جريدة صيدونيانيوز.نت / صحة الفكر طريق صحة السلوك

صيدونيانيوز.نت/ أقلام ومقالات حديث الجمعة / ​صحة الفكر طريق صحة السلوك

أهمية الفهم ومدى تأثيره على مواقف الإنسان وسلوكه.

عندما يفهم المرء أمرًا ما فهمًا محدودًا، فإن حُكمه عليه، ومواقفه نحوه ستنطلق من هذا الفهم...

فحكمنا على الأشياء ينبع من تصورنا عنها وفهمنا لها، والذي قد يكون فهمًا صحيحًا أو خاطئًا.. شاملًا أو ناقصًا.

معنى ذلك أنه عندما نطالب أنفسنا أو الآخرين بفعل شيء ما، فالخطوة الأولى التي يجب أن نخطوها في ذلك هي تصحيح الأفكار المرتبطة بهذا الفعل، فعندما تطلب من ابنك أن يُعامل الفقراء والمساكين معاملة حسنة، وأن يتودد إليهم، ويتواضع معهم، فلابد أولا من تصحيح الأفكار المرتبطة بهذا الفعل وإقناعه بها،كأن تفهمه أن جميع البشر سواسية أمام الله عز وجل، فلا فضل لغني على فقير، ولا لفقير على غني إلا بالتقوى، وأننا في دار امتحان لا دار نعيم وجزاء.

أو عندما تجد من حولك يهتم بظواهر العبادات دون جوهرها، كأن يُكثر من قراءة القرآن بلا فهم ولا تدبر، فعليك أولًا قبل أن تطالبه بالتركيز والتدبر أن تُبين له أهمية الإحسان في العمل ظاهرًا وباطنًا، وأنه مُقدَّم على الإكثار الشكلي منه فقط، وأن علو الدرجات عند الله مرتبط بهذا الإحسان.

وكذلك، فعندما نطلب من الآخرين تحكيم الإسلام في جميع شؤون الحياة، لابد أولًا أن نبين لهم مفهوم شمول الإسلام وأنه ينتظم جميع جوانب حياة الفرد والأمة، ونبين لهم أيضا أصول هذا الإسلام الشامل وأركانه الأساسية التي تشمل جوانب الحياة كافة، حتى إذا ما تم البيان واتضحت المفاهيم، كان السبيل إلى التطبيق المنشود سهلا قريبا.

وليس معنى هذا أن صحة الفكر تؤدي وحدها إلى صحة السلوك، بل هي الخطوة الأولى التي تحتاج معها إلى إيمان قوي يقهر الهوى ويستعلي على الرغائب والشهوات، ويحتاج كذلك إلى يقظة مع النفس حتى لا تأخذ حظَّها من هذا العمل فيضيع جهد العبد، ويصبح هباء منثورًا.

والمسلم محتاج دومًا إلى تذكير بالثوابت والمفاهيم الصحيحة حتى يكون سلوكه منسجمًا معها، أو على الأقل، ليكون مُدرِكًا صوابَها من خطئها، ومِن ثَمَّ يستطيع تقويم أعماله بناء على هذه المعرفة.

أما عندما يطول الزمن بلا تذكير، ومع تشابك الأحداث وازدياد المؤثرات السلبية، فإن المفاهيم الصحيحة قد تختلط بغيرها، وتختلف مقاييس تقويم الاهتمامات والسلوكيات، ومن ثَمَّ تضطرب الحركة.

لذلك كان من الضروري التذكير الدائم بالمفاهيم والثوابت التي قد يحدث فيها خلط وتداخل، ويقف على رأسها تلك المفاهيم المرتبطة بنهضة الأمة الإسلامية وطرق إصلاحها .

ومما يؤكد على أهمية وضوح الرؤية حول طريق النهضة والإصلاح، هذه الأحداث التي تمر بها الأمة وما يصاحبها من انفتاح إعلامي غير مسبوق تختلط فيه القيم والأفكار، ناهيك عن تطلع أبناء الأقطار الإسلامية إلى نهضة تحقق لهم الرفاهية المادية، كل ذلك وغيره أدى إلى اختلاط المفاهيم عند البعض حول سُبل النهوض بالأمة، وطرق الإصلاح التي من خلالها يعود للمسلمين عزهم ومجدهم بإذن الله.

----

المصدر: موقع "الإيمان أولا".

2018-08-03

دلالات: