الرئيسية / أخبار لبنان /دينية /البطريرك بشارة الراعي اختتم جولته الشوفية بزيارة كفرقطرة: الجبل قلب لبنان النابض والعامود الفقري الذي علينا أن نحميه معا مسيحيين ودروز

جريدة صيدونيانيوز.نت / البطريرك بشارة الراعي اختتم جولته الشوفية بزيارة كفرقطرة: الجبل قلب لبنان النابض والعامود الفقري الذي علينا أن نحميه معا مسيحيين ودروز

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان / البطريرك بشارة الراعي اختتم جولته الشوفية بزيارة كفرقطرة: الجبل قلب لبنان النابض والعامود الفقري الذي علينا أن نحميه معا مسيحيين ودروز


 
  اختتم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اليوم الثاني من زيارته الراعوية الى ابرشية صيدا، بزيارة بلدة كفرقطرة - الشوف حيث ترأس الذبيحة الالهية في كنيسة القديسة تقلا، عاونه فيها راعي الابرشية المطران مارون العمار والنائب العام المونسنيور مارون كيوان، كاهن الرعية الخوري طانوس طانوس ولفيف من الكهنة والرهبان.

في مستهل القداس ألقى كاهن الرعية كلمة ترحيبية قال فيها: "نرحب بكم، انتم يا من حملتم راية الشركة والمحبة منذ توليكم السدة البطريركية على كرسي انطاكيا وسائر المشرق. ونحن كهنة وابناء رعايا الشوف وبتوجيهات راعي الابرشية سيادة المطران مارون العمار نعمل على عيش هذا الشعار بالقول والفعل مع جميع العائلات الروحية في هذا الجبل الاشم الذي هو قلب لبنان النابض، وهل يستطيع الجسد ان يستمر في الحياة اذا توقف قلبه عن الخفقان؟ وكل ذلك من اجل ان يبقى لبنان وطن الشركة والمحبة، وطن الانسان والانسانية، وطن الرسالة والحرية والسلام".

الراعي

وبعد تلاوة الانجيل المقدس ألقى الراعي عظة بعنوان "إن أمي وإخوتي هم هؤلاء الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو21:8)
وجاء فيها:
يرفعنا الرب يسوع بهذا الكلام إلى شرف رابطة الأمومة الروحية والأخوة معه. وهو يبين بذلك أن ما جعل مريم الكلية القداسة أما له بالجسد كان أولا إيمانها الذي به قبلت الكلمة الإلهية في عقلها حقيقة، وفي قلبها حبا. هذه "الكلمة صارت بشرا في حشاها"، كما نقرأ في مستهل إنجيل يوحنا (راجع يو14:1). والكلمة هي يسوع المسيح فادي الإنسان ومخلص العالم".

أضاف: "يسعدني أن أقوم مع سيادة أخينا المطران مارون العمار، راعي الأبرشية، بزيارة رعية كفرقطرة العزيزة التي تكرم القديسة تقلا، أولى الشهيدات، في هذا اليوم الثاني من زيارتنا الراعوية لجزء من الأبرشية. فأسعدنا أمس بزيارة ثماني رعايا، ختمناها بالاحتفال بالذبيحة الإلهية في كرسي المطرانية ببيت الدين. وأحيينا عيد أمنا مريم العذراء سيدة الخلاص، شفيعة المطرانية، في ذكرى مولدها. وها نحن نحتفل معكم بهذا الليتورجيا الإلهية، إحياء لعيدها الذي يذكرنا بعقيدة الحبل بلا دنس. فعندما تكونت مريم في حشا أمها، كثمرة حب والديها يواكيم وحنه، ككل إنسان، عصمها الله منذ اللحظة الأولى لتكوينها من الخطيئة الأصلية الموروثة من أبوينا الأولين آدم وحواء، والتي تغسل فينا بماء المعمودية والروح القدس. إن الله بسابق تدبيره اختار مريم لتكون، في ملء الزمن، أما لابنه المتجسد، فادي الإنسان ومخلص العالم. فكان لا بد من أن تكون منزهة عن كل عيب تلك التي سيولد منها بالجسد الإله - الإنسان".

وأردف الراعي: "يطيب لي مع سيادته، أن نحييكم ونهنئكم بالعيد. فنوجه التحية إلى عزيزنا كاهن الرعية الخوري طانيوس طانيوس، ورئيسة البلدية السيدة ألين نصار ومجلسها، ومختاري البلدة السيدين زياد فضول ومالك منذر ومجلسيهما، ولجنة الوقف وأخويات الكبار والطلائع والفرسان. ونوجه تحية خاصة إلى إخواننا الروم الملكيين الكاثوليك، وبني معروف أبناء طائفة الدروز الأعزاء متمنين للجميع كل خير وبركة.
أزور رعية كفرقطرة العزيزة والذكريات تعود بي إلى أواخر الخمسينات، عندما كنا إخوة ناذرين نقضي عطلة الصيف في دير مار عبدا - دير القمر، ونأتي إلى الرعية لتلقين الأولاد التعليم المسيحي، وبخاصة لنحيي عيد القديسة تقلا. وكان في تلك السنوات رئيس الدير يتولى خدمة الرعية، ويعاونه الآباء المتواجدون فيه. أقول هذا تأكيدا للروابط الروحية القديمة التي تشدني إليكم.
إننا ندعم توجهكم إلى توطيد الوحدة في الجبل والتضامن والتعاون من أجل إعادة الحياة الاجتماعية والاقتصادية إليه بشكلها الفاعل. ومن الملح بمكان الإفساح في المجال للجميع ليجدوا وظيفة سواء في مؤسسات الدولة العامة، أم في مؤسسات خاصة. وهذا عنصر أساسي لحفظ الاستقرار في الجبل، ميزان الاستقرار في البلاد".

وقال: "كل سر مريم العذراء أنها قبلت بفضل إيمانها كلمة الله في قلبها وحفظتها وعملت بها. فأجرى فيها الله العظائم: جعلها أما عذراء لابنه المتجسد بقوة الروح القدس، ودائمة البتولية، بقوة النعمة الإلهية صانت هي نفسها من كل خطيئة شخصية، غذت وربت مع يوسف ابنها يسوع الإله المتجسد، فكان ينمو بالقامة والحكمة والنعمة (لو52:2)، وهذا واجب الوالدين تجاه أولادهم في تأمين نموهم المثلث الأبعاد: الجسدي والعلمي والروحي؛ أشركها الله في آلام الفداء، من فقر الميلاد في مغارة بيت لحم، واضطهاد هيرودس، والهرب إلى مصر، فإلى آلام ابنها يسوع وموته على الصليب مخذولا ومرذولا من الجميع، جعلها أما لكل إنسان بشخص يوحنا الحبيب، وللبشرية جمعاء وللكنيسة في ذروة آلام الصليب: "يا امرأة، هذا ابنك، يا يوحنا، هذه أمك" (يو26:19)؛ نقلها بنفسها وجسدها إلى مجد السماء، وتوجها ملكة السماء والأرض".

وشدد على ان "الإيمان ليس أمرا سهلا، بل يقتضي تضحيات وجهودا وتجردا وبذلا للذات حتى استشهاد الدم. هكذا كان إيمان القديسة تقلا شفيعتكم، وهي أولى الشهيدات. وهكذا كان إيمان مريم. الله لا يخدع ولا يغش، إذ يكشف أن طريق الإيمان صعب، على ما ردد الرب يسوع: "من أراد أن يتبعني، فليكفر بنفسه، ويحمل صليبه، ويتبعني" (متى 24:16).
وهذا ما نراه واضحا في جميع دعوات الله الكبيرة. لقد نبه إرميا النبي: "سيحاربونك ولا يقوون عليك، لأني معك لأنقذك" (إر9:1). وبشأن شاول - بولس قال الرب لحنانيا: "سأريه كم يجب عليه أن يتحمل من الآلام من أجل إسمي" (أعمال 16:9)، وسمعان الشيخ تنبأ لمريم بعد ثمانية أيام لميلاد طفلها: "وأنت سيجوز قلبك سيف من الآلام" (لو35:2). ولا ننسى ألمها المعنوي وخوفها من نظرات الناس إليها المتسائلة والهازئة، وهي حبلى من الروح القدس، وقبل أن تتساكن مع زوجها الشرعي يوسف. من يصدق هذه الرواية؟ ولم تكن تجهل أن شريعة موسى تأمر برجم المرأة بالحجارة حتى الموت، إذا وجدت حبلى من خارج الزواج (تثنية 22: 20 وما بعدها). يوسف نفسه فكر بتطليقها سرا (راجع متى19:1). لقد عاشت مريم مغامرة الإيمان الواقعية الصعبة، وليس فقط مغامرة عقلية. فكانت تلك المؤمنة بامتياز التي ارتمت بين ذراعي المطلق، الذي هو الله. إن ما يميز إيمان مريم عن سواها هو أنها الوحيدة التي آمنت في "حالة تزامن"، أي بينما كان تصميم الله يحدث، وقبل أي إثبات وتأكيد من قبل الأحداث والتاريخ (S. Kierkegaard: l'école du christianisme)".

وأضاف الراعي: "يا مريم أمنا، في يوم مولدك، بزغ فجر الخلاص على البشرية جمعاء. نسألك نعمة الانفتاح على هذا الفجر، بانتظار شمس المخلص والفادي، فنعيش في نور كلمته التي تشركنا في أمومتك الروحية. لقد أعطيت جسدا للكلمة المقبولة في قلبك، ساعدينا كي نجسد نحن بدورنا الكلمة إياها في أفعالنا وثقافتنا، فنرفع معك نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

بعد القداس التقى الراعي ابناء الرعية ووفدا من المشايخ الدروز ثم كانت كلمة لرئيسة بلدية كفرقطرة قالت فيها: "كفرقطره هي ارض "الشركة والمحبة"، وايقونة المصالحة ولا احد مثلنا يدرك معنى المصالحة وكلفة الخلاف. ان الاحداث الدامية التي عصفت بنا اصبحت للعبرة والذكرى. فما يجمعنا مع اخواننا من طائفة الموحدين الدروز اكثر بكثير مما يفرقنا".

ثم كانت كلمة للراعي شكر فيها كل من شارك في تنظيم الزيارة الراعوية الى جانب راعي الابرشية المطران مارون العمار مؤكدا للجميع "صلاته والتواصل معهم من خلال الكهنة خدمة الرعايا من اجل تعزيز الحضور والحياة في الجبل".

بعد ذلك زار البطريرك الراعي والوفد المرافق كنيسة السيدة للروم الكاثوليك حيث كان في استقباله كاهن الرعية الاب وسام فرح وابناء الرعية. وبعد الصلاة قال الراعي: "انها لفرحة كبيرة ان نزور كنيسة السيدة في عيدها ونبارك اعمال بناء الكنيسة الجديدة مجددين التهاني والتمنيات لكم بالعيش بطمأنينة بالرغم من كل الصعوبات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها. ولكن نحن جماعة الرجاء لا نخاف لان ايماننا يبدد الصعوبات. وكلمة يأس لا توجد في قاموسنا المسيحي. وانتم اختبرتم المحنة في الجبل لتعودوا فتعيشوا القيامة. وكونوا على ثقة ان شفعاءنا وقديسينا لن يتركونا يوما".

البيت الدرزي

ومن هناك توجه الراعي الى البيت الدرزي في كفرقطر وكان في استقباله حشد من المشايخ ومن ابناء طائفة الموحدين الدروز الذين ألقى باسمهم الشيخ فؤاد نصر الدين كلمة ترحيب جاء فيها: "استقبلناكم اليوم في صالون الرعية، ونستقبلكم الآن في بيتكم الثاني، بيت دروز كفرقطرة. لقد عودتنا بكركي على رعايتها الدائمة في تكريس كل ما يجمع على المحبة والالفة في هذا الوطن. بدءا بالمصالحة التي قادها البطريرك صفير مع الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط لاعادة العيش الواحد لهذا الجبل، فلا جبل بدون الدروز والمسيحيين. نعم لا جبل بدون الدروز والمسيحيين معا، هكذا كان وهكذا هو اليوم وهكذا سيبقى. والآن غبطتكم اخذتم على عاتقكم إكمال هذه المسيرة الوطنية تحت شعاركم الكبير "شركة ومحبة".

وختم نصر الدين: "غبطة البطريرك، كنا نراقب رعايتك لابناء الرعية قبل وصولك الى هذا المقام واثقين من ان هذا الزاهد المتواضع سيصل يوما ما ليحمل مشعل المحبة بكل جدارة. فأهلا وسهلا بكم في كفرقطرة بلدة المحبة، بلدة الوفاء، بلدة العيش المشترك."

من جهته رد الراعي بكلمة قال فيها: "أصحاب السماحة والفضيلة، المشايخ الكرام وبني معروف الأحبة الدروز الحاضرين معنا. تحية كبيرة نوجهها لحضرتكم مع المطران مارون العمار، والى رئيسة البلدية، ومخاتير البلدة ومجالسهم وكاهن الرعية والاباء وكل الحاضرين معنا اليوم. نحن في الحقيقة نعتبر بأننا توجنا الزيارة الرعوية لكفرقطرة بزيارة بيت الأخوة الموحدين الدروز، وهذا امر طبيعي والا تكون الزيارة ناقصة. انتم عودتمونا على المعروف وسبقتمونا انتم بالدعوة الى زيارتكم. نحن ندرك محبتكم واختبرناها وعشناها معا خلال قرون من الحياة في الجبل، والغيمة مرت ومرت بدون رجعة. اننا نؤكد على المصالحة التي اجراها المثلث الرحمة البطريرك صفير والأستاذ وليد بك جنبلاط. واصبح علينا اليوم ان نصونها ونواصلها. تلك المصالحة وضعت الأساس ونحن علينا بناء المداميك كما في كل بناء. الجميع يعلم ان الحياة تبدأ بولادة طفل وحتى قبل ولادته يبقى تسعة أشهر في بطن امه. وعندما يولد لا تتوقف القصة هنا، فهو يحتاج الى عناية ورعاية، ثم الى تعليم. وفي كل المراحل يحتاج الى صحة. ما يعني ان هناك كينونة وهناك صيرورة. الحياة الزوجية تبدأ لكن صيرورتها تحتاج الى بناء يومي والا يحكمها التنافر. الامر عينه ينطبق على حياتنا الوطنية. وبالنسبة لكلامنا عن المصالحة، فانها حصلت ولكن صيرورتها اصبحت بين أيدينا. علينا ان نبنيها كل يوم كمواطنين صالحين، وعلى الدولة ان تساعدنا كي يتمكن اهل الجبل من العيش فيه. يجب على الدولة أن تقوم أيضا بتأمين فرص عمل لهم ونحن أيضا نتأمل من المؤسسات الخاصة أن توجد ظروف عمل ووظائف لشعبنا حتى يبقى هنا وأن لا يضطر للنزول إلى بيروت ويعود كل يوم أو لفتح بيت آخر في بيروت. هذا ما اعنيه بالصيرورة التي على كل واحد منا ان يعمل ويحافظ عليها من جهته".

واضاف: "نحن فيما يختص بنا ككنيسة، وكما ترون، حافظنا على كل مؤسساتنا، مدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا وهيكلياتنا في الجبل. وهذا واجب اساسي بالنسبة لنا كي يشعر الشعب برجاء وأمل بأنه ليس متروكا، ولذلك نحن بحاجة لان تبقى أيدينا مشبوكة لكي يشعر الجميع بفرح العيش معا من جديد".

وختم الراعي: "كما تفضلتم، بلدة كفرقطرة كانت السباقة في عيش المصالحة والعيش معا. أود ان اتمنى لكم كل التوفيق مع الدعاء إلى الله لكي يستمر هذا العيش معا في هذا الجبل الذي نعتبره العمود الفقري للحياة اللبنانية. فاذا كان الجبل بخير يكون لبنان كله بخير لان الجبل هو قلب لبنان النابض. هو العامود الفقري الذي علينا ان نحميه معا. ولدينا مع أخواننا الموحدين الدروز، بني معروف، تاريخ طويل من التعاون من أيام فخر الدين. وهذا التعاون ادى الى تأسيس الكيان اللبناني واعلان دولة لبنان الكبير 1920. لذلك نحن معنيون موحدين الدروز ومسيحيين بالمحافظة على هذا الوطن ليبقى وطن التعددية، وطن التنوع الديني والثقافي والحزبي والسياسي كي يبقى وطن الديموقراطية ووطن الحريات العامة، وطن الإنسان."

2019-09-08

دلالات: