Sidonianews.net
-------------
تعمّق الخلافات الإسرائيلية | أميركا تلقي بثقلها: هكذا نخرج من المأزق
الأخبار : حسين الأمين
تتفاقم الخلافات الإسرائيلية الداخلية، وصولاً إلى حدّ تهديد كل الأطراف بترك الائتلاف الحكومي أو «كابينت الحرب»، ما يعني انهيار أحدهما، وبالتالي تلقّي بنيامين نتنياهو ضربة قاتلة. ويهدّد حليفا رئيس الحكومة من اليمين المتطرّف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة، في حال ذهب نتنياهو نحو صفقة تبادل «غير مرضية» لهما، في حين يهدّده شريكاه المستجدّان في «حكومة الطوارئ»، بني غانتس وغادي إيزنكوت، بترك مقعديهما، في حال وجدا أنه يمنع صفقة تبادل جديدة، لحسابات سياسية خاصّة به. وإلى جانب الرجلين، يقف زعيم المعارضة، يائير لابيد، من خارج الحكومة، ليدعو مرّة إلى إسقاطها وسحب الثقة منها في «الكنيست»، وأخرى لعرض «الأمان السياسي» على نتنياهو في حال تخلّي الأخير عن حليفيه، ليحلّ لابيد وحزبه مكانهما، وتكون الحكومة بالتالي مغطّاةً سياسياً في حال أرادت المضي في الصفقة. أما الولايات المتحدة، التي بدأ، وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، جولته في المنطقة من السعودية، فالواضح أن الكباش بين إدارتها ونتنياهو، وصل إلى مستويات متقدّمة، جلّاها حديث صحيفة «بوليتيكو» الأميركية عن أن الرئيس جو بايدن، وصف نتنياهو في محادثات مغلقة بأنه «رجل سيّئ مجنون»، معبّراً عن قلقه من «سعي نتنياهو إلى جرّ الولايات المتحدة إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط». ورغم نفي المتحدث باسم بايدن الحديث الذي ساقته الصحيفة، إلا أن ذلك لا يتعدّى كونه «بروتوكولاً» وآداباً مُلزمة، إذ وإن لم يقل الرئيس الأميركي العبارة، إلا أنه يتصرّف وفقها بشكل واضح.
ما الذي تريده واشنطن؟
لا تريد واشنطن إنهاء الحرب الإسرائيلية بشكل كامل، من دون أن تؤدي إلى إنجازات حقيقية. وهي ترى أن إسرائيل فشلت في تحقيق تلك الإنجازات، في الوقت نفسه الذي تشعر فيه أن المنطقة تقترب أكثر فأكثر من انفجار كبير، قد يطيح بكثير مما «رتّبته» في هذه المنطقة، فضلاً عن كون قواتها المنتشرة هنا، ستكون أهدافاً أكيدة في أي حرب كبرى مُفترضة. كما اختبرت عرضاً نموذجياً من ذلك، عندما قُتل الجنود الثلاثة، وجُرح نحو 40، في القصف على القاعدة الأميركية في شمال الأردن. إزاء ذلك، تبحث الإدارة الأميركية عن «مخارج» للحرب، تتيح لجميع الأطراف القول بأنها «لم تخسر»، على الأقلّ، إن لم تكن «قد ربحت». ولكن، في الوقت عينه، فهي تهدف إلى بلورة عملية المخرج المفترض، بما يخدم تحقيق مصالحها الاستراتيجية الأوسع، وتجنيب إسرائيل مسارات قد ترفع من تكلفة إنهاء الحرب لاحقاً، أو حتى تشكّل مخاطر وجودية على الكيان.
بدأت واشنطن البحث عن التخفيف من آثار الطوفان، عبر استكمال خطط ما قبل الحرب
ومن هنا، يُفهم الحديث الأميركي عن أن خطط ما قبل الحرب، كانت تقضي بأن يُنجز التطبيع السعودي - الإسرائيلي، هذا العام، بأثمان مقبولة، من قبيل تعزيز السلطة الفلسطينية نوعاً ما، وكبح جماح الاستيطان في الضفة الغربية، من الجهة الإسرائيلية، إضافة إلى تأمين صفقات تسليح كبرى من الولايات المتحدة للسعودية، وتيسير ما عُرف بـ«المشروع النووي السعودي». لكن بعد عملية «طوفان الأقصى»، بدأت الولايات المتحدة البحث عن التخفيف من آثار الطوفان، وذلك باستكمال خطط ما قبل الحرب، وأهمّها التطبيع. ولكن، ليتمّ هذا الآن، بات على الأميركيين أن يدفعوا ثمناً أكبر له، بسبب الوقائع التي أفرزتها الحرب، ودخول قطاع غزة إلى المشهد من أوسع الأبواب. وبناءً عليه، طرحت الإدارة استعادة مسار «حلّ الدولتين». ومن هنا أيضاً، يأتي استعجال «تبريد» الحرب لعدّة شهور، تمهيداً للانتقال إلى مشروع التطبيع السعودي - الإسرائيلي في صيف العام الجاري، بما يفيد الحملة الانتخابية «المتعثّرة» لبايدن و«الحزب الديمقراطي»، ويرضي نتنياهو الذي شكّل التطبيع مع السعودية، هدفاً أساسياً وكبيراً له.
