الرئيسية / أخبار لبنان /كلام يقاطعه صراخ ودموع... شهادتكم غالية وكذبهم رخيص

عرس الشهادة (مروان عساف - النهار)

جريدة صيدونيانيوز.نت / كلام يقاطعه صراخ ودموع... شهادتكم غالية وكذبهم رخيص

كلام يقاطعه صراخ ودموع... شهادتكم غالية وكذبهم رخيص

علي عواضة المصدر: "النهار" 

1130 يوماً، انتظر أهالي العسكريين الشهداء في خيمة رياض الصلح آملين عودة أولادهم إلى أحضانهم. 1130 يوماً بكى الأهالي لوحدهم بعيداً من أعين السياسيين وعدسات الكاميرات. أيام طويلة ممزوجة بإرادة قويّة وصبر لا تتحمله الجبال فكانت لحظة الوداع الأخيرة بمرور موكب التشييع من أمام الخيمة كتحية من شهداء الجيش إلى الخيمة التي لطالما اجتمع فيها الأهالي وتلقّوا الوعود الكاذبة بقرب الحلّ.

في الخيمة اجتمع أهالي شهداء الجيش، منهم من فقد ابنه في معركة عرسال ونهر البارد ومعركة عبرا، وحدهم الأهالي يدركون وجع بعضهم البعض. مفجوعين التقوا للمرة الأولى احتضنوا بعضهم البعض، كفكفوا دموع أمّهات #الشهداء، منهنّ من استذكرت شهادة ولدها رغم مرور 10 سنوات، كوالدة الشهيد طوني سمعان التي فقدت ابنها في معركة نهر البارد، وما زالت تنتظر معرفة مصير قتلة ابنها. وبكلام ممزوج بالدموع، أكدت "أننا تلقّينا وعوداً بمتابعة التحقيقات ومعاقبة الفاعلين، وما زالنا ننتظر تطبيق الوعد وكشف كيف تم تهريب #الإرهابيين... آملاً أن لا يتكرر الأمر نفسه مع شهداء الجيش في معركة عرسال ويضيع دماء الأبطال مع السياسيين".

كلام والدة الشهيد سمعان قاطعها صراخ والدة الشهيد في الجيش حسن شمص الذي قضى عام 2005؛ حضرت بمفردها، بدأت بتقديم واجب العزاء للأهالي المفجوعين، صرخت بأعلى صوتها: "هول ولادنا باعونا الزعما، كلن إخوة ما في فرق بين الجنوب والشمال ولادنا شهدا"، لتنهي كلماتها بعدما أصابها التعب وتجلس بالقرب من والدة الشهيد طوني سمعان، يحملن الورود الحمراء، فيما ماري خوري شقيقة العسكري المختطف سابقاً لدى "النصرة" اهتمت بالنسوة قبل أن تسقطَ زوجة العسكري الشهيد محمد ضاهر وتفقد وعيها قليلاً فتحوّلت عدسات الكاميرات إليها، وكأنه ما كان ينقصها سوى بعض "المتطفلين" الذين يحاولون التقاط صورة لزوجة مفجوعة أو أم ثكلى، فارتفعت أصوات بعض الأهالي مطالبين بإبعاد الكاميرات والسماح لعناصر الدفاع المدني بمعالجة الزوجة.

حالة الغضب لدى الأهالي لا يمكن وصفها ببعض الكلمات، فالأحاديث التي دارت داخل الخيمة تطرح عشرات الأسئلة، عن كيفية الاختطاف ومن منع إنقاذ أولادهم، وكيف تناست الحكومة السابقة ملفّهم، وهل عليهم تصديق أنّ ترحيل عناصر "داعش" هدفه كان كشف مصير الشهداء، أسئلة تداولها الأهالي دون أجوبة واضحة، بينما صرخت إحدى النساء: "وين هو الشعب" فبدل أن تتحوّل الخيمة إلى مقصد شعبي في يوم الحداد الوطني فضّل الشعب اللبناني قضاء نهار "الإجازة" إما في الجبل وإما على البحر.

الشعب اللبناني الغائب عن التشييع، سوى من بعض من تحمّل المسؤولية الوطنية ورأى أنّ الملفّ يعنيه، كوسيم غندور الذي لم يترك الأهالي في محنتهم ولبس الأسود حداداً على الشهداء رغم أنه لا تربطه أي قرابة مع أيّ من الشهداء، فرأى أنّ هيبة الدولة فقدت مع خطف العسكر، "فالمقصّر والمذنب معروف للدولة، ولا أحد يتحرك أقله احتراماً لدموع الأمّهات والأطفال اليتامى".

صرخات الغضب في وجه الدولة وفي وجه الشعب "المخدّر" أطلقتها ماري خوري، حالمة أن يستيقظ الشعب اللبناني من ثباته العميق ويحاسب المقصّرين والمتواطئين مع الإرهابيين، فالأهالي مهما تضامن معهم من بقي من أحياء في الشعب اللبناني فلن يخفّفوا عنهم فقدان أحبّتهم، خاتمة حديثها بكلمة للسياسيين: "الله لا يوفقكن".

دموع الأهالي خرقتها أصوات سيارات الإسعاف القادمة من شارع المصارف في وسط البلد، معلنةً وصول موكب الشهداء، فانتشر الأهالي حول سيارات الشرطة العسكرية والإسعاف ليتحوّل الشارع إلى هرج ومرج، فقد حاول العسكريون المولجون حماية الموكب منع الصحافيين من الاقتراب، بينما العديد منهم ذرف الدموع بعيداً من الكاميرات وكأنه يقول: "قد أكون أنا مكان ذلك الشهيد وأهلي يذرفون الدموع على فقدي وتتجاهل مصيري الدولة". دموع العسكري قابلتها حالة من الغضب لدى بعض الشرطة العسكرية، تعابير وجوههم تنطق بعشرات الكلمات محاولين إخفاءها عن أعين الكاميرات وأعين الضباط، إلا أنها كانت واضحة خصوصاً عندما حاول أحدهم رفع إحدى السيدات المفجوعات، وعلى مقربة من الأهالي صرخ أحد المتضامنين بالقرب من الموكب: "شهادتكم غالية... وكذبهم رخيص".

2017-09-09