Sidonianews.net
-----------
النهار
لعل تصعيد إسرائيل امس لوتيرة غاراتها الجوية على المنطقة الحدودية في جنوب لبنان لا يحتاج الى الكثير من الاجتهادات والتفسيرات بعدما تجاوز التخوف من الانفجار الواسع بين إسرائيل و”حزب الله” في الأيام الأخيرة اطار التهديدات المتبادلة الى تجاوز الخطوط الحمر لقواعد الاشتباك على ضفتي خط المواجهة، ووصلت الغارات اول من امس الى تخوم جزين. ولكن، ومع طغيان كفة استبعاد قيام إسرائيل باشعال الحرب الشاملة، حتى مع تصعيد وتيرة تحدياتها واستفزازاتها في الساعات الأخيرة، فان ثمة معطيات لدى جهات ديبلوماسية مطلعة على الاتصالات التي تتلقاها الجهات اللبنانية المعنية تثير الخشية الشديدة لجهة التنبيه ولفت الأنظار الى ان اتساع المواجهات على مستوى المنطقة بعد تطوري انطلاق الضربات الأميركية والبريطانية للحوثيين في اليمن، وقصف الحرس الثوري الإيراني لاربيل في العراق، من شأنهما أيضا ان يضعا الوضع الميداني على الجبهة الجنوبية في لبنان على صفيح حار للغاية اكثر مما سبق طوال المئة ويومين من عمر “جبهة المشاغلة”. ذلك ان هذه الجهات تحذر من ان الجبهة التي ربطت ربطا محكما بتطورات حرب غزة باتت الان امام تعقيد إضافي هو خطر تحولها الى منصة من منصات المواجهات الخلفية بين القوى الغربية وإسرائيل وايران بما يضاعف المخاطر والمخاوف من انزلاق للوضع الميداني نحو تفجير واسع.
ولذا اكتسب ما نقله احد النواب من زوار عين التينة امس عن رئيس مجلس النواب نبيه بري دلالات مهمة لجهة كلام بري عن تجنب الأفخاخ الإسرائيلية. اذ نقل النائب طه ناجي عن بري بأن “لبنان لن يقع في الفخ الإسرائيلي الذي يهدف إلى جرنا لحرب شاملة، وهو في الوقت نفسه كله ثقة بحكمة المقاومة ووعي قيادتها في لبنان الى كل هذه الأفخاخ. كما يؤكد الرئيس بري أن إسرائيل التي إرتكبت الخطا الإستراتيجي الأول في عدوانها على غزة، في حال قامت بالعدوان على لبنان فإنها ترتكب الخطأ الإستراتيجي القاتل”.
“الغارات الأشد”؟
في أي حال، فان الوقائع الميدانية على الجبهة الجنوبية اتسمت بخطورة واضحة ترجمتها صحيفة “معاريف” الإسرائيلية التي أوردت ان “غارات اليوم ( امس) على لبنان هي الأشدّ منذ بداية الحرب”. وقد شهدت المنطقة الحدودية كثافة استثنائية في الاعتداءات الجوية الإسرائيلية عليها بحيث شن الطيران الحربي الإسرائيلي اكثر من 15 غارة على اطراف حولا، وادي السلوقي، وادي الحجير، وطريق رب ثلاثين الطيبة وحدها من دون المناطق الأخرى التي استهدفتها غارات وقصف مدفعي. وطاول القصف المدفعي كروم الزيتون في محيط منطقة العبارة في بلدة كفركلا. وعملت سيارات الإسعاف التابعة للدفاع المدني – الرسالة الإسلامية على سحب الجرحى الذين أصيبوا في الغارات التي استهدفت المنطقة ما بين وادي السلوقي ومجدل سلم وجرى نقلهم إلى المستشفيات في المنطقة . وتعرضت بلدة رب ثلاثين لقصف مدفعي، مما تسبب باحتراق منزل. وعملت فرق الدفاع المدني اللبناني وجمعية الرسالة على اخماد النيران. وشن الطيران الحربي ثلاث غارات جوية أخرى على أطراف بلدة حولا. وشنت مسيرة اسرائيلية بعد الظهر غارة على بلدة عيتا الشعب بصاروخ موجه. واستهدف القصف المدفعي اطراف علما الشعب كما استهدفت غارة جوية اسرائيلية اطراف البلدة. وزعم الجيش الإسرائيلي ان “قوات خاصة تابعة لنا تسلّلت إلى داخل الجنوب اللبناني وأزالت ألغامًا في قرية عيتا الشعب”. الا ان مصدرا في قوات “اليونيفيل” شكك في هذه المزاعم ضمنا حين قال: “لم نتلق أي تقرير عن تسلل إسرائيلي عبر الحدود مع لبنان ونفحص الأمر حالياً”. كما زعم الجيش الإسرائيلي انه “استهدف 150 خلية لحزب الله جنوب لبنان مسؤولة عن إطلاق صواريخ ومسيّرات منذ بدء المواجهات”. وتحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن “هجوم كبير للجيش في وادي السلوقي جنوب لبنان وعشرات الأهداف تعرضت لهجوم متزامن”. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي أجرى مناورة تحاكي هجوماً على لبنان. ونقلت عن قائد المنطقة الشمالية في الجيش أوري غوردين، قوله: “نحن أكثر استعداداً من أي وقت مضى، وسنواصل تعزيز الاستعدادات والتقييمات”. وأشار غوردين إلى نشر عشرات الآلاف من الجنود عند الحدود الشمالية، وقال: “ضربنا الكثير من المواقع على الجانب الآخرولا يزال هناك الكثير مما يجب عمله من أجل النجاح في تحقيق النتيجة المرجوة المتمثلة في تحسين الوضع الأمني حتى نتمكن من إعادة سكان الشمال إلى منازلهم”.
في المقابل، اعلن “حزب الله” عن سلسلة هجمات له على مواقع إسرائيلية وقال انه استهدف تجمعاً للجنود الإسرائيليين شرق مستوطنة إيفن مناحم كما شن بعد الظهر ومساء سلسلة عمليات استهدف فيها موقع السماقة في مزارع شبعا ومن ثم تجمعا للجنود الإسرائيليين في محيط موقع راميا وموقع بياض بليدا كما اعلن انه “ردا على اعتداءات العدو على محيط القرى الجنوبية استهدف محيط المستوطنات في منطقة النبي يوشع المحتلة بدفعات صاروخية مناسبة” .
ميقاتي
وترددت أصداء هذا الواقع الميداني المحتدم على اللقاءات التي يجريها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على هامش مشاركته في أعمال “المنتدى الاقتصادي العالمي” في دافوس في سويسرا، كما على المواقف الإعلامية التي يتخذها علما انه يستمر في ربط إعادة الاستقرار الى الجنوب بوقف النار في غزة . واجتمع ميقاتي امس في دافوس مع رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وتم البحث في الاوضاع الراهنة في الاراضي الفلسطينية والمنطقة وانعكاسها على لبنان. كما تطرق البحث الى عمل اللجنة الخماسية العربية والدولية للمساعدة في دفع عملية انتخاب رئيس جديد للبنان قدما الى الأمام .
وفي احاديث صحافية ادلى بها من دافوس اكد ميقاتي “أننا قلنا دائمًا وأبدًا أننا نسعى للحلول الديبلوماسية”، وقال “سمعنا من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أننا أمام فرصة لإيجاد حل للاستقرار في جنوب لبنان، ونحن نعمل على ذلك”، مؤكداً الالتزام بالقرارات الدولية بشأن لبنان و”نحترمها كلها”. وشدد على أنّ “وقف إطلاق النار في غزة هو حجر الزاوية لبداية كل الحوارات”، موضحاً “قلت أن حزب الله يتمتع بعقلانية وأترك هذا الحكم بعد 100 يوم من الحرب ولا يزال ضمن هذا التصرف وقال إنه يضع المصلحة اللبنانية فوق أي مصلحة ويحاول أن يتفادى أيّ كأس تؤدي للمزيد من الاضطراب في لبنان”. ولفت إلى أنّ “كل الاتصالات التي أقوم بها مقدّرة من كل الدول، وهي تعلم أن لبنان يحاول تفادي التصعيد جراء الاستفزازت الإسرائيلية”. وأوضح “إننا ندعو لتهدئة واستقرار طويل المدى على الحدود مع إسرائيل”. وأضاف:” بدأنا التحضير لاستقرار طويل المدى في الجنوب”، مشددًا على أن لبنان يجب أن يكون بعيدًا عن أيّ صراع.
وشدّد ميقاتي على أن ” قرار السلم بيد الدولة اللبنانية والحرب خسارة للجميع”، معتبرا أنّ “قرار الحرب جاء من حزب الله وهو يرد على الاستفزازات الإسرائيلية”. ولفت إلى أن “لبنان لا يستطيع أن يتحمل تبعات الحرب الآن”.
وفي اطار الردود المعارضة الرافضة لربط الوضع في الجنوب بحرب غزة حذر المكتب السياسي الكتائبي من أن “العمليات العسكرية تتوسع يوماً بعد يوم لتشمل البلدان المنضوية تحت راية توحيد الساحات واخطرها ما يحصل في اليمن والعراق وسوريا في ما يشبه حرباً اقليمية واسعة تجر العالم بمجمله الى ويلات يبدو لبنان فيها الحلقة الأضعف كونه مخطوف الارادة ومسلوب القرار ومؤسساته رهينة بيد حزب الله الذي بات الآمر والناهي وواضع الشروط للمبادرات المحلية والدولية”. وأكد انه “يرفض كلام رئيس الحكومة الذي صدر عنه عقب لقائه الموفدين الدوليين الساعين الى تجنيب لبنان الأسوأ، وقد كرّس بموجبه رسميا ربط مصير لبنان بالحرب الدائرة في المنطقة، راهناً مستقبل الشعب اللبناني بانتهاء الحرب في غزة وبقضايا ليست قضاياه ولا قدرة له على تحمل تبعاتها منفرداً”.
----------
جريدة صيدونيانيوز.نت
النهار: اليوم الأعنف للغارات: إسرائيل تحمي الأفخاخ؟ | الغارات الأشد؟ | ميقاتي؟
2024-01-17