جريدة صيدونيانيوز.نت / هدنة هشة تستمر في لبنان بعد شهر على بدئها
Sidonianews.net
--------------------
الجمهورية / عبد اللطيف ظاهر- نيويورك تايمز
هدنة هشة بين إسرائيل و»حزب الله»، الجماعة اللبنانية المسلّحة، استمرّت إلى حَدٍّ كبير لمدة شهر الآن، ممّا أوقف الحرب الأكثر دموية منذ سنوات بين الجانبَين، وحَقَن قدراً من الهدوء في منطقة مضطربة. ودخلت الهدنة التي تستمر 60 يوماً حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني، وظلّت سارية حتى مع تبادل «حزب الله» وإسرائيل الهجمات وتبادل الاتهامات بانتهاكات. لكن بعد شهر، هناك مخاوف من أنّ الاتفاق لا يُنفّذ من أي من الجانبَين بشكل مناسب.
مع عودة مئات الآلاف من اللبنانيّين النازحين إلى منازلهم، يأمل كثيرون أن تستمر الهدنة، خصوصاً أنّ بلادهم تواجه أزمة اقتصادية عميقة وطويلة الأمد، تفاقمت بسبب الحرب وسنوات من الجمود السياسي.
أقرّت هدى حمزة، التي تعرّض كشكها لبيع الفاكهة والخضروات في العاصمة بيروت إلى نقص في الإمدادات وانخفاض عدد الزبائن خلال الحرب: «نشعر وكأننا نعود إلى الحياة. نريد فقط سلاماً دائماً».
تعرّض «حزب الله» المدعوم من إيران إلى إضعاف كبير جراء الحرب. وكان تأمين الهدنة يتطلّب من الحزب تقديم تنازلات كبيرة، مثل سحب مقاتليه وأسلحته من منطقة في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل.
دخلت الهدنة حيّز التنفيذ بعد أكثر من عام من بدء «حزب الله» مهاجمة إسرائيل تضامناً مع حليفه «حماس»، الجماعة الفلسطينية المسلّحة في غزة التي قادت هجوم 7 تشرين الأول 2023 على إسرائيل التي ردّت باغتيال قيادات «حزب الله» وقصف قواعده.
بعد فترة وجيزة من إعلان الهدنة، تلقت التحالفات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط ضربة قوية أخرى، عندما أُطيح بالديكتاتور السوري بشار الأسد على يَد المتمرّدين. وخلال الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، أرسل «حزب الله» مقاتلين إلى البلاد المجاورة للدفاع عن الأسد. وكانت سوريا شريان حياة مهمّ للحزب، إذ عملت كجسر بري لشُحنات الأسلحة من إيران إلى الأراضي اللبنانية.
شنّت إسرائيل سلسلة من الضربات على لبنان منذ بدء الهدنة، معظمها تركّز في معقل «حزب الله» في جنوب لبنان. لكن هذا الأسبوع، شنّت إسرائيل هجوماً على منطقة البقاع الشرقية للمرّة الأولى منذ الاتفاق، وفقاً لوكالة الأنباء الوطنية اللبنانية.
قُتل حوالى 20 شخصاً في جميع أنحاء لبنان منذ بدء الهدنة، وفقاً لمسؤولين ووسائل الإعلام. وهاجمت إسرائيل 7 معابر حدودية على طول الحدود السورية- اللبنانية، أمس، وفقاً للجنرال تومر بار، قائد القوات الجوية الإسرائيلية، مبرّراً الهجوم بأنّ «حزب الله» كان يختبر إسرائيل بمحاولة تهريب أسلحة عبر المعابر.
منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ، نفّذ الجيش الإسرائيلي عمليات واسعة في عشرات القرى في جنوب لبنان، قائلاً إنّه كان يُفكّك أنفاقاً، ويُصادر أسلحة وأنظمة مراقبة، ويدمّر مركز قيادة لـ»حزب الله».
قدّمت وزارة الخارجية اللبنانية شكوى رسمية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قائلةً إنّ إسرائيل شنّت أكثر من 816 هجوماً برياً وجوياً على لبنان من 27 تشرين الثاني إلى 22 كانون الأول. واعتبرت الوزارة أنّ هذه الانتهاكات «تمثل تهديداً خطيراً للجهود الدولية لتحقيق الأمن في المنطقة».
قُتل أكثر من 3700 شخص في لبنان خلال الحرب وأُصيب حوالى 16,000 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية، التي لا تميّز بين المقاتلين والمدنيّين. وأدّى الصراع إلى نزوح حوالى 1,3 مليون شخص في لبنان، وألحقَ أضراراً اقتصادية تُقدّر بمليارات الدولارات، ودُمِّر كل شيء من المزارع إلى المدارس، الشركات والمستشفيات.
في إسرائيل، قُتِل عشرات الأشخاص الذين يَعيشون في المجتمعات الحدودية في الشمال القريب من الحدود اللبنانية أثناء الحرب، وأُجبر أكثر من 60,000 مدني على النزوح.
لإنهاء القتال عبر الحدود، توسطت الولايات المتحدة في اتفاق يتطلّب من «حزب الله» سحب مقاتليه وأسلحته من جنوب لبنان، ومن القوات الإسرائيلية العودة تدريجاً إلى جانبها من الحدود، وكل ذلك في غضون 60 يوماً.
كان من المفترض أن ينشر الجيش اللبناني المدعوم من قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) إلى المنطقة جنوب نهر الليطاني للحفاظ على السلام في المنطقة الحدودية. وشُكِّلت لجنة تضمّ فرنسا والولايات المتحدة لمراقبة الالتزام من جميع الأطراف.
حذّر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي السكان من العودة إلى عشرات القرى في جنوب لبنان، من دون تقديم تفسير إضافي حول سبب عدم تمكنهم من العودة، ممّا أثار غضب بعض النازحين اللبنانيّين.
حتى الآن، بلدة الخيام في جنوب لبنان هي البلدة الوحيدة التي أخلتها القوات الإسرائيلية ونُشِر فيها الجيش اللبناني، وفقاً لرئيس بعثة «اليونيفيل» وقائد القوة، الجنرال أرولدو لازارو.
وأعلن الجنرال لازارو أنّ قوات حفظ السلام أعربت عن قلقها «إزاء استمرار إطلاق النار، الهدم، الانفجارات، والحواجز» التي تقيمها القوات الإسرائيلية حول بلدة الناقورة، حيث يقع مقر بعثة حفظ السلام.
الأسبوع الماضي، دعت «اليونيفيل» والمسؤولون اللبنانيّون، إسرائيل إلى تسريع انسحابها من جنوب لبنان. وخلال زيارته إلى الخيام هذا الأسبوع، دعا رئيس الوزراء اللبناني الموقت، نجيب ميقاتي، اللجنة الرقابية إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب الكامل من جنوب لبنان «ويجب ألّا يكون هناك مبرّر لاحتلال إسرائيل لأي جزء من أرضنا».
لم يكن واضحاً إلى أي مدى سحب «حزب الله» مقاتليه وأسلحته من جنوب لبنان. ولم يردّ المسؤولون العسكريّون والحكوميّون اللبنانيون على طلبات التعليق حول هذه المسألة.
ونُشِرَ حوالى 6000 جندي من الجيش اللبناني في الجنوب، ومن المتوقع نشر الآلاف الآخرين في الأشهر المقبلة. وأصرّ ميقاتي على أنّ الجيش قادر على تأمين الجنوب واستقرار البلاد.
لكنّ الحكومة اللبنانية تعاني من نقص في التمويل، ويرى المراقبون أنّ الجيش، الذي اعتمد لفترة طويلة على الجهات المانحة، سيحتاج إلى مزيد من الدعم لتعزيز وجوده في الجنوب.
أثبت الجيش عجزه عن السيطرة على «حزب الله» بعد انتهاء الحرب التي استمرّت شهراً مع إسرائيل في عام 2006. وبينما قد يُزيل «حزب الله» أسلحته من الجنوب، سيكون من الصعب اقتلاع مقاتليه من القرى في المنطقة، وفقاً لمنير شحادة، الجنرال المتقاعد الذي أشرف سابقاً على تنسيق الحكومة اللبنانية مع «اليونيفيل».
ويوضح شحادة: «كيف يُتوقع منهم مغادرة المنطقة جنوب الليطاني عندما تكون هذه بلداتهم وممتلكاتهم؟ هذا لن يكون منطقياً».
سيكون الشهر المقبل اختباراً حاسماً لمعرفة ما إذا كان يمكن أن تستمر الهدنة بشكل دائم.
بالنسبة إلى كثير من اللبنانيّين، الأمل هو أن تتوفّر قريباً الأموال لدعم جهود إعادة الإعمار. وكشف ميقاتي أنّ حكومته تعمل مع البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي، الدول العربية، ودول أخرى لإنشاء صندوق لإعادة البناء، خصوصاً في القرى الجنوبية المدمّرة.
وأكّد الجنرال لازارو أنّ الأولوية لإصلاح الطرق، إزالة الذخائر غير المنفجرة، وتوسيع الدوريات حتى يتمكن المزيد من الناس من العودة إلى ديارهم. وأضاف: «الحلول طويلة الأمد الضرورية هي حلول سياسية. لا يوجد حل عسكري في النهاية».
----------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان والعالم العربي / هدنة هشة تستمر في لبنان بعد شهر على بدئها