Sidonianews.net
-----------------
المصدر: "النهار"
عندما كتبنا عن الشابّة هناء خضر، كنّا نأمل أن ننجح في ترميم ما شوّهه زوجها من حروق كسَت جسدها الطريّ... كنّا نريدها أن تنتصر على الموت وتطالب بعدالة تنصفها وتنصف كلّ امرأة معنّفة ما زالت تواجه الظلم بصمت. عندما كتبنا عن ابنة الـ21 عاماً الذي أحرقها زوجها بسبب خلافات زوجية، كنّا نستجدي الأيادي البيضاء لمساعدتها على العلاج حتى تصرخ بنفسها وتطالب بحقوقها لوقف هذا الإجرام ومسلسل العنف الذي عاشته.
هناء التي لم يمضِ على زواجها 4 سنوات، رحلت اليوم متأثّرة بحروق بليغة من الدرجة الثالثة اخترقت كلّ شبر من جسدها، وهي التي بقيت تواجه الظلم من أجل ولديها، رحلت وفي داخلها جنين لم تُكتب له الحياة، بعدما قرّر زوجها قتلها. بهذه البساطة، قرّر زوجها أن يُنهي حياتها بحرقها من دون رحمة أو رأفة.
لم يتسنَّ لهناء خضر إنجاب طفلها الثالث الذي كان ينمو في أحشائها لأنّ غضب زوجها والسلطة الذكورية كانا أقوى منها ومن جنينها، وقرّرت كتابة نهايتهما بطريقة مأسوية وموجعة. وبيده، قرّر إشعال غضبه وسكبه عليها بقارورة غاز كانت كفيلة في أن تأكل حياتها ببطء. أراد أن يُسكتها، ولكن من يسكت اليوم أنين ولدَيها الصغيرين اللذين لا يتعدّى عمر أحدهما السنة، والآخر السنتين ونصف السنة؟ من يُسكت الغضب الذي يشتعل في قلوب أفراد عائلتها، بعد أن خسروا ابنتهم بهذه الطريقة؟ من ينصف هنا خضر وأخريات من عنف أسريّ غالباً ما ينتهي بمأساة؟
رحلت خضر بأوجاعها الكبيرة وحروقها البليغة وأمومتها المعطوبة، ولكن هناك عشرات النسوة وراء الأبواب المغلقة يستجدين بصمت، بخنوع، بخوف لأسباب كثيرة وينتظرن من ينتشلهنّ من الجحيم.
وقال عمّها خالد، إنّه "لم يعرف أنّها كانت تتعرّض للعنف، ولم تُخبر والدها بذلك، ولكنّنا اليوم سمعنا أخباراً كثيرة وزاد وجعنا وجعاً. هي التي لم يمضِ على زواجها أربع سنوات، رحلت تاركة طفلَين"، مؤكّداً أنّ "الوجع كبير، وما جرى لن نسكت عنه، ولم نعرف السبب الذي دفع زوجها لارتكاب هذه الجريمة الموحشة".
يُسلّم خالد "أمره لله"، معتبراً أنّه "ما إلنا إلّا الله، لأنّو ما في عدالة... حرقة القلب أكبر من كل الكلمات، وننتظر تحقيق العدالة وإلّا لكلّ حادث حديث".
ولداها هناء ينتظران عودة والدتهما، في بيت جدهما (أهل والدهما)، في حين أنّ والدهما ما زال موقوفاً. ولكن من يوقف هذا الإجرام ضدّ النساء؟ العنف الذي يكبر وينمو تحت أنظار السلطة والمؤسسات الدينية من دون أن يهتزّ أحد.
منذ أيام، توفيت نبيلة عيدان، ابنة الـ35 عاماً، وهي أم لأربعة أولاد على يد زوجها الفارّ من وجه العدالة، وقبلها عشرات النساء اللواتي وقعنَ ضحية العنف المنزلي.
يجب ألّا ننظر إلى هذه الجرائم على أنّها حوادث فردية وإنّما جزء من سلسلة الجرائم التي ترتكب بحقّ النساء بسبب النظام الأبوي والذكورية السائدة خصوصاً في بعض المناطق. يبدو أنّ القانون الذي أقرّ 293/2014 (تشوبه بعض العيوب) لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من #العنف الأسريّ، لا يردع المجرم على فعلته، ولم تنصف العدالة في كثير من الأحيان الضحية التي رحلت نتيجة العنف المرتكب بحقها، لأنّ "كل مين إلو ضهر" و"بيطلع متل الشعرة من العجينة".
تزداد نسبة العنف ضدّ النساء في ظلّ إفلات واسع من العقاب، هذه الحقيقة تزيد الهوّة أكثر وترهق أرواحاً أكثر.
وبالعودة إلى الأرقام، تشير التقارير الصادرة عن قوى الأمن إلى ارتفاع عدد البلاغات عن العنف الأسري بنسبة 100 في المئة، بعدما وصلت إلى 1184 اتّصالاً خلال الحجر الصحي عام 2020. وهذه الأرقام إن كانت تدلّ على شيء، فعلى أنّ العوائق والصعوبات أمام حماية المرأة ما زالت كثيرة، والعقاب ما زال غير منصف في كثير من الأحيان.
------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / استسلمت هناء وجنينها بعد أسبوعين على حروقها... من يوقف هذا الإجرام؟
2022-08-18