الرئيسية / أخبار لبنان /بعدما أخطأ الأطباء في تشخيص حالته، كيف استعاد الطفل عبده سمعه؟

جريدة صيدونيانيوز.نت / بعدما أخطأ الأطباء في تشخيص حالته، كيف استعاد الطفل عبده سمعه؟

بعدما أخطأ الأطباء في تشخيص حالته، كيف استعاد الطفل عبده سمعه؟

"ما" و"با" هاتان هما الكلمتان الوحيدتان اللتان كان عبده ابن الثلاث سنوات يتلفظ بهما، إضافة الى لغة الإشارات التي كانت بمثابة لغته الوحيدة قبل أن ينفجر بكاءً في حال لم يفهم عليه أحد.

لم يكن عبده كباقي الأطفال، كان مختلفاً عنهم لا ينطق سوى بكلمتين وبصعوبة شديدة. كانت والدته كاتيا تشعر أن هناك خطباً ما وأن طفلها يعاني مشكلة لكنها عاجزة عن معرفتها، حتى الأطباء أنفسهم أخطأوا في التشخيص وبعضهم فضل ترك الأمور على حالها. لم يكن يتفاعل كثيراً ولا يُجيب عند مناداته، كان يبكي عند سماع أصوات مرتفعة وكثير الانفعال والعصبية. كان عاجزاً عن التعبير، وهذا سببٌ كافٍ حتى نفهم لماذا كان يتصرف على هذا النحو "الغريب" وغير "المتجاوب".

ما إن أكمل عبده السنتين حتى بدأت تظهر المشكلة رويداً رويداً، لتبدأ الصورة تتضح في ذهن والدته كاتيا التي سرعان ما اصطحبته عند الطبيب بعد مرور أشهر عدة على نموه دون أن يتجاوب او ينطق سوى بكلمتين فقط لا غير. تتحدث كاتيا عن هذه التجربة التي تصفها "بأصعب مرحلة مررنا بها قبل ان نكتشف مشكلته ونبدأعلاجها. وبرغم من الكشف على حالة عبدو من عدد من الأطباء إلا انهم لم ينجحوا في تشخيص حالته بطريقة صحيحة. بعضهم ارتأى التريث حتى بلوغ الثالثة وآخرون الـ 6 سنوات باعتبار ان مشكلته نفسية. لم نحصل على إجابات شافية حتى قابلنا أحد الأطباء الذي أكد لنا ان مشكلته متعلقة بالسمع وعلينا إجراء تخطيط للأذنين حتى معرفة حجم المشكلة وتأثيرها على عبده".

عبده قبل العملية ليس كما بعدها

تفاصيل صغيرة يومية قد تحمل في طياتها دلالات كثيرة وخفايا عن مشكلات صحية لا نعرف عنها شيئاً. وحدها التفاصيل كانت قادرة على معرفة أن هناك مشكلة في النطق مع عبده، وهكذا نجح التخطيط في كشف المستور. وتستكمل كاتيا حديثها بالقول "أخطأ الطبيب الذي أجرى التخطيط في التشخيص، وقد تمّ تحويل عبده الى اختصاصي في الأمراض العصبية الذي أكد لي ان ليس هناك مشكلة في السمع عند ابني بل مشكلته في كمية المياه الموجودة في أذنه كما قال لنا سابقا طبيب الانف والاذن والحنجرة الذي كان ينتظر التخطيط ليباشر بالعلاج".

إذاً، رغم عمليات التشخيص الخاطئة كُشفت المشكلة اخيراً لينطلق عبده في رحلة العلاج والتأقلم مع التغيرات الجديدة. وأكدت والدته "ان ما قبل العملية ليس كما بعدها، خضع عبده الى عملية سحب المياه فكانت أذنه اليسرى مقفلة نهائياً وكأنها "ملزقة متل الباتيكس"، إضافة الى زرع "كبسولات في أذنيه" وعملية اللحمية. منذ ذلك اليوم تحسن عبده بنسبة كبيرة ولمسنا الفرق حقيقة وعلينا مراجعة الطبيب كل 3 أشهر للتأكد من ان كل شيء على ما يرام، لا سيما في موضوع الكبسولات التي يجب تغييرها كل 6 اشهر وصولا الى السنة".

"عنّ" وبكاء وعصبية...

تصف كاتيا حالة عبده قبل العملية قائلةً: " كان "يعنّ" كثيراً وعصبياً ويبكي لكونه عاجزاً عن التعبير او في حال لم نفهم عليه. مثل صغير قادر ان يختصر واقعه القديم، كنت عندما أساله اذا يريد ملعقة يبدأ بالبكاء. لم أكن أدري انه عاجز عن التعبير او السماع جيدا. أما اليوم تغيرت تصرفاته وصار قادراً على التكلم وسماع ما نقوله له. منذ شهر ونصف شهر أصبح عبدو طفلاً آخر أقل عصبية ومتعاوناً ومتفاعلا مع الآخر. هو يخضع لعلاج مع اختصاصية نطق وتقويم وصراحة وجدنا فرقاً كبيراً وتحسناً ملحوظاً في نطق الكلمات والتفاعل، إضافة الى وضعه في حضانة مما ساعده أكثر في التفاعل والتأقلم مع باقي الأطفال بعدما كان منزوياً بعض الشيء".

هل من تدابير وقائية يجب اتباعها في حياته، تُجيب كاتيا الى انه "يفترض وضع قطن مغمس بالفازلين في أذنيه عند كل استحمام او النزول الى حوض السباحة تفادياً لدخول الماء الى اذنيه". لكن هذا الأمر ليس إلا تفصيلا صغيراً مقارنة بما كان يعانيه سابقا، هو اليوم يتكلم، يلعب، ويعيش حياته كسائر الأطفال دون اي معوقات، هو اليوم تحرر من مشكلته الصغيرة التي كانت تعيق حياته بشكل كبير، هو ببساطة يسمع ويضحك ويبكي، ويبدأ حياته كأنه اليوم يكتشفها للمرة الأولى.

2017-08-25