Sidonianews.net
--------------------
بقلم: خليل إبراهيم المتبولي
ثلاث سنواتٍ مرّت على رحيل أحد أعمدة العمل الاجتماعي والسياسي في لبنان، الأب والمعلّم توفيق عسيران (أبو عزيز)، الذي كرّس حياته للنضال من أجل العدالة والمساواة، وساهم بجهوده الحثيثة في الدفاع عن حقوق الفئات المهمشة. لم يكن مجرّد قياديٍّ بارزٍ في التنظيم الشعبي الناصري، بل كان أيضًا إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ امتزجت شخصيته بسمات التواضع والإيثار والالتزام العميق بقضايا الناس، مما جعله محطَّ احترامٍ ومحبةٍ لدى كل من عرفه وعمل معه.
لعب أبو عزيز دورًا محوريًا في التنظيم الشعبي الناصري، حيث تولّى منصب أمين سر اللجنة المركزية خلال فترةٍ حافلةٍ بالتحديات السياسية والاجتماعية. كان مناضلًا صلبًا، آمن بالمبادئ التي أرساها الناصريون منذ التأسيس، وعلى رأسها الحرية، والعدالة الاجتماعية، ومناهضة الظلم والاستعمار.
لم يكن نشاطه السياسي محصورًا داخل التنظيم، بل امتدّ إلى ساحات النضال الوطني، حيث سعى إلى تعزيز الفكر الناصري في لبنان والمنطقة، مستندًا إلى رؤيةٍ واضحةٍ تهدف إلى تحقيق مجتمعٍ أكثر إنصافًا واستقرارًا.
لم يكن نضاله محصورًا في السياسة، بل تعدّاه إلى العمل الاجتماعي، حيث كان من أشدّ المدافعين عن حقوق الفقراء والمحرومين. كان يؤمن بأن التغيير الحقيقي يبدأ بتحسين أوضاع الناس المعيشية، لذا انخرط في العديد من المبادرات الهادفة إلى دعم التعليم والصحة، وساهم من خلال المؤسسات الاجتماعية في توفير الخدمات الأساسية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها. كان يرى أن النضال لا يقتصر على الشعارات، بل يتجسّد في الأفعال التي تحدث فرقًا في حياة الناس.
كان توفيق عسيران على صلةٍ وثيقةٍ برفيق دربه الشهيد معروف سعد، القائد الوطني الذي نذر حياته للدفاع عن لبنان وحقوق شعبه. لم تكن هذه العلاقة مجرّد التقاءٍ سياسي، بل كانت رفقة نضالٍ حقيقية، امتدت عبر محطاتٍ مفصليةٍ من تاريخ الحركة الوطنية اللبنانية. شارك أبو عزيز في العديد من المواجهات النضالية جنبًا إلى جنب مع معروف سعد، وكان من أكثر المخلصين لقضيته، إذ مثّل الجناح السياسي والاجتماعي المساند في مواجهة الظلم الداخلي والخارجي.
لم يتوقف نضال أبو عزيز بعد استشهاد معروف سعد، بل واصل المسيرة إلى جانب مصطفى معروف سعد، أحد القادة الذين أسهموا في دعم المقاومة اللبنانية. كان وفيًّا للمبادئ التي نشأ عليها، فحمل الراية بعد رحيل العديد من الرموز السياسية، واستمر في العمل بجهدٍ وإصرارٍ للحفاظ على النهج النضالي. كما لعب دورًا أساسيًا في دعم الدكتور أسامة سعد، حيث كان رفيقًا وفيًّا له في مختلف المحطات السياسية، يسانده في القضايا الوطنية، ويواصل مقاومة الظلم رغم كل الصعوبات التي واجهها لبنان.
لم يكن توفيق عسيران (أبو عزيز) مجرّد قائدٍ سياسي، بل كان نموذجًا نادرًا يجمع بين الإنسانية، والتواضع، والشجاعة، والقدرة على القيادة. كان محبوبًا من جميع من عرفوه، لما تحلّى به من صدقٍ ووفاءٍ وعزيمةٍ لا تلين. لقد ترك إرثًا عظيمًا في العمل الاجتماعي والسياسي اللبناني، ولا يزال اسمه حاضرًا في ذاكرة من أحبّوه وعملوا معه، كرمزٍ للنضال المستمر من أجل وطنٍ أكثر عدالةً وإنصافًا.
في الذكرى الثالثة لرحيله، نستذكر توفيق عسيران (أبو عزيز) كأحد القادة الذين ناضلوا بإخلاصٍ من أجل وطنهم وشعبهم. سيظلّ اسمه مصدر إلهامٍ للأجيال القادمة، ورمزًا لمن آمنوا بأن العدالة الاجتماعية والمساواة هما جوهر النضال الحقيقي.
---------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار مدينة صيدا / في الذكرى الثالثة لرحيله: توفيق عسيران (أبو عزيز)… قائدٌ ملهم ورمزٌ للنضال الاجتماعي والسياسي (بقلم : خليل ابراهيم المتبولي )
2025-02-07