Sidonianews.net
-------------
الأخبار
مع وصول القاضي نواف سلام إلى رئاسة الحكومة، تولّى فريق يدور في الفلك «التشريني التغييري»، الترويج بأن «لبنان الجديد» أمام فرصة تاريخية لإطلاق عجلة الإنقاذ والإصلاح، والتخلّص من كل ما طبع «لبنان القديم» من سياساتٍ أدّت إلى تدمير ممنهج للدولة ومؤسساتها.
هذا الفريق الذي يضم نواباً وصحافيين وإعلاميين وناشطين سياسيين وفاعلين في الشأن العام، ممن يمتهنون رفع سقف التوقعات إلى الحدّ الأقصى قبل الاصطدام بوقائع سياسية ليس سهلاً تجاوزها، قدّم سلام «بطلاً منقذاً» سيفتح طريق الخلاص. وهو نمط بدأ منذ «حراك» 17 تشرين الذي صُوّر كـ«ثورة» مكتملة العناصر ستقلب نظام الحكم أكثر من كونها حركة احتجاجية، وتكرّر في الانتخابات النيابية التي أوحت بأن 12 نائباً تغييرياً سيغيّرون الموازين، ثم في انتخابات رئاسة الجمهورية عندما بدا أن كل مشاكل البلد ستُحلّ بملء الفراغ الرئاسي.
مع تكليف سلام وتشكيله حكومته، حرص هؤلاء على تقديم أنفسهم «مستشارين» مقرّبين من رئيس الحكومة، يدافعون عنه كما يدافع الحزبي عن مرجعيته الحزبية، وأحاطوه بهالة من التضخيم والتفخيم لكل ما يقوم به: «قارئ نهم»، «متواضع يتناول الطعام مع الموظفين في كافيتيريا السراي الحكومي»، «ملتزم بحرفية الدستور»، «زار الجنوب» وكأنّ زيارة كهذه ليست أمراً واجباً على مسؤول حيال منطقة منكوبة بفعل العدوان الإسرائيلي.
لكن، على ما يبدو، فإن حالة من التململ بدأت تسود صفوفَ هذه المجموعة حيال سلوك سلام في أكثر من عنوان.
بدأ ذلك بملاحظاتٍ لهؤلاء على أدائه في تشكيل الحكومة، عندما «أذعن» بمنح وزارة المال لمرشح الثنائي الشيعي، ثم بقبوله تسمية الوزير الشيعي الخامس بعد موافقة الثنائي على الاسم. وزاد التململ مع إرسال سلام ممثّلاً عنه لحضور تشييع الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله. وبعد التهليل لقرار رئيس الحكومة عقد جلسات مجلس الوزراء في مقر خاص، صُدم هؤلاء بتراجعه عن قراره، وبما سمّوه «خضوعاً مبكراً» لرغبات رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي لم يبد حماسة للأمر.
وقبل ذلك، لم يخف «أنصار سلام» امتعاضهم من قرار وزير الاقتصاد عامر البساط، المحسوب على رئيس الحكومة، أن يكون أول ظهور تلفزيوني له ضمن برنامج «صار الوقت» على تلفزيون المرّ، الداعم الأول لأصحاب المصارف، والذي يشنّ حملة شعواء ضدّ منصّة «كلنا إرادة» التي تقدّم طرحاً حول هيكلة القطاع المصرفي وتوزيع الخسائر لا يستسيغه المصرفيون، وفي مقدّمتهم أنطوان الصحناوي.
أضف إلى ذلك أن المنصة تحتضن غالبية المحيطين بسلام من ناشطين وصحافيين وخبراء ومرشحين سابقين للانتخابات. واستُكمل ذلك بصمت مُطبق من سلام حيال سياسة كمّ الأفواه بعد تقديم مصارف دعاوى قضائية ضدّ صحافيين ومنصات تنشر تقارير عن الدور الأساسي للمصارف في انهيار 2019، ما دفع بعض المحيطين برئيس الحكومة إلى مطالبته بـ«موقف واضح من لوبي المصارف».
أما النقطة التي انفضّ عندها «العشاق» من حول سلام، فتجسّدت في التعيينات الأمنية التي وصفوها بـ«تعيينات المحاصصة السياسية والطائفية من خارج الآليات القانونية»، وعبّروا عن «صدمة وخيبة أمل ومخاوف جدّية من تكريس نهج الزبائنية بدل محاربته»، معتبرين أن على سلام «الابتعاد عن الحكم بسياسة التوافق، واحترام التطلعات الشعبية التي دعمت وصوله».
وما أفاض الكأس كان تعيين سلام رئيس تحرير صحيفة «المدن»، منير الربيع، مستشاراً سياسياً وإعلامياً له، الأمر الذي أثار حفيظة الجو المحيط برئيس الحكومة، إذ تنقل مصادر مطّلعة أن «هناك مجموعة يعتبر كل فرد فيها أنّه الأجدر بتولّي منصب الربيع لقربه من الحزب التقدمي الاشتراكي وعدد من السياسيين ولكونه غير محسوب تماماً على الجو التغييري كبقية المحيطين بسلام».
ويُضاف إلى ذلك كله، أنّ لقاءات هذه المجموعة بسلام أصبحت دونها «صعوبات مقصودة من رئيس الحكومة»، ما بات يدفع بغالبيتهم إلى التفكير بأخذ مسافةٍ من الرجل.
يضاف إلى ما سبق، وجود مناخ «مقلق» لدى شخصيات وزارية كانت تأمل أن يكون لها دورها الكبير في رسم السياسات الكبرى إلى جانب سلام، ولا سيما نائب رئيس الحكومة طارق متري الباحث عن «توصيف وظيفي» لم يكتمل، وكذلك وزير الثقافة غسان سلامة الذي يبدو أنه يواجه صعوبة في وضع استراتيجية كاملة مع رئيس الحكومة حيال التصرف مع القضايا الاستراتيجية.
ويُنقل عن متري وسلامة أنهما «باتا ينتظران الفرصة حتى يجتمعا مع سلام»، وأن الأخير «يسارع في كل مرة إلى الابتعاد عن الملفات الحساسة، الأمنية والخارجية، متذرّعاً بأن هذه الملفات عند رئيس الجمهورية الذي يتواصل معه أهل القرار في الولايات المتحدة والسعودية»، علماً أن متري وسلامة وافقا على الدخول في الحكومة ربطاً بـ«خبرتهما في العلاقات الخارجية البعيدة عن المصالح المحلية الضيقة، وكانا يراهنان على فسحة في هذا المجال، ولديهما من العلاقات ما يسمح لسلام بالاتكال عليهما في ملفات حساسة كبيرة».
------
جريدة صيدونيانيوز.نت
الأخبار: خيبة أمل تغييرية من رئيس الحكومة: خضع مبكّراً للوقائع السياسية؟ | سلام قدم بطلا منقذا سيفتح طريق الخلاص؟
2025-03-21