صيدونيانيوز.نت / أقلام ومقالات / احلم وعِش حُلمك
نحن نبدأ بحلم رؤية للمستقبل، نحلم بأن نكون أغنياء وسعداء، وربما حتى مشهورين، معظمنا يحلم بمستقبل كهذا، وذلك في معظم الحالات هو ما سيؤول إليه الأمر.. حُلم.
لقد راودت تلك الأحلام الأشخاص الناجحين أيضًا، لكنهم حولوا تلك الأحلام إلى أهداف ثم إلى حقيقة!. لم تكن أحلامهم آمالاً غامضة للنجاح، ولكنها كانت أحلامًا لإنجازات محددة كانوا يهدفون إليها.. كان حلم "إديسون" بعالم تضيء فيه الطاقة الكهربائية ظلمة الليل.
أصحاب الآمال الواسعة دائمًا حالمون، يفتحون بأحلامهم أبواب الأمل، فأحلام اليقظة هي سرُّ إبداعهم، وهي ظاهرة طبيعية لدى أصحاب العقول المُبدعة.
أولئك الأشخاص، الذين لديهم إرادة وعزيمة حديدية بحيث لا يعوقهم شيء، هم فقط الذين لديهم ثقة بأنهم سينجحون بالمثابرة والعزم
التاريخ يشهد للأشخاص المخترعين والمكتشفين والمبتكرين والمفكرين أنهم كانوا يلجون أغوار الخيال بأحلام واعية ومتزنة، تتخطى خواطرهم حدود المألوف، فكان هذا التوغل سببًا لاكتشافاتهم العظيمة، ونظرياتهم، وأعمالهم الفنية والأدبية الباهرة.
ولا يقتصر الحلم على العباقرة فحسب، فجميع الأشخاص الناجحين يفيدون بأن نجاحهم بدأ بأمل، حُلم أدى إلى هدف، وهذا أدى إلى خطة عمل، وحتميًّا إلى تحقيق الهدف.
ولا يقتصر الحُلم على الشباب، فلا يفُتْك أوان أن يكون لديك حلم، لا يهم إن كنت في سنّ الثلاثين أو الأربعين أو أكثر، فمن حق حلمك أن يخرج ليرى النور. إنه لأمر مذهل ما حققه الأشخاص الذين راودتهم أحلام في مرحلة متأخرة في الحياة، فقد كان "ميلتون" في فقدانه لبصره متجاوزًا الخمسين من العمر، عندما عمل على إكمال قصيدته الملحمية "الفردوس المفقود".
" إن كنت تريد أن تعيش حياة سعيدة فاربطها بهدف، وليس بأشخاص أو أشياء" [ألبرت أينشتاين].
عندما يتعلق الأمر بتحقيق أحلامنا، فإن الذكاء يحتل المرتبة الثانية من حيث الأهمية، وتسبقه الإرادة؛ فأولئك الأشخاص، الذين لديهم إرادة وعزيمة حديدية بحيث لا يعوقهم شيء، هم فقط الذين لديهم ثقة بأنهم سينجحون بالمثابرة والعزم.. تُصبح الأحلام أهدافًا، وتصير الأهداف إنجازات بالنسبة لأولئك الذين يكافحون طويلاً وبجهدٍ كاف. للأسف، يبقى كثير من الحالمين مجرد حالمين، وتظل الأحلام مجرد أحلام.. فإذا ما أردنا أن نحولها إلى واقع وحقيقة، وجب علينا وضعها كخريطة طريق، نضيف لها أهدافًا وتصميمًا على بذل كل ما بوسعنا لتحقيقها.
توقع أن المستقبل مليء بالخيرات، هو أفضل رأس مال يمكن أن نبدأ به حياتنا.
ما نحاول التعبير عنه باستمرار هو ما نميل إلى تحقيقه، رغم أنه قد لا يكون محتملًا أو ممكنًا. فإن كنا نحاول دائمًا التعبير عن الهدف، ونتخيله في صورة حية قدر الإمكان، ونحاول بكل ما أوتينا من قوة تحقيقه، فمن الأرجح أننا سنحقق تلك الأشياء التي نود أن تتحقق في حياتنا، سواء كانت صحة مكتملة، أو شخصية نبيلة، أو مهنة رائعة. ولن تكون الرغبة فعالة إلّا عندما تتبلور إلى تصميم؛ فالرغبة مع التصميم هما ما ينتج القوة الإبداعية، والكفاح هو ما يحقق النتائج.. يجب أن نضع حُلمنا نصب أعيننا حتى نشعر برفعته وتحقيقه في حياتنا، كل شيء يبدأ من العقل أولاً، فنحن نميل للحصول على ما نتوقعه.
لا تقلق، وإن شعرت بالوحدة ولم تجد من يساندك في رحلتك نحو تحقيق أحلامك، لا تقلق من السّاخرين بها ومن المتوقّعين لك الفشل، ستشعر بالثقة تزدادُ بداخلك مع كل خطوة ناجحة تخطوها؛ لأنها تقرّبك من هدفك وتجعلك أقوى وأجدر بحُلمك. إذا كنت على يقين ومؤمنًا بما تفعل، فلا تدع أحدًا يعرقل مسيرك، واصل السير تجاه أهدافك مهما كانت النتائج، ففي النهاية ستجد أنك كنت تسير في الاتجاه الصحيح، وحتمًا سيتحقق بإذن الله ما كنت تصبو إليه.
كن مُتحفزًا دائمًا تجاه أحلامك، وليكن لديك اليقين المطلق والنظرة المتفائلة للأشياء حولك لأجل تقدّمك وتطوّرك في كل ما تقوم به بنهم ورغبة، فقوتك في داخلك، فأصحاب الإنجازات يؤمنون بأن بإمكانهم تحقيق أيّ شيء بالإيمان والعزيمة والرغبة القوية المستمرة تجاه أحلامهم، برغبة أقوى بكثير من خوفهم، ومن احتمالات الفشل، أو من التراجع والاستسلام.
الأفكار كالمغناطيس تجذب الأشياء التي تشبهها!. إن الرعب من الفشل، والخوف من الخسارة المالية، مما يعوق كثيرين عن الحصول على الأشياء التي يرغبون فيها.
لا يمكننا أن نعتمد على الآخرين لتحقيق أحلامنا، يتوقف الأمر برمته علينا. وقبل أن نتمكن من تحديد الأهداف التي يمكن أن نبدأ بها هذه الرحلة، يجب علينا أولاً أن نتعمق في عقلنا، ونخرج منه ما نريده حقًّا من الحياة، ويجب أن نكون واقعيين، فلا نضع هدفًا لا نمتلك القدرات اللازمة لتحقيقه. على الجانب الآخر، قد نمتلك قدرات ومهارات لا نُدرك أننا نمتلكها، ويمكنها أن تقودنا لتحقيق حُلم نسعى إليه.. كيف نكتشف ذلك؟ بأن نتعمق في أنفسنا، ونراجع خبراتنا السابقة، وهواياتنا واهتماماتنا.. لنبحث عن تلك الجوانب من حياتنا التي حققنا فيها الرضا، فهذه مؤشرات للنواحي التي سننجح فيها في المستقبل.
" مدّ يدك عاليًا؛ فالنجوم تكمن داخلك!. واحلم بعمق؛ فكل حلم يسبق الهدف" [طاغور].
حاول أن تدع خيالك يحلق بك لترى ما ستصبح عليه عندما تتحقق أحلامك، حتى يدفعك ذلك إلى التقدم للأمام دائمًا لتواجه مخاوفك بشجاعة، وتتغلب على ما يواجهك من عقبات
وأخيرًا ..
حتى تلامس أحلامك القمّة، اعمل بشكل مستمر على إعادة اكتشاف ذاتك وتطوير قدراتك؛ فكل خطوة تخطوها هي بمثابة اختبار لصبرك وإيمانك، ولقدرتك على التحمّل، لاختبار إرادتك وحدود طاقتك، ومدى ثقتك بنفسك. قم بكل ما ترغب به الآن مهما كانت العقبات في طريقك، حتى تشعر أنك أعطيت كل ما تملك لتُلامس أحلامكَ القمّة.
" أنت من يُحيي حُلمك، وأنت من يقتله، تمسّك بحُلمك حتى في أصعب الظّروف" [محمد علي كلاي].
حاول أن تدع خيالك يحلق بك لترى ما ستصبح عليه عندما تتحقق أحلامك، حتى يدفعك ذلك إلى التقدم للأمام دائمًا لتواجه مخاوفك بشجاعة، وتتغلب على ما يواجهك من عقبات.. سافر إلى المستقبل، إلى حيث تُريد أن تكون، لترى نفسك قبل حدوث ذلك بأنكَ يومًا ما ستكون ناجحًا بفضل الله. حدِّث نفسك دائمًا بالأشياء التي يجب عليك أن تحققها، تلك خطوة مهمة لبداية قوية ستحقق لك العديد من الإنجازات، فأحلام الأمس هي حقائق اليوم، وأحلام اليوم هي حقائق الغد.. الأحلام لا تموت، هي تُهجّر وتُشرد مع أصحابها، ولكنها -ولا بُد- ستعود معهم يومًا ما!
لكل الحالمين بالحرية، والمنتظرين في محطات الحياة وموانئ الغربة.. ها قد حان الوقت.
مريم المهندي
كاتبة قطرية
2025-01-02