الرئيسية / أخبار لبنان /إقتصاد وأعمال /الأخبار: كابيتال كونترول على مين؟...الوقوع في شرك «صندوق النقد ــــ السلطة».. خطة حكومية؟..الحفاظ على حقوق السحب الخاصة أم إهدارها؟

(الصورة عن الأخبار - هيثم الموسوي) صيدونيانيوز.نت

جريدة صيدونيانيوز.نت / الأخبار: كابيتال كونترول على مين؟...الوقوع في شرك «صندوق النقد ــــ السلطة».. خطة حكومية؟..الحفاظ على حقوق السحب الخاصة أم إهدارها؟

 

Sidonianews.net

--------------

الأخبار / محمد وهبه

مع طرح نُسختَين من مشاريع الـ«كابيتال كونترول» على الهيئة العامة لمجلس النواب التي تنعقد غداً، يقترب لبنان خطوة إضافية من الوقوع في «شرك» صندوق النقد الدولي. هي خطوة يروّج لها بأنها قسرية لا اختيارية، وأنها إنقاذية لا تدميرية، إلا أنه بنتيجتها يخضع لبنان لشروط الصندوق التي دمّرت فقراء البلدان التي وطأها. ويضاف إلى ذلك، أن قوى السلطة، بعقلها المسطّح، تسعى إلى التآمر مع الصندوق ليعفيها من بعض الموجبات التي تضرب مصالحها على حساب ضرب مصالح الفئات الأضعف

تناقش الهيئة العامة لمجلس النواب غداً اقتراحَي قانون يرميان إلى فرض «قيود وضوابط مؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية». مهما كان اسمها واختلفت مضامينها، فإن هذه الاقتراحات معروفة أكثر باسم «كابيتال كونترول»، أو القيود على حركة رأس المال التي تفرض مع بداية الأزمات لمنع خروج الأموال من البلد. في لبنان، أُخّر عمداً إقرار هذا القانون. فمن بعد سنتين وأكثر على الأزمة، أحيل إلى الهيئة العامة اقتراحان؛ واحد أعدّ في لجنة المال والموازنة، وثانٍ أعدّ في لجنة الإدارة والعدل. المشروعان يختلفان قليلاً في بعض الأهداف، إلا أن كليهما يختلفان كثيراً عن أهداف صندوق النقد الدولي. في عقل قوى السلطة في لبنان أنها امتنعت عن تشريع قانون كهذا لإبقاء الاستنسابية في عمليات التحويل والسحب من المصارف ومن مصرف لبنان، فضلاً عن أن هذا الأمر كان بمثابة القناة الأساسية لإطفاء خسائر عبر «هيركات» مقنّع. بينما للصندوق مقتضيات أخرى تدفعه إلى اشتراط إقرار هذا القانون، أوّلها أنه سيقرض الحكومة كمية من الدولارات ويريد أن يضمن استعادتها، وثانيها أن القيود حيوية لتنفيذ الأهداف التي يسعى إليها والشروط التي سيطلب من لبنان تنفيذها.

خطّة حكومية

في خطّة الـ 100 يوم التي أقرّتها الحكومة واطّلعت عليها «الأخبار»، يرد أنه خلال ثلاثة أشهر يفترض أن يتوصل لبنان إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويلي محدّد يسمّى «تسهيلات الصندوق الممدّد». تفترض الحكومة أن مدّة البرنامج مع الصندوق تبلغ أربع سنوات، وأنها ستستفيد من الحدّ الاستثنائي المسموح سحبه عبر هذا البرنامج استناداً إلى حقوق السحب الخاصة بلبنان. ففي الحالات العادية يمنح البرنامج نحو 145% من قيمة المبالغ المستحقة أو ما قيمته فعلياً 1.3 مليار دولار، إنما يمكن في حالات استثنائية ووفق معايير وشروط خاصة أن تصبح هذه النسبة 435%، أو ما قيمته فعلياً 3.9 مليارات دولار. يتوزّع المبلغ على كامل فترة البرنامج، ويحصل لبنان على دفعة أولى مقابل مجموعة من الشروط؛ أوّلها إقرار قانون يقيدّ عمليات السحب والتحويل. فالصندوق يفرض هذا البرنامج للتأكّد من أن البلد المقترض سيكون قادراً على سداد ديونه للصندوق، وأنه سينفذ الشروط التي تتيح للبلد تسديد القروض في موعدها وتفتح له باب العودة للاقتراض من الأسواق الخارجية. بمعنى آخر، لا يسمح الصندوق بإنفاق الأموال التي سيقرضها للبلد، على غير البنود التي يوافق عليها مسبقاً مع الصندوق، وهنا تكمن إحدى وظائف قانون تقييد عمليات السحب والتحويل. وشروط الصندوق هي عبارة عن بنود معيارية يمكن اعتبارها وصفة موحّدة للوصول إلى مؤشرات مالية ونقدية بمستويات محدّدة مسبقاً.

تباين الأهداف
الأهمية التي يوليها صندوق النقد لإقرار قانون «كابيتال كونترول»، قد لا تكون متطابقة مع أهميته بالنسبة إلى قوى السلطة المحليّة. فهذه الأخيرة لديها أهداف أخرى من بينها أنها على مدى سنتين أهملت عمداً التنظيم الشرعي لعمليات السحب والتحويل. وأنها أبقت مصرف لبنان على رأس إدارة الأزمة منفرداً رغم علاقته المتوتّرة مع صندوق النقد الدولي، ورغم إبداء رغبته الصريحة في إشعال سعر الصرف أمام رئيس وفد الصندوق المفاوض مع لبنان مارتن سيريزولا. وبإدارة سلامة جرى تبديد أكثر من 19 مليار دولار من احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية بين نهاية أيلول 2019 (يوم إقرار التعميم 530 الذي ينظّم عمليات تمويل استيراد المحروقات والطحين والأدوية...)، وبين نهاية آب 2021... وكل ذلك يضاف إلى عمليات «تهريب» الأموال إلى الخارج التي شملت قيادات سياسية محلية وخارجية، كبار التجار، كبار الموظفين، مساهمي المصارف، كبار زبائن المصارف... غالبية هذه العمليات تمت أيام الإقفال أو ليلاً.
رغبة قوى السلطة في إبقاء قنوات التوزيع تحت سيطرتها منعتها لمدّة سنتين من إقرار قانون يقيّد عمليات السحب والتحويل

رغبة قوى السلطة في إبقاء قنوات التوزيع تحت سيطرتها منعتها لمدّة سنتين من إقرار قانون يقيّد عمليات السحب والتحويل لأهداف لا يبدو أنها متطابقة مع صندوق النقد الدولي. ففي سياق تحقيق هذه الأهداف، تقاذفت قوى السلطة مسوّدات هذا المشروع وتناوبت على لوم بعضها لجهة مسؤولية إقراره بين مصرف لبنان ومجلس النواب. تقلّبت مواقف زعماء لبنان في مواجهة هذا الأمر، إلى أن جاء استحقاق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مع حكومة نجيب ميقاتي. وفي الواقع، يأتي هذا الاستحقاق بعدما نضبت مصادر «الكابيتال، أي أنه لم يعد هناك رأس مال لتقييد سحبه. فما بقي من الاحتياطات بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان هي الاحتياطات الإلزامية التي يروّج بأنها ملك المودعين وهي تبلغ اليوم 13.3 مليار دولار، وكأن باقي ما أنفق لم يكن ملكاً لهم. وإذا اعتبرنا أن هذه الاحتياطات هي للمودعين الذين يملكون في حساباتهم بالعملات الأجنبية نحو 105.6 مليارات دولار، فهذا يعني أنهم خسروا 92.3 مليار، أي هيركات يوازي 87.4%.
هذه الخسارة جاءت بنتيجة وجود قيود على عمليات السحب والتحويل مفروضة منذ أكثر من سنتين بشكل استنسابي من المصارف وبتغطية واضحة من مصرف لبنان. هنا تبرز أهمية مطلب صندوق النقد الدولي بضرورة إدراج بند في أي قانون للكابيتال كونترول ينصّ على إعادة الأموال المحوّلة منذ بداية الأزمة. هذا البند كان مطلباً رسمياً سجّله ممثلو الصندوق أثناء جلسات التفاوض السابقة مع وزارة المال ومصرف لبنان وفي مواقع ومناسبات أخرى أيضاً.

ضمان الحاجات الأساسية
لكن ليس هذا البند هو الموجب الوحيد لإقرار قانون الكابيتال كونترول. فهناك موجبات نقدية ومالية واقتصادية تفرض وجوده. في الأزمات التي تعاني فيها البلدان من عجز بنيوي وكبير في ميزان المدفوعات، أي أن التدفقات بالعملة الأجنبية الخارجة من لبنان هي أكبر من تلك التي دخلت إليه خلال فترة زمنية طويلة، فإن الهدف من تقييد عمليات السحب والتحويل، أن تُمنع عمليات الاستهلاك العشوائي التي تزيد الاستيراد المدفوع بالدولارات المتوافرة في لبنان، ما ينعكس سلباً على عجز ميزان المدفوعات. عندها تصبح كمية الدولارات المعروضة في السوق أقلّ من حاجته إليها، ما ينعكس سلباً على سعر صرف الدولار في السوق الحرّة. ومن مخاطر هذا الأمر، أن القيود تصبح بمثابة ضريبة على استهلاك السلع. هذا الأمر فعله مصرف لبنان بشكل مختلف عبر تجفيف السوق من الدولارات وتغطية القيود الاستنسابية وتعددية أسعار الصرف. فعلها بطريقة «أشعلت» سعر الصرف وأدّت إلى تقنين وفقدان الكميات الضرورية من السلع الأساسية.
هذه النقطة لم يتطرّق إليها صندوق النقد مباشرة، ولم تذكر في أي من المشاريع التي أحيلت إلى الهيئة العامة لمجلس النواب. فهذه المشاريع تضع القيود على سحب الودائع وتحاول أن تتحكّم إلى حدّ بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، لكنها لا تنظّم عمليات الاستيراد التي تستنزف الدولارات. فمن وظيفة هذا القانون أن ينظّم استعمال الدولارات، ليس للحفاظ على استقرار ما في سعر الصرف، بل لتأمين السلع الضرورية للمجتمع. هناك تكمن الخطورة في مشروعَي لجنة الإدارة والعدل، ولجنة المال والموازنة. فالمشروع الأول يربط القيود بمستوى الاحتياط الإلزامي الذي لا يجب أن يتدنّى عن 14%، والثاني لا يتعامل مع هذه المسألة بتاتاً.
أصلاً وجود مشروعين بأفكار ملتبسة ولا تتماهى مع الحدّ الأدنى الذي يطلبه الصندوق، هو بداية غير موفقة في العلاقة مع الصندوق، إلا أنها تصبح خطوة إجرامية إذا تأقلمت فقط مع متطلبات الصندوق التي تنظر إلى المؤشرات المالية والنقدية بعيداً عن حاجات المجتمع الفعلية.


الحفاظ على حقوق السحب الخاصة أم إهدارها؟
بنيّة الحفاظ على الأموال الناتجة من حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان أخيراً من صندوق النقد الدولي، يقترح نواب القوات اللبنانية تبديدها حصراً على البطاقة التمويلية. فقد تقدّم هؤلاء النواب باقتراح قانون معجل مكرّر يرمي إلى وضع يد مجلس النواب على الأموال الناتجة من حقوق السحب الخاصة. وينصّ اقتراحهم على أن حقوق السحب التي حصل عليها لبنان «ستعرض للبيع لتحويلها إلى عملة صعبة، ليستفيد المصرف المركزي من استعمالها»، إلا أن هذه الأصول توازي احتياطات الذهب أهمية، لذا فإنه «حفاظاً على قيمتها وحسن استخدامها» اقترح النواب قانون معجل مكرر ينصّ على الآتي:
أولاً: يُحظر التصرف بحقوق السحب الخاصة بلبنان من صندوق النقد الدولي، بيعاً أم تفرغاً، رهناً أم تأميناً، إيداعاً أم ضمانةً، إلا بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب.
ثانياً: يُحصر استخدام كامل عائدات التصرف بالحقوق المومأ إليها أعلاه، بتمويل البطاقة التمويلية، المنصوص عنها في القانون رقم 320/2021، حصراً، على أن يُستعان بمؤسسات دولية ضامنةً للتنفيذ العادل.

ملخّص اقتراح لجنة المال والموازنة
- حظر التحاويل إلى الخارج من الحسابات المصرفية بكل أنواعها.
- حصر سحب الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية ضمن سقف لكل مودع لا يتخطّى 20 مليون ليرة شهرياً ولا يقلّ عن 15 مليون ليرة شهرياً.
- يعتمد مصرف لبنان سعر التحويل لكل عملة أجنبية أسعار السوق الرائجة كما تحددها منصّة التبادل الحرّ.
- لا تخضع السحوبات النقدية للرواتب والأجور لسقف السحوبات.
- يحقّ للمودعين بالعملة الأجنبية الحصول على سحوبات نقدية شهرية بحدّ أدنى يبلغ 400 دولار وبحدّ أقصى 800 دولار. ويمكن أن يعيد المصرف المركزي النظر بهذا السقف.
- يمنع تحويل الحسابات المصرفية دائنة أم مدينة من الليرة إلى الدولار إلا في حال توافر التغطية النقدية الكافية والشاملة لدى المصرف المعني.
- تستثنى من القيود بشكل دائم الأموال الجديدة (فريش دولار) وودائع السفارات الأجنبية والمؤسسات المالية الدولية والمنظمات الدولية والإقليمية والعربية من القيود.
- تستثنى بشكل مشروط: تسديد نفقات التعليم الجامعية وأقساط القروض التعليمية التي قدمت طلبات اقتراضها قبل 17/10/2019 مضافاً إليها أكلاف المعيشة والإيجار وتسديد الضرائب والرسوم في الخارج.
- تستثنى نفقات الاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت...
- تستثنى نفقات الطبابة والاستشفاء لحالات يتعذّر شفاؤها في لبنان.
- يحدّد المجلس المركزي سقوف النفقات المستثناة ضمن سقف لا يتجاوز 50 ألف دولار سنوياً ولا يقلّ عن 25 ألف دولار سنوياً.
- إنشاء وحدة مركزية للتحاويل لدى مصرف لبنان تبتّ بطلبات التحويل بعد تحقق المصارف من مطابقتها للشروط (بالإضافة إلى آليات الموافقة والاعتراض وسواها).
- تُلاحَق المصارف المخالفة وفق المادة 208 من قانون النقد والتسليف وتبتّ الهيئة المصرفية العليا خلال أسبوعين حالة التخلف عن الدفع والإيفاء.
- يسمح للمودعين بتغطية تكاليفهم الضريبية و/أو الرسمية المتوجبة من خلال تحويلات أو شيكات مصرفية لمصلحة الخزينة من ودائعهم بالعملات الأجنبية تحتسب على أساس سعر التحويل في السوق الرائجة المعتمد من مصرف لبنان عبر منصة التبادل الحرّ.

ملخص اقتراح لجنة الإدارة والعدل
- حظر التحاويل إلى الخارج من الحسابات المصرفية بكل أنواعها.
- حصر سحب الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف الرائج المعتمد من مصرف لبنان عبر منصة التبادل الحرّ.
- يمكن سحب أرصدة الودائع بالدولار نقداً وبشكل شهري ضمن سقف يحدّده المجلس المركزي لمصرف لبنان من ضمن الخطّة الشاملة التي تضعها الحكومة.
- يمنع تحويل الحسابات المصرفية دائنة أم مدينة من الليرة إلى الدولار إلا في حال توافر التغطية النقدية الكافية والشاملة لدى المصرف المعني.
- تستثنى من القيود الأموال الجديدة (فريش دولار) وودائع السفارات الأجنبية والمؤسسات المالية الدولية والمنظمات الدولية والإقليمية والعربية من القيود.
- تستثنى بشكل مؤقت: تسديد نفقات التعليم في الخارج وأقساط القروض التعليمية التي قدمت طلبات استقراضها قبل 17/10/2019 مضافاً إليها أكلاف المعيشة والإيجار.
- تستثنى نفقات الاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت...
- تستثنى نفقات الطبابة والاستشفاء لحالات يتعذر شفاؤها في لبنان.
- يحدّد المجلس المركزي سقوف النفقات المستثناة والسقف السنوي الإجمالي.
- لا يمكن للمصرف المركزي خفض نسبة الاحتياط الإلزامي بالعملات الأجنبية إلى ما دون 14 في المئة.
- إنشاء وحدة مركزية للتحاويل لدى مصرف لبنان تبتّ بطلبات التحويل بعد تحقق المصارف من مطابقتها للشروط (بالإضافة إلى آليات الموافقة والاعتراض وسواها)
- تلاحق المصارف المخالفة وفق المادة 208 من قانون النقد والتسليف وتبتّ الهيئة المصرفية العليا خلال أسبوعين حالة التخلف عن الدفع والإيفاء.
- يسمح للمودعين بتغطية تكاليفهم الضريبية و/أو الرسمية المتوجبة من خلال تحويلات أو شيكات مصرفية لمصلحة الخزينة من ودائعهم بالعملات الأجنبية تحتسب على أساس سعر التحويل في السوق الرائجة المعتمد من مصرف لبنان عبر منصة التبادل الحرّ

---------

جريدة صيدونيانيوز.نت

الأخبار: كابيتال كونترول على مين؟...الوقوع في شرك «صندوق النقد ــــ السلطة».. خطة حكومية؟..الحفاظ على حقوق السحب الخاصة  أم إهدارها؟

2021-10-27

دلالات: