جريدة صيدونيانيوز.نت / هل تتمنى أن تكون بأخلاق والديك؟
صيدونيانيوز.نت/ أقلام ومقالات / هل تتمنى أن تكون بأخلاق والديك؟
هل تتمنى أن تكون بأخلاق والديك؟
مقال الثلاثاء
د. جاسم المطوع
هل تتمنى أن تكون باخلاق والديك؟ تم طرح هذا السؤال في شبكات التواصل الاجتماعي وكانت الإجابات حسب كتابة المشاركين من الشباب والبنات كالتالي : فالجواب الأول نعم أتمنى وبكل فخر، والجواب الثاني أبوي نعم وبكل فخر أما أمي فلا وألف لا ، والجواب الثالث في الأخلاق ما أبي أصير مثلهم ولكن في قوة شخصيتهم نعم ، والجواب الرابع زي أمي نعم أما زي أبوي لا ولكني أحبه ، والجواب الخامس يا ريت أكون مثلهم الله يرحمهم فقد كانوا قدوة لي، والجواب السادس لا للأسف لأن أمي علمتنا أحسن الأخلاق لكن شخصيتها سيئة جدا فدائما تشك بنا وتراقبنا طول النهار، والجواب السابع فخر لي أن أكون نسخة منهم وخاصة في طيبتهم وصفاء قلوبهم، والجواب الثامن لا للأسف لأن كل همهم كان أننا نكبر ونتزوج ولم يهتموا بتطوير مهاراتنا وتنمية شخصيتنا، والجواب التاسع لا لأنهما عصبيين ولا يتفاهمون معنا أبدا ولا يسمعون كلامنا، والجواب العاشر لا لأن أمي قاسية جدا وأبوي شخصيته ضعيفة وما عنده كلمة بالبيت.
وفي بعض المشاركات كانت اجاباتهم معبرة فقد أجاب أحد المشاركين أني أول ما قرأت السؤال قلت لا، ولكني لما بدأت أكتب ظهرت عندي بعض ايجابياتهم، فأمي شخصيتها حلوة ولكن من شدة حرصها على تعليمنا بمدارس اجنبية جعلتنا لا نحسن قراءة القرآن بسبب ضعفنا باللغة العربية فخسرنا ديننا وربحنا دنيانا، أما أبوي فلا كلمة له أمام أمي ودائما غائب عن البيت، وقال آخر لا أتمنى لأنهم لا يحسنون حل مشاكلنا وكانت تربيتهم لنا قائمة على التفرقة بين الذكور والإناث حتى تفرقنا وكرهنا بعض، وقال مشارك أتمنى وبكل فخر لأنهما كانا يعطونا فرصة للتعبير عما في أنفسنا فيالتني أصبح ربع امي ونصف أبي، وأحد المشاركين كانت مشاركته معبرة فقال : لا ولا واحد بالمائة منهما لأن أبى مدمن للمخدرات وأمي تسهر كل يوم مع صديقاتها ولا تأتي للبيت إلى عند منتصف الليل، ومشارك ختم رسالته بقوله الصراحة لا أمي ولا أبي يفهموا بالتربية فأنا قرأت وتعلمت ودرست وربيت نفسي بنفسي.
كل هذه المشاركات توضح نظرة الأبناء لوالديهم، وكيف أن بعض البيوت مدمرة من الداخل ولكن الناس تحكم على الظاهر، فقد يكون الوالدين ناجحين اجتماعيا او وظيفيا ولكنهما فاشلين تربويا، فليس كل أب أو أم قدوة للأبناء، وأن أبنائهم يتمنون أن يكونوا مثل أخلاقهم وشخصيتهم، فإن غياب القدوة الوالدية ينتج عنها كثرة الجرائم بالمجتمع والإنحرافات السلوكية، ولا يشترط أن يكون الوالدين قدوة في كل شيء لأن القدوة ممكن أن تتنوع وتتجزأ، ولكن مهم أن تكون قدوتهم في الجانب الأخلاقي والإيماني، أما في مجالات الحياة فممكن أن يشركوا معهم قدوات آخرين من الأقرباء والأصدقاء والأهل، مثل ما بين لنا رسولنا الكريم ميزة كل صحابي رضي الله عنهم.
فأبوبكر (صديق) وعمر (الفاروق) وعثمان (ذو النورين) وعلى كان مبدعا ومتميزا في (الشجاعة والرياضيات) وأبوعبيدة (أمين هذه الأمة) وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، فكل إنسان له بصمة وميزة، والوالدين عليهما أن يفتشوا عن القدوات الذين حولهم ويعرفوا أبنائهم بها، فقد يكون أحد الأقرباء قدوة علمية أو تجارية أو رياضية أو دينية فنقوى علاقته بالأبناء فيكون قدوة لهم في تميزه، وإذا لم نركز على هذا الجانب التربوي صار قدوة أبنائنا الشخصيات السلبية أو المنحرفة أو المتمردة على القيم والمبادئ والأخلاق.
[وأعتقد أن على الأم والأب أن يطلعا قبل الزواج وبعد الزواج على كتب التربية والمعاملات في مختلف جوانب الحياة ، او الدورات الخاصة المناسبة لذلك ، ليستفيدوا منها في تحسين سلوكياتهم مع بعضهم أولا قبل أن ينجبوا وبعد أن ينجبوا ، فالأبوة والأمومة أمانة ومسؤولية ، وسيسأل عنها الوالدان فهما راعيان في بيتهما عن أولادهما ومطالبان بحسن توجيههم وإنارة الطريق لهم لينشأ جيل محب لوالديه يدعو لهما ، جيل متمسك بقيمه وبدينه ، وجيل محب للعلم والعمل . وليس شرطا أن يربي الآباء أبناءهم كما تربوا ، فقد يخطئ الوالدان وقد يصيبوا ، فهما من البشر والبشر خطاؤون . فليأخذوا بما يرونه صوابا في التربية ويتجنبوا غير ذلك ، ولا ينسوا فضل والديهم عليهم وليعفوا عنهم وليصفحوا وإن أساؤوا لهم ، فهم أولى بالصفح والعفو من غيرهم . / بتصرف]