جريدة صيدونيانيوز.نت / أيها الزعماء.. ليش ساكتين؟ وشو ناطرين؟
Sidonianews.net
-------------------
الجمهورية
فادي عبود
يلتزم «حزب الله» وحركة «أمل» بتأكيد المواقف التي تدعو إلى حماية المودعين، وعدم إمرار أي حل على حساب حقوقهم وودائعهم. هذه المواقف ضرورية ومهمّة، ولكنها لا تكفي وحدها لمعالجة الواقع المرير الذي وصل اليه المودعون، وأدّى الى تعتيرهم وإفقارهم ونهبهم، فالنيات وحدها لا تكفي. المطلوب فرض خطة متكاملة للخروج من الأزمة التي تستفحل يوماً بعد يوم، ولإرجاع الحقوق إلى أصحابها.
كما نسمع تصريحات خجولة من بعض النواب الآخرين من الكتل الاخرى، ولكن الأكثرية صامتة إزاء هذا الواقع، مما يدفعنا إلى التساؤل حول هذا السكوت الذي ليس له تفسير، فيما الناس تُقهر يومياً وتنزلق إلى حدود الفقر.
أليست مسؤولية النواب اليوم رفع الصوت عالياً، والتحرّك بجدّية إزاء هذا الواقع المرير؟ الا يسمع النواب صرخات الناس المقهورة التي بالكاد تستطيع تأمين قوتها اليومي، فيما أموالها منهوبة في المصارف؟ إلى متى سيستمر هذا الصمت المخيف والعجز عن رسم خطة فعّالة للخروج من الأزمة؟
في الوقت الذي تستمر المصارف في التصرّف على طريقة «ضربني وبكى، سبقني واشتكى»، فتعلن الإضراب لتزيد الملح على الجرح وتؤزّم الوضع أكثر، وتطلب العدالة، فيما هي ترفض الشفافية والمساءلة والمحاسبة والإجابة عن أسئلة المودعين التي كرّرناها مراراً. علماً انّ الإجابة عن هذه الاسئلة لا تتعارض ابداً مع السرية المصرفية كما حاولوا ان يوهمونا. ونكرّر للمرة الالف، انّ الإجابة عن هذه الاسئلة لا تُناقض السرية المصرفية. فأوقفوا حججكم الواهية!!!!!
حتى بتنا واثقين من انّ رفض المصارف لفتح حساباتها اليوم ما هو الّا تواطؤ واضح في مؤامرة نهب الودائع. فلو كانت المصارف تملك النيات الصادقة تجاه مودعيها، لكانت أرجعت ما تبقّى من الودائع في اول يوم من بدء الأزمة الفضيحة، لكنها أرجعت ما بقي عندها من الودائع، وأعلنت عن المبالغ التي أخذها مصرف لبنان المركزي ولم يُرجعها، ليتمّ التفاوض مع الحكومة ومع المركزي حول السبل لتعويض الناس. ولكنها على عكس ذلك، حجزت الاموال ومارست سياسات أدّت إلى تقليص هذه الودائع أكثر فأكثر، عبر إجراءات غير قانونية وبالتعاون مع المصرف المركزي والصرافين وبتغطية من بعض المسؤولين السياسيين شركائهم في الجريمة.
ولسخرية القدر، يصورون أنفسهم اليوم انّهم مظلومون، في الوقت الذي ادّت إساءة الأمانة التي مارسوها إلى تدمير حياة كثير من العائلات التي وصلت الى التعتير. فترى اليوم الناس عاجزة عن إطعام اولادها وتعليمهم، تأمين الطبابة والدواء لمسنيها، ترى اشخاصاً في السبعين من العمر عادوا الى وظائفهم لأنّ جنى عمرهم اختفى وباتوا مضطرين الى العمل مجدّداً ليتمكنوا من تأمين حاجاتهم الأساسية... نعم، هذا حجم الأسى الذي تسببوا به.
وبدل فتح اوراقهم، يدّعون المظلومية، علماً انّهم يحققون الارباح، وهم قادرون اليوم أكثر من اي وقت مضى على إعادة ما تبقّى من الودائع للناس.
لم يعد مقبولاً دفن الرؤوس في الرمال، فيما الناس تعيش التعتير اليومي. يجب ان يتمّ فرض فتح الدفاتر الرسمية لكل المصارف، ليتمّ فهم واقع كل مصرف على حدة، ومن يرفض ان يفتح اوراقه تتمّ ملاحقته في لبنان والخارج والادّعاء عليه بجرم الاحتيال وإساءة الأمانة والفساد. فالمصائب التي تسببوا بها ضخمة وضخمة جداً، ويجب ان يتحمّل كل مسؤول عنها نتيجة أفعاله. فلا شيء اهم من صرخة مواطن موجوع تمّ تدمير حياته، فتسقط هنا كل الاعتبارات، من الحصانات والخطوط الحمر والحمايات السياسية.
وفي مقابلة الاسبوع الماضي مع تلفزيون «الشرق»، أعاد حاكم المصرف المركزي التأكيد انّ المصرف المركزي ليس مسؤولاً عن الأزمة، وانّه «ردّ كل أموال المصارف بالدولار بالإضافة الى 30 مليار دولار بين الاعوام 2017 و2022، وانّ المصارف خسرت اموالها بسبب استثمارها في اليوروبوند». ونسأل: لماذا لم يفرض المصرف المركزي على المصارف في هذه الحالة إعادة ما تبقّى من الودائع، هو لديه السلطة ان يقوم بذلك وأن يعاقب كل مصرف يتخلّف عن ذلك؟ اما بالنسبة إلى الاستثمار في اليوروبوند، فهو عذر أقبح من ذنب، وسنتطرق إلى هذه النقطة في المقال المقبل.
انّ استمرار تقاذف الاتهامات والمسؤوليات بين المصرف المركزي والمصارف بات لعبة مكشوفة، فكما كانوا شركاء في هذه الفضيحة المالية عبر السياسات المالية وتحقيق ارباح خيالية، يجب ان يكونوا شركاء في تحمّل المسؤولية والمحاسبة والشفافية. فالتاريخ لن يرحمهم وستلاحقهم لعنة ما ارتكبوه إلى أحفاد أحفادهم.
وتجاه هذا التصرّف الغبي وغير المسؤول من المصارف، على المسؤولين، والزعماء وكل من يملك نفوذاً في البلد، ان يتدخّلوا ليفرضوا على المصارف تصحيح مسارهم، تجنّباً لإحباط الناس ودفعهم إلى الهاوية. وحينها سيفلت زمام الامور. فالجائع اليائس الذي لا يملك شيئاً ليخسره يُمكن ان يرتكب الحماقات، فلا توصلوا الناس إلى هذه المرحلة.
ونأسف انّ الشعب اللبناني لم يقتنع بعد، انّ الشفافية هي مطلب اساسي للإصلاح، فلا يطالب بها ولا يطالب بخطة انتاج للخروج من الأزمة. نفهم انّ المسؤولين والذين أيديهم ملوثة بنهب المال العام، لا يريدون الشفافية، فهي لا تناسبهم بل تضع حداً لممارساتهم الإجرامية. ولكن لا نفهم كيف انّ شعباً نُهبت أمواله وسُرقت حقوقه الأساسية وسُلبت، لا يجعل الشفافية مطلبه الاول. طالبوا بالشفافية وافرضوا على نوابكم الذين انتخبتموهم ان يقرّوها حالاً قبل فوات الأوان، وقبل ان تضيع فرصة إنقاذ الاقتصاد الوطني.
-------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / أيها الزعماء.. ليش ساكتين؟ وشو ناطرين؟