الرئيسية / أخبار لبنان /الرئيس سعد الحريري /الحريري معتزلاً: أنهوني لرفضي الحرب الأهلية...عزوف الحريري: من ابتهج ومن خاف؟...هل يترشح السنيورة؟

الرئيس الحريري يعلن (أمس) تعليق عمله بالحياة السياسية وعزوفه عن الترشح للإنتخابات- مروان بوحيدر - الأخبار-(صيدونيانيوز.نت )

جريدة صيدونيانيوز.نت / الحريري معتزلاً: أنهوني لرفضي الحرب الأهلية...عزوف الحريري: من ابتهج ومن خاف؟...هل يترشح السنيورة؟

 

Sidonianews.net

-----------

الحريري معتزلاً: أنهوني لرفضي الحرب الأهلية......هل يترشح السنيورة؟

الأخبار - نقولا ناصيف

المألوف في الحياة السياسية اللبنانية الوراثة اباً عن جد. على الحياة او بالوفاة او بعد الرمق الاخير. قليل الاعتزال الا لدى المُرتوين من السلطة والمتقدمين في السن او المكسورين عميقاً. أما غير المألوف فالاعتزال المبكّر الملزم في ذروة الزعامة والمرجعية

اياً تكن الاسباب الحقيقية - الى تلك التي أوردها امس في بيانه المقتضب - فما لم يقله الرئيس سعد الحريري او قاله همساً، في اليومين المنصرمين قبل مؤتمره الصحافي، هو المهم في ما أقدم عليه. مع انه استعار العبارة الاخيرة المشهودة للرئيس الراحل رفيق الحريري مغادراً آخر حكوماته، في 20 تشرين الاول 2004، بيد ان الاب لم يكن وقتذذاك منكسراً على صورة ابنه وارثه الآن. أوحى الاب انه اقوى، وتصرّف في الايام التالية في مواجهة الرئيس اميل لحود على انه كذلك، وهدّد بالانتقام في الانتخابات النيابية التالية. ولأنه بالغ في اظهاره قوة مهدِّدة حينذاك، اغتيل لاخراجه من المعادلة السياسية.

البارحة كان الحريري الابن مكسوراً كما في يوم تشييع والده. ما قاله انه هو الذي يُخرج نفسه من الحياة السياسية غير المعمِّرة - بالكاد 16 عاماً - فيما انكساره كان الأصدق فيه، المعبَّر عنه أكثر منه ما قاله وأدلّ. أُخرِج الرجل بهزمه تماماً. قال انه يعلّق عمله السياسي، من غير ان يقول انه ينهيه. هو في الواقع غير متأكد من ان الامر سيطول به او يقصر.
أما الهمس الفعلي في ما أسرّ به الرئيس المعتزل الى بعض مَن التقاهم اخيراً، فيكمن فيه جوهر ما فعل. لم يُصغِ الى كل المناشدات بعدم اخلاء مكانه، وأجاب بأنه مقتنع كلياً بما قرّر ولن يعود عنه. قال «طلبوا مني»، من غير أن يسمّي جهة محلية - وفي الغالب ليست كذلك - او اقليمية وراء قرار اخراجه من الحياة السياسية هو وعائلته وحزبه تيار المستقبل. الاشارة المبسّطة الدلالة الى مغزى إعطاب الافرقاء الثلاثة هؤلاء، الرجل والعائلة والتيار، ان المطلوب - والواقع المفروض - إسدال ستار اخير على أدوارهم في المعادلة الوطنية، بل إخراجهم نهائياً منها. كأن العائلة والتيار يدفعان ثمن أخطاء الرجل، او انه قادهما معه الى هذه الخاتمة.
بعض ما كان أسرَّ به عشية مؤتمره الصحافي، في أكثر من لقاء، وأفصح عنه في الغداة بعناوين غامضة:
1 - «أنهوني». ثمة قرار قاطع تبلّغه بالقضاء نهائياً على دوره السياسي، بدأ عام 2017 عندما احتجز في الرياض ولم يتوقف.
2 - البيت يجب ان يقفل نهائياً، ولا يتعاطى السياسة بعد الآن.
3 - لا ترشّح للانتخابات لأي في العائلة وفي التيار، تحت اي مسمّى او دعم ملتبس. اما هو فأخذ على عاتقه ان «ينصح» الاقربين أن لا يترشحوا، ولا يريد تحمّل مسؤولية ان يفعلوا.
4 - لم يقتصر الطلب منه على الاعتزال فحسب، بل دعوة تياره الى الاقتراع للوائح التي يتقدم بها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع واللواء أشرف ريفي ونائب بيروت فؤاد مخزومي وبهاء الحريري. المهم في الجواب الذي أفضى به الحريري الى محدثيه، انه لن يستجيب هذا الطلب «مهما كلفني». استطرد ان المقصود هو «دفع لبنان في اتجاه نزاع سنّي ـ شيعي، وأنا لن أكون أداة لهذه الخطة اياً تكن تداعياتها». بَانَ المقصود في ما دُعي اليه، جمع كل اعداء حزب الله في تكتل واحد في المرحلة التالية لما بعد الانتخابات، على طريق نشوء مرجعية سنّية جديدة قادرة على المواجهة والوصول الى الصدام.
5 ـ قال ان الرسالة التي تبلغها أخيراً فهمها متأخراً: «عام 2017 تبلغها ابن عمتي نادر ففهمها وارتضى بها وابتعد. أنا تأخرت في فهمها».
6 ـ لأن العائلة كلها مشمولة بالاعتزال، بما فيها العمّة النائبة بهية الحريري، كان ثمة اقتراح بترشح الرئيس فؤاد السنيورة في بيروت. عُرض الاقتراح على الحريري، وطلب منه ان لا يعترض على السنيورة - ما دام ليس من العائلة ولم يعد نائباً ولا رئيساً للتيار ولا لكتلته النيابية - فلا يقول تالياً انه لا يمثله، او لا يمثله تياره وخطه السياسي. لم تنجح المحاولة بعد في اقناعه بهذا المخرج.

هل يترشح السنيورة كي لا يترك الساحة السنّية لـ«شذّاذ الآفاق»

بحسب ما قيل ان السنيورة يوافق على الترشح اذا «طنّش» الحريري عنه. في الموازاة - على ذمة الرواة - فإن السنيورة يتقلّب على جمر، غاضباً من محاولة تسييب الساحة السنّية وإفقاد الطائفة، في بيروت والمناطق، مرجعيتها السياسية المكرَّسة. ما ينقل عنه قوله انه يرفض ترك الساحة السنّية لـ«شذاذ الآفاق»، في اشارة الى كل مناوئي الحريرية السياسية ورئيسها المعتزل وتياره، مدافعاً عن ضرورة الابقاء على الاعتدال الذي تمثله.
ما بعد الصدمة التي أحدثها اعتزال الحريري، ان الانتخابات النيابية المقررة في 15 ايار أضحت الآن اكثر عرضة للتعطيل، في ظل غياب المرجعية السنّية الأكثر تمثيلاً ومنعها من الانخراط فيها. سبب اضافي وثمين ربما للتفكير اكثر من ذي قبل بتأجيلها على الاقل، الى ما بعد ظهور تسويات محلية مرتبطة بأخرى اقليمية تعيد الحريري وتياره الى قلب المعادلة السياسية. لا احد يتوّهم ان المقاعد السنّية التي سيخليها الحريري وتياره ستبقى شاغرة، بسبب احجامه عن الترشح. قبلاً، في سابقة انتخابات 1992، سَهُل ملء المقاعد المسيحية بمرشحين مسيحيين، لا يمتّون بصلة الى الأحزاب الأكثر تمثيلاً سياسياً، بل كانوا نقيضها. مع ذلك لم يُطعن في شرعية البرلمان المنتخب. ما حدث قبلاً يصلح تكرار تجربته من دون الحريري، ما لم تطرأ صدمة اخرى قاتلة للانتخابات هذه المرة.

********

عزوف الحريري: من ابتهج ومن خاف؟
الأخبار-   ابراهيم الأمين 

لا يحتاج اللبنانيون إلى شرح لأسباب عزوف سعد الحريري. ما يريدونه معرفة انعكاسات القرار على حياتهم اليومية. سيخرج كثيرون، من الخصوم أو المنافسين، يقلّلون من شأن الخطوة، ويفترضون أنها لا ولن تؤثر في واقع البلاد. وسنجد من يطل علينا قائلاً: «كلها يومين والناس بتروق وبتكمّل حياتها»!

صحيح أن بيروت طاحونة لا تشبع من العظام. وصحيح أن لبنان شهد أفولاً لنجوم أكبر من سعد الحريري. لكن الصحيح، أيضاً، أن الجسم اللبناني هشّ إلى درجة أن خطوة كهذه تسبّب له عطباً إضافياً، فكيف إذا تزامنت مع اشتداد الخناق على لبنان، حتى بدت، في جانب منها، وكأنها ليست عقاباً للرجل الذي فشل في تحقيق أهدافه، بل خطوة أولى في مرحلة جديدة من الضغوط على لبنان.
ينبغي السؤال عن سرّ تزامن قرار الحريري ووصول الموفد الكويتي حاملاً دفتر شروط تعجيزية، وعن عدم اكتراث قوى بارزة في لبنان، وعواصم كبيرة في المنطقة والعالم، لخطوة الحريري، والإيحاء بأن نتائجها محصورة في دائرة معينة. لكن، يجب السؤال، أيضاً، عن مستقبل قسم من اللبنانيين، قرروا، وهم أحرار في قرارهم، أنهم يريدون سعد الحريري ممثّلهم في السلطة السياسية. وعندما قرر التنحّي لم يرق لهم الأمر، ومن الصعب توقع مبايعتهم لبديل عنه في القريب العاجل.
الفراغ، هنا، لا يتعلق بمنصب يمكن شغله على عجالة. الفراغ، هنا، يعكس حالة عجز عن إنتاج فكرة وخطاب تجلب معها الناطق باسمها أو قائد حملتها. وكل ما نسمعه أو قد نسمعه، من أنصار الرجل أو منافسيه، لا يعدو كونه انفعالات لا تعمّر لأسابيع. حتى الذين يُظهرون حماسة لوراثة الرجل، من أهل بيته السياسي أو الطائفي، لا يمكنهم ادّعاء أنهم أصحاب فكرة قابلة للرواج اليوم. مشكلة هؤلاء أن الحريري برّر انسحابه بالعجز عن القيام بما هو أكثر من عدم الانجرار إلى حرب أهلية. برّر خطوته بالقول إن القواعد المعمول بها في السياسة اللبنانية لا تنتج أفضل مما هو سائد اليوم. وإنه قرر، من تلقاء نفسه أو استجابة لضغوط، أو تماهياً مع ظروف، الخروج من اللعبة. وهو يفعل ذلك منبّهاً الناس إلى أنه لا يوجد ما يسمح بالتفاؤل بإمكانية إحداث تغيير كبير في المشهد اللبناني.
عملياً، يمكن للراغبين في تجاهل الواقعة الكبيرة، تجاهل تداعياتها الكبيرة على الواقع العام في لبنان. في هذه اللحظة، لا يصحّ التدقيق في نتائج ما حصل على صعيد الفريق السياسي الخاص بالحريري. يمكن لمن يرغب الاستماع إلى حسرة وليد جنبلاط وامتعاض نبيه بري وقلق دار الفتوى وحيرة سمير جعجع، لكن كل ذلك لا ينفع إزاء واقع آخر، يمثّله قسم غير قليل من اللبنانيين، باتوا اليوم بلا مرجعية تقيهم شرّ الشرود بين حيتان السياسة. مواطنون تغلبهم العاطفة في كل ما يقررونه من خطوات. ولو كان الواقع الاجتماعي لمريدي الحريري في حالة حسنة لراقبنا هجرة حقيقية لقسم كبير من هؤلاء إلى ديار الله الواسعة. ثمة سلوك جديد سيُجبر كثيرون على أتباعه. موظفون في الدولة سيهيمون على وجوههم بحثاً عن مرجعية تسندهم في ما تبقّى من دولة منهارة، ورجال أعمال يبحثون أصلاً عن ملاذات بعيداً من مآسي الإدارة اللبنانية. أما الفقراء، وهم جيش الحريرية الأكبر، فسيعيشون أصعب أيامهم، وهم عرضة لأهواء منافقين يعدونهم بالأفضل. علماً أنهم أساساً يعيشون تعبئة داخلية تجعلهم يغضبون على الجميع دفعة واحدة.

يكفي تخيل أنصاره هائمين على وجوههم يبحثون عن جواب معاشهم السياسي اليومي

ما حصل يستدعي سؤال خصوم الحريري من القوى السياسية عن معنى عزوفه في حساباتهم. صحيح أن خطوة كهذه ليست آخر الدنيا. وصحيح أن مراجعة نقدية لم تحصل من قبله أو من قبل أنصاره لتحديد المسؤولية عما أوصله إلى هذا القرار. لكن الصحيح، أيضاً، والصحيح أكثر، أن الخصوم كما الحلفاء أمام حالة تستدعي تشخيصاً دقيقاً قبل إحالتها إلى الطبيب المختص. نحن أمام مشكلة تخصّ كل اللبنانيين. وهي مشكلة حقيقية حتى ولو اتهمنا الرجل ومن خلفه بالمسؤولية عنها. صار لبنان كله معنياً بإيجاد حل للمسألة الحريرية، بوصفها تمثل مزاجاً حقيقياً وقوياً عند ثلث اللبنانيين على الأقل.
بالأمس، لم يكن يوماً لعزوف الرجل. تكفي مراقبة العيون الشاخصة إلى الشاشات منتظرة ما يريد قوله، لنعرف أنه ليس هناك من هو قادر على النزول إلى الشارع ورفع شعار: أنا البديل!
اليوم، يجب أن نبحث عن جواب لسؤال أكثر حراجة: من الذي أخافه قرار الحريري ومن ابتهج به؟ هذا تمرين يتيح لنا تقدير مسارات السياسة في القابل من الأيام، لأن قرار الحريري بالعزوف لم ولن يكون منعزلاً عن سياق يقود لبنان إلى حالة من الفوضى وعدم التوازن، وهي حالة قد تسبق حلاً وطنياً لا مقدمات له... وقد تكون مقدمة لحرب من نوع جديد.

-----------

جريدة صيدونيانيوز.نت

الأخبار : الحريري معتزلاً: أنهوني لرفضي الحرب الأهلية...عزوف الحريري: من ابتهج ومن خاف؟...هل يترشح السنيورة؟

2022-01-25

دلالات: