Sidonianews.net
--------------
الجمهورية / عماد مرمل
مع دخول إضراب المصارف التحذيري حيّز التنفيذ أمس، ومع مواصلة المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون معركتها ضد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة بتهمة الاثراء غير المشروع وتبييض الأموال، تكون المواجهة بين القضاء والقطاع المصرفي مستمرة، من دون أن تنجح حتى الآن محاولات «فك الاشتباك» أو «ربط النزاع».
يبدو انّ اختصاص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في تدوير الزوايا الحادة لم يسعفه هذه المرة، بل هو ظهر متحمساً بنحوٍ لافت للجم اندفاعة القضاء واحتوائها لارتيابه في دوافعها ومحركها، في مقابل مَيله الى التعامل مع القطاع المصرفي بالتي هي أحسن، على قاعدة انّ المطلوب اكل العنب وليس قتل الناطور وان التهور في معالجة ملف المصارف لن يعدو كونه «فشة خلق» لا تعيد الى معظم المودعين حقوقهم. لكن مقاربة ميقاتي هذه، لم تتمكن من شق مجراها في الأرض الوعرة، كما يوحي مسار جلسة مجلس الوزراء السبت الماضي والتي تبين انها ممنوعة من الصرف في القضاء، لتنتهي الى تكليف وزير العدل أن يكون «ضابط الارتباط» بين الحكومة والسلطة القضائية.
واذا كان ميقاتي قد حاول أن يوجد نوعاً من «توازن الرعب» مع القضاة المغضوب عليهم، عبر التلويح بإمكان استخدام الحق في إزاحتهم كونهم معيّنون من السلطة التنفيذية اصلا، الا ان قصر بعبدا لم يكن متفقاً معه في نمط المعالجة. وبالتالي، فإن «ملائكة» رئيس الجمهورية ميشال عون كانت حاضرة في الجلسة عبر وزير العدل الذي تولى إقناع رئيس الحكومة بوجوب صرف النظر عن استدعاء بعض المسؤولين القضائيين الى مجلس الوزراء، كما كان يقتضي السيناريو المرسوم.
وانطلق قصر بعبدا في موقفه، وفق المطلعين، من مبدأ الفصل بين السلطات الذي لا يسمح لسلطة بالتدخل في شؤون الأخرى، «واذا كانت الحكومة هي التي تتولى تعيين القضاة فهذا لا يعني ان لها الحق في ان تفرض إيقاعها عليهم، وبالتالي يجب أن تكون السلطة القضائية مستقلة في عملها وان لم تكن كذلك في طبيعة تكوينها».
وعلى هذا الأساس، رفض عون كما يؤكد القريبون منه، أن تزجّ الحكومة بنفسها في النزاع القضائي المصرفي، وهو يعتبر انه في حال وُجد اي خلل في سلوك السلطة القضائية فهي كفيلة بتصحيحه وتصويبه من داخلها وفق الآليات المعتمدة.
هذا من حيث المبدأ، اما في التفاصيل، فإنّ قصر بعبدا لا يشعر أن هناك في الاساس شططا او شرودا في عمل القضاة الذين اتخذوا أخيرا تدابير قانونية ضد بعض المصارف وحاكم المصرف المركزي وشقيقه. والمستغرب بالنسبة إلى اوساط القصر ان تقوم قيامة المصارف بسبب إلقاء الحجز على موجودات مصرف او اثنين لأسباب مشروعة «بينما لا تحرّك ساكنا إزاء واقع لجوئها هي الى حجز ودائع مئات آلاف المواطنين.. فأيهما أقسى في معادلة الحجزين؟».
وتعتبر الاوساط ان سلوك المصارف ليس مقبولاً «إذ هي تعارض «الكابيتال كونترول» وتمتنع عن استرداد الأموال التي هرّبتها الى الخارج بعد 17 تشرين، وترفض ان تعيد للمودعين حقوقهم، وتتهرب من تحمّل حصتها من الخسائر، ثم تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن بادر قاض الى اتخاذ تدبير ضد أحدها بناء على شكوى من مودع حُرِم من وديعته».
وتِبعاً للقريبين من بعبدا فإن إضراب المصارف غير مشروع لأنه من حيث المبدأ يخالف دورها المفترض المتمثّل في تأمين الخدمات للناس، إضافة إلى كون الإقفال يشكل في حد ذاته عقابا إضافيا للمودعين والموظفين الذين لا يجوز استخدامهم رهائن للضغط على القضاء او الحكومة.
ويحذّر المطلعون على موقف بعبدا من أنه في حال لجأ القطاع المصرفي الى الإضراب المفتوح يكون حينها قد تجاوز كل الخطوط الحمر، بحيث يحق عندها للقضاء ان يتخذ الاجراءات المناسبة: «لَهلّق بعدنا ساكتين بس وقتها بحث آخر بالتأكيد..».
اما موقف المصارف المستند الى إنكار الاتهام بإهدار ودائع الناس، وتحميل الدولة المسؤولية عن ذلك فهو غير مقنع بالنسبة إلى بعبدا التي تلفت الى انّ المودع وضع أمواله في المصرف انطلاقاً من انّ لديه المؤونة الكافية لرد الوديعة في اي لحظة «وهذا يرتّب على المصرف واجب الإيفاء بالأمانة كما هي عند طلب استعادتها، والمودع ليس معنياً بما جرى بين المصارف ومصرف لبنان والدولة ولا يجوز تدفيعه الثمن نيابة عن غيره».
------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / ماذا بين بعبدا والمصارف؟
2022-03-22