https://sidonianews.net/article331494 /واشنطن تطمئن الحكومة: خطوة بخطوة نحن معكم
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / واشنطن تطمئن الحكومة: خطوة بخطوة نحن معكم

 

Sidonianews.net

------------------

الجمهورية  / طوني عيسى

يقف الشرق الأوسط على أعتاب تحولات جيوسياسية عميقة وسريعة، بقيادة أميركية مباشرة. وفي قلب هذه التحولات، يقع لبنان وملف سلاح «حزب الله» وشكل الدولة التي يتمّ بناؤها. ولذلك، ينخرط الأميركيون مباشرة بالورشة اللبنانية هذه المرّة. ولا عودة إلى الوراء.

أكبر خسارة تلقّاها «الحزب»، عبر تاريخه، هي بلا شك سقوط نظام الأسد. فقد أدّى إلى قطع شريان الدعم الاستراتيجي واللوجستي الذي كان يصل إليه من طهران، وزوال القوة المفترضة لسلاحه. فمهما كانت الترسانة ضخمة، ستذوب وتزول إذا لم يتمّ تعويضها. وهذه نقطة ضعف أساسية تستغلها القوى الإقليمية والدولية، في سعيها إلى إعادة تشكيل المشهد اللبناني والشرق أوسطي بكامله.

ووفق هذه الرؤية، جاء قرار الحكومة الأخير بسحب هذا السلاح، تحت ضغوط أميركية هائلة قادها الموفدان الأميركيان توم برّاك ومورغان أورتاغوس اللذان طرحا على الحكومة خياراً وحيداً هو الانصياع لخطة متكاملة تغيّر الواقع اللبناني من أساسه، وإلّا فالاستسلام لما يمكن أن تفعله آلة الحرب الإسرائيلية.

بقيت حكومة عون ـ سلام تحاذر ركوب المغامرة الداخلية، وتتهيّب اتخاذ القرار الحاسم، خوفاً من انشقاق عميق قد يوصل البلد إلى حرب أهلية. لكنها فجأة قررت أن تفعل. ويقول العارفون إنّ هناك عاملاً جديداً سمح لها بالتجرؤ، وهو أنّ الولايات المتحدة لم تتوقف هذه المرّة عند حدود الوعد الكلامي، بل إنّها تعهدت، في ورقة برّاك، بأن يكون جيشها شريكاً عملانياً مع الجيش اللبناني في عملية سحب السلاح، من خلال ضباطها وخلية «الميكانيسم» التي يرئسها جنرال أميركي. أي إن واشنطن وضعت نفسها في التصرّف ميدانياً، من أجل إنجاح التنفيذ. وهذا التطور يمثل تحولاً استراتيجياً في السياسة الأميركية تجاه لبنان، ويؤكّد أنّ واشنطن حزمت أمرها لوضع حدّ نهائي لمسألة السلاح، لكونه مدخلاً أساسياً إلى تغيير المشهد اللبناني برمته.

وفي الواقع، يبدو «حزب الله» أمام خيار مصيري. فإما أن يسلّم بقرار الدولة، ويتحول كياناً سياسياً فقط، وإما أن يواجه الدولة، ومعها الولايات المتحدة. وسيكون لورشة ​ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، ولبنان وإسرائيل، التي يتمّ الإعداد لها حالياً بإشراف أميركي، دور أساسي في زوال الذرائع التي لطالما استخدمها «الحزب» للإبقاء على سلاحه.

وللمرّة الاولى في تاريخه الحديث، يبدو الجيش اللبناني في صدد الحصول على فرصة حقيقية لفرض سيطرته على كل الأراضي اللبنانية، بدعم أميركي واضح ومباشر، والأرجح بتوسيع صلاحيات قوات «اليونيفيل» لتصبح «ضاربة» وتغطي مناطق جديدة. وهذا التحول سيبدّل دور الجيش اللبناني من قوة دفاعية محدودة إلى قوة تنفيذية قادرة على فرض سيادة الدولة.

وفوق ذلك، ليس سراً أنّ الأميركيين يجهزون كل شيء لجعل لبنان قاعدة عسكرية إقليمية لهم، إلى حدّ معيّن. ولذلك، تريد واشنطن حماية الحكومة اللبنانية وتوفير الغطاء السياسي والأمني الكامل لها. والرسالة واضحة: «لا تخافوا. نحن معكم على الأرض، خطوة خطوة، كما نحن معكم سياسياً وديبلوماسياً واقتصادياً، لتستعيدوا الموقع الذي خسرتموه في المنطقة والعالم بسبب السلاح». وهذا التعهّد يمنح الحكومة جرأة غير مسبوقة للمضي قدماً في خطتها لحصر السلاح بها وحدها.

إذاً، ليس «لسواد عيون» لبنان، يقدّم الأميركيون هذا الدعم. فمع اتضاح معالم خريطة الشرق الأوسط الجديدة أكثر فأكثر، وفيما سوريا الجديدة تستعد للاندماج في المنظومة الإقليمية والدولية، يمنح الأميركيون لبنان فرصته التاريخية ليكون داخل المعادلة. وتؤشر التحولات الأخيرة إلى نهاية حقبة وبداية أخرى، في لبنان والمنطقة بأسرها، حيث سيتمّ تحديد: مَن سيبقى داخل المعادلة ومن سيرمى خارجها؟ وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، لبنان هو جزء من منظومة مصالحها الأوسع في الشرق الأوسط. وإدراك الحاجة الأميركية إلى هذا اللبنان يرتكز إلى ثلاثة أبعاد رئيسية:

​1- البعد الأمني ـ العسكري. فواشنطن تعتبر استقرار لبنان أولوية قصوى لمصالحها الأمنية. ويتجلّى هذا الاهتمام في الدعم العسكري المستمر للجيش. ومنذ العام 2006، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 3 مليارات دولار على تدريب هذا الجيش وتجهيزه، كاستثمار استراتيجي، من أجل تحقيق أهداف عدة: ​مكافحة الإرهاب و​احتواء «حزب الله» لتقليص نفوذ إيران، وحماية حدود إسرائيل. ووجود ضباط أميركيين في لبنان، وإن كان عددهم محدوداً، في مهمات التدريب والتنسيق، يجسّد التزام واشنطن بالحفاظ على الاستقرار.

2- ​البعد السياسي ـ الديبلوماسي. فالولايات المتحدة ترى في لبنان نموذج الليبرالية والديموقراطية والتنوع الذي تريد تعميمه في الشرق الأوسط. وهذا يقتضي منع سقوطه في هاوية «الدولة الفاشلة» التي تتحول ملاذاً للإرهابيين، أو مصدراً لموجات هجرة جماعية نحو الغرب، أو ساحة نزاع مفتوحة للقوى الإقليمية ولا سيما منها إيران. ويؤدي حل المشكلات الحدودية، وتطبيع علاقات لبنان مع محيطه بكامله، إلى تسهيل اندماجه في المنظومة الإقليمية الجديدة.

3- ​البعد الجيوسياسي. فعلى رغم مما يُقال عن رغبة واشنطن في الانسحاب من الشرق الأوسط، تبقى المنطقة مسرحاً لنزاع استراتيجي بين الأميركيين وتحالف إيران ـ روسيا ـ الصين. وهذا ما أظهره أخيراً الاتفاق البالغ الأهمية بين أرمينيا وأذربيجان برعاية دونالد ترامب مباشرة. والهدف هو ​حصار إيران، وقطع «جسر نفوذها» الممتد إلى لبنان الذي يصبح شريكاً استراتيجياً في منظومة جديدة قد تتضمن دولاً عربية أخرى وإسرائيل.

هذه المرّة، ستتغيّر المعادلات في لبنان، بما يتلاءم والتغيير في الشرق الأوسط كله. ولأنّ الغلبة للأقوى في السياسة والعسكر والاقتصاد، سيكون خيار لبنان الأجدى والأكثر واقعية هو أن يركب الموجة واقفاً، ويصل مع الواصلين إلى البر المنشود، بدلاً من أن تسحقه ويجري انتشاله إلى براد الجثث الإقليمي المزدحم كثيراً.

------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / واشنطن تطمئن الحكومة: خطوة بخطوة نحن معكم

 

 





www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article331494 /واشنطن تطمئن الحكومة: خطوة بخطوة نحن معكم