الرئيسية / أخبار لبنان /مقالات /استقرار سوريا ولبنان: التحدّيات المشتركة والإرادة الدولية!

جريدة صيدونيانيوز.نت / استقرار سوريا ولبنان: التحدّيات المشتركة والإرادة الدولية!

 

Sidonianews.net

---------------------

الجمهورية

جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة

لا يزال المشهد في المنطقة غارقاً في ضبابية مكثفة تحجب الرؤية الواضحة والشاملة عن كل متابع مدقق، وذلك لتشابك الخيوط والخطوط في سوريا على رغم من تطمينات أحمد الشرع (الجولاني) وانغماس القوى الداعمة للتحوّل الكبير في هذا البلد وفي مقدّمها تركيا وقطر، من أجل توفير أرضية سياسية - أمنية ملائمة، ليشق النظام الجديد في دمشق طريقه بلا عراقيل ومعوقات تحول دون انطلاقه على النحو الذي وعد به السوريّين، ويكون قادراً على الإيفاء بالالتزامات التي تعهّد بها أمام العالمَين العربي والغربي.

ويُعرب قطب سياسي لبناني عن تخوّفه ممّا يحصل في المنطقة التي يرى أنّها دخلت الفلك الإسرائيلي بكل ما للكلمة من معنى، بدليل ما حصل في غزة ولبنان وأخيراً في منطقة الجنوب السوري، حيث توغلت قوات الدولة العبرية إلى مسافة 16 كيلومتراً مستغلة التطوّرات المتسارعة التي بدّلت وجه دمشق وأدخلتها مرحلة جديدة منهية حقبة من 6 عقود كانت حبلى بالأحداث والتطوّرات، حيث تموضعت دولياً وإقليمياً في فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، كما أعادت صوغ دورها في التحالف الدولي الذي أرغم صدام حسين على الانسحاب من الكويت بعد غزوه لها.

ويضيف هذا القطب، أنّه من المبكر الحكم على مآل الوضع في سوريا، وأنّ المشهد سيتبلوَر خلال عام يُتوقع أن يشهد خلاله تطوّرات تحمل في طياتها أجوبة عن كثير من الأسئلة الملحّة. ويقول إنّ العلاقة بين لبنان وسوريا تشبه الأوعية المتصلة، فكل تطور إيجابي أو سلبي في أحد البلدَين ينعكس على الآخر، وأنّ إنكار هذا الأمر في غير محلّه، ولا بُدّ من علاقات مميّزة ومتمايزة على قاعدة الاحترام المتبادل للمصالح وحل دائم للمسائل الإشكالية التي لم تُبَت حتى اليوم، على رغم من الاتفاقات والمعاهدات المعقودة بين بيروت ودمشق منذ العام 1946 حتى اليوم، والتي باتت في أمسّ الحاجة إلى مراجعة شاملة واستبقاء ما يصلح منها، أو تعديل ما يحتمل التعديل وإلغاء ما يجب إلغاؤه.

ويرى القطب إياه، أنّ الحفاظ على وحدة سوريا هو موضوع رئيس يجب أن ينصبّ عليه جهد الدول الراغبة في إنجاح الحكم الجديد الذي يفترض أن يزرع الثقة في المكوّنات السورية لتثمر قبولاً وتعاوناً، وإقبالاً، وأنّ ألف باء النجاح هو طمأنة الأقليات. ومن الواضح أنّ خطاب الشرع (الجولاني) حيال الأقليات كان تصالحياً، استيعابياً، وأنّ استئمانها خلقَ جواً من الارتياح، لكنّ بعض الأحداث المتفرّقة في كل من دمشق وحمص والساحل ولّدت «نقزة»، ولو أنّ طرائق التعبير الاحتجاجية عنها، كانت عفوية وغير مخطّط لها، ما يعني عدم وجود نيات سيئة ضدّ الحكم الجديد. ومن هنا، فإنّ للبنان مصلحة في أن تكون سوريا مستقرة وأن يساعد على ذلك من خلال تعاون رسمي على المستويَين السياسي والأمني، ومحاولة ضبط العلاقة الرسمية ضمن هذا الإطار تجنّباً لتكرار التجارب السابقة المخيّبة. لكنّ الأسئلة التي لا جواب عنها حتى الساعة تتلخص بالآتي:

1- كيف سيتعامل الحكم الجديد في دمشق مع ضمّ الجولان واجتياح عدد من المدن والبلدات السورية في الجنوب، واحتلال الجيش الإسرائيلي الجانب السوري من جبل الشيخ؟ وكيف سيطلب استردادها إلى كنف السيادة السورية: بقرارات من مجلس الأمن، هل بمفاوضات بواسطة طرف ثالث، أو بمفاوضات مباشرة، وما هو الثمن؟

2- كيف ستدفع الدولة السورية الجديدة رواتب مليونَين ومائتَي وخمسين موظفاً في القطاع العام، لأنّ المجموعة الحاكمة اليوم تمكنت من القيام بأعباء المناطق التي استولت عليها من النظام السابق في مناطق متفرّقة من البلاد، وكانت مدعومة من قوى دولية وعربية، أمّا اليوم فكل سوريا في عهدتها، ويرتب عليها ذلك تحدّيات كبيرة.

3- كان الجيش السوري قبل سقوط النظام يستهلك 60 في المئة من موازنة الدولة، لكن هل سيكون الجيش السوري في المرحلة الجديدة على شاكلة سابقه من حيث العدد والتجهيز، والإنفاق، وأي دور سيؤدّيه في ضوء العقيدة الجديدة التي عليه اعتناقها بعد رحيل نظام البعث؟

4- هناك ملف إعادة الإعمار والبناء، وما هو المطلوب على هذا الصعيد: بناء وتأهيل البنى التحتية ومنها قطاع إنتاج الكهرباء، وتأهيل حقول النفط والغاز وترميمها، والمدارس المهدّمة كلياً والتي يبلغ عددها 5 آلاف مدرسة، وإعادة بناء المرافئ وتفعيلها، تحديث الصناعات الثقيلة العائدة ملكيّتها للدولة، أو بناء البيوت المهدّمة مع الإشارة إلى أنّ بناء الوحدات السكنية ليست بكلفة إعادة الحياة إلى البنى الأساسية التي ترهلت ولم تعد قادرة على القيام بدورها؟

ثمة واقع مشترك بين لبنان وسوريا يرقى إلى مرتبة الهاجس، وهو طريقة إعادة البناء. وإنّ إسرائيل هي التي دمّرت في لبنان وقضت على بنى وإمكانات وألحقت به الخسائر الفادحة، ووضعه الغرب بإستثناء بعض دوله (التي تعاطفت معه بخجل) تحت قبضة الحصار الدولي الخانق، ولامبالاة عربية واضحة، عدا سوسة الفساد التي نخرته. في حين أنّ سوريا أسقطتها حرب ضروس فتحت الباب واسعاً أمام تدخّلات دولية وإقليمية وعربية، ودام الأمر بين مَدّ وجزر من 2011 إلى 2024، فانتهى المطاف بسقوط نظام الأسد، وجاءت إسرائيل لتجهز على ما تبقّى من خلال اعتداءاتها المتكرّرة على سوريا وتدميرها قدرات الجيش فيها تدميراً شاملاً، فلم يعد من وجود لسلاح الجو، البحرية، المدفعية، الدبابات، المدرّعات، الحرب الإلكترونية، ومراكز الأبحاث العسكرية. هناك حطام جيش ليس قائماً، ولا يمكن أن يعود كما كان بالعقيدة نفسها، والعدد عينه، والعديد والعتاد السابق. إنّ التحدّيات التي تواجه لبنان - ما يتعلّق بالقوى المسلحة - تكاد تكون مشابهة لتلك التي تواجه سوريا في الغد القريب. ولجبهِ هذه التحدّيات لا يمكن لأي من البلدَين أن ينهض من دون إرادة دولية - عربية، هي وحدها التي تستطيع أن تساعد في العبور إلى مرحلة جديدة. هل أنّ هذه الإرادة متوافرة؟

-------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / استقرار سوريا ولبنان: التحدّيات المشتركة والإرادة الدولية!

2024-12-30

دلالات: