Sidonianews.net
---------------------
الجمهورية
بمعزل عن الأسباب التي أدّت إلى بقاء «التيار الوطني الحر» خارج الحكومة، وبمعزل عمّا إذا كانت معاييره المرفوضة لدى الرئيس نواف سلام هي التي فرضت استبعاده، أم أنّ رئيس الحكومة تعمّد إحراجه لإخراجه، فإنّ الأكيد هو أنّ التيار يجد نفسه أمام مرحلة جديدة على مستوى مساره السياسي.
هي المرّة الأولى منذ عام 2009 التي يكون فيها «التيار الحر» خارج أسوار السلطة التنفيذية، وهو الذي شكّل جزءاً عضوياً من كل الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين.
أضف إلى ذلك، أنّ «التيار الحر» استحوذ على «حضور إكسترا» في السلطة بين 2016 و2022 حين تولّى العماد ميشال عون رئاسة الجمهورية، فيما وصف البعض آنذاك النائب جبران باسيل بأنّه كان «ولي العهد» أو حتى «الرئيس الثاني»، وبالتالي فإنّ التيار استطاع خلال تلك الفترة أن يملك نفوذاً واسعاً في الدولة وأن «يُهندس» الحكومات وفق معاييره.
وهناك مَن يهمس في كواليس ما كان يُعرف بفريق 8 آذار، أنّ باسيل لو وافق، قبل توسع الحرب الإسرائيلية، على انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية رئيساً استناداً إلى ضمانات قدّمها له الأمين العام السابق لـ»حزب الله» السيد الشهيد حسن نصرالله، لأصبح شريكاً في العهد وجزءاً أساسياً من حكوماته وتعييناته، بدل أن يجد نفسه الآن خارج معادلة الحكم، وأمام منافسة محتملة من الرئيس جوزاف عون على الشعبية والزعامة في الوسط المسيحي، خصوصاً أنّ البيئة القريبة من التيار البرتقالي متعاطفة تلقائياً مع المؤسسة العسكرية و»متخرّجيها» إلى مراكز السلطة السياسية.
لكنّ التيار يَعتبر، وفق منطقه، أنّ الأهم بالنسبة إليه أن يربح نفسه ولو خسر مكاسب السلطة لبعض الوقت، وبالتالي فهو يرى أنّه ظلّ متصالحاً مع نفسه ومنسجماً مع اقتناعاته عندما بقيَ مصرّاً على رفض دعم ترشيح فرنجية حتى النهاية، ولو بدا حالياً كأنّه يدفع ثمن وصول خيار آخر إلى الحكم.
وعلى رغم من أنّ التيار سمّى القاضي نواف سلام لتشكيل الحكومة وكان من المتحمّسين لتكليفه، إلّا أنّ ذلك لم «يشفع» له ولم يسمح بتمثيله وزارياً وفق الحجم الذي يفترضه باسيل منصفاً، فيما استطاع سلام في المقابل التفاهم مع «القوات اللبنانية» على منحها حصة وازنة أعادتها إلى الحكومة على حساب «غريمها» المسيحي.
وإذا كان البعض يعتبر أنّ رئيس التيار جبران باسيل هو الخاسر الأكبر كونه بقي خارج أولى حكومات العهد الجديد، إلّا أنّ هناك مَن يفترض أنّه قد يستطيع تحويل التهديد فرصة إذا عرف كيف يقارب دوره المستجد في المعارضة. ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أنّ التيار كان في حاجة أصلاً إلى الحصول على فترة «نقاهة» تُريحه من هموم السلطة وأعبائها حتى يُجدِّد شبابه وخلاياه.
ويلفت هؤلاء إلى أنّ من المفيد للتيار أن يعود في هذه المرحلة إلى جذوره، وإحداها هي المعارضة التي تشكّل في الأساس «مسقط رأسه» السياسي. وتبعاً لمقاربة هؤلاء، فإنّ وجود التيار في المعارضة سيمنحه فرصة لـ»الانتعاش» مجدّداً وشدّ عصب قاعدته الشعبية، لأنّ الإقامة الطويلة في السلطة، وعلى رغم من بعض مكاسبها، استنزفته وأنهكته، خصوصاً بعدما حمّله خصومه المسؤولية الأكبر عن الانهيار المدوّي الذي حصل عام 2019.
وغالب الظنّ أنّ العونيِّين سيجلسون على ضفة النهر خلال سنة وبضعة أشهر، منتظرين الأخطاء أو الإخفاقات التي قد تقع فيها الحكومة ومكوّناتها، ولا سيما منها «القوات» التي تسلّمت أربع حقائب، من بينها «الطاقة» المَوروثة عن التيار، ما سيضعها تحت المجهر والضغط، في ظل توثب خصومها لمحاسبتها عند وقوع أي خلل.
وبناءً عليه، فإنّ الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية ستعطي التيار، وفق تقديراته، مجالاً للتفرّغ من أجل ترتيب وضعه الداخلي والتنظيمي واستعادة نضارته، تمهيداً لـ»ريمونتادا» مفترضة في الانتخابات المقبلة، تحمله إلى المجلس النيابي على متن كتلة وازنة تفرضه مجدّداً رقماً صعباً في الحكومات المقبلة.
----------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / التيار الحر إلى المعارضة: نقاهة استعداداً لـ الريمونتادا
2025-02-15