الرئيسية / أخبار لبنان /تحقيقيات وتقارير /أقفِلوا الحدود... إنّه الترانسفير

جريدة صيدونيانيوز.نت / أقفِلوا الحدود... إنّه الترانسفير

 

Sidonianews.net

---------------------

الجمهورية / طوني عيسى

في الأسبوع الأول من عهده، أطلق دونالد ترامب إشارات بالغة الأهمية ستؤسس لتطورات مفصلية في الملفين اللبناني والفلسطيني، لكنها أيضاً ستتكفّل بإشعال النار في ملفات إقليمية أخرى كانت «تحت الرماد»، ما يثير الهواجس في عدد من كيانات الشرق الأوسط.

لن يطول الانتظار حتى تظهر بوضوح ملامح السياسة التي ستعتمدها الإدارة الأميركية الجديدة في تعاطيها مع الملفات المتعلقة بنزاع الحدود والوجود بين إسرائيل ودول الطوق العربية، أي لبنان وسوريا والأردن ومصر، والفلسطينيين طبعاً. فالرئيس دونالد ترامب، الذي يتمتع بمزيج من طباع التاجر الديناميكي والطموح جداً، والكاوبوي البارع، سارع إلى إطلاق طروحات مثيرة للجدل، وقد تفتح الباب لصدمات أو صدامات كبرى. ففيما أُفرج عن دفعة القنابل المريعة، بزنة 2000 رطل، التي كان حجبها بايدن عن إسرائيل، جاءت الصدمة الكبرى في ملف غزة، إذ أعلن ترامب أنّه اتصل بملك الأردن عبد الله الثاني وطالبه بفتح الحدود لاستقبال حشود من أهل غزة، كي يقيموا فيه في شكل موقت أو دائم، على أن يتصل بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويتقدّم إليه بطلب مماثل. والذريعة هي أنّ غزة لم تعد قادرة على استيعاب كل سكانها الذين يقاربون الـ 2.25 مليون نسمة، لأنّ 90% من مساكنها متضرّرة ونزح أهلها في الداخل أو الخارج.

ومن الواضح أنّ الولايات المتحدة ستتناغم مع نهج نتنياهو بإجراء «ترانسفير» من غزة إلى مصر أولاً والأردن ثانياً، ما أن يوافق البلدان على فتح المعابر للنازحين، بحيث لا يتمّ إعمار ما تهدّم في القطاع إلّا ما يكفي لاستيعاب نحو مليون نسمة، أي أقل من نصف السكان الحاليين، وأما الآخرون فيغادرونه إلى دول الجوار.

وهذا المشروع لا ينفصل عمّا يجري إعداده للضفة الغربية. فخلال حملة ترامب الانتخابية، راهن نتنياهو على وعد منه بدعم جهود إسرائيل لضمّ نحو 61% من الضفة، أي المنطقة الخاضعة للنفوذ الإسرائيلي المباشر، في شكل دائم. وسيؤدي ذلك عملياً إلى حصول «ترانسفير» ضخم من الضفة أيضاً في اتجاه الأردن، البلد الذي يحمل كثيرٌ من أهله في الأساس جنسيات فلسطينية، أي أنّهم وافدون من غرب النهر إلى شرقه.

هذا الإنفجار الذي يتمّ التحضير له في المناطق الفلسطينية لا يمكن أن تقتصر تأثيراته على الأردن ومصر، بل إنّها ستبلّغ سوريا بحكمها الجديد ولبنان أيضاً. والقاسم المشترك بين البلدين هو أنّ إسرائيل دخلت إلى جنوب كل منهما واتخذت مواقع سيطرة لها، ما يجعل حدود البلدين من الجهة الجنوبية خارج سيطرة الحكومتين اللبنانية والسورية.

وتلتقي هذه المعطيات مع التطورات الجارية في ملف لبنان- إسرائيل حيث أعلن ترامب قبوله الطرح الإسرائيلي تمديد مهلة الانسحاب من لبنان 3 أسابيع. لكنه أرفق ذلك بكلام رسمي عن قرب انطلاق مفاوضات لتأمين الإفراج عن اللبنانيين الذين أسرتهم إسرائيل خلال الحرب، أي منذ 8 تشرين الأول 2023. وهذا التبادل سيكون شبيهاً بذاك الذي تشهده غزة، لكنه يحمل مغزى سياسياً، لأنّه سيفتح لاحقاً باب التفاوض بين لبنان وإسرائيل حول ملفات أخرى كترسيم الحدود براً، وهذا التفاوض كان قيد الانطلاق بوساطة عاموس هوكشتاين قبل انفجار الحرب في غزة.

وطبعاً، لا يمكن لهذه المفاوضات أن تنطلق من دون تنفيذ الاتفاق، أي تثبيت وقف النار وانسحاب إسرائيل وسيطرة الجيش اللبناني وحده على بقعة الحدود، لكي يستطيع الإمساك بالحدود كلها، من الجنوب حتى الشمال.

وفي هذا الشأن، وصلت إلى المسؤولين في الأيام الأخيرة تحذيرات جدّية من مغبة أن يشهد لبنان موجات عارمة من النازحين السوريين والفلسطينيين عبر حدوده الشرقية التي لا تزال فالتة إلى حدّ كبير. ويمكن أن تتفاقم المخاوف إذا اتجه الوضع في بعض مناطق سوريا إلى التوتر والغموض، وكذلك إذا بدأ تنفيذ مشاريع «الترانسفير» في غزة والضفة الغربية. فقد يكون لبنان هو منطقة الضعف التي يدفع إليها الآخرون بفائض النزوح ليتجنبوا أعباءه، علماً أنّ لبنان، بلد الـ4.5 ملايين نسمة، يستضيف حالياً أكثر من مليوني نازح سوري وفلسطيني، أي نحو 45% من عدد السكان اللبنانيين.

المخاطر الحقيقية كامنة في الجنوب، وعلى الحدود جنوباً وشرقاً وشمالاً حيث تتردّد الأخبار باستمرار عن تهريب الأشخاص أو الممنوعات أو السلاح. وهذه المشكلة قد لا يكون هناك مصلحة لأحد في أن يعالجها جدّياً إلّا الدولة اللبنانية الموعودة منذ أن تمّ انتخاب الرئيس جوزاف عون. وهذا ما يستدعي استنفاراً استثنائياً لبنانياً يقود إلى تشكيل الحكومة وانطلاقها في أسرع ما يمكن.

فلو أعلن الرئيس نواف سلام حكومته قبل انتهاء مهلة الـ60 يوماً، لكان أمان البلد مضموناً. والآن، ما زال مقبولاً إعلانها خلال يوم أو اثنين أو ثلاثة. ولكن، إذا طالت المماطلة، فسيكون أمام سلام إما الاعتذار وإما الرضوخ إلى قواعد التشكيل الفاشلة. والمعنويات التي كانت في رصيده ورصيد العهد ستتبخر. وفي هذه الحال، لا أحد يمكنه التحكّم بالرياح العنيفة الآتية من الشرق، والتي قد تجرف السفينة إلى المجهول.

----------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / أقفِلوا الحدود... إنّه الترانسفير

 

 

2025-01-28

دلالات: