الرئيسية / أخبار لبنان /أمنيات وقضاء وحوادث /الشاب خليل خليل رحل ليس بمشيئة الله... ما هي أسباب كثرة الجرائم مؤخراً ؟

جريدة صيدونيانيوز.نت / الشاب خليل خليل رحل ليس بمشيئة الله... ما هي أسباب كثرة الجرائم مؤخراً ؟

 

Sidonianews.net

----------------------

سلام طرابلسي

المصدر: النهار

مأساة تتبعها مأساة. جرائم بالجملة في غضون أيام وسرقات، والأجهزة الأمنية تبدو متخاذلة.

من جديد، يتكرّر مشهد العرس الملفوف بوشاح الموت. والدولة تخرج لتبرّر وتستجلب أرقاماً من هنا وهناك لتخفيف المسؤولية، بدل أن تقرّ بالخطأ، والخطأ هو عدم المحاسبة المتكررة للمجرمين، والمختبئين خلف وصايات حزبية أو عائلات سياسية أو مافيات وزعامات...

 رحل ابن الـ19 عاماً، ملاكاً. رحل، بمشيئة مختل، أكان مدمناً، أو طائشاً، أو "راسو كبير"، أو مهما كانت الأسباب، فهو مختلّ، وأمثاله مكانهم ليس في المجتمع وبين الناس، ومكان أمثاله وأمثال والدته، وكل من يشبهه، الشنق، وأقله السجن.

أمس، دفنت عائلة الشاب خليل ابنها، وكم كان كلامها كبيراً. حتى في حاضرة الموت، قالت، "نحن مسيحيون، ونحتكم إلى القضاء، وسنسهر على أن ينال المجرم عقابه".

سلسلة جرائم وقعت في فترة زمنية قياسية تنذر  بواقع ‏مأساوي بات يعيشه المجتمع اللبناني، ويشعر خلاله المواطن بانعدام الأمن والأمان.  ‏

جرائم وحشية صادمة هزّت الشارع اللبناني خلال أيام، بدأت منذ فترة مع رولان المر في الأشرفية، ‏جورج روكز صاحب معرض سيارات في الضبيه، إميل حديفة في ‏مزرعة يشوع، الأرشمندريت أنانيا كوزانيان في بصاليم، صاحب محل "‏OMT‏"  في الأشرفية واليوم الشاب خليل ‏خليل في فاريا.‏

هذه الجرائم تطرح مجموعة أسئلة عن أسبابها، وكيف يمكن تصنيفها، تفلّت أمني. غياب المحاسبة المزمن؟ تفشي ظاهرة المخدرات؟ انتشار بيع السلاح الرخيص؟ ‏وما الذي يدفع الى استسهال ارتكاب هكذا جرائم؟

الحرب وغياب دور الأهل ‏

عن هذه الأسئلة تتحدث المتخصصة في علم الجريمة باميلا ‏حنينه بو غصن، لـ"النهار" معتبرة أنه "لطالما وقعت في ‏لبنان جرائم قتل، أو قتل بهدف السرقة، أو نتيجة إنفعال أدى الى القتل. كل هذا ‏يعود إلى عوامل عدة منها إجتماعية، فنحن نعاني منذ نحو 7 سنوات من ‏أزمات متتالية، وتراكم هذه الأزمات عند فئات لديها شخصية ونفسية هشّة ‏تخلق نوعاً من الإندفاع نحو الإجرام". ‏

وتضيف: "هناك أيضا المشاكل العائلية التي تزايدت بشكل كبير، هذا التشتت العائلي يعزّز العدائية ‏لدى الأشخاص الذين لديهم الاستعداد لذلك، إضافة الى الوضع ‏الاقتصادي والمعيشي. وهناك أيضاً الإرتفاع الملحوظ بمعدلات استخدام ‏المخدرات عند المراهقين والكبار. إلاّ أن هذه العوامل ليست السبب الرئيسي ‏للجرائم، ففي علم الجريمة هناك أفراد ينشأوون وهم يملكون ‏استعداداً إجرامياً، تضاف إليه عوامل خارجية فتتكوّن هذه الشخصية الإجرامية. ‏وهناك أشخاص قد تكون لديهم مشاكل طبية تعزّز الدوافع الإجرامية ‏لديهم". ‏

وتعتبر أن "ارتفاع معدلات الجريمة تحديداً السرقة والقتل ‏بهدف السرقة، أمر متوقع عقب الحرب التي شهدناها والآثار النفسية ‏والاقتصادية المترتبة عليها". وتلفت الى أنه "بسبب غياب دور الأهل ‏والرقابة سنشهد لاحقاً ارتفاعاً أكبر بعدد الجرائم في المجتمع اللبناني". ‏

وتؤكد أن "وجود خطة أمنية محكمة واستراتيجية يمكن أن تساهم في خفض معدّل ‏الجريمة". وتشدّد على "ضرورة إعادة تأهيل النظام العقابي في ‏لبنان".

وترى أنه "يجب التلويح بعقوبة الإعدام وإن لم يتم تطبيقها، خصوصاً ‏أننا وصلنا الى الذروة بالجرائم المرتكبة ولا أمل بتعديل قانون العقوبات ‏أو قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس لدينا العقوبة البديلة التي ‏تؤدي الى إعادة التأهيل داخل السجن وخارجه وهي جداً مهمة". ‏

لا طابع أمنياً للجرائم

في الإطار، يشدّد وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي على أن ‏‏"الأجهزة الأمنية تقوم بدورها، والجرائم التي تحصل لا طابع أمنياً لها ‏إنما جرائم جنائية يعود أغلبها لأمور نفسيّة أو عصبيّة".‏

ويشير الى أنه "علينا التمييز بين الجريمة الأمنية والمخطط لها ‏والجريمة الجنائية العادية، وعلينا أن نكثر من التواجد الأمني في ‏المناطق للتخفيف من الجرائم الجنائية، لكن لا يمكننا استباقها والأجهزة ‏الأمنية تقوم بدورها".‏

تقهقر دور الدولة الردعي وانحلال القيم

وعن دلالات هذه الجرائم يقول الباحث في الديموغرافيا والاستاذ الجامعي ‏شوقي عطية في حديث لـ"النهار": "هذه الجرائم التي شهدناها دليل على ‏انحلال منظومة القيم بشكل تام، فرادع القتل ليس فقط العقاب بل منظومة ‏قيمية قد تكون مبنية على قيم الدين أو القيم الأخلاقية وللأسف نشهد تحللا ‏في المنظومتين". ‏

ويضيف: "يترافق مع تحلل المنظومة القيمية انهيار المنظومة الردعية ‏إجتماعياً وقانونياً حيث نشهد تقهقراً لدور الدولة الردعي أو الوازع، هكذا ‏يفلت عدد كبير من المجرمين من دون عقاب بسبب محسوبيات معينة أو ‏بعقاب لا يليق بالجرم". ‏

ويوضح أن "غياب الدولة عامل مساهم ولكنه ليس الوحيد،  وغياب ‏الدولة يكمن ليس فقط في المحاسبة الفعالة ولكن أيضاً في ضعف ‏المقدرات اللوجستية من عناصر وتجهيزات. أضف الى ذلك استسهال ‏العنف من قتل وسلوك عدواني عنيف شببه ما تلقه جيل الشباب من ‏صور تستسهل العنف إن من خلال ألعاب الفيديو أو التواصل الاجتماعي ‏والسمعي البصري حيث اعتادوا على اعتبار أن العنف أمر غير مستغرب".‏

لا يمكن استباق الجرائم الجنائية

في هذا الوقت، يفيد مصدر أمني "النهار"، بأن "الجرائم الجنائية التي ترتكب لأسباب ‏مختلفة (غضب، خلاف عائلي، وسواها) لا يمكن استباقها، بالتالي ‏ارتكاب الجريمة هنا ظاهرة إجرامية القضاء يحدّد أسبابها ولا علاقة لها ‏بالأمن الإجتماعي". ‏

ويؤكّد أن "الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها في هذا الإطار وتكثّف جهودها ‏وتعمل ليلاً نهاراً على مكافحة الجريمة بكافة مستوياتها، والدليل السرعة ‏في القبض على الفاعلين بأكثر من جريمة حصلت".   ‏

ويشير المصدر الأمني الى أن "مجموعة الجرائم التي شهدها لبنان خلال ‏أيام قليلة لا علاقة لها بالتفلت الأمني. أما في ما خص جرائم السرقة ‏والنشل فهي يومية ويتم القبض على المرتكبين".‏

ويوضح أنه كـ "مكافحة جريمة النسبة عالية جداً، فعلى سبيل المثال تم ‏القبض خلال شهر كانون الثاني المنصرم، على صعيد لبنان بمختلف ‏أنواع الجرائم، على  أكثر من ألف موقوف".  ‏

ويردّ بعض الجرائم التي حصلت الى "غياب الوعي ودور التربية، ‏إضافة الى الظروف الاقتصادية والمالية".   ‏

إنخفاض جرائم القتل في لبنان!‏

وعلى عكس ما هو ظاهر، يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس ‏الدين في حديثه لـ"النهار" أنه "خلافاً لما يقال ويشاع في وسائل الإعلام ‏فإن جرائم القتل في لبنان انخفضت بشكل لافت خلال السنوات الماضية". ‏

ويوضح أنه "في العام 2021 بلغ عدد جرائم القتل 190، في العام ‏‏2022 انخفض الى 178 وفي الـ2023 انخفض الى 158 وفي الـ2024 ‏انخفض الى 153. أي تراجعت بين العامين 2023/2024 تراجع بسيط ‏بما معدله 5 جرائم بنسبة 3.1 بالمئة أي أن الجرائم القتل في لبنان الى ‏تراجع منذ العام منذ العام 2021 وحتى اليوم". ‏

ويضيف: "في كانون الثاني العام 2024 بلغ عدد الجرائم 15 جريمة. أما ‏في كانون الثاني 2025 فبلغ عددها 13، لكن ما حصل أنه خلال فترة ‏قصيرة جداً (وقعت 4 جرائم بـ5 أيام فقط) ما أعطى انطباعاً بأن نسبة ‏الجرائم في لبنان ارتفعت".‏

قد تكون دراسة جوانب الجريمة في لبنان وأسبابها أمر مطلوب، لكن يبقى السؤال الأبرز والأهم، لو أُنزلت منذ زمن العقوبات بحق المجمين وتمت محاسبتهم لا مكافأتهم، هل تكررت هذه الجرائم؟ الجواب الأكيد، كلا.

---------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / الشاب خليل خليل رحل ليس بمشيئة الله... ما هي أسباب كثرة الجرائم مؤخراً ؟

 

 

2025-02-04

دلالات: