Sidonianews.net
--------------------
نداء الوطن / كلير شكر
بينما كان المصريون يعلنون عن «إنجاز» عملية عبور «الوحدة العائمة لإنتاج وتصنيع وتخزين الغاز الطبيعي المسالFPSO، الأحدث في العالم ENERGEAN POWER، في قناة السويس»، كونها من «تجارب العبور غير التقليدية والوحدة الأكبر التي تعبر القناة مقطورة بغاطس يتجاوز 18,5 متراً مما استلزم عبورها اتخاذ ترتيبات وتدابير ملاحية مُعقدة، نظراً لطبيعة الوحدة العائمة التي يبلغ طولها 227 متراً، وعرضها 59 متراً، بحمولة كلية 92680 طناً وارتفاعها من سطح الماء 69,5 متراً»، لإطلاق عمليات الحفر في حقل كاريش... كان لبنان الرسمي يسطّر بياناً يحذّر فيه من «أي عمل او نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازاً وعملاً عدائياً»، بعدما غرق لأشهر في مفاوضات غير مباشرة من دون التوصل إلى أيّ نتيجة، ووضع تعديل المرسوم 6433 في الأدراج.
فالتحذير اللبناني لن يكون ذا تأثير إذا لم يقترن بأي خطوة إجرائية، قانونية الطابع، من شأنها أن تردع شركة «اينرجين» وتدفعها إلى وقف أعمالها الاستكشافية في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، كما يؤكد بعض المعنيين. وهنا، لا بدّ من العودة إلى الرسالة التي أودعها لبنان الأمم المتحدة التي دعا فيها إلى «الامتناع عن أي نشاط في المناطق المتنازع عليها بما في ذلك منح حقوق لأي طرف ثالث، والقيام بأنشطة استكشافية أو بأعمال حفر أو باستكشاف الموارد الطبيعية»، بعد تأكيده أنّ «جميع الأعمال المشار إليها تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان وغير قابلة للتنازل عنها»، مشيراً إلى أنّه «يحتفظ بكامل حقوقه في رفع أية مطالب لاحقة ومراجعة منطقته الاقتصادية الخالصة، كما تنصّ المادة الثالثة من المرسوم رقم 6433 تاريخ 1 تشرين الأول 2011، اذا فشلت المفاوضات غير المباشرة في تحقيق التسوية التفاوضية».
وقد تكون هذه الرسالة ركناً قانونياً لأي إجراء قد يتخذه لبنان في حال تجاوزت الوحدة العائمة التابعة لـ»اينرجين» الخطّ 29 لبدء أعمال التنقيب في الجهة الشمالية من حقل كاريش، الموجودة بين الخطين 23 و29. إلا أنّ الأهم من الشكوى هو الذهاب فوراً إلى تعديل المرسوم وايداعه الأمم المتحدة. اللافت، أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو الذي كان يرأس الحكومة التي أقرت المرسوم 6433 في العام 2011، وهو بنفسه تسلّمه من سلفه حسّان دياب بعد سجال فوضوي على خلفية التمنّع عن إقرار تعديلاته ليصير الخطّ 29 هو الخطّ الحدوديّ بدلاً من الخطّ 23. فما الذي حصل بالمرسوم؟ لا بدّ أولاً من الإشارة إلى أنّ أكثر من مسؤول لبناني وبينهم رئيس الجمهورية لم يترددوا في ضرب الخطّ 29 عبر المجاهرة أنّ الخطّ 23 هو خطّ لبنان الحدودي، ومع ذلك، بقي مرسوم التعديل قيد الأخذ والردّ بين الوزارات المعنية، التي عادت وتسلّمته لإبداء الرأي قبل إحالته إلى مجلس الوزراء... لكن أبقت عليه نائماً في الأدراج. وقد تبيّن في كتاب ردّ من الأمانة لمجلس الوزراء، على مجموعة من المحامين طلبوا تزويدهم بالمعلومات حول مصير المرسوم، أنّه «بتاريخ 21 أيلول 2021 ومع تشكيل الحكومة الجديدة أعيدت جميع الملفات إلى الإدارات المعنية لعرضها على توقيع الوزير الحالي، ومن ضمنها ملف مشروع مرسوم تعديل المرسوم 6433، وأنّه لغاية تاريخه، لم يرد من الوزارة المختصة أي معاملة بهذا الخصوص».
السلطة الضائعة بين الخطوط
وجاء في الردّ أيضاً أنّه «بتاريخ 11 أيار 2022 وبعد تداول أخبار وصول سفينة نفط تابعة لشركة يونانية إلى حقل كاريش المتنازع عليه، وحفاظاً على حقوق لبنان في ثروته النفطية في المياه البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة بلبنان، ومنعاً لمحاولات التعدّي على هذه الثروة، وبناء لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء، وجّهت المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء كتاباً إلى كلّ من وزراء الأشغال العامة والنقل، الدفاع الوطني والخارجية والمغتربين، طلبت بموجبه الإفادة عن الإجراءات والتدابير المتخذة من قبل كلّ منهم بهذا الشأن».
اذاً، أكثر من سبعة أشهر مرّت من دون أن يشهد المرسوم أي «شحطة قلم»، ولم تكن كافية لكي يراجع الوزراء المعنيون الملف، ويذيّلوا مرسوم التعديل بتواقيعهم. كذلك، لم تكف كل تلك المدة لكي يبادر رئيس الحكومة باتجاه مساءلة وزرائه عن هذا الملف... فبدا خبر وصول سفينة الإنتاج إلى حقل كاريش مفاجئاً ومباغتاً ما دفع برئاسة مجلس الوزراء إلى إعادة تذكير الوزراء المعنيين بالملف. ومع ذلك، يقول بعض المعنيين إنّ تعديل المرسوم وحده هو الذي يحفظ حقوق لبنان في المنطقة المتنازع عليها، لأنّ المسألة تتعدى حقل كاريش إلى كلّ البلوكات الحدودية الموجودة بين الخطين 23 و29، والتي تضمّ عشرات الحقول من ضمنها حقل قانا، ذلك لأنّ السلطات الإسرائيلية أطلقت دورة التراخيص الرابعة والتي قد تشمل هذه المرة البلوك 72، الذي يقع بين حقليّ كاريش وقانا، وبالتالي اذا استمرت إسرائيل على هذا المنوال فقد تبدأ الحفر في هذا البلوك متسلحة بسياسة القضم البطيء فلن تعفي حقل قانا من سطوها، فيما لبنان غارق في خلافه على الخطين 23 و29 وصراعاته الداخلية ومصالح أطرافه السياسية. والأرجح أنّ حجة، وجود حكومة تصريف أعمال، ستتصدر مواقف المسؤولين للحؤول دون تعديل المرسوم مرة جديدة.
-------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان والعالم العربي / سفينة "اينرجين" في كاريش... وتعديل المرسوم 6433 في الأدراج
2022-06-06