الرئيسية / أخبار لبنان /شؤون إعلامية وصحافية /القصيفي في وداع الباحث والقيّم على مكتبة انطوان المدور: كان يجول في مكتبات لبنان كما جال ابن بطوطه في البلدان

جريدة صيدونيانيوز.نت / القصيفي في وداع الباحث والقيّم على مكتبة انطوان المدور: كان يجول في مكتبات لبنان كما جال ابن بطوطه في البلدان

 

Sidonianews.net

----------------------

كتب نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، راثيا الباحث والقيّم على مكتبة انطوان المدور في مقر الرئاسة الأولى الصيفي في عجلتون إبان ولاية الرئيس فؤاد شهاب : "سكت دماغ جوزف (جوجو) مدور، ودخل في غيبوبة كانت جواز مروره إلى الراحة الأبدية. المثقف المتواضع، البعيد من التصنع والادعاء، كان يجول في مكتبات لبنان كما جال ابن بطوطه على البلدان والمدائن. وقاده شغفه إلى ما بعد تخوم وطنه: إلى مكتبات باريس، لندن، الولايات المتحدة ومصر، ينقب في متون الكتب وينفض الغبار عن كنوز منسية ويسلط الضؤ على صفحات منسية علتها صفرة الزمن من تاريخ لبنان وعظمته".

وتابع:" لم يعنه ما نعم به من ثراء، ولا أغرته متاع الدنيا، وفي السنوات ألاخيرة أمضى معظم أيامه في عجلتون يتعهد بالعناية المكتبة الضخمة  او ما تبقى منها، في المنزل الذي ورثه عن عمه انطوان المدور ، وهو كان مقرا صيفيا لرئيس الجمهورية اللواء فؤاد شهاب طوال فترة ولايته. كان لا يقفلها في وجه اي راغب في زيارتها وتصفح ما تحتويه باللغات العالمية، وهي على مرمى (مرحبا) من منزله الوالدي الغارق بين أشجار الصنوبر والسنديانات العتاق. وأولى في تنقيبه التركيز على أهوال المجاعة اللبنانية في الحرب الكونية الاولى وما واكبها ونتج عنها من مآس، وأماط اللثام عن إصدارات وصحف مغمورة في المهاجر عن الانتشار الماروني، وقام بزيارات لمصر للتقصي عن أوضاع أبناء طائفته في أرض الكنانة الذين تناقص عددهم على نحو مفجع منذ خمسينات القرن المنصرم. لم يفعل ذلك كي يدخل إلى نادي المؤرخين الهواة، ولا المحللين الذين يتكاثرون كالفطر ،بل لشغفه بالعلم والمعرفه، وهو الاختصاصي بالعلوم الاقتصادية. تأثر بالمصير المفجع لشقيقه شارل الذي قضى ، وهو في شرخ الشباب على أيدي مجرمين خلت الرحمة من قلوبهم في فندق العائلة(الكارلتون)،وتوالت عليه مصائب الدهر ونوائبه فواجهها صامتا، والألم الكبير يعتصره. بيع الفندق الذي لم يستبق منه في ارشيفه الا بعض صور تضيء على حقبة مترفة وصاخبة من تاريخ لبنان الحديث،وذكريات يرويها في مجالسه، وصورة شقيقه الذي خنقته يد الوحشية".

أضاف:"رحل صديقي منذ عهد الشباب الأول ملتحقا ب (شارلو) ،نقولا وايفيت، من دون وداع، ولكن من دون أن يأخذ معه الذكريات، والساعات الجميلة في حراسة صنوبرات "(فيللا) عجلتون وسندياناتها، وذاك الابحار في متون التاريخ على كأس نبيذ معتق، يعيدنا إلى زمن ولى ولن يعود".

وختم:" لم يعد لدي ما يكفي من دمع ابكي فيه من يرحلون فجأة من دون أن يقدموا سببا موجبا للرحيل. فوداعا يا رفيق العمر: كنسمة جئت إلى الحياة، وكنسمة غادرتها. لم تخلف ايها الوديع المتواضع القلب إلا الذكر الطيب. سنفتقدك بقدر ما سيفتقد اليك انجالك، وشقيقتك، وكل الاحباء. نعم قرير العين في البلدة التي أحببت. فقد حن ترابها إليك".

-----------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / القصيفي في وداع الباحث والقيّم على مكتبة انطوان المدور: كان يجول في مكتبات لبنان كما جال ابن بطوطه في البلدان 

 

 

 

 

2025-01-21

دلالات: