https://sidonianews.net/article331493 /الجيش وحكومات لبنان
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / الجيش وحكومات لبنان

 

Sidonianews.net

--------------------

الجمهورية

عبدالله ريشا

أمين عام المركز اللبناني للدراسات الاستراتيجية

عام 1956، أرادت سلطة كميل شمعون المتمتع بكامل صلاحيات الجمهورية الأولى، بصفته رئيساً أعلى للقوات المسلحة، مدعّماً بحكومة سامي الصلح، زجّ الجيش اللبناني بعملية قمع الثوار ومؤيّدي جمال عبد الناصر أو المناهضين لانخراط لبنان بحلف بغداد.

لم يرَ اللواء فؤاد شهاب الظرف مؤاتياً لاجتثاث الثورة: انقسام داخلي عمودي، وتباعد أميركي-مصري حول تموضع لبنان ودوره الإقليمي. لم يُنفّذ شهاب الأمر، بل اكتفى بانتشار تكتيكي في أماكن التوتر، منتظراً اللحظة الجيوسياسية المؤاتية عند التقاطع الأميركي-المصري على تحييد لبنان عن أيزنهاور وأخصامه.

ممانعة أو اقتناص لحظة عبّدت له طريق قصر بعبدا، ليُكلّل رئيساً توافقياً على جمهورية منتقصة السيادة مع وجود 14,000 جندي أميركي على شواطئ العاصمة بيروت، فكان الانسحاب الأميركي من بيروت في 25 تشرين الأول 1958 هدية أميركية أتاحت عملية الحل.

ما لم يُنفّذه شهاب قائداً للجيش، نفّذه رئيساً للجمهورية، معطِياً أوامره لانتشار الجيش بعد انسحاب الأميركيِّين وجمع السلاح غير الشرعي، في جَوّ توافق داخلي عزّز انطلاقة العهد بقوة وزخم.

في 2 أيار 1973، اتخذ مجلس الوزراء بتوجيه من الرئيس سليمان فرنجية قراراً بإرسال الجيش لإغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في بيروت ومصادرة السلاح الموجود خارج المخيّمات. لم يرَ العماد إسكندر غانم أنّ الجيش بتركيبته الداخلية، وفي ظل المشهدية الإقليمية، قادر على تنفيذ المهمّة: سوريا تعتبر المخيّمات خطاً أحمر، إدارة نيكسون وإسرائيل تدفعان باتجاه ضرب منظمة التحرير. انقسام داخل الحكومة انتهى باستقالة الرئيس صائب سلام في 15 أيار 1973.

حافظ قائد الجيش على وحدة المؤسسة على رغم من القتال الذي اندلع مع المنظمات الفلسطينية من خلال إدارة حكيمة للمعركة واختيار الأفواج المقاتلة، منتظراً قراراً عربياً بوقف النار، مدعوماً من مصر وسوريا.

عام 1975، بعد حادثة عين الرمانة، صدر قرار حكومي بانتشار الجيش ومصادرة الأسلحة والعربات العسكرية. حينها كانت الأجواء الداخلية أكثر توتراً، وشحناً طال المؤسسة العسكرية. انتشر الجيش لكنّه أهمل مرّةً أخرى مصادرة السلاح من المقاتلين، وأقام حواجز رمزية بين الشرقية والغربية أُزيلت لاحقاً، حفاظاً على ما تبقّى من وحدة العسكريِّين. في حرب إلتهمت الحجر والبشر، ما لم يستطع تنفيذه القائد عام 1975 نفّذه القائد عام 1991، حين صدر عن حكومة الرئيس كرامي قرار بحل الميليشيات وتسليم السلاح في مهلة 6 أشهر. وجدها العماد لحود كافية لينطلق، مدعوماً من توافق أميركي-سعودي-سوري وصل إلى حدّ التلزيم المطلق لسوريا، وسط توافق داخلي وقبول إقليمي لتسليم السلاح إلى المؤسسة العسكرية.

في محطات أخرى، راعت قرارات مجلس الوزراء المعطيات الداخلية والجيوسياسية في إيكالها مهاماً للجيش. في قرار حكومة تمام سلام أثناء الفراغ الرئاسي في آب 2014، نجد تعابير مثل: تكليف الجيش بحماية البلدة، الدفاع عن مواقعه، عدم شنّ حملة واسعة، والإعتماد على المفاوضات، على عكس ما صدر عن حكومة سعد الحريري في عهد الرئيس ميشال عون صيف 2017، حينها كُلّف الجيش بشنّ عملية عسكرية لتحرير جرود عرسال، فكانت الأوامر للعماد جوزاف عون مغايرة عن التوجيهات التي أُعطيت للعماد جان قهوجي، بفعل الأجواء الإقليمية التي انعكست ضوءاً أخضر داخلياً.

في 5 أيار 2008 لم يكن تقرير فينوغراد النهائي قد صدر (كانون الثاني 2008)، واعتمدت حكومة السنيورة الانطباع السائد آنذاك أنّ «حزب الله» تلاشى عسكرياً وأمنياً، وسلاحه لم يحمِ لبنان من الدمار الهائل الذي تعرّض له. اجتمعت الحكومة وكلّفت الجيش إزالة شبكة اتصالات الحزب وإقالة رئيس جهاز أمن المطار. شعر العماد ميشال سليمان أنّ شيئاً ما تغيّر في الوضع الداخلي والتوافق الإقليمي ما بين أوامر فؤاد السنيورة عام 2007 بتحرير مخيّم نهر البارد، وأوامره في 5 أيار. نفّذ سليمان المهمّة الأولى على أكمل وجه، وتريّث في مهمّة 5 أيار، متجنّباً الصدام الكبير الذي تحوّل إلى صدامات شارع 7 أيار.

إنّه جيش لبنان الذي قد يبدو كسلطة خامسة، إذا ما وجد عدم ملاءمة بين ما يُرسم في الحكومات وواقع الميدان، ووضعية الجيش اللبناني الداخلية. هو اليوم، ولأول مرّة في تاريخ لبنان الحديث، وفي سابقة لا مثيل لها، مطالب بوضع المخطّط وتنفيذه. هو القائد رودولف هيكل، الحكيم والخبير والعارف بمطبّات الجيوسياسية ومقتضيات الوحدة الوطنية.

-------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / الجيش وحكومات لبنان

 

 





www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article331493 /الجيش وحكومات لبنان