الوسيلة
على أن لتحقيق ذلك وسائل قد لا يُمسك بها الأميركيون بأسرها، ما يهدّد أصل نجاح الخطة المفترضة. وتكمن الأزمة الحقيقية أمامهم، في الموقف المتشدّد لنتنياهو وحلفائه من مجموعة قضايا أساسية، أبرزها:
ad
- خفض التصعيد وإنهاء الحرب في قطاع غزة.
- الانسجام مع جهود «حلّ الدولتين».
- تجميد الاستيطان في الضفة الغربية.
وبينما يعتقد الأميركيون بإمكانية «ترويض» نتنياهو، وإقناعه، بالترغيب والترهيب، بإيجاد حلول وسطية، كونه رجل سياسة، وهم أدرى به على مدى عقود، فضلاً عن صعوبة عزله وتنحيته، إلا أنهم يرون في بن غفير وسموتريتش، حجرَي عثرة أساسيّين، يدركون صعوبة تخطّيهما. وبناءً عليه، دشّن الأميركيون، منذ مدّة، مسارات ضغط على الحكومة الإسرائيلية، لترويض المعاندين والمتخوّفين، وإزالة العثرات أو تجاوزها، بحسب ما يظهر إلى الآن، أبرزها:
أولاً؛ الدفع نحو ضمّ غانتس وإيزنكوت إلى «حكومة الطوارئ» منذ الأيام الأولى للحرب، لضبط ميزان اتخاذ القرارات، وكبح نتنياهو في حالات محدّدة... ثمّ دفعهما الى التلويح باستقالتهما أخيراً، في حال تعمّدَ نتنياهو وحلفاؤه إفشال صفقة التبادل المفترضة.
ثانياً؛ تشكيل رأي عام إقليمي ودولي، داعم لمسار «حل الدولتين»، ومتبنٍّ للموقف الأميركي، وتصوير من يعارض هذا الرأي، أي الحكومة الإسرائيلية، «مارقاً» على الإرادة الدولية، وخاصة الغربية، ومُهدَّداً بالعزلة في المستقبل.
ثالثاً؛ إعادة تفعيل الحراك السياسي المعارض لنتنياهو وحكومته في الكيان، عبر العودة التدريجية إلى التظاهر في الشوارع، وخصوصاً إلى جانب عائلات الأسرى في قطاع غزة.
ad
رابعاً؛ فرض عقوبات على عدد من المستوطنين في الضفة الغربية، في رسالة مباشرة إلى بن غفير وسموتريتش، والتهديد بإمكانية إدراجهما شخصياً على لوائح العقوبات ومحاصرة جماعاتهما.
خامساً؛ تشجيع لابيد على إبداء استعداده لتأمين «شبكة أمان» سياسي لنتنياهو، ما يمنح الأخير ورقة باليد، يهدّد بها حليفيه المتطرّفيْن، وقد يستعملها في حال اضطراره لذلك في سيناريوات متطرّفة.
وتتقدّم هذه المسارات، بعضها بموازاة بعض، وهي تلتقي أحياناً، لتصبّ جميعها في الهدف النهائي: مكسب أميركي كبير، يتضمّن مجموعة مكاسب إسرائيلية أصغر.
-----------
غالانت ومتاهة لبنان
الأخبار : ابراهيم الأمين
كثيرون أصابهم الملل جراء الاستماع الى يؤاف غالانت. يعاني الرجل من عقدة غزة. عندما كان قائداً للجيش، اتّهم المستوى السياسي بمنعه من سحق حماس. لكنه اليوم، يجلس في مقعد القرار. وكل ما يقدر عليه، هو التنقل بين المواقع العسكرية، والتقاط الصور مع الجنود، قبل أن يشغل الراديو المزروع في رأسه، مكرراً الأغنية نفسها، كما يفعل في جلسات الحكومة. الجنرال الخائب ربما لا يعرف أنّ أحداً لا يقدّره في الجهة المقابلة. يكفي أن تنظر الى طريقة تعامل بنيامين نتنياهو معه. أو كيف يتجنّبه وزراء مجلس الحرب. لكنه يخرج علينا، ليصبّ جام غضبه وكأنه يعيش في كوكب آخر. يتصرف مثل ضابط صف، يلتزم البيان المكتوب له، حتى ولو كان يعرف أنّ أحداً من الجنود لا يستمع إليه.المشكلة، أنه كثير الكلام، ويهدّد طوال الوقت، ولا يترك أحداً من غلاظته. يهدّد رئيس حكومته، ورئيس أركان جيشه، ثم يهدد الوزراء الذين «هبطوا بالمظلّة الأميركية» على الحكومة، ويهدد الفلسطينيين في غزة والضفة والشتات، ويهدد لبنان وحزب الله، ويهدد أنصار الله في اليمن والمقاومة في العراق والسلطة في إيران. وفوق كل ذلك، لديه لازمة «الأسبوع الإضافي». قال إنه يحتاج الى أسبوع أو اثنين، لإنهاء العمل في شمال غزة، ثم طلب أسبوعاً إضافياً لتنظيف وسط القطاع، قبل أن يطلب أسبوعاً جديداً للوصول الى مركز القيادة في خان يونس، ثم سيخرج علينا بعد أسبوع، ليطلب أسبوعاً جديداً حتى ينجز العملية في رفح، وهناك سيطلب المزيد من الأسابيع.
أما على جبهتنا، فإن غالانت ليس لديه سوى الحديث عن الحرب المدمرة التي ستصيب لبنان إن لم تتوقف المقاومة عن قصف جنوده على الحدود. ويمكن لأي متدرب أن يجمع للرجل أكثر من عشرين تصريحاً عن لبنان، يكرر فيها العبارات نفسها: إذا لم يتصرف العالم ويكبح حزب الله، فسوف تقوم إسرائيل بالمهمة. وها هو اليوم، يضيف على ذلك قائلاً: حسناً، من قال إنه في حال توقف القتال في غزة، فإن القتال سيتوقف في لبنان؟
السؤال على أهميته ليس مطروحاً للإجابة إلا على طاولة المستوطنين من سكان مستعمرات الجليل الخالية. سبق لهؤلاء أن اجتمعوا مراراً بغالانت وبأركان جيشه. سمعوا الكثير من الوعود، وفي نهاية كل لقاء يقال لهم: سوف نمنح الديبلوماسية بعض الوقت، ولكن الزمن يضيق، وسنقوم بدورنا متى حان الوقت.
ومتى يحين الوقت؟
الآن، يواجه غالانت أحجية رسمها له قادة المستوطنين، لتظهر على شكل لعبة السلّم والأفعى. وفي كل مرة يرفعهم الى أعلى بتصريحات نارية، يأتي من خارج القاعة صوت صاروخ قادم من صوب لبنان ليعيد إنزالهم وهو معهم الى تحت.
بعيداً عن الإعلام، يتولى ضباط جيش الاحتلال المنتشرون في الشمال إفهام المستوطنين بأن الحلّ ليس قريباً، وأن عليهم الاستعداد لبقاء وقت أطول بعيداً عن منازلهم. لكنْ هناك من يقول لهم بأن الهدنة القريبة مع غزة ستسمح لهم بالعودة الى منازلهم. ومن يقول لهم ذلك، ليس غالانت، ولا ضباط جيشه، بل المقاومة في لبنان، التي تقول بأن وقف الحرب في غزة يعني وقف العمليات في الشمال. وعندها يمكن لهؤلاء العودة الى منازلهم.
ad
لكن مهلاً، غالانت يقول بأن وقف إطلاق النار في غزة مؤقّت. وإن جيشه سوف يستأنف الحرب. فماذا على المستوطنين أن يفهموا: يعلن عن الهدنة في غزة، فيتوقف حزب الله عن قصفهم، فيعودون الى منازلهم، يزيلون الركام، وينظفون أوساخ الجنود داخل المنازل وفي باحات المستوطنات. ثم يدرسون كيفية إعادة الإعمار، وفي غمرة انشغالهم في إنعاش أعمالهم، يسمعون أن الهدنة انتهت، ويبدأ رنين الهواتف حيث تطلب الجبهة الداخلية منهم ضرورة مغادرة المكان فوراً!
في هذه الحالة، يبدو أن المستوطنين، الذين يواجهون معضلة كبيرة في التعامل مع حكومتهم، أقرب الى قرار إحالة غالانت وجنرالاته الى لعبة جديدة، اسمها المتاهة اللبنانية.
وقمح!
-------
جريدة صيدونيانيوز.نت
الأخبار : أميركا لإسرائيل: هكذا نخرج من المأزق؟ | غالانت ومتاهة لبنان؟ | تعمّق الخلافات الإسرائيلية ؟
2024-02-06