الرئيسية / أخبار لبنان /سياسة /الأخبار : بيروت: الأميركية تفتتح موسم التطبيع ؟ | معرض التوظيف يستضيف شركات ممولة للاحتـلال ؟

إعتصام أمام الجامعة الأميركية تضامناً مع غزة ( الأخبار: هيثم الموسوي)

جريدة صيدونيانيوز.نت / الأخبار : بيروت: الأميركية تفتتح موسم التطبيع ؟ | معرض التوظيف يستضيف شركات ممولة للاحتـلال ؟

 

Sidonianews.net

-------------

الأخبار

الأميركية تفتتح موسم التطبيع ؟ | 

لا تكتفي إدارة الجامعة الأميركية في بيروت باستغلال حاجة اللبنانيين إلى خدماتها التعليمية والصحية، فتضع أسعاراً تفوق القدرات الشرائية لغالبية الناس، وتحقّق أرباحاً خيالية لا يمكن لجامعة بحجمها تحقيقها حتى في الولايات المتحدة، بل انخرطت، مع تسلّم فضلو خوري رئاستها، في أدوار أكبر من دورها الأكاديمي.

والأخير يحظى بدعم أميركي خاص في الولايات المتحدة يمكّنه من البقاء في منصبه لأكثر من ولاية، علماً أن الشخصيات التي تعاقبت وتتعاقب على إدارة هذا الصرح الأكاديمي، يتم اختيارها وفق معايير تضعها الجهات المعنية في الولايات المتحدة.

ومع بداية الانهيار في لبنان عام 2019، برز دور إدارة الجامعة في ملفات تتجاوز عملها الأكاديمي. وفي الوقت نفسه، نفّذت برنامجاً لتوسيع أنشطتها في لبنان والمنطقة.

وكانت الوحيدة التي لم تتأثّر فعلياً بالأزمة، إذ سرعان ما سُوّيت أوضاعها وحصلت على الدعم اللازم، إما مباشرة من الولايات المتحدة أو من خلال صناديق دعم ومنح من شخصيات تدور في الفلك الأميركي، ما أتاح لها العودة للإمساك بالسوق التعليمية والطبية، مع مستوى من الخدمات لا يختلف كثيراً عمّا تقدّمه مؤسسات أخرى.

الأرباح التي حقّقتها الجامعة في السنوات الثلاث الماضية، مكّنتها من إعادة استقطاب قسم كبير من الطاقم الذي غادر لبنان بعد الأزمة، قبل أن تنطلق في برامج جديدة لتسعير كلفة التعليم بأرقام تفوق ما كانت عليه قبل الأزمة.

قد يُعدّ هذا الأمر عادياً في سياق المنافسة في بلد يقوم على اقتصاد حر بلا ضوابط. إلا أن اللافت أن الجامعة الأميركية أصبحت طرفاً مشاركاً في صياغة الوجهة الجديدة للبلاد، ولعبت دوراً مباشراً وكبيراً، إلى جانب قوى كثيرة امتطت الحراك الشعبي في تشرين 2019، قبل أن تصبح مصدر ترشيح الشخصيات المُفترض تعيينها في الحكومة أو الإدارة العامة. ويذكر اللبنانيون اللائحة الشهيرة التي أعدّها خوري عند تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب.

أما في العهد الجديد، فقد بدا أن دور خوري وفريقه الصغير أكبر بكثير مما توقّع كثيرون. ويمكن لرئيس الجامعة أن يتفاخر بأنه كان خلف اختيار عدد غير قليل من الوزراء في حكومة الرئيس نواف سلام الذي لم يتردّد في مطالبة القوى السياسية بتسمية مرشحين للحكومة من خرّيجي الجامعة أو العاملين فيها.

وكانت إدارة خوري واحدة من الجهات التي تدقّق في ملفات المرشحين لتولّي مناصب وزارية، كما أنها اليوم جهة رئيسية في تقديم الترشيحات لتولّي مناصب رئيسية في الإدارة العامة، والتدقيق في سير المرشحين.

التحوّل الأبرز أعقب الحرب الإسرائيلية على لبنان، إذ فرضت إدارة الجامعة على الطاقم الأكاديمي «أساتذة»، هم في حقيقة الأمر جزء من فريق سياسي - أكاديمي ترعاه السفارة الأميركية في بيروت، ويقود الحملة ضد المقاومة في لبنان وفلسطين.

وفيما ينتظر خوري إذن الإدارة الأميركية لتلبية دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع لمساعدته في «إعادة بناء سوريا»، أصبح قسم كبير من العاملين في هذا الصرح يتصرّفون بحذر كبير لجهة إشهار مواقفهم السياسية الرافضة للمشاريع الأميركية في المنطقة، واعتمدت إدارة الجامعة سياسة قمع «ملطّف» لأي تحركات متضامنة مع ضحايا العدوان الإسرائيلي، ومنع التحركات الطالبية المعارضة للإجرام الإسرائيلي، وهو ما حصل مع الطلاب الذين شاركوا في تحركات احتجاجية بعد تجدّد الحرب على قطاع غزة، إذ لجأت الإدارة إلى إجراءات طرد تعسّفي ومنع الدخول إلى حرم الجامعة، كما عمدت إلى إجراء تحقيقات مع طلاب وموظفين، وأصبح الفريق الإداري والأمني في الجامعة أكثر أريحية في إشهار الموقف الرافض لأي تحرّك يصبّ في دعم المقاومة في لبنان أو فلسطين.

ويبدو أن المطلوب من إدارة الجامعة الأميركية بات يتجاوز ذلك إلى حدّ التطوّع لتأدية دور في ملف التطبيع مع العدو، من خلال تنظيم مؤتمرات تتّخذ طابعاً علمياً وأكاديمياً، بمشاركة شركات ومؤسسات تقود عملية التطبيع مع العدو. وتتّكل إدارة الجامعة على أنه لا توجد في لبنان اليوم، قوى قادرة على إطلاق حملة مضادّة، فيما تبرّر ما تقوم به بأنه عمل أكاديمي وعلمي صرف.

وفي هذا السياق، يأتي معرض التوظيف السنوي (Career Fair 2025) الذي يُفترض أن هدفه إتاحة الفرص أمام الطلاب للالتحاق بسوق العمل، بمشاركة كثيفة من شركات متورّطة في انتهاكات حقوق الإنسان، أو داعمة للعدو الإسرائيلي، أو مستفيدة من نظام الكفالة الاستغلالي.

------------

الـ AUB تستضيف شركات ممولة للاحتـلال

معرض التوظيف السنوي (Career Fair 2025) في الجامعة الأميركية في بيروت (بين 7 نيسان الجاري و11 منه)، والذي يُفترض أن يكون منصةً لتعزيز فرص الطلاب في الالتحاق بسوق العمل وممارسة المعرفة التي يتلقونها في الجامعة، تحوّل هذا العام ساحة للنقاش الأخلاقي.

فقد أثارت استضافة شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، أو داعمة للعدو الإسرائيلي، أو مستفيدة من نظام الكفالة الاستغلالي، غضباً واسعاً بين الطلاب والأكاديميين وحملة المقاطعة في لبنان.

في 7 نيسان، عندما كان طلاب الجامعات في العالم يطالبون بإضراب عالمي تضامناً مع غزة ولوقف الإبادة، افتتحت الجامعة الأميركية في بيروت معرض التوظيف السنوي برعاية السفير الأسترالي (مع كل ما تمثله دولته من إرث استعمار استيطاني وإبادة جماعية منذ عام 1606، ودعم عسكري للكيان الصهيوني، و37 شركة مدرجة في بورصة أستراليا تعمل في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية).

ولا يمكن فصل أزمة معرض التوظيف عن الأزمة البنيوية لهذا الصرح في ظل الرأسمالية الاستعمارية، حيث تتحول الجامعة التي تُعرّف ذاتها بالتزامها بمعايير العدالة الاجتماعية والإنسانية، أداة أيديولوجية لإعادة إنتاج النظام الاستعماري والاستغلالي، وجسراً لتمرير سياسات القمع والاستغلال، عبر استضافة شركات مطبّعة واستغلالية، إلى جانب شركات محلية وأخرى عربية رائدة تستحق الدعم.

«ديلويت»
شاركت في المعرض شركة «ديلويت» (Deloitte)، وهي واحدة من أكبر أربع شركات محاسبة واستشارات في العالم، ولها فرع نشط في إسرائيل، وتقدّم خدمات التدقيق والاستشارات الضريبية والأمن السيبراني لعدد من الشركات الإسرائيلية، بما فيها شركات تعمل في المستوطنات غير الشرعية. ولعل الأخطر هو تعاون «ديلويت» مع شركات الدفاع الإسرائيلية مثل مجموعة NSO المطورة لبرنامج «بيغاسوس» التجسسي الذي استخدم ضد الصحافيين والنشطاء الفلسطينيين.

فيما تروج الجامعة لخطاب العدالة في قاعات التدريس تُخضع فرص الطلاب المستقبلية لشروط أرباب العمل الذين يموّلون الاحتلال وتحولها إدارتها «وكالة توظيف» تعيد إنتاج العنف والعنصرية


كما تقدم خدمات استشارية للجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية، بما في ذلك المشتريات الدفاعية والبنية التحتية للاستخبارات. ويجعلها تعاونها مع شركة «إلبيت سيستمز»، أكبر مصنّع أسلحة إسرائيلي، شريكة في توفير الطائرات المسيّرة وأنظمة المراقبة المستخدمة ضد الفلسطينيين. علماً أن أرباح الفرع الإسرائيلي لـ«ديلويت» تدعم بشكل غير مباشر شبكتها العالمية، بما في ذلك فروعها في الشرق الأوسط.

«غروب أم»
كذلك استضاف المعرض «غروب أم» (GroupM)، وهي شركة عالمية للاستثمار الإعلامي تدير فرعاً نشطاً في تل أبيب.

تعمل الشركة مع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية المتخصصة في الإعلانات المراقبة، بما في ذلك تتبع نشاط الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي. كما تتعاون مع شركة «ويكس» الإسرائيلية لبناء المواقع الإلكترونية، و«موبايل آي» (المملوكة لـ«إنتل») التي تسوّق تقنيات المركبات الذاتية القيادة المستخدمة في المستوطنات. الأكثر إثارة للقلق هو دور «غروب أم» في إدارة الحملات الإعلانية على فايسبوك لحظر المحتوى المؤيد لفلسطين. كما تروّج الشركة للسياحة في الأراضي المحتلة عبر التعاون مع الهيئات السياحية الإسرائيلية.

«ترانس ميد»
تعدّ «ترانس ميد» (Transmed) من كبريات الشركات اللبنانية المتعددة الجنسية العاملة في مجال توزيع السلع الاستهلاكية والمشروبات وتجارة التجزئة.

وتشتهر بكونها الموزّع الحصري لمنتجات شركة «بيبسي كو» في لبنان وسوريا والعراق إضافة إلى أسواق أخرى في الشرق الأوسط. تكمن المشكلة في أن «بيبسي كو» نفسها تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يجعلها طرفاً في دعم الاقتصاد الاستيطاني غير الشرعي.

كذلك توزّع «ترانس ميد» منتجات شركة «نستله» التي تدير مصنعاً في مستوطنة «سديروت» الإسرائيلية، إضