الرئيسية / المرأة والمجتمع /أقلام ومقالات /أيهما أعظم الخيانة التربوية أم الزوجية؟

جريدة صيدونيانيوز.نت / أيهما أعظم الخيانة التربوية أم الزوجية؟

صيدونيانيوز.نت /أقلام ومقالات/  أيهما أعظم الخيانة التربوية أم الزوجية؟

منذ يومين عجبني أب يتحدث عن تقسيم الوقت بينه وبين طليقته في تربية أبنائهم، بأنه قسم الأسبوع بينه بين طليقته في تواجد الأبناء  معهما، كما لفت نظري إلى أنه اتفق مع طليقته على أن يربوا أبنائهم على قواعد تربوية أساسية، وهي التعامل معهم بحزم في أساسيات التربية مثل التربية الإيمانية والتعامل مع الأجهزة والحرص على التعليم، واتفقا على عبارات محددة يقولها الأبوين للأبناء عندما يسألون لماذا أنتم تفرقتم، وعدم ذكر أي طرف بالسوء للأبناء. 


هذا نموذج للإتفاق التربوي الناجح للمطلقين، لأن أبناء المطلقين ليسوا أيتاما حتى يشفق الوالدين عليهم أو يشفق جدهم عليهم، وإنما هم أبناء أصحاء يستحقوا التربية المتميزة من غير شفقة، ولكن بشرط تعاون الوالدين والتنسيق بينهما لتربيتهم، فالأصل عند الإنفصال بين الزوجين أن يتأثر الأبناء بسلبيات كثيرة، منها التعثر الدراسي والحزن والانطواء والضياع العاطفي والعدوانية في السلوك، ولكن نتجاوز هذا كله لو تم التعاون بين المطلقين على تربية أبنائهم. 


إن الطلاق لا يعني التخلي عن تربية الأبناء، حتى ولو أخذ أحد الوالدين حكم الحضانة له، فلا يعني هذا أن الطرف الآخر ليس مسؤولا عن تربيتهم، فقد يكون التخلي عن تربيتهم من باب الإنتقام أو التخلص من الماضي، ولكن التخلي عن تربية الأبناء تعتبر (خيانة للأمانة)، لأن الأولاد أمانة في رقبة الوالدين، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..)، فالمسؤلية مشتركة بين الوالدين بتربية الأبناء حتى لو حصل الطلاق.


فالخيانة التربوية أعظم من الخيانة الزوجية، لأن الخيانة الزوجية قد تكون نزوة أو شهوة أو غلطة ويتراجع الخائن عنها، كما أن أثرها على الشخص نفسه أو على زوجته، أما خيانة تربية الأبناء فهي خيانة دائمة ومستمرة، وضررها أشد لأنه يظهر فساد التربية في طفولة الطفل وفي كبره، ففي طفولته يكون مشروع انحراف سلوكي وفي كبره يأسس أسر سيئة ومتفككة بسبب سوء أو اهمال تربيته، والله تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) ، فمن واجب الوالدين بعد الطلاق حفظ أمانة الأولاد، وذلك في النفقة عليهم، وحسن تربيتهم، والتواصل اليومي معهم، واشعارهم أنهم بجانبهم وخاصة في أوقات الفرح والحزن، والتوجيه التربوي لهم، وتقوية علاقتهم بالله تعالى، ومن ترك تربيتهم أو أهملهم فإثمه عظيم لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) وفي رواية من (يعول).


فقرار الطلاق هو قرار اختياري للزوجين فهما يقرران إذا كانت سعادتهما في الإستمرار أو في الإنفصال، وفي الحالتين يحقق مصلحة للأبناء، لأن الإنفصال قرار شخصي للزوجين، ومن يتأمل القرآن يجد أنه ينظر إلى قرار الانفصال على انه اختياري للزوجين، لهذا الله عندما يذكر الطلاق لا يذكر الأولاد حتى لا يكون لهم تأثير على قرار الطلاق، ولكن الله أمر بعدة إجراءات لحماية الأبناء تربويا، فقد شجع الصلح قبل التفكير بالطلاق، وإذا لم يحصل الصلح أمر الله بالتسريح بالاحسان، وأعطى فرصة أخرى وهي إذا وقع الطلاق ثلاثا وتزوجت المرأة ثم طلقت فتح الله باب العودة لهما مرة أخرى، فالله لم يذكر الأولاد في آيات الطلاق ولكن كل هذه الإجراءات تصب في مصلحة الأولاد، وهذا من اعجاز القرآن في التوازن العجيب بين تحقيق مصلحة الزوجين الشخصية ومصلحة الأبناء.

2023-09-19

دلالات: