الرئيسية / المرأة والمجتمع /الصحة النفسية /الوسواس القهري لدى الأطفال

جريدة صيدونيانيوز.نت / الوسواس القهري لدى الأطفال

صيدونيانيوز.نت/ الصحة النفسية / الوسواس القهري لدى الأطفال

ربما  لا يتبادر إلى ذهن كثيرين أن الأطفال والمراهقين يمكن أن يصابوا بمرض الوسواس القهري Obsessive - Compulsive Disorder أو اختصارا (OCD) مثل البالغين، خاصة أن المرض يحتاج إلى تراكم خبرات معينة. ولكن في الواقع فإن معظم مرضى الوسواس يبدأون في المرور بأعراض المرض في مراهقتهم أو طفولتهم.


وتبعا لدلالة تسمية المرض فإنها تفيد بأن هناك فكرة معينة تشغل عقل المصاب بشكل مرضي يمنعه من استكمال حياته بشكل طبيعي حتى لو حاول ذلك، وهذه الفكرة ربما تحمل بعض المنطق مثل الخوف من العدوى من الأمراض ولكن درجة التفاعل معها هي السلوك المرضي. وتبلغ نسبة الإصابة لدى الأطفال نحو 2 في المائة.

أفكار ملّحة
لدى الأطفال في الأغلب تكون الأفكار الملحة على شكل أصوات تخبر الطفل أو المراهق بعمل شيء معين أو تحذره من شيء معين؟ وهذه الأفكار تختلف اختلافا كبيرا فهي من أشياء جيدة ومن أشياء سيئة، ويجمع بينها دائما الإلحاح الشديد. وعلى سبيل المثال يمكن أن يشعر المراهق بأنه يجب عليه الالتزام بالفروض الدينية وهو أمر حميد بالطبع ولكن يمكن أن يقوم بممارسة الفروض الدينية طوال الوقت لدرجة إهماله دروسه ومظهره وحياته كلها. أو يمكن أن يسيطر عليه الخوف من الجراثيم والميكروبات بحيث يقوم بغسل اليدين عددا لا نهائيا من المرات في اليوم ربما يبلغ مائة مرة أو أكثر، ويتعمد عدم ملامسة أي شيء مخافة انتقال الميكروبات ومنها تجنب السلام بالأيدي مما يمكن أن يسبب له الإحراج والعزلة الاجتماعية.


يلتزم المريض بمجموعة قواعد ثابتة لا يمكن أن يحيد عنها تبعا للفكرة المسيطرة عليه بالشكل الذي يتعارض مع السلوك الطبيعي، مثل التحقق الدائم من أحكام غلق شيء ما. وفي بعض الأحيان يكون هناك رابط منطقي بين الوسواس والسلوك القهري في صورة القواعد الثابتة مثل الخوف من الأمراض وغسل الأيدي باستمرار حيث يمكن لغسل الأيدي أن يكون وقاية من المرض. وفي بعض الأحيان لا يوجد رابط منطقي بينهما مثل الخوف من الحوادث وممارسة غسل الأيدي أيضا مع العلم أنها لا تقي من الحوادث. وفي كثير من الأحيان يكون لدى الطفل والمراهق الفطنة الكافية لمعرفة أن الأفكار التي تؤرقه غير منطقية وغير مألوفة ولكنه لا يملك أن يتوقف عن التفكير بشأنها.

ملاحظة الوسواس القهري ربما تكون صعبة لأنها في بعض الأحيان تبدو طبيعية ولكن هناك بعض الأمور التي يجب أن تلفت نظر الآباء مثل الوقت الذي يستغرقه المراهق لأداء عمل معين مقارنة بالآخرين مثل ارتداء الملابس أو التأكد من غلق باب المنزل عدة مرات أو الغضب الشديد إذا لم يستطع إنجاز شيء معين على الوجه الأكمل؟

أسباب الحالات
السبب في الوسواس القهري غير معروف تماما ولكن هناك دور كبير للعامل الجيني وتبلغ نسبة حدوثه من 25 في المائة إلى 45 في المائة من الحالات كما أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن السبب يمكن أن يكون مرضا عضويا في المخ ويمكن أن يكون المرض متلازما مع الاكتئاب أو منفصلا عنه.


وبالنسبة للأطفال فإن معظم الأطباء النفسيين يفضلون البدء بما يسمى العلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioral therapy بديلا عن الأدوية ويعتمد على مدربين يساعدون الأطفال في تغيير طريقة أفكارهم تجاه موقف معين من خلال تعلميهم كثيرا من المهارات الإدراكية ومنها ما يسمى بالتعرض ومنع الاستجابة بمعنى أن يتم مواجهة المخاوف التي تنتاب المراهق وإثبات أنها مبالغ فيها أو غير منطقية من الأساس ومنعه من التفاعل معها ويتم ذلك بشكل تدريجي بحيث لا يمثل صدمة في البداية. وعلى سبيل المثال في موضوع العدوى يقوم المدربون بجعل الطفل يلامس شيئا يعتقد أنه قذر ومحمل بالميكروبات ويتم إرشاده بمنع الاستجابة لذلك وهو غسل يديه (السلوك القهري) وهذه الطريقة فعالة جدا مع الأطفال ويتحسن عليها بمفردها من دون علاج كيميائي نحو 50 في المائة من المرضى.


من أهم الأخطاء التي يجب تجنبها هي أنه في بعض الأحيان يقوم الإباء في محاولة منهم لاحتواء الطفل وإبداء التعاطف الطبيعي بإشعاره بأن سلوكه طبيعي ويقوم به الجميع، وهو الأمر الذي يجعل أفراد الأسرة يبدون جميعا كما لو كانوا مصابين بالوسواس. وخلافا لاعتقادهم فإن هذا التصرف خاطئ تماما ويزيد الأمر سوءا.


وأثبتت الأبحاث أن الوسواس لا يتحسن بالتعايش معه والتكييف على الوضع الخاطئ بل في محاولة مقاومته وعلاجه ويجب على الإباء احتواء الأبناء من خلال توضيح مدى علمهم بصعوبة الأمر وتفهمه والتأكيد على الدعم الكامل في مراحل العلاج وهناك بعض البرامج التي تساعد الإباء في تقديم العون لأطفالهم المرضى بالشكل الصحيح.


يجب على الإباء أن يدركوا أنه ليس أي سلوك تكراري هو وسواس قهري وأن الفعل القهري يكون ناتجا عن فكرة في الأساس مسيطرة على الطفل وتحكم كل أفعاله وتزداد سوءا مع الوقت وتؤرق الطفل وتتسبب في خلل في وتيرة الحياة العادية. وعلى سبيل المثال فإن عدم فتح أي من الأبواب باليدين خوفا من التلوث تختلف عن الاهتمام بالنظافة الشخصية بشكل منتظم.
وأيضا يجب على الآباء استشارة الطبيب النفسي في حالة اختلاط الأمر عليهم خاصة أن العلاج يأتي بنتائج إيجابية جدا مع الأطفال. وتشير فحوصات الأشعة التي يتم إجراؤها على مخ الأطفال بعد العلاج سواء السلوكي أو الدوائي، إلى تحسن كبير واختفاء الاختلاف المرصود في شكل المخ.
* استشاري طب الأطفال

 

2019-07-01

دلالات: