Sidonianews.net
-------
بقلم الشريف علي صبح
التطور الإعلامي الذي يشهده التاريخ بالتزامن المذهل مع التطور التكنولوجي وعالم الأرقام أخرج وسائل جديدة صنفت من وسائل وتقنيات العالم الإعلامي بما تحمله من قدرة على التأثير وتوجيه الجمهور ، فهدف الإعلام هو صناعة الرأي و توجيه الجماهير بالتقنيات والوسائل التي تخدم هذا الهدف ، فكل عملية يراد بها التوجيه إلى رسالة ما و تأثير معين تدخل ضمن مدار هدف الإعلام.
ولما كان الإعلام في أي رسالة يطلقها غير بريء بمعنى أن كل شيء يطرحه لا يخلو من خطاب النفس - على أسس مثنوية بين الفرد والجماعة - بتوسط الوعي واللا وعي ، كان علم النفس قريناً و ملازماً لهذه الفكرة فارتبط علم النفس والإعلام بصيغة مشتركة من خلال الجماهير إذ أن علم النفس يدرس الفرد من الناحية النفسية من خلال السلوك على صعيد اتجاهاته الثلاث ليكون علم النفس قراءة لسلوك وانعكاسات النفس .
وبما أن الإعلام يستند على الجمهور كركن أساسي ، فتح علم الاجتماع دراسة الجماعة من خلال سلوكها فدرس الظواهر الاجتماعية على أنها الأشياء التي تقوم بها الجماعة خارج الطبيعة والتي هي أولى بنود نظرية العالم غوستاف ليبان الذي تناول علم نفس الجماهير ودراستها ، فأصبحت نظريته و كتابه (سيكولوجية الجماهير ) هي أساس كل عمل يراد به الجمهور لتحقيق و إيجاد تأثير فيه .
أمام هذا التقديم بين علم النفس الذي يدرس سلوك الفرد و علم الاجتماع الذي يدرس سلوك الجماعة (الظواهر ) أبصر علم النفس الاجتماعي الذي يدرس التأثير - الإعلام يساوي التأثير - النور ليدرس تأثير الفرد على الفرد ، والجماعة على جماعة ، و الفرد على الجماعة ، و الجماعة على الفرد و في الأخيرين صار لدينا علم النفس الجماهيري.
تحددت وظيفة الإعلامي في مجال علم النفس الاجتماعي كون عمل الاعلام يكمن في التأثير وصناعة الرأي ليتعاطى التأثير المتبادل وجعل وسائل الاعلام و تقنياته لتحل محل الجمهور ليصبح علم نفس الإعلام بعد أن كان علم النفس الجماهيري ، إذ أنه كان يتعاطى التأثير المتبادل بين الجماعات والفرد بعيدا عن وسائل وآليات الإعلام أما وقد أخذ الإعلام مجراه وصار الجمهور على إحدى وسائله و بصيغة التداخل بين العلوم نشأ علم نفس الإعلام .
و لما تجانس علم النفس مع الإعلام توجه الإعلام لمخاطبة الجمهور مستعيناً بدراسات علم النفس و كإحدى وسائله و إلى اللا وعي بشكل خاص حتى يتم تلقي الرسائل الإعلامية بشكل غير ملحوظ بعيدا عن الوعي - أي توظيف المنطق والعقل عند استقبال كل طارئ - بالتوجه إلى المنطقة الغرائزية في النفس البشرية حتى يتم صناعة الرأي من دون طارئ يفشل العملية و الرسالة .
ومن أجل أن يكون التأثير عميقاً إستعان الإعلام في دراسة التأثير على الجماهير بنظريتين مهمتين تعتمد على كل منها على الأخرى ، الأولى نظرية تتناول الحياة والسعادة للعالم الأمريكي سليغمند ، و الثانية نظرية فك شيفرة الجماهير والسيطرة عليها للعالم والطبيب غوستاف ليبان . حيث أن سليغمند صنف أن السعادة مقترنة بأربع أنواع من الحياة ؛ ١- الحياة السارة ٢- الحياة الطيبة ٣- الحياة ذات المعنى ٤- الحياة الممتلئة ، وهي جمع مراحل الحياة الثلاث السابقة ولكن الفكرة الأساس من هذه النظرية أن النوع الثالث ( الحياة ذات المعنى ) هي أن يعيش الإنسان من أجل قضية كبرى و هذا هو محل إلتقاء سليغمند و ليبان في سياق هذا التفرع والتي بالتالي تسهّل عملية الإعلام و وسائله للتأثير المنشود أو لنقل -السيطرة على الجماهير- .
خروج غوستاف ليبان في دراسته بمصطلح الهوية الاجتماعية و سليغمند في الحياة الثالثة التي تكون سعياً وراء قضية كبرى ، وضعت الإعلام في تقارب بين النظريتين لتكون هذه الهوية - الهوية الاجتماعية في نظرية غوستاف ليبان - هي القضية ؛ ومن هنا ندخل في صلب البيان ، بين ما تقدم أن الإعلام وتطوره ودخوله عالم الأرقام و بروز وسائل جديدة أبرزت عالماً إفتراضياً جديداً ؛ أدرج قدرة سيطرة الذكاء الاصطناعي على كل مجريات حياتنا للتأثير بشكل كبير ليصبح ظاهرة يجب أن تدرس لما أدخلته من أشياء تقوم بها الجماعة متأثرة بهذا العالم خارج الطبيعة المعتادة و المرجع هو التوليفة في ترابط علم النفس والإعلام .
------------
جريدة صيدونيانيوز.نت
كيف يدخل الإعلام و العالم في سياق سيطرة الذكاء الاصطناعي ؟ بقلم الشريف علي صبح
2022-03-18