الرئيسية / أخبار لبنان /إفتتاحيات الصحف 2019 /الجمهورية: السلطة تُشعل الشارع… ودعوات إلى استقالة الحكومة.. والمشهد شبيه بعشية إستقالة الرئيس عمر كرامي 1992

جريدة صيدونيانيوز.نت / الجمهورية: السلطة تُشعل الشارع… ودعوات إلى استقالة الحكومة.. والمشهد شبيه بعشية إستقالة الرئيس عمر كرامي 1992

 

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان /  الجمهورية: السلطة تُشعل الشارع… ودعوات إلى استقالة الحكومة.. والمشهد شبيه بعشية إستقالة الرئيس عمر كرامي 1992

 


الجمهورية

أضرمت السلطة النار في الدولة، في مشهد يعيد إلى الأذهان صور الحرائق والطرق المقفلة عشيّة استقالة حكومة الرئيس عمر كرامي في العام 1992. بَدا واضحاً أنّ السلطة أبت إلّا أن تشعل فتيل الشارع، وعلى نحو ليس في الإمكان تقدير المدى الذي سيبلغه. وبَدا واضحاً أيضاً، من خلال التحركات الشعبية التي لفّت مختلف المناطق اللبنانية، ان طفح كيل المواطن من "سلطة الأزمة" التي وضعت البلد على كفّ عفريت وفتحته على شتّى الإحتمالات الصعبة، أقلّها الفوضى. وما قد تحمله هذه الفوضى من تهديدٍ للدولة والكيان اللبناني عموماً. كما انه بَدا واضحاً أنّ السلطة بمكابراتها وعنادها أثبتت بما لا يقبل أدنى شك بأنها منفصلة عن الناس وهمومهم، ولا ترى سوى بعين مصلحتها وخدمة لمحاصصاتها ومحاسيبها، وهو الأمر الذي أدى إلى هذا الوَرم الذي تفجّر في الشارع، وقرر أن يوجّه صرخته في وجه السلطة على كلّ مستوياتها. ما حصل في الأمس نقل البلد من ضفّة إلى أخرى، وهروب السلطة من مسؤولياتها وقراراتها العشوائية بزيادة الاعباء على الناس من دون أن تقدّر وجعهم منها، ألقى بها على حافة السقوط، والذي بَدا مع تحرّكات الأمس، أنّه قد أصبح وشيكاً. والسؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح: أيّ سلطة وأيّ حكومة ستكون بعد الذي حصل؟ وهل انّ الدعوات الى استقالة الحكومة على لسان بعض مكوناتها، كرئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، ستلقى استجابة لدى رئيس الحكومة؟ وهل ستلقى دعوة النائب فيصل كرامي لممثل اللقاء التشاوري في الحكومة الوزير حسن مراد الى الاستقالة استجابة منه؟ وماذا لو استقالت الحكومة فعلاً؟ وماذا بعد؟


إهتزّ لبنان، وترنحت الحكومة، بل الدولة بكل أركانها، بدءاً من مساء أمس بفِعل الغضب الشعبي الذي تدحرج الى مختلف شوارع بيروت وضواحيها وعدد من المناطق، رفضاً لفرض ضرائب جديدة في إطار موازنة 2020 التي يدرسها مجلس الوزراء تمهيداً لإرسالها الى مجلس النواب قبل انتهاء المهلة القانونية الثلاثاء المقبل.


وفيما ردّد المتظاهرون هتافات ضد السلطة ودعوات الى إسقاط الحكومة والنظام، عَمد بعضهم الى تحركات عنيفة، كما حصل في وسط بيروت حينما حاول المتظاهرون اقتحام السراي الحكومي الكبير. وكذلك في النبطية حينما حاول متظاهرون اقتحام منزل النائب ياسين جابر ومحاولة إحراقه، اضافة الى محاولة اقتحام مكتب النائب هاني قبيسي، وكذلك مكتب رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد.


وفيما غَزت البلاد موجة واسعة من الاشاعات عن "تَوجّه رئيس الحكومة الى الاستقالة، وتَوجّه "حزب الله" الى اعلان استقالة وزرائه"، دخل جنبلاط من دون إنذار مسبق على الخط ليتهم أفرقاء وجِهات لم يسمّها بأنها تريد إسقاط الحكومة وتَسَلّم الحكم. الأمر الذي نقل الازمة الى مكان آخر يتخطى الموازنة والضرائب والاوضاع الاقتصادية والمالية المأزومة، الى مصير الحكومة، وكذلك الى ما يحصل إقليمياً ودولياً.


وقال جنبلاط انه اتّصل بالرئيس سعد الحريري، قائلاً له: "إنّنا في مأزق كبير، وأُفضّل أن نستقيل معاً حتى لا يُقال انني تخلّيت عنك"، مضيفاً: "وصلتنا الرسالة، ولن نُشارك في أي حكومة مقبلة".


وعن توقيت الاستقالة، أشار إلى أنّه ينتظر "قرار الحريري الذي سيتظَهّر بعد جلسة مجلس الوزراء غداً (اليوم)، وننتظر أن يتّخذ فيها قرارات بنيويّة"، متوقّعاً أن يكون قرار حزب "القوات اللبنانية" مُشابهاً لقراره، وقال: "إن رئيس مجلس النوّاب نبيه بري موجوع أكثر منّي، ولكن لكلّ قاعدة معادلاتها المحليّة والإقليميّة".
ولفتَ جنبلاط إلى أنّ "هناك من يفرض شروطه وينادي بالإصلاح ويريد أن يتسلّم الحكم. فليتسلّم الحكم وهذا "أرْيَح لي"، مضيفاً: "أنا لا أتحدّث عن (الوزير جبران) باسيل، بل عن كلّ طرف يقول إنّه يستطيع التغيير والحكم".


كرامي
في هذه الاثناء طلب كرامي من الوزير حسن مراد الإستقالة "تجاوباً مع مطالب الناس، وشعورهم بالعبء الكبير الذي ركّبته هذه الحكومة على كواهِل الناس كغيرها من الحكومات السابقة".


وكان كرامي قد بدأ خطوات عملية في اتّجاه المعارضة من خلال مروحة اللقاءات التي عقدها أخيراً، ومن ضمنها لقاؤه مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، فضلاً عن المواقف المعارضة التي يتّخذها منذ أسابيع.


التحركات
وكانت التحركات في الشارع قد انطلقت بعد ساعات على جلسة مجلس الوزراء العادية، وشملت بيروت وضواحيها والمناطق ومختلف المناطق تخلله إقفال طرق وشوارع وامتدّ حتى ما بعد منتصف الليل، وقد شكّل قرار وزير الاتصالات محمد شقير بفرض ضريبة على التخابر الهاتفي عبر تطبيق "الواتساب" شرارته الأولى.


وقد استدعت هذه التطورات إتصال رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس الحكومة، واتفقا على نقل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة في السراي الحكومي اليوم الى القصر الجمهوري، فيما تراجع وزير الاتصالات عن قراره في شأن "الواتساب" بناء على طلب رئيس الحكومة. وبعد ان اعتبرت شركة "فايسبوك"، التي تدير هذا التطبيق، هذا القرار غير قانوني ومن شأنه أن يعرّض الدولة اللبنانية لملاحقة قضائية دولية، أكد متحدث بإسم شركة "فايسبوك" أنه في حال تم اتخاذ هذا القرار، فسيكون ذلك بمثابة مخالفة مباشرة لشروط الخدمة (ToS)، لافتاً الى أنّ هذا التطبيق يجب أن يستعمل كما هو، وأنّ الاستفادة من أي وظائف "واتساب" يعتبر أمراً غير قانوني.


وأكدت شركة "فايسبوك" انّ الدولة اللبنانية ستكون اول دولة في العالم تتخذ هذه الخطوة غير القانونية، والتي تعتبر سرقة علنية لخدمات التطبيق، ولكي تتمكن الحكومة من التحكّم بهذا الموضوع عليها ان تشتري أدوات غير قانونية لخَرق نظام التخابر، وكلفة هذه الأجهزة ستكون مرتفعة جداً، وهي غير مسموحة دولياً".


وأكدت "فايسبوك" أنها تمتلك الحق القانوني الكامل لملاحقة الدولة اللبنانية في حال تنفيذ هذا القرار، ما يعرّضها لغرامات مالية.


نحاس لـ"الجمهورية"
في هذا السياق، قال وزير الاتصالات السابق شربل نحاس لـ"الجمهورية": "لا عجب لصدور قرار كهذا عن حكومة لا تكفّ عن إظهار عجزها، ولا ترى حلاً سوى في سَلب الناس 6 دولارات شهرياً، وهي ستأخذ هذا المبلغ بالتساوي من أفقر إنسان في لبنان الى أصحاب المليارات، أي بنسبة الضريبة نفسها".


وتابع نحاس: "في عملية حسابية صغيرة إنّ 6 دولارات شهرياً تعني 72 دولاراً سنوياً لخدمة التخابر عبر الانترنت. واذا افترضنا انّ هناك نحو 3 ملايين ونصف المليون مستخدم لهذه الخدمة، فهذا يعني انّ المدخول سيكون نحو 240 مليون دولار، وهذا المبلغ كفيل بشراء مبنى لشركة "تاتش" في "سوليدير" ومبنى آخر لـ"ألفا"، وبهذه الطريقة ستتأمّن العدالة الاجتماعية في البلد".


وأكدت مصادر متابعة في وزارة الاتصالات لـ"الجمهورية" انّ الترويج بأنّ فَرض رسم على خدمة "الواتساب" يشكّل انتهاكاً لخصوصية المستخدمين هو عارٍ من الصحة تماماً، فهناك برامج عدة مستخدمة عالمياً لحماية المعلومات، وشركتا "ألفا" و"تاتش" تعتمدها، ولا علاقة للرسم بفضح الخصوصية، والّا فإنّ كل اتصال يتم هو فضح للخصوصية، وهذا الأمر غير صحيح. كما انّ وزير الاتصالات يتواصل مع عدد من الدول من أجل تأمين أحدث برامج حماية للمعلومات.


"القوات"
وقال أحد وزراء "القوات اللبنانية" كميل أبو سليمان لـ"الجمهورية": "لم نحضر الاجتماع المالي الذي عقده رئيس الحكومة إثر جلسة مجلس الوزراء، لأننا أردنا ان نبدأ بالاصلاحات البنيوية أولاً قبل البحث في أي ضرائب". وأضاف: "إننا مع الاصلاحات البنيوية والبدء بخصخصة قطاع الاتصالات". وشدد على "أهمية أن يبدأ الحكام بأنفسهم أولاً، وأن يثبتوا للشعب ان ليس هناك هدر ولا فساد، قبل أن يطلبوا التضحيات من الشعب".


وقالت مصادر "القوات " لـ"الجمهورية" انها رفضت المشاركة في أي لجنة فرعية لأنها تعتبر أنّ هناك لجنة رسميّة للإصلاحات، وهناك أيضا اجتماعات لمجلس الوزراء، وبالتالي هي لا تريد المشاركة في أي اجتماع فرعي أو ثانوي خصوصاً أنّ هدف الإجتماعات غير الرسمية هو محاولة إمرار الضرائب، وهذا ما ترفضه "القوات" رفضاً باتاً.


وأضافت هذه المصادر: "شدّدنا منذ اللحظة الأولى على ضرورة إقرار الإصلاحات قبل البحث في الضرائب، وإذ بنا نتفاجأ في اجتماع إتّفق على عقده بعد جلسة مجلس الوزراء، من دون التنسيق مع "القوات"، وخارج الإطار الرسمي، وذلك في محاولة لخرق الموازنة وإمرارها وتهريبها، من دون إقرار إصلاحات حقيقية مقابل إعلان إصلاحات شكلية دفتريّة غير حقيقية تترافق مع ضرائب موجِعة للناس". واعتبرت أنّ "اجتماع السراي المفاجىء لا يخرج عن سياق محاولات لَفلفة الأمور على الطريقة اللبنانية، وقد صادر دور اللجنة الوزارية المَنوط بها درس الخطوات الاصلاحية في ظل رفع شعارات فضفاضة لجهة البَت بعدد من الإصلاحات، والتي في الأساس قد ارتكزت على الورقة الاقتصادية التي تقدّمت بها "القوّات"، لكنّ الهدف الأساس من هذه الشعارات هو إمرار عدد من الضرائب، كذلك رفع المساهمة المخصّصة لقطاع الكهرباء في مخالفة صريحة لِما نَصّت عليه خطة الكهرباء". وختمت: "إذا بقيت الأمور في هذا الاتجاه، سترفض "القوات اللبنانية" الموازنة، لأنّ أي موازنة من دون إصلاحات تعني انّ الأمور تدور في الحلقة المفرغة، الضرائب ستؤخذ من جيوب الناس الجائعة لتوضَع في كوب مثقوب، ولن تؤدي الى أي نتيجة فعلية، والعجز سيبقى نفسه، وهذا ما سيدفع أكثر فأكثر نحو الإنهيار".


عون يرد قوانين
ومن جهة ثانية علمت "الجمهورية" انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رد 3 قوانين الى المجلس النيابي لإعادة النظر فيها، علماً انّ هذه القوانين تم إقرارها في الجلسة التشريعية الاخيرة التي عقدها المجلس النيابي.


وامّا القوانين الثلاثة، فهي: القانون المتعلق بإنشاء نفق بيروت ـ شتورة ـ البقاع، على أساس الـ BOT. والقانون المتعلق بأساتذة الجامعة اللبنانية، والقاضي بزيادة 5 سنوات على المعاش التقاعدي لهؤلاء الاساتذة.


امّا القانون الثالث، فقالت مصادر نيابية انه يتعلق بسحب اعتماد 34 مليار ليرة من المؤسسة العامة للاسكان، ونقله الى بعض الجمعيات.


وربطاً بذلك، ينفذ أساتذة الجامعة إضراباً تحذيرياً الاثنين المقبل، للتشديد على إبقاء القانون المتعلّق بهم وعدم تعديله

2019-10-18

دلالات: