Sidonianews.net
------------
الأخبار
فُتحت الأسئلة حول مصير الجبهة الجنوبية التي فُعّلت إسناداً للمقاومة في غزة، في ظل محاولات التوصّل إلى تهدئة «مؤقتة» وصفقة لتبادل الأسرى مع «حماس». وعلى وقع السيناريوات التي يجري تداولها، برزت خشية من أن تستغلّ حكومة الكيان فرصة الهدنة في غزة لمزيد من التصعيد في جنوب لبنان. وهذه هي «زبدة» الرسائل التي لا يزال الموفدون الغربيون يحملونها الى بيروت، مع استمرار مساعيهم لإقناع حزب الله بـ«فصل الجبهات»، وبدء مفاوضات سياسية للوصول الى حلّ يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار بين لبنان والعدو الإسرائيلي.ومن ضمن هذه المحاولات، سلّمت باريس أخيراً الجانب اللبناني النسخة «الرسمية» من الاقتراحات الخاصّة بمعالجة التوتّر التي سبق أن قدّمها (بطريقة غير رسمية) وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورنيه خلال زيارته الأخيرة للبنان قبل أسبوعين. وحملت الورقة، وفقَ ما ذُكر سابقاً، عنوان السفارة الفرنسية في لبنان، وتسلّمها لبنان باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية. وعلمت «الأخبار» أن المقترحات التي لم تشهد أيّ تعديلات عن تلكَ التي نُقلت سابقاً إلى لبنان، هي مدار بحث بين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، تمهيداً للردّ الرسمي اللبناني عليها، علماً أن السقف الذي وضعته المقاومة للبحث في الاتفاق السياسي ليسَ متوافراً بعد. وعليه، ينشط العصف السياسي والأمني لتحديد موقف الحزب، محاطاً بعلامات استفهام كثيرة عن «التوقيت الذي سيراه الحزب مناسباً لفتح الباب للنقاش في الطروحات الغربية بشأن خفض التصعيد على الجبهة الجنوبية». فهل ذلك مرهون فعلاً بتوقّف كلّي وكامل ورسمي للحرب الإسرائيلية على غزة، أم هو رهن تحوّلات في شكل الحرب؟ وإذا ما تمّ التوصل فعلاً إلى اتفاق تهدئة مؤقتة وتبادل للأسرى مع المقاومة في غزة، كيف سيكون وضع الجبهة الجنوبية حينها؟ هل سيكتفي الطرفان بالهدوء مقابل الهدوء؟ أم أن العدو الإسرائيلي سيُنفّذ التهديدات التي أطلقها وزير الحرب في الكيان يوآف غالانت بأن إسرائيل لن تُوقف النار في الجبهة مع لبنان، حتى لو تمّ التوصل الى صفقة في غزة. وهو ما يُترجم محاولات إسرائيلية لتطبيق استراتيجية فصل الجبهات، بالنار، مقابل تكريس «محور المقاومة»، وبشكل خاص حزب الله، لوحدة الساحات بالنار أيضاً عقب عملية «طوفان الأقصى»؟
باريس سلّمت لبنان اقتراحها الرسمي والأميركيون يقلّلون من شأن المسعى الفرنسي
بالنسبة إلى فرنسا وبريطانيا، وبعض الدول الغربية والعربية الأخرى، هناك اعتقاد بأن حزب الله يُمكن أن يقبل بالتفاوض بعيداً عن مجريات المعركة في قطاع غزة. وعلى هذا الأساس، اختارت باريس إعطاء وساطتها إطاراً رسمياً تمهيداً لفتح باب التفاوض، وحجز مكان متقدّم لها في الوساطة. بيد أن الأميركيين يبدون مقتنعين بأن لا إمكانية ولا جدوى من بحث في أيّ حلول وترتيبات بخصوص الجبهة اللبنانية، قبل تبلور الموقف بشكل واضح في قطاع غزة، مع إمكانية أن تكون هناك محاولات أميركية مباشرة أو غير مباشرة لقياس ردّ فعل حزب الله، تبعاً لكل مرحلة أو شكل تنتقل إليه الحرب أو المفاوضات في غزة خلال الفترة المقبلة. وهذا ما يُفسّر «الجو» الأميركي الذي ينقله مسؤولون لبنانيون، لمسوا إصراراً أميركياً على التقليل من شأن المسعى الفرنسي الحالي، باعتباره «غير قابل للنجاح».
وعليه، فإن أجوبة الأسئلة أعلاه، هي في الحقيقة جوهر ما يبحث عنه كلّ الموفدين العرب والغربيين، وكل فرق استخبارات الدول في بيروت. وكذلك، هي ما يبحث عنها العدوّ الإسرائيلي، ويحاول استكشافها، مرّةً بالسياسة والرسائل الديبلوماسية غير المباشرة، وأخرى بالنار والتصعيد في الميدان.
وبالتزامن مع تزخيم المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية بوساطة مصر وقطر ورعاية الولايات المتحدة، وانعقاد اجتماع «باريس 2»، أمس، في محاولة للوصول الى صفقة جديدة، يجري على خطّ مواز تداول أفكار ومقترحات يُمكن الاستناد إليها خلال المرحلة المقبلة، لإطلاق مسار تفاوضي غير مباشر، بين لبنان وإسرائيل، يكون موازياً للمسار الفلسطيني - الإسرائيلي، بعدَ اتّضاح صورة الموقف في المسار الأخير.
----------
قواعد حزب الله فرضت قتالاً على أرض العدوّ وقيَّدت خياراته: التصعيد الإسرائيلي محسوب... ولا يزال «محدوداً»
الأخبار علي حيدر
تشكل جولات التصعيد على جبهة جنوب لبنان تجسيداً لديناميات «الحرب المحدودة» التي تخوضها المقاومة، وتؤكد فشل جيش العدو في فرض وقائع تسمح له بتحقيق إنجازات استراتيجية، سواء في الجنوب أو لجهة ارتباطها بجبهة غزة. وتُجسِّد هذه الجولات أيضاً نجاح حزب الله في تحويل الجبهة الجنوبية الى مسار ضغوط متصاعدة على مؤسسة القرار والجيش والرأي العام في كيان العدوّ. والأبرز أنه نجح في هذه المعادلة عبر فرض قواعد اشتباك تستند الى قوة ردع استراتيجي حالت حتى الآن دون التدحرج نحو حرب شاملة.في الموازاة، نجح حزب الله في تحويل هذه الجبهة الى ساحة استنزاف في أكثر من اتجاه، ما فرض على قيادة العدوّ إنشاء حزام أمني داخل «الأراضي الإسرائيلية». وهي سابقة تتجاوز مفاعيلها ورسائلها البعد العملياتي، الى تقويض صورة قوة الردع الاستراتيجي لكيان العدو، وتُعزِّز صورة المقاومة في المبادرة والرد والردع مقابل سياسة التهويل التي يستند فيها قادة العدو الى أدائهم الإجرامي في قطاع غزة. وفي السياق نفسه، يأتي أيضاً تهجير عشرات آلاف المستوطنين والتدمير الواسع في المستوطنات إلى جانب الأضرار الاقتصادية اللاحقة بسكان الشمال، ودور جبهة لبنان بين العوامل الأخرى التي أدّت إلى تخفيض درجة الائتمان لإسرائيل للمرة الأولى منذ عشرات السنين (بحسب دراسة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب).
ومن إنجازات الجبهة اللبنانية، أيضاً، بلورة واقع ميداني ضاغط على كيان العدوّ في وجه محاولاته لفرض معادلة جديدة في جنوب لبنان كجزء من تداعيات «طوفان الأقصى». وفي هذا المجال، لفت معهد أبحاث الأمن القومي إلى أن حزب الله يقاتل في سياق الأهداف الاستراتيجية التي يسعى إليها، ومن بينها «الحفاظ على توازن القوى وتوازن الردع، وتحسينهما لمصلحته في ما يتعلق باليوم التالي للحرب»، وهو معطى يكشف حضور البعد الاستراتيجي المتعلق بمستقبل الوضع في لبنان والمعادلات التي ستحكمه بعد انتهاء الحرب، بما يحفظ المصالح الاستراتيجية للمقاومة ولبنان.
بعد خمسة أشهر على القتال، لم ينجح الجيش في تحقيق الإنجاز الاستراتيجي المؤمَّل بردع المقاومة
وتقرّ دوائر القرار في كيان العدوّ، بعد نحو خمسة أشهر على القتال، بأن الجيش لم ينجح في تحقيق الانجاز الاستراتيجي المؤمَّل بردع حزب الله، بسبب مجموعة عوامل رئيسية، من بينها قوة ردع حزب الله التي تشكل العامل الرئيسي لارتداع كيان العدوّ حتى الآن عن شن حرب شاملة على المقاومة. وهو حرص لا تزال قيادة العدوّ السياسية الأمنية تتمسك به، ويعكس تقديراتها ومخاوفها من تداعيات هذه الحرب على الأمن القومي الإسرائيلي. كما يعود الى القواعد التي فرضها حزب الله وأدّت الى تقييد خيارات الجيش وقلَّصت نطاق ضغوطه، ورغم ارتقاء أدائه العدواني بشكل محسوب ومضبوط في أكثر من محطة، إلا أنه بقي محدوداً حتى الآن.
وبحسب قراءات إسرائيلية، أيضاً، و«لدى النظر إلى الميزان المؤقت لنتائج القتال، من الواضح أن الجانبين تعرّضا لضرر كبير في الأملاك والمعدات، لكن الضرر الذي أصاب البنى التحتية لحزب الله كان أكبر»، ربطاً بالتطور التكنولوجي لدى العدو. لكن هذا التفسير يتجاهل أيضاً العامل المتمثل بالتزام حزب الله قواعد اشتباك تتصل بالنطاق الجغرافي والوسائل القتالية والأهداف، بهدف حماية البيئة المدنية واحتواء التصعيد، من دون أن يكون ذلك على حساب الاستراتيجية التي ينتهجها.
بموازاة ذلك، شكَّل صمود حزب الله وبيئة المقاومة أحد أهم عوامل فشل العدوّ، الذي راهن على تأليب هذه البيئة ضد المقاومة. وتحوّل هذا الصمود الى قاعدة تستند إليها المقاومة في ضرباتها المدروسة والمحسوبة.
أمام هذا الواقع الشديد التعقيد، تواجه مؤسسة القرار السياسي والأمني في كيان العدوّ تحدّياً جوهرياً يتمثل بكيفية تحقيق الأهداف الإسرائيلية وتجسيد القدرة العملياتية لجيش العدوّ بمستويات أشدّ، من دون أن يؤدي ذلك الى نشوب حرب شاملة مع لبنان على الجبهة الشمالية، قد تتدحرج الى حرب إقليمية.
في كل الأحوال، تشكل هذه المرحلة من المواجهة مع إسرائيل حلقة في صراع مستمر، لكنها تجسّد تطوراً نوعياً بالقياس الى المراحل السابقة. وتؤسس لمعادلات ومرحلة جديدة ستتبلور معالمها في ضوء نتائج «طوفان الأقصى» والحرب على غزة وامتداداتها من البحر الأحمر الى جبهة لبنان.
------------
جريدة صيدونيانيوز.نت
الأخبار: أسئلة غربية لبيروت: متى يفاوض حزب الله؟ | التصعيد الإسرائيلي محسوب... ولا يزال محدوداً؟ | قواعد ح زب الله فرضت قتالاً على أرض العدوّ وقيَّدت خياراته
2024-02-24