جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان / النهار: دوّامة "الفيتوات": توزيع أدوار داخلي خارجي!
النهار
بات من حق اللبنانيين ان يتوجسوا أكثر من دوامة الالغاز التي تكتنف عملية تأليف الحكومة الجديدة، علماً ان مواقف جميع الأفرقاء السياسيين من مجريات هذه العملية وتعقيداتها تمعن في زيادة الغموض ولا تضيء على أي اتجاه فعلي من اتجاهات الحلحلة الوشيكة. واذ يدخل مأزق تأليف الحكومة أسبوعاً جديداً اليوم، لا يبدو ان الرهانات على اختراق قريب للانسداد السياسي والتي أحيتها التحركات السياسية في الأيام الأخيرة تتجاوز الآمال والطموحات بدليل ان المعطيات التي تجمعت في الساعات الاخيرة من مختلف الافرقاء المعنيين استبعدت تذليل العقد المتصلة بتوزيع بعض الحقائب الاساسية على عدد من الأطراف بعدما بات توزيع الحصص الوزارية شبه مبتوت على التركيبة الثلاثينية للحكومة.
وكشفت أوساط مطلعة لـ"النهار" ان الحرك الذي قام به الرئيس المكلف سعد الحريري الاسبوع الماضي أفضى واقعياً الى ما يمكن اعتباره تثبيت ركائز بارزة في عملية تأليف الحكومة وكان من أبرز هذه الركائز تسليم الجميع بأن تكون الحكومة الجديدة حكومة توافق وطني بمعنى التمثيل الشامل للقوى التي خرجت بتفويض انتخابي واسع من الانتخابات وليست حكومة أكثرية. كما ان الركيزة البارزة الاخرى تتمثل في اسقاط الفيتوات من فريق على آخر في ما يتصل بالحقائب والحصص لان التوزيع العادل للمقاعد والحقائب هو من صلب مهمة الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية ولا يمكن ان يستقيم الوضع الحكومي الجديد ما لم يأخذ كل فريق معني حقه. وفي ظل ذلك تشير الأوساط نفسها الى ان مجريات تأليف الحكومة انتقلت الى المرحلة التفصيلية الاخرى بعد توزيع الحصص وهي توزيع الحقائب.
وأوضحت ان الأيام التي أعقبت لقاء "بيت الوسط" بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل لم تقترن بحيوية كان ينتظرها الجميع، الأمر الذي عكس وفق المعطيات التي توافرت لاحقاً عودة الدوامة المتصلة بحقائب "القوات اللبنانية" من جهة وحصة الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة مقابلة. واذ قالت إن أي اتصال أو لقاء جديد لم يحصل بعد بين الرئيس الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي في انتظار ان تتبلور لدى الرئيس الكلف ملامح حل ما لعقدة التمثيل الدرزي، لفتت الى ان ذلك يؤكد ان تمسك "التيار الوطني الحر" بدعم توزير النائب طلال ارسلان أو من يمثله ضمن الحصة الدرزية لا يزال يشكل عقدة أساسية أمام تجاوز هذه العقدة.
كذلك لفتت الأوساط الى انه في حين يقول "التيار الوطني الحر" إنه لا يمانع في ان تسند حقيبة سيادية الى "القوات اللبنانية" ويتمسك في الوقت نفسه بحقيبة الدفاع لرئيس الجمهورية وحقيبة الخارجية لـ"التيار"، فإنه يقطع الطريق عمليا على نيل "القوات" أي حقيبة سيادية لان الحقيبتين الاخريين الداخلية والمال هما من حصتي "تيار المستقبل" وحركة "أمل". واذا كانت جولة وزير الاعلام ملحم الرياشي أول من أمس على رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري أعادت بلورة الوقائع المتصلة بتعقيدات التأليف، فإن ثمة لغطاً واسعاً حول موضوع الحقيبة السيادية لـ"القوات اللبنانية" الى حدود الكلام عن فيتو خارجي عليها في مواجهة فيتوات خارجية أخرى موضوعة على اعطاء "حزب الله" حقائب ذات صلة بعلاقات واتفاقات خارجية مثل حقيبة الصحة التي يتردد انها تقررت نهائيا للحزب لكن التحفظات عن منحه إياها أثارت تعقيداً اضافياً في وجه الرئيس المكلف.
وتقول مصادر سياسية متابعة، إن الفيتو على إسناد وزارة الدفاع الى "القوات" يأتي في الواقع من خارج الحدود ومن دمشق تحديداً التي أبلغت حلفاءها تمسكها بحقيبة الدفاع على ان تسند الى وزير عوني معروف بالعلاقة التي تربطه بالنظام السوري والتواصل والتنسيق الجاريين بين البلدين من طريقه.
بري والحزب
وقد برزت في هذا السياق معلومات مفادها أن الرئيس بري كان واضحاً تماماً في ابلاغه الوزير الرياشي مساء السبت انه يساعد الرئيس الحريري في مهمته وانه لا دخل له اطلاقا في موضوع الحقائب السيادية العائدة الى المسيحيين، وتحديداً ان حركة "أمل" و"حزب الله" لا يضعان أي فيتو على نيل "القوات اللبنانية" حقيبة سيادية "وما حدا يحطها عندنا". كما ان بري أكد انه لن يقبل بحكومة أكثرية تفرض على البلد الذي لا يتحملها وانه مع حكومة وحدة وتوافق وطني.
وينتظر ان يعلن الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله موقفاً واضحاً من مجريات عملية تشكيل الحكومة في الخطاب الذي سيلقيه غداً الثلثاء في الذكرى الـ12 لنهاية حرب تموز 2006.
الاشتراكي
في غضون ذلك، برز موقف متشدد للحزب التقدمي الاشتراكي عبر عنه النائب هادي ابو الحسن خلال تمثيله أمس رئيس الحزب وليد جنبلاط في مؤتمر منظمة الشباب التقدمي اذ قال في الكلمة الرسمية: "نتمسك بثلاثيتنا الوزارية كحد أدنى ولن نتنازل عن حقوقنا أبداً حفاظاً على الأمانة وإحتراماً للوكالة التي منحنا إياها الناس. ومهما حاول البعض التذاكي من أجل حشرنا لإحراجنا ثم إخراجنا لتشكيل حكومة أمر واقع ذي طابع أكثري، لهذا البعض نقول لبنان لا يقوم على مبدأ الغلبة، ولا يقوم على الإستئثار أو الإقصاء أو التعطيل، لبنان لا يقوم الا على توازن دقيق، فممنوع المس بهذا التوازن وأية محاولة بهذا الإتجاه هي محاولة بائدة فاشلة لن تحقق غايتها ابداً، فلا تهدروا الوقت ولا تصنعوا عقداً ولا تضعوا عراقيل ولا تضيعوا فرصاً".
أما الموقف الآخر البارز من تعقيدات التأليف، فجاء عبر تحذير مبطن لوزير المال علي حسن خليل من خطورة اطالة المراوحة على الوضع المالي. واذ دعا الى الاسراع في تشكيل الحكومة طلب "من الشركاء في الوطن عدم اضاعة الوقت في نقاشات عقيمة حول الأحجام والحقائب". وقال: "لا أريد ان أعمم قلقاً حول الوضع المالي لكن بالتأكيد لا يمكن ان نستمر اكثر في منطق المراوحة والمراوحة تقتل الوقت والأمل".
وسط هذه الاجواء، برزت خطوة اتخذت بعداً عملياً ورمزياً ايجابياً من حيث استمرار التزام الولايات المتحدة تقديم المساعدات المقررة للجيش اللبناني. وفي هذا السياق أفادت مديرية التوجيه في قيادة الجيش ان "الجيش تسلم بعد ظهر امس في مرفأ بيروت الدفعة الرابعة من آليات القتال المدرعة نوع "برادلي" وعددها ثمان مع الجزئيات العائدة اليها وذلك في اطار برنامج المساعدات العسكرية الاميركية المخصصة للجيش اللبناني".
2018-08-13