الرئيسية / أخبار صيدا /شؤون إعلامية وصحافية /الصحافي اللبناني بين الأسطورة والواقع كتاب للدكتور مصطفى متبولي

الصحافي اللبناني بين الأسطورة والواقع كتاب للدكتور مصطفى متبولي (جريدة المستقبل) - صيدونيانيوز.نت

جريدة صيدونيانيوز.نت / الصحافي اللبناني بين الأسطورة والواقع كتاب للدكتور مصطفى متبولي

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان وصيدا / صدور كتاب الصحافي اللبناني بين الأسطورة والواقع للدكتور مصطفى متبولي

 

جريدة المستقبل /  يقظان التقي

صدر كتاب «الصحافي اللبناني بين الأسطورة والواقع» للدكتور مصطفى متبولي، دراسة استبيانية وتحليلية عن منشورات «المكتبة العصرية».

الكتاب ضمّ (160 صفحة من الحجم الوسط) والمؤلف ذو خبرة صحافية وأكاديمية عرف كيف يقدم مادته بمنهجية وعمق، مع شروحات في المفاهيم والمصطلحات التي رافقت عملية الإعداد له وبتقسيم واضح، وحيث تم التركيز على إشكالية العمل الصحافي اللبناني وكيفية ممارسة المهنة والصور الذهنية لدى المتلقي اللبناني.
تندرج الدراسة الاستبيانية والتحليلية في صلب المناقشات والحوارات التي شهدها لبنان والعالم العربي حول انحراف مضامين نشرات الأخبار في المحطات التلفزيونية وأخبار الصحف الورقية عن أهدافها الإعلامية واعتماد الاستنسابية في اختيار مواضيعها وطرق معالجتها.
الفصل التمهيدي عرض للوضع القانوني للصحافي اللبناني حيث وضعت في إطارها القانوني المعمول به في لبنان بحسب قانون المطبوعات الصادر بتاريخ 14 أيلول سنة 1962 وتعديلاته.
الفصل الأول تناول الذهنية للصحافي اللبناني لدى الجمهور المتلقي، وشمل هذا الفصل الإطار المنهجي للبحث وأهدافه وأسئلته وإشكاليته وفروضه، وحدوده، إلى صورة عن مجتمع البحث والعيّنة (عينة الصدفة) يبلغ عدد أفرادها (200) مبحوث من الجمهور، وشملت أفراداً من مختلف الأعمار وبما يتلاءم مع حاجات الدراسة وتحقيق أهدافها، إلى إجراءات البحث واستمارة الاستبيان وهي من الأدوات التي تستعمل لجمع البيانات والمعلومات.
واختار الباحث في هذه الدراسة نوع «الاستبيان المغلق المفتوح»، الذي يدمج بين الاستبيان المقيد مع سهولة الإجابة على الأسئلة، وبين الاستبيان المفتوح (أو لحر) الذي يعطي المبحوث فرصة التعبير بحرية عن إجاباته وعن ذاتيته وتبرير مواقفه وأسباب الأحكام، وشمل الفصل الأول نتائج البحث.
أما الفصل الثاني فحمل عنوان «الصحافيون اللبنانيون كما يرون عملهم وأنفسهم»، إلى خلاصات وتحليل مقابلات الصحافيين اللبنانيين، مع شذرات مقارنة نصية في المسيرة المهنية لرواد الصحافة اللبنانية (ميشال أبو جودة، فيصل خوري، رفيق خوري، طلال سلمان، سمير عطالله، بول شاوول، شارل حلو، غسان تويني..)، إلى ورقة دراسية عن كلية الإعلام وخاتمة ما كشفته الدراسة حول مشكلة أو مشاكل الصحافة اللبنانية كجزء من البيئة الاجتماعية والسياسية والثقافية.
اعتمد الباحث مصطفى متبولي المنهجية الأساسية من التفصيل والانتقال من فصول دراسة ونجح في أن يربط بعضها بالبعض، وينهي مادة بحثية واستقصائية واسعة حول المادة والعوامل المؤثرة فيها، وصنع لها إطاراً أساسياً هو الاستبانة والمتلقي الذي هو الأصل والغاية الأولى في توجه الصحافة وعملها على الرأي العام أو الرهط الاجتماعي الثابت الذي يحمل معه مشاكله وآماله ونقده والحقائق التي يعتبرها ثابتة وأجوبته الدقيقة وطرائقه في التعبير، التي وردت في نتائج الدراسة.
قد تكون الأجوبة متباينة نسبياً، ولكنها متشابهة ومتفقة على الفكرة الأساسية في الحوارات والنقاشات حول مهنة الصحافة اللبنانية ومحنتها الوجودية والأداء المهني الذي يحتاج إلى القبول أكثر من خلال إعادة التوازن الأخلاقي المهني عند الصحافيين وفي المجتمع.
والمؤلف مصطفى متبولي مدفوع بحرص شديد، وناقد على الأخلاق والسياسة، وهو من مدرسة صحافية اختبرت المهنة ودرستها وتدرسها، وهو شاهد على ما تتعرض له، وعلى ما يتعرض له المجتمع من انهيار على ما يعتقد في دراسته، ويستند إلى اختبارات وأبواب المتلقي الموثقة.
دراسة مميزة للمسارات الصحافية، تطل على فكرة نقدية مقيدة بمخاوف كثيرة، على مهنة يحتاج إليها المجتمع لإدامة حياته الديموقراطية والحفاظ على توازن في إطار النظريات القانونية والليبرالية التي تحكم عمل مؤسسات الدولة الحديثة.
وكشفت الدراسة عن وجود تعريف قانوني للصحافي الذي يعمل في الصحافة المكتوبة فقط وغياب النصوص القانونية التي تحدد مَن هو الصحافي العامل في المحطات الإذاعية والتلفزيونية والمواقع الإلكترونية. كما كشفت الاتجاهات السلبية لآراء المستجوبين إزاء الصحافي اللبناني وندرة الآراء الإيجابية في مؤشر واضح حول المأزق الحقيقي التي تمر به العلاقة بين وسائل الإعلام اللبنانية والجمهور المتلقي اللبناني. هذا وأظهرت مقابلات الصحافيين اللبنانيين الذين تم اختيارهم كعينة للبحث عن وجود وعي كبير لدى الصحافي اللبناني بخصوص دوره ومسؤوليته المجتمعية. لكن بالمقابل أظهرت المقابلات أنه من مفارقاتها عدم السهولة لدى الصحافيين في ترجمة احترامهم للنقد في تصرفاتهم الشخصية والمهنية من دون التعمق أكثر في إشكالية سهولة تكيّف الصحافيين مع العراقيل التي تواجه مساراتهم المهنية.
ثم أن أجوبة المتلقي تعاني بدورها من الغموض بعض الشيء: تظنها مفتوحة وهي مغلقة، أم مغلقة لكن هي مفتوحة والناس كما الصحافة تعيش مصائر مبهمة ومسارات مجهولة وأفكار ممجوجة وتحتاج الناس إلى من ينقذها، والمتلقي كما الصحافة ضحايا الأزمة الواحدة، على أن المسافة الزمنية بين لحظتي الصحافة الريادية والإصلاحية والنهضوية مأساتها الكثيرة ليست بعيدة وبعضها ما زال منخرطاً في الكتابة الصحافية وفي الشق الميداني، وتحتل تلك الأسماء بالقدر الأكبر من الموضوعية، واستطاعوا أن يفعلوا ذلك كله، من دون صراخ ومن دون مبالغات ومن دون تمثيل وتماهوا أكثر مع مهنتهم، ولم يحيدوا بعيداً عن إخلاقيات المهنة وطبيعتها واستمروا بالتحرر من إشكالياتها نسبياً، عدا عن الدور الطليعي لصحافة ساهمت منذ نشوئها بمهام ريادية جاءت متابعة لمسيرة تحديث المجتمعات العربية ومواكبة التحولات في عالم الإعلام والاتصال الذي هو في وتائر متساوية، شيء مهم في معنى النهضة اللبنانية والعربية وفي محاولة تلمس مقام الدولة الوطنية الحديثة. صحافة إصلاحية وليبرالية وقومية واشتراكية، قدمت الكثير من رؤى وتصورات، لم تجد تحقيقاً مادياً ربما في بناء مصير المنطقة الإنساني.
مادة تأتي في وقت تواجه الصحافة الورقية الكثير من تعقيداتها، وهي تواجه تحولات واحتمالات مغلقة وهي التي حملت الكثير من معنى لبنان ومداه اليومي والحميمي، وإعادة والمادة تثمر يومها ولغتها التحليلية والمنحى الاستنسابي ومحاولة قراءة الصورة وما تحمله من إيجابية وسلبية وفي تجاوز أشكال كثيرة من الصعوبات المادية إلى الهيمنة والتأثير السياسي، إلى مواجهة جيل جديد من التقنيات المركبة، إلى المخاطر التي تحكمها غياب الأفكار والضغط على حرية تفكير المواطنين، وثقة المواطنين بالإعلام نفسه وتساؤلات وشكوك من أجوبة المتلقي والصحافيين أنفسهم، ومجتمعات تشكو من ضيق مدى الحرية والديموقراطية، وحقوق الإنسان حيث الصحافة والإعلام ككل يلعبان دور ذلك العنصر الحر الذي يُفترض أن تؤثر على السلطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومن خارج دائرة الهيمنة والتبعية أو الغرق في مستنقع المسالك المتناقضة التي تتفرع عن الإعلام المكتوب وطبيعته وخصوصيته والتزاماته الأخلاقية وموضوعيته ودقته. وهل هناك وهم في محاولة تفكيك بنية اسطورة الصحافي اللبناني المنسوجة أصلاً من خيوط تزدحم بالوهم وخيوط المعاش الصعب؟

 

2018-10-21

دلالات: