جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان / الجمهورية : وساطة ساترفليد حدودياً ونفطياً... و«جُلجلة» الموازنة تبدأ اليوم
الجمهورية
على وقعِ مناخاتٍ تثير مخاوف من احتمال تأجيل بعض المؤتمرات الدولية المقررة لدعم لبنان لأسباب بعضُها سياسي وبعضها الآخر تقني، عادت الحدود البحرية والبرّية الجنوبية إلى الضوء مجدداً مع عودة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى بيروت، ومن دون طولِ غياب، بعد محادثات أجراها في إسرائيل في إطار وساطة بين لبنان والدولة العِبرية في شأن الملفات العالقة بينهما، وأبرزُها البلوك 9 والجدار الإسمنتي في المنطقة المتنازَع عليها وإشكالية تطبيق القرار1701 بما فيها «الخط الأزرق».
قالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ وساطة ساترفيلد «فاشلة سلفاً، لأنّ بدايتها تتطلّب قبول الفريقين بها، في حين أنّ لبنان يرفض المفاوضات السياسية مع إسرائيل خشية أن يُستدرج إلى مفاوضات سلام لاحقة، الامر الذي يثير انقساماً داخلياً، ولكن هذا لا يعني أنّ الولايات المتحدة الاميركية لا تستطيع أن تبذل جهداً لحلّ هذا النزاع الموضعي بين لبنان واسرائيل، خصوصاً وأنّ هناك القرار 1701 الذي يفترض أن يكون مرجعية التسوية لموضوع الجدار، والقوانين الدولية المرجعية لتسوية ملف النفط (البلوك 9)».
وتشير المعلومات، حسب هذه المصادر، إلى «أنّ الجانب الاسرائيلي متمسّك بموقفه حيال تقاسُم «البلوك 9» مع لبنان، إذ يعتبر أنّ جزءاً منه يقع في المياه الاقليمية الاسرائيلية، وهذا ما ترفضه السلطات اللبنانية».
وحسب المعلومات المتوافرة فإنّ المساعي الاميركية ستشهد تباطؤاً في هذه المرحلة حيال موضوع الملف النفطي لأنّ لا مؤشّر إلى تراجع لبنان أو اسرائيل عن موقفيهما، في حين أنّ طرفاً في الادارة الاميركية يرعاه وزير الخارجية ريكس تيلرسون يفضّل أن يستمرّ الدور الاميركي، فهو وإنْ لم يحقّق نجاحاً على صعيد الملف النفطي، فعلى الأقلّ يستطيع أن يعالج احتمال حصول تدهوُر أمني بين البلدين سبق أن أشار اليه في الأيام الماضية مسؤولون اسرائيليون ومسؤولون دوليون، وفي طليعتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس».
لبنان: لا تنازُل
وعلمت «الجمهورية» أنّ حركة الاتصالات بين الرؤساء الثلاثة والمعنيّين في لبنان أفضَت إلى اتّفاق نهائي حول موقف لبنان من اقتراحات ساترفيلد وهو عدم القبول بأيّ تنازل وأي تغيير في ترسيم الحدود البرّية والبحرية على حساب خسارة لبنان من حقوقه. وكلّ الاقتراحات التي حملها ساترفيلد حتى الآن يتعامل معها لبنان كأنّها لم تكن.
ولفتت أمس حركةُ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم المكلّف متابعة الملف في اتّجاه كلّ من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري واستقبالُه قائدَ قوات «اليونيفيل» مايكل بيري لمتابعة ملفّ التفاوض. وقالت مصادر متابعة لـ»الجمهورية» إنّ الدولة اللبنانية بدأت التفكيرَ في العمل على اكثر من خط دولي إذا ما فشلت الوساطة الاميركية. ودعت هذه المصادر إلى «انتظار ما في جعبة ساترفيلد اليوم ليُبنى على الشيء مقتضاه».
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قال «إنّ هناك طريقة لحلّ السجال في شأن البلوك 9». مضيفاً: «إذا كان اللبنانيون لا يريدون الحلّ، بل مواصلة الجدل، فسيَخسرون بلا شكّ».
مؤتمرات الدعم
إلى ذلك، وفيما الآمال معقودة على مؤتمر» روما 2 « لدعم الجيش والقوى الأمنية، نَقلت وكالة «رويترز» عن مصدر حكومي لبناني إنّ «مؤتمر سيدر» المسمّى أيضاً «باريس 4» للمانحين سيَنعقد في باريس في 6 نيسان المقبل. أحد ثلاثة اجتماعات دولية متوقَّعة هذه السنة سيَسعى لبنان فيها للحصول على دعمٍ لاقتصاده وجيشِه ومساعدةٍ في التعامل مع نحو مليون لاجئ سوري يستضيفهم على أراضيه.
وكانت اللجنة المكلّفة تنظيمَ المؤتمر الصحافي الذي عُقِد قبل ظهر أمس في السراي الحكومي والمخصّص للإعلان عن «مؤتمر الاستثمار في البنية التحتية في لبنان» برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري في 6 آذار المقبل، قد فوجئت بغياب الموفد الفرنسي بيار دوكازن المكلّف التحضيرات الجارية لتنسيق العلاقات بين الإدارة الفرنسية لمؤتمر «سيدر 1» والشركات الدولية العابرة للقارّات التي تتعاون مع البنك الدولي والاتّحاد الأوروبي وتلك التابعة للدول المانحة.
وقالت مصادر السراي الحكومي «إنّ المنظمين تلقّوا تأكيداً بحضور الموفد الفرنسي عند تحديد موعد المؤتمر، غير أنّه لم يصل من دون أيّ إشارة إلى سبب غيابه».
وتزامُناً مع عدمِ صدور أيّ توضيح عن إدارة المؤتمر، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ الموفد الفرنسي لم يصل إلى بيروت، من دون تحديد الأسباب التي دفعته إلى تأجيل الزيارة أو الغائها». وأبدت خشيتَها من اعتبار الموفد الفرنسي أنّ مهمّته ليست عاجلة، وخصوصاً إذا صحّت المعلومات بأنّ زياراته لبعض العواصم الخليجية لم تكن مشجّعة لئلّا يُقال إنّها لم تكن موفّقة وبالحجم الذي أرادته الإدارة الفرنسية.
في الموازاة، تحدّثت مصادر أخرى لـ«الجمهورية» عن احتمال تأجيل المؤتمرات الدولية لأسباب تقنية وسياسية، منها ما هو خارجيّ ومِن بينها تدهوُر علاقة لبنان مع دول الخليج التي عادةً ما تكون في طليعة المانحين، ومنها ما هو داخلي وعلى علاقة برغبة دول عربية وغربية عدمَ تحويلِ المؤتمر ورقةً لمصلحة أفرقاء السلطة عشيّة الانتخابات النيابية، بالإضافة إلى متطلبات تقنية على علاقة بملفات إصلاحية يفترض بلبنان اتّخاذها ولم يعُد هناك متّسَع من الوقت لإنجازها».
السفير السعودي
وفي ظلّ الحديث عن زيارة مرتقبة لموفد سعودي إلى لبنان للاطّلاع على الوضع الانتخابي، واصَل السفير السعودي وليد اليعقوب جولاته على المراجع اللبنانية، والتقى أمس كلّاً مِن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة.
وقالت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» إنّ «جوّ اللقاء بين الراعي واليعقوب كان ممتازاً، وأثنى السفير السعودي على زيارة البطريرك التاريخية للسعودية وتداعياتها الإيجابية جداً، والأصداء التي ترَكتها، فضلاً عن مساهمتِها في حلحلةِ بعضِ العقَد التي كانت تفرض نفسَها أثناء توقيتِ تلك الزيارة. وأكّد اليعقوب الرغبة في استمرار علاقات السعودية مع البطريركية المارونية، وتبادلِ زيارات دورياً».
وأوضَحت المصادر أنّ «اليعقوب أكّد للراعي على متانة العلاقات بين لبنان والسعودية وعلى استمرار التواصل بين المسؤولين، وكذلك أكّد أنّ المملكة لا تكنّ للبنان إلّا الخير، وهذا ما عبّرت عنه منذ فترة طويلة عبر دعمِه سياسياً وإنمائياً واقتصادياً، ودعم القضايا اللبنانية من أجل تثبيتِ سيادته واستقلاله».
وكان اليعقوب قد أوضَح بعد زيارته بكركي «أنّ ما يَربط السعودية بجميع المرجعيات الروحية اللبنانية عميقٌ وأساسي، وما يَربطها بهذا الصرح الوطني الكبير استثنائي».
وأضاف: «يعود لهذا الصرح الفضلُ في تأسيس فكرة دولة لبنان الكبير المبني على العيش المشترك الإسلامي - المسيحي، كذلك يعود له دورٌ كبير وفضلٌ في تثبيتِ «اتّفاق الطائف» الذي أعاد الأمنَ والسلام إلى لبنان وأكد أنّ لبنان وطنٌ نهائي لجميع اللبنانيين». وأضاف «سيكون لي زيارات عدة في إطار متابعة زيارة البطريرك الراعي التاريخية للرياض بغية استكمالِ المساعي الرامية إلى تثبيت سيادة لبنان واستقلاله».
وأكّد اليعقوب للراعي «وقوفَ المملكة إلى جانب الشرعية اللبنانية المنبثقة من الدستور واتّفاق الطائف، ودعمَ المؤسسات الدستورية في لبنان.
ريفي
وفي المواقف، قال الوزير السابق اللواء أشرف ريفي لـ«الجمهورية»: «أدعو إلى استقالة الحكومة وتشكيلِ حكومة حيادية تدير الانتخابات». وحملَ بعنفٍ على السلطة واتّهمها «باستعمال كلّ الأدوات غيرِ المشروعة من خلال تسخيرِ الوزارات والخدمات للتأثير في نتائج الانتخابات، وتحويل المقارّ الرسمية غرفَ عملياتٍ انتخابية لتشكيل اللوائح، وكذلك زجِّ الأجهزة الأمنية في عملية الضغطِ على الناخبين، عبر سَوقِ عددٍ كبير من مناصِريَّ وبنحوٍ يوميّ ومتكرر إلى المقار الأمنية والضغط عليهم بغية تبديل خياراتهم السياسية، ولكنّنا نؤكّد أنّ السلطة بهذه الاساليب البالية التي تعود إلى عصرٍ مضى لن تستطيع تغييرَ قناعات الناس، ونحن على موعد معها في 6 أيار». وختم: «إنّنا نضع ما يَجري برسمِ الرأي العام اللبناني، ونطالب برقابةٍ دولية على مسار الانتخابات».
الموازنة
مِن جهةٍ ثانية، تبدأ «جلجلة» مناقشة مشروع قانون موازنة 2018 من خلال الاجتماع الأوّل الذي ستعقده بعد ظهر اليوم في السراي اللجنةُ الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري .
وبدا للمراقبين محاولاتُ اللجنة الوزارية لتغيير بعضِ الأرقام في الموازنة، في محاولةٍ لخفضِ العجز الذي شكّلَ فضيحةً ببلوغِه حوالي 6,2 مليارات دولار، لن تكون سهلةً لاعتبارات عدة، مِن أهمّها أنّ أسباب ارتفاع العجز غيرُ قابلة في معظمها للخفض.
وفي هذا السياق، عدَّد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«الجمهورية» خمسة أسباب لارتفاع الإنفاق في موازنة 2018، وهي:
أوّلا- سلسلة الرتب والرواتب التي كانت كِلفتها مقدّرة بمليار و200 مليون دولار، تبيّن أنّ الكلفة ستكون أكبر من ذلك، وستبلغ ملياراً و900 مليون دولار. ومن المرجّح أن ترتفع اكثر في حال أضفنا إليها المؤسسات التابعة للدولة.
ثانياً - إستمرار التوظيف وزيادة الإنفاق في الدولة، عكس ما كان مقرّراً، إذ لم يكن وارداً ضِمن الموازنة توظيفُ هذا العدد، سواء في الإدارة، أو في الأجهزة العسكرية.
ثالثاً - إرتفاع كلفة خدمة الدين العام، بسبب ارتفاع حجم الدين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة.
رابعاً- إرتفاع فاتورة الكهرباء بسبب ارتفاع أسعار النفط.
خامسًا- لم تسجّل الإيرادات المتوقّعة الناتجة من الضرائب التي فرِضت لتمويل السلسلة، المبلغ المتوقّع منها».
واعتبَر خوري «أنّ خطوة فصلِ عجزِ الكهرباء عن عجزِ الموازنة لا معنى لها، وعلينا أن نواجه الواقعَ كما هو. عجز الموازنة المقدّر كما هو وارد اليوم يبلغ 9 آلاف مليار و500 مليون ليرة لبنانية، وهذا العجز قد يرتفع أكثر في حال لم نُنجز الإصلاحات والإجراءات التي يتمّ طرحُها». (تفاصيل ص 11)
القمّة اللبنانية - العراقية
إلى ذلك، استأثرَت زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للعراق باهتمام المراقبين لجهة الخلفيات الاقتصادية التي تحملها، على وقعِ الحديث عن برودةٍ في علاقات لبنان مع بعض دول الخليج، وضرورةِ البحثِ عن أسواق عملٍ وأسواق تجارية بديلة. ورأى المتابعون أنّه قد يكون أسهلَ على الشركات اللبنانية المشاركةُ في عملية إعادة إعمار العراق من المشاركة في إعادة إعمار سوريا لأسباب سياسية وأمنية. كذلك يعوّل لبنان على زيادة أعداد السيّاح العراقيين بعدما أظهَرت الأرقام ارتفاع عددِ هؤلاء في الفترة الأخيرة.
2018-02-21