صيدونيانيوز.نت/ أقلام ومقالات / إهانة وظلم الزوجة إرضاء للوالدين
من أكبر الجرائم ظلم الزوجة وضربها وإيذاؤها إرضاء للوالدين، فالزوج الذي يسكن في بيت والديه واجب عليه أن يبر والديه وأن يكرمهما دون ظلم زوجته وإجبارها على أمور ليس من واجباتها، فالزوج لابد أن يفرق بين حقوق زوجته وحقوق والديه فلا يخلط بينهما، وفي بعض الحالات يقوم الزوج بإيذاء زوجته طاعة لأمه أو أبيه، ففي هذه الحالة يكون قد وقع في الخطأ والمعصية، والأصل في طاعة الوالدين أن تكون في معروف وليس في معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإن كانت الطاعة للوالدين.
وفي بعض الحالات.....يقصرالزوج في الصرف والإنفاق على زوجته وأولاده من أجل والديه أو إخوانه، وهذه التصرفات كلها مخالفة للحقوق الزوجية، فالفهم الخاطئ لمفهوم بر الوالدين يجعل الزوج يتصرف بشكل ظالم تجاه زوجته .
وأذكر أنني تحدثت مع زوج يظلم زوجته من أجل أمه وأبيه فقال لي: رجاء لا تكلمني عن أمي وأبي فأنا ابنهما الوحيد وليس لدي في الدنيا غيرهما وبرهما واجب في حقي، فقلت له: أنا لم أخبرك بأن لا تبر والديك؟ وإنما أنا أتحدث معك في عدم ظلم زوجتك وإهمالها وإهانتها من أجل والديك، فأنا أتمنى أن يزيدك الله برا بوالديك ولكن من غير أن تظلم زوجتك وأبناءك، فالعدل والتوازن مطلوبان وليس هناك تضارب بين بر الوالدين وإعطاء الزوجة حقوقها.
فالوالدان إذا أمرا ابنهما بأمر فيه مضرة عليه مثل إهانة زوجته أو ضربها أو الغضب عليها أو حرمانها من النفقة أو فوات مصلحة ظاهرة يصعب تحصيل بديل عنها مثل ترك عمله الذي يتكسب فلا تجب طاعتهما، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- له كلمة طيبة في الشأن يقول (ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد أو البنت بنكاح من لا يريد، وإنه إذا امتنع لا يكون عاقا).
وعلاج هذه المشكلة أن يكون الزوج دبلوماسيا مع والديه فيعاملهما معاملة كريمة ويحافظ على زوجته بطريقة ذكية،
خاصة وإذا كانت - بعض- الأمهات لا يفرقن بين مشاعر الأمومة ومشاعر الزوجة التي تزوجها ابنها، فتظل الأم تعامل ابنها وكأنه غير متزوج وتريد أن تتحكم فيه وتسيطر عليه وعلى حياته مع زوجته وأولاده، ففي هذه الحالة لابد أن يكون الابن حذرا في التعامل مع أمه وبنفس الوقت يحافظ على بيته وزوجته.
وأنا أعرف بعض البيوت تعامل الأم زوجة ابنها مثل العاملة عندها، علما بأن الزوجة عندما تخدم والدي زوجها فإن هذا من مكارم الأخلاق والعشرة بالمعروف وهو ليس واجبا عليها، فالعلاقة الزوجية تبنى على التغاضي والتراضي لا على التقاضي والمحاسبة على الحقوق والواجبات. والزوجة الذكية هي التي تساعد زوجها على بر والديه وتدعمه معنويا على خدمتهما، ولكن بالمقابل لا ينبغي أن يستغل الزوج خلقها الطيب هذا بإيذائها وظلمها، وإنما عليه أن يتفق معها في حالة لو كانت أمه تتصرف بطريقة أنانية، بأن تكون الزوجة ذكية في استيعابها ومداراتها من غير أن تخسر علاقتها معها..
ولكن إذا استمر إيذاء أم الزوج بها وقرر الزوج أن يسكن خارج بيت أهله ليريح زوجته فلا يكون بهذه الحالة عاقا لوالدته، خاصة إذا كان السكن قريبا منها ويستمر بخدمة والدته وبرها، وبنفس الوقت أراح زوجته وحافظ عليها بعيدا عن أمه التي كانت تؤذيها، لأن من حقوق الزوجة أن يسكنها زوجها بمسكن تكون آمنة ومستقرة ومرتاحة ومستقلة فيه، فقد أمر الله تعالى الزوج بأن يسكن زوجته المطلقة طلاقا رجعيا بمسكن مريح ومستقل وآمن حسب مقدرته، وهو تفسير قوله (من وجدكم) قال تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم)، فإذا كان هذا الحق للمطلقة فكيف بمسكن الزوجة؟!
ومن المهم ألا يفهم الزوج أن بر والديه يكون على حساب زوجته فيهينها ويظلمها من أجل إرضائهما .
2019-11-12