https://sidonianews.net/article310069 /لئلا يصبح لبنان وطنا لـ الألزهايمر ... بقلم نقيب محرري الصحافة الأستاذ جوزيف القصيفي
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / لئلا يصبح لبنان وطنا لـ الألزهايمر ... بقلم نقيب محرري الصحافة الأستاذ جوزيف القصيفي

Sidonianews.net

------------

الجمهورية / جوزيف القصيفي

إلى ميريام ومارون..
عندما تزور دول الخليج، كل دول الخليج، وافريقيا، وفرنسا، وبريطانيا، وكندا، والولايات المتحدة الاميركية، وأستراليا، وصولاً الى آخر نقطة من كوكبنا الارضي، وتلتقي شابّات لبنان وشبّانه الذين يشغلون مواقع متقدمة في كبريات الشركات العالمية، أو يسطعون في دنيا الاعمال والمهن الحرة، والحرف، يتبيّن كم أنّ نزف الطاقات والقدرات العلمية والثقافية الذي أدرك وطننا، كبير وخَطِر. هؤلاء لا يمكن وصفهم بالمتعلمين والمتفوقين فحسب. إنّ من بينهم مبدعين استثنائيين.
تتحدث إليهم فتأسرك إحاطتهم الشاملة والموضوعية بالامراض التي تفتك بالجسم اللبناني. يحدّثونك بألم تخالطه النقمة على الطبقة السياسية في لبنان. يرفضون الأعذار والذرائع التي يقدمها أركان هذه الطبقة لتبرير عجزهم، وإلقاء المسؤولية على هذا او ذاك، على قاعدة «جهنم هو الآخر».


هل كفروا ببلدهم؟
في الواقع انهم على مشارف الكفر. فمن يحبّ كثيرا يكره كثيرا. ألم يقل شكسبير يوماً انّ الكره هو أسمى درجات الحب، عندما يتأتّى من خيبة صادمة؟
فتيات وفتيان في عمر الزهور، فاح عطر عطائهم في بلدان أخرى بعدما نَبَت بهم أرضهم، وسُدّت السبل في وجوههم. كفاياتهم التي «هَشّلتها» سياسات المحسوبية، والارتهان، شقّت طريقها إلى العالم الأرحب، فلمعوا كالشهب. نور إبداعهم شَعّ في أقاصي المعمورة، لكنه لم يبلغ تخوم لبنان لأنّ الغيوم الداكنة المتكاثفة في سمائه أغلقت دونه المنافذ، ولم تسمح بتسلّل شعاعة واحدة.


في سبعينات القرن المنصرم، وفي عز النضال الطالبي على مقاعد الجامعة اللبنانية، تساءلتُ في كلمة لي خلال انعقاد الجمعية العمومية لمجلس فرع كلية التربية، الكلية الرائدة في زمنها: «إلام تَلد أمهاتنا للهجرة، وتخرّج جامعاتنا للبطالة؟»


هذا السؤال ما زال صالحاً ومشروعاً في أيامنا هذه، ونحن نرى فلذاتنا هائمة في أنحاء العالم. تسجّل النجاحات وتراكمها، ولا نحظى منها الّا بزيارات خاطفة، وأحياناً تدعونا هي لزيارتها، لفرط شوقها إلينا، وقهرها على الوطن ومنه. عبثاً نخفف من ثورتها. لكننا لا نملك ما يكفي من الأسباب التي تجعلنا نقنعهم بأنّ ما حصل ويحصل في لبنان هو أمر عابر، لا بد أن يتوارى مُفسِحاً لغد واعد. لكنّ «داود» لن «يقرأ مزاميرنا»، لأنّ منطقنا أصبح أقرب إلى فِقه «بُرد» الذي حاول يوماً أن يُبرّر سلاطة لسان ابنه «بشّار» أمام الشّاكين من إيلامه لهم بتأويل حديث شريف لا سند له ولا مُرتَكز «ليس على الأعمى حرج».


إنّ شابّات لبنان وشبابه الذين آثروا الهجرة أصبحوا على شفا الاغتراب الكامل روحا وجسدا، لأنهم لا يجدون تفسيرا لما حلّ بوطنهم. هذا الوطن الذي - على صغر مساحته، ومحدودية إمكاناته - كان يمتلك كل شيء. الأدمغة التي أهداها موضّبة، فتية، خلّاقة إلى خارج تلقّفها بنهم. المال الذي اساء المؤتمنون عليه التصرّف به، فتَبدّد، وهرب، وما تبقّى منه يمضي حكماً مؤبداً في خزائن المصارف، المياه ذهبه الأبيض الذي يسرق او يهدر، النفط والغاز الذي اقترعوا على ثيابه قبل أن يستخرج، الذهب الذي ينتظر من يفك عزلته لِمد اليد إليه، فيأخذ طريقه إلى مزاريب تنتظره بشوق.
ماذا نقول لشابّات لبنان وشبابه، وهم يرون هذه «الدراما» تمثّل فصولاً على أرض وطنهم؟


هل سنبقى نغنّي مُستثيرين عاطفتهم «يا مهاجرين ارجَعوا / غالي الوطن غالي»؟
يعرف هؤلاء أنّ وطنهم غال، وأقسموا انهم يحبونه حبا عظيما.
وهم بَنوا حيث هم لبنان الذي يشبههم، بما أفردوا لأنفسهم من مكانة بنوها بمواهبهم، وإخلاصهم لعملهم، وتمسّكهم بالقيَم الوطنية والاخلاقية.


إنّ السواد الاعظم من الشابات والشبّان لن يعود إلى لبنان. لكن أجزم أن ليس لبنان في قلوبهم، بل هم في قلب لبنان، ويَسكنون ضميره، ولو نَأت بهم المسافات.
فيا أيها المسؤولون، والسياسيون، أوقِفوا اللعبة، إبتعدوا عن حافة الهاوية، كفاكم عبثاً، رحمةً بمَن تبقّى من شاباتنا وشبابنا، لئلّا يصبح لبنان وطن «الالزهايمر» الذي لا ينفع معه دواء.

-----------

جريدة صيدونيانيوز.نت 

لئلا يصبح لبنان وطنا لـ الألزهايمر ... بقلم نقيب محرري الصحافة الأستاذ جوزيف القصيفي

 





www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article310069 /لئلا يصبح لبنان وطنا لـ الألزهايمر ... بقلم نقيب محرري الصحافة الأستاذ جوزيف القصيفي