Sidonianews.net
--------------------
بقلم الأستاذ مأمون حمود
رحم الله المربي الكبير الأستاذ مصطفى الزًعتري.. وغفر له وجعل مسكنه الفردوس الأعلى. تعازينا الصادقة للعائلة الكريمة جميعاً.
كما نعزّي أنفسنا نحن جميع أبناء صيدا والوطن بفقدان أحد أكبر رجال التربية في لبنان أستاذنا ومديرنا الحبيب المرحوم بإذنه تعالى مصطفى الزعتري.
ذكريات تعبر أفق الخيال تشهد على ما للفقيد الغالي رحمه الله من مكانة في قلوبنا وفي قلب مدينة صيدا وأبنائها كما في الوطن كلّه. ما كان أبهى تلك القامة التي كانت تطل علينا بصورة الوالد العطوف وصورة القائد الحازم!
ما كان أحبّ على قلبه أن تكون مجتهداً من دون استئثار او أن تكون تلميذاً متوسّط المستوى لكنّك تحاول.او ان تكون مبادراً طُلعةً ولو كنت مشاغباً أو قائداً في إضراب طلّابيّ محقّ!
كان فقيدنا الغالي مدير مصنع للرجال. وكم تفوّق أبناؤه وكانوا طليعة الأوّلين في الشهادات الرسميّة ثمّ كانوا نخبة المتعلٌمين العاملين الذين يفخر بهم هذا الوطن الصغير الكبير بهم لبنان.
أذكر في ما أذكر گيف دخل علينا في صفّ البكالوريا عابساً مستنكراً رفضنا لأستاذ الكيمياء (الذي لم يكن قادراً على إدارة الصف) منذراً بأنًنا لن ينجح واحد منًا في امتحانات الشهادة الرسميّة..لكنّ عينيه كانتا تقولان غير ذلك وتفيض حبّاً لطلّاب يعرفون ما يريدون.وأُقصي الاستاذ واستبدل به أستاذنا الكبير سليم عبّود رحمه الله.ونجحنا جميعاً.
أذكر كيف دخل علينا ونحن نلعب بورق اللعب في المقهى المجاور لمبنى الثانوية بعد أن نظّمنا إضراباّ لمناسبة وطنيّة وعطّلنا الدراسة..فلم ينطق بكلمة.ثمّ جمعنا في اليوم التالي نحن من نظّمنا الإضراب ومن دون ضجّة او جلبة وخاطبنا بكل هدوء متسائلاّ أهكذا تفهمون الإضراب ورسالته؟ أهكذا يكون الرجال؟!
كما أذكر انا بالذات كيف تردّد الراحل الحبيب بإرسالي للمشاركة بإحدى مسابقات الإنشاء الكتابي- ولم يكن واثقاً بعد من موهبتي_ فحين عدت رابحاً لم يحتفل واكتفى بإعلام رفقائي في الصفّ بالامر.ثم استدعاني ف اليوم التالي إلى مكتبه بحضور الناظر العام الذي كنًا نجلّ ونحترم المرحوم الأستاذ سليم الحاج وأهداني قلم حبر سائل "باركر" وخاطبني بالقول: "من الغد أريد ان أرى إسهامك كما يجب في إصدار مجلّة الحائط.
ويعرف طلّابي أنا جميعاً أنًني دأبت معهم على إصدار مجلّة الحائط بل رعيت إخراج طلّابي لها في كلّ صف وذلك لينطق كلّ حائط وينكسر كلّ جدار ويعبّر الأحرار..تماماً كما شاء مصطفى الزعتري ٱنذاك من دون تحريض ومن دون افتعال.فقط بإفساحه لنا في امجال.
كم كنًا شديدي التعلّق بهذا الأب الوقور الحكيم ..نعم كنّا نحبّ هذا الرجل من دون ان ندري لكن حين أمسينا رجالاً كنًا نتسابق لذكره بل نتسابق لتحيًته ومعانقته إذا رأيناه ولم ينسنا ولم ننسه ولن ننساه.فله يد في صنع الكثير ممّا رسخ في تفكيرنا وإحساسنا وما صاحب تطلّعاتنا و طموحنا.
أعلم بأنّه كان يفخر عميقاً بهذه الصناعة وانّه لم يكن يظهر تلك الحفاوة بنا عند التقاىنا به.لكنّ عينيه كما قلت كانتا تقولان أكثر من ذلك بكثير.ونحن لا يزال في قلبنا وفكرنا ونفوسنا الكثير الكثير ممّا يجب ان يقال في هذا الرجل الكبير عملاق التربية الأب الحنون المدير الرصين القائد الملهم الذي لم تُسمّ ثانويّة مصطفى الزعتري باسمه فحسب بل سُمّيَ طلّاب ثانويّته أبناء مصطفى الزعتري الأبرار .
نودّعك بلوعة ليس عليك فحسب بل على وداع حلم أخضر كنت أحد راسميه وسماء تطلّع كنت أحد ملهميه ووطن للحياة كنت خير مجاهديه أنت الذي حفلت ثانويّتك بندوة او أمسية شعريّة من هنا او لقاءو معرض من هناك او مباراة او عرس رياضيّ من هنالك..هي ثانويّتك فعلاً كانت وطناً للحياة وأبناؤهاً فعلاً ابناء الحياة لا بل هذه النخبة الطليعة الضليعة الٱباء الأشدّاء الرحماء من الأساتذة والمربّين رفاقك بل فريقك من العشّاق المقاتلين عشّاق الحياة..
سلام لروحك سلام لثانويّتك .. سلام لسمائك لواحتك لأرض رسالتك. وداعاً أيّها النجيب الحبيب الأديب الأريب الذي كتب صفحة مجيدة لأجيالنا بقلم من بهاء ونور والذي يبقى بطيفه رائداً مرشداً قائداً على جسر عتيد للعبور ..عبورنا بحر الظلمات ومستنقع الجهالات ٱلى حيث أشرت: أرض من عطر علم وتفتّح وانبعاث وحقل من عبير.
رحمة الله عليك .
-------------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار مدينة صيدا / مصطفى الزعتري .. كتَب صفحة مجيدة لأجيالنا بقلم من نور بقلم الأستاذ مأمون حمود
2023-04-15