية: مراجعة منهجية».
وقال الباحثون: «هدفنا في هذا التحقيق هو المراجعة المنهجية للدراسات والبحوث الموجودة فيما يتعلق بالفوائد القلبية الوعائية المحتملة لاستهلاك الفطر الصالح للأكل، في الدراسات البشرية، لتقييم تناول الفطر في إدارة عوامل الخطر القلبية الوعائية القابلة للتعديل». وأضافوا: «الفطر الصالح للأكل له قيمة غذائية كبيرة بما في ذلك البروتين، والأحماض الأمينية الأساسية، والألياف، والفيتامينات دي D وسي C وبي - 1 B - 1 وبي 2 B – 2 وبي - 12 B - 12، ومعادن الكالسيوم والبوتآسيوم والمغنيسيوم والفوسفور والنحاس والحديد والمنغنيز والسيلينيوم. وهو من الأطعمة قليلة الدسم والصوديوم».
وأفادوا قائلين في نتائج دراستهم: «قد يكون لاستهلاك الفطر الصالح للأكل تأثيرات إيجابية على مستويات تحليل الدهون في الدم، مثل الكولسترول الخفيف LDL والكولسترول الثقيل HDL والدهون الثلاثية والكولسترول الكلي. علاوة على ذلك، من المحتمل أن يرتبط استهلاك الفطر الصالح للأكل بانخفاض متوسط في ضغط الدم».
خفض خطر السرطان
وكان باحثون من كلية الطب بجامعة ولاية بنسلفانيا قد قدموا مراجعتهم العلمية بعنوان «ارتفاع تناول الفطر يرتبط بانخفاض مخاطر الإصابة بالسرطان»، ضمن عدد مارس (آذار) - أبريل (نيسان) الماضي من «مجلة التغذية المتقدمة» Advances in Nutrition. وفحصت مراجعتهم المنهجية نتائج 17 دراسة عن السرطان نُشرت في الفترة من 1966 إلى 2020. وبتحليل البيانات لنحو 20 ألف مريض بالسرطان، استكشف الباحثون العلاقة بين استهلاك الفطر وخطر الإصابة بالسرطان.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين دمجوا الفطر في وجباتهم الغذائية اليومية كانوا أقل عرضة للإصابة بالسرطان. ووفقاً للنتائج، فإن الأفراد الذين تناولوا كمية من الفطر يومياً كانوا أقل عرضة للإصابة بالسرطان بنسبة 45 في المائة مقارنة بمن لم يتناولوا الفطر.
وقال جبريل إم با، الباحث المشارك في الدراسة من ولاية بنسلفانيا: «الفطر هو أعلى مصدر غذائي للإرغوثيونين Ergothioneine، وهو مضاد أكسدة فريد وفعال وواقٍ خلوي. قد يساعد تجديد مضادات الأكسدة في الجسم في الحماية من الإجهاد التأكسدي وتقليل خطر الإصابة بالسرطان».
وعندما تم فحص أنواع معينة من السرطان، لاحظ الباحثون أقوى الارتباطات الإيجابية مع سرطان الثدي، حيث إن الأفراد الذين يتناولون الفطر بانتظام لديهم مخاطر أقل بكثير للإصابة بسرطان الثدي. وقال المؤلف المشارك جون ريتشي، الباحث بمعهد ولاية بنسلفانيا للسرطان وأستاذ علوم الصحة العامة وعلم العقاقير: «تقدم هذه النتائج بشكل عام أدلة مهمة على الآثار الوقائية للفطر ضد السرطان. وهناك حاجة لدراسات مستقبلية لتحديد الآليات المعنية وأنواع السرطان المحددة التي قد تتأثر بشكل أفضل».
تقوية المناعة
ومن جانب آخر، نشرت مجموعة باحثين إيطاليين وأميركيين دراسة المراجعة الطبية بعنوان «الفطر والمناعة»، وذلك ضمن عدد فبراير (شباط) الماضي من «مجلة المناعة الذاتية» Journal of Autoimmunity. وقال الباحثون في مقدمة دراستهم: «في المجال الواسع للمغذيات، تم لعدة قرون طرح تأثيرات الفطر على المناعة والسرطان، بما في ذلك المناعة الذاتية. ولكن في السنوات الأخيرة أدى الاهتمام العلمي المتزايد إلى توضيح عدد من المركبات المحددة التي لها خصائص لآليات نشطة بيولوجياً». وأوضحوا قائلين: «مركبات سكريات الغلوكانات Glucans وعدد محدد من البروتينات، هي المسؤولة عن معظم التأثيرات البيولوجية للفطر، لا سيما من حيث تعديل نشاط خلايا المناعة ومقاومة الأورام. بالإضافة إلى نوعيات من الدهون، التي تشكل جزءاً صغيراً من الفطر، ولكن لها دور في تقليل مستويات الكوليسترول في الدم. وأيضاً الفينولات كمضادات للأكسدة».
مكون غذائي
وضمن عدد 12 مايو الحالي من مجلة «أبحاث الأطعمة والتغذية» Food & Nutrition Research، عرض باحثون من متشغان دراستهم التفصيلية لجدوى إضافة الفطر ضمن التغذية اليومية، وكانت بعنوان «التأثير الغذائي لإضافة حصة من الفطر إلى أنماط الغذاء التابعة لوزارة الزراعة الأميركية - تحليل التشكيل الغذائي». وقال الباحثون: «يعتبر الفطر جزءاً من الخضراوات، وهو مصدر مهم للعناصر الغذائية والمركبات النشطة بيولوجياً. وإضافة 84 غراماً من الفطر (نحو كوب فطر مقطع من نوعي الفطر الشائع: Crimini Mushrooms ذو القبة البنية وWhite Mushrooms ذو القبة البيضاء) تؤدي إلى زيادة بنسبة 1 في المائة في السعرات الحرارية، و3 في المائة في الألياف، و12 في المائة في البوتاسيوم، و18 في المائة في الريبوفلافين (فيتامين بي - 2)، و26 في المائة في النياسين (فيتامين بي - 3)، و23 في المائة من السيلينيوم، 26 في المائة في النحاس. وتعريض الفطر للأشعة فوق البنفسجية يزيد مستويات فيتامين دي إلى 200 وحدة دولية - لكل حصة غذائية، وهو ما أدى إلى زيادة فيتامين دي بنسبة 80 في المائة. وإضافة الفطر كان لها تأثير ضئيل على الصوديوم (زيادة بنسبة 1 في المائة أو أقل) وليس لها تأثير على الدهون المشبعة أو الكوليسترول».
وبالمراجعة، فإن كوباً واحداً من الفطر الأبيض النيء، أكثر أنواع الفطر انتشاراً في المتاجر، يحتوي على نحو 20 كالوري من السعرات الحرارية، وأقل من ربع غرام دهون، و2غرام بروتينات و3 غرامات سكريات وألياف. وكمية الألياف بالذات تختلف فيما بين أنواع الفطر، منها ما هو غني بها، ومنها ما دون ذلك.
ولكن يمكن أن يؤدي الإفراط في طهي الفطر إلى استنفاد المكونات الغذائية للفطر تماماً، عن طريق تدمير مركباته النشطة بيولوجياً. لذلك، يتطلب طهي الفطر توازناً دقيقاً. ووجدت دراسة نُشرت في عام 2016 في «المجلة الدولية لعلوم الأغذية والتغذية»International Journal of Food Science and Nutrition أن أفضل طريقة للحفاظ على العناصر الغذائية في الفطر عند الطهي هي الشواء أو الميكروويف. وفيها قارن الباحثون مدى التغيرات الغذائية في مكونات الفطر بعد أن تم إما غليه، أو قليه، أو بالشوي، أو وضعه في الميكروويف. ولاحظت الدراسة أن الفطر المشوي وبالميكروويف احتفظ بأعلى مستويات مضادات الأكسدة وبيتا غلوكان.
وفي أي وقت نشتري الفطر، يجب علينا دائماً تخزينه في كيس ورقي في الثلاجة. هذا لأن الورق يسمح للفطر بالتنفس، مقارنة بالبلاستيك الذي يحبس الرطوبة ويسبب تعفن الفطر بشكل أسرع. وعادة، إذا كان الفطر طازجاً عند شرائه، يمكن أن يظل جيداً لمدة أسبوع تقريباً.
الفطر الطبي... مجال خصب للدراسات العلاجية
> ضمن تحديث 2021 يقول المعهد الوطني للسرطان NCI بالولايات المتحدة: «تم استخدام الفطر الطبي Medicinal Mushrooms لمئات السنين، وخاصة في البلدان الآسيوية، لعلاج الالتهابات. وفي الآونة الأخيرة، تم استخدامه أيضاً في علاج أمراض الرئة والسرطان. وتمت الموافقة على الفطر الطبي كمساعدات لعلاجات السرطان المعتمدة في اليابان والصين لأكثر من 30 عاماً، وله تاريخ إكلينيكي واسع من الاستخدام الآمن كعوامل فردية أو مقترنة بالعلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي.
ويتم اليوم استخدام أكثر من 100 نوع من الفطر الطبي في آسيا. وأشهرها حالياً أربعة أنواع في مجالات البحث العلمي.
وبحثت الدراسات آثار الفطر على مسارات الاستجابة المناعية وعلى آليات مضادات الأورام المباشرة. ويتم التدخل في التأثيرات المناعية من خلال تحفيز الفطر للخلايا المناعية الفطرية، مثل الخلايا الوحيدة والخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا المتغصنة. ويُنظر إلى هذا النشاط عموماً على أنه ناتج عن وجود مركبات عديدات السكاريد ذات الوزن الجزيئي المرتفع (بيتا غلوكان) في الفطر، رغم إمكانية مشاركة مكونات أخرى أيضاً. أظهرت التجارب السريرية على مرضى السرطان أن بعض هذه المركبات جيدة التحمل بشكل عام (من قبل الجسم)».
وضمن عدد يونيو (حزيران) 2018 من مجلة «أونكوتارغت» الطبية Oncotarget، عرضت مجموعة باحثين روس وسويسريين مراجعتهم العلمية بعنوان: «الفطر الطبي كمصدر جديد وجذاب للمركبات الطبيعية لعلاج السرطان في المستقبل». وقالوا: «تم استخدام الفطر الطبي عبر تاريخ البشرية لعلاج العديد من الأمراض بما في ذلك السرطان. وفي الوقت الحاضر تمت دراستها بشكل مكثف من أجل الكشف عن الطبيعة الكيميائية وآليات عمل قدرتها الطبية الحيوية. وأصبح العلاج الموجه للسرطان، غير الضار للأنسجة السليمة، هدفاً مرغوباً في العقود الأخيرة. وتوفر المركبات ذات الأصل الفطري مخزوناً كبيراً من الأدوية المبتكرة المحتملة. ولقد أظهرنا أن بعض جوانب العلاج الفطري للأورام التي تمت دراستها جيدة نسبياً».
ويختلف الفطر الطبي عن أنواع الفطر المخدر Psilocybin Mushroom (موجود في نحو 200 نوع من الفطر)، ذي التأثيرات المثيرة نفسياً للهلوسة Psychedelics.
تناول الفطر... مركبات كيميائية ذات قدرات حيوية متنوعة
> تُفيد نشرات كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد قائلة ما مُلخصه: جميع أنواع الفطر منخفضة في السعرات الحرارية والدهون. وربما تكون الخصائص الأكثر إثارة للاهتمام للفطر هي المواد النباتية غير المغذية Non - Nutritive Plant Substances (أي غير البروتينات والدهون والسكريات المُستخدمة في إنتاج الطاقة بالجسم)، مثل - مركبات كيميائية من السكريات العديدة Polysaccharides، والإندول، والبوليفينول، والكاروتينات، التي أظهرت الدراسات الخلوية والحيوانية أن لها تأثيرات مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات ومضادة للسرطان. ولكن الآلية الدقيقة لهذه التأثيرات الصحية لا تزال غير واضحة ومجال خصب للبحث النشط. ويُعتقد أن العديد من السكريات الموجودة في الفطر، بما في ذلك بيتا غلوكان Beta - Glucans، لها خصائص مقاومة للسرطان. وهي مركبات كيميائية على هيئة ألياف قابلة للذوبان في الماء.
ويهتم الطهاة بالفطر لقدرته على صنع نكهات غنية ولذيذة بفضل وجود حمض أميني يسمى الغلوتامات.
والفطر ليس نباتاً ولا طعاماً حيوانياً، بل نوع من الفطريات التي تحتوي على مادة تسمى إرغوستيرول Ergosterol، التي تتحول إلى فيتامين دي بتعرض الفطر للأشعة فوق البنفسجية. والفطر الذي تمت معالجته بشكل خاص بالأشعة فوق البنفسجية يُشار على ملصق عبوته بأنه «مُعالج بالأشعة فوق البنفسجية» أو «غني بفيتامين دي».
كما يحتوي الفطر على مجموعة متنوعة من فيتامينات الفئة «بي» والفسفور والسيلينيوم والنحاس والبوتاسيوم. وأيضاً يحتوي الفطر على مركبات كيميائية من السكريات العديدة التي تعمل كمواد حيوية تغذي بكتيريا الأمعاء المفيدة Prebiotic. وتشير الدراسات إلى أن هذه السكريات تحفز نمو وبقاء السلالات المفيدة من البكتيريا الصديقة في القولون، لأنه لا يُمكن هضمها، وبالتالي يمكنها الوصول إلى القولون حيث تعيش هذه البكتيريا.
وثمة أكثر من 10 آلاف نوع من الفطر المختلف في المظهر واللون والحجم، وكذلك في الطعم وفي إمكانية تناوله نيئاً كإضافة في السلطات. ولكن بشكل عام يتميز الفطر بساق، وغطاء سمين مستدير كالقبة، وخياشيم أسفل الغطاء. ومنها أنواع ملائمة للأكل Edible Mushrooms، وأخرى ضارة، وثالثة قوية تُستخدم للأغراض الطبية Medicinal Mushrooms. ووفقاً لباحثين من جامعة أيداهو تختلف التقديرات حول عدد الأصناف الصالحة للأكل من 300 إلى 2000. ولكن يتم منها زراعة نحو 10 فقط بشكل شائع تجارياً