الرئيسية / أخبار صيدا /أقلام ومقالات /خليل المتبولي : مَن يراقب ؟!... فساد ، رشاوى ، سرقات

خليل المتبولي : مَن يراقب ؟!... فساد ، رشاوى ، سرقات ( الصورة من أرشيف الأستاذ خليل المتبولي) صيدونيانيوز.نت

جريدة صيدونيانيوز.نت / خليل المتبولي : مَن يراقب ؟!... فساد ، رشاوى ، سرقات

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار ومقالات صيدا / خليل المتبولي : مَن يراقب ؟!... فساد ، رشاوى ، سرقات

 

*مساهمة بقلم : خليل إبراهيم المتبولي

فساد ، رشاوى ، سرقات ...  اتهاماتٌ متبادلة بين الجميع وخصوصًا المسؤولين في هذا الوطن ، الكل ينتقد الكل ، وكل واحد يعتبر نفسه أنظف وأشرف من الآخر ، وكل واحد يعتبر أن كفّه نظيف وبعيد عن الشُبهات ،  بينما نرى نحن من خلال العديد من الأعمال والممارسات الكثير من الفساد في جميع الإدارات العامة والخاصة ، بما فيها الفساد الأخلاقي المستشري ، وقد عمل بعض المهتمين بأمور الناس والذين يخافون على المصلحة العامّة على إبراز وإظهار بعض الفاسدين والمفسدين ، لكن ما باليد حيلة !..
لكي تعم روح الأخلاق والنزاهة في حياتنا لا بد من تشديد الرقابة على جميع المسؤولين  والعاملين في الحقل العام ، ولا بدّ من العقاب ، وخاصّة مَن يسيئون استخدام نفوذهم ، لأنّ المسؤول الفاسد يمثّل مرضًا سرطانيًّا لا علاج له إلّا بالإستئصال ، والمسؤول المراقب يجب أن يكون صاحب أخلاقٍ حميدة ، لأنّ الطامّة الكبرى أن يكون المسؤول المراقب لمحاربة الفساد فاسدًا ، كأن يكون القاضي الذي يمسك بزمام العدالة في يديه مرتشيًا ، أو أن يكون المسؤول عن أموال الوطن لصًّا ... علينا أن نرفع الصوت عاليًا في وجه الفاسدين والمفسدين وأن نبحث عن مراقبين أكفّاء شرفاء يتمتّعون بنزاهة عالية كي يخرجونا من هذا المأزق وهذه المصيبة الواقع فيها الوطن  .
إذا أردنا أن نعود بالتاريخ إلى عصور وأزمنة قديمة ، نرى أن الرقيب أي المراقِب لعب دورًا كبيرًا في ازدهار بلده ، ففي روما مثلًا أنشئ منصب الرقيب ( المراقب) في عام 443 ق.م. وكانت مهمته الرئيسية القيام بإحصاء عام أو تعداد للسكان ، وهي المهمة التي كان القناصل يقومون بها قبل ذلك ، ولم يكن الرقيب يتمتع بأعلى سلطة تنفيذية في روما ، ولكنه بمرور الزمن صار من أخطر المناصب الرومانية جميعًا ، فهو الذي كان يراقب الأخلاق العامّة ويشرف على تأجير الممتلكات والمباني الحكومية حمايةً لها من التعديّات ، وبوسع الرقيب أن يحيل إلى المحاكمة أي مواطن يبتزّ الأخرين أو يعطي معلومات خاطئة عن حالته وثروته عند إجراء التعداد الذي يجري كل أربعة أعوام وفي شهر أيار وينتهي بطقس ديني يُسمى التطهير ، كما من مهامه مراجعة كشوف أعضاء مجلس الشيوخ وشطب أي عضو خالف الدستور الروماني ، أو ارتكب جريمة أخلاقية ...
من أهم مَن تقلّد منصب الرقيب في العصر الروماني (كاتو) الذي يعرف في كتب التاريخ والأدب
( كاتو الرقيب ) فهو فلاح ابن فلاح من توسكولوم ، دخل معترك الحياة السياسية حتى صار قنصلًا ، وهو أعلى منصب تنفيذي في روما ، وبعد ذلك تقلّد منصب الرقيب عام 184 ق.م. فأخذ على عاتقه مهمة الإصلاح العام ومحاربة التسيّب الأخلاقي والإنحلال والإنحراف وهي أمراض كانت موجودة في طبقة النبلاء . فندّد بإسراف المترفين من أثرياء روما داعيًا إلى البساطة والإقتصاد في العيش أي ترشيد الإنفاق والعودة لأخلاق القرية الرومانية القديمة .
كم نحن بحاجة اليوم إلى رقيب مثل (كاتو) يتمتّع بأخلاقٍ وشرفٍ وأن يكون أمينًا على مصلحة وطنه وحريصًا على أنظمته وقوانينه وحمايته من الفاسدين والمفسدين !..

------------

*  خليل إبراهيم المتبولي كاتب ومخرج مسرحي صيداوي

 

 

 

2018-06-25

دلالات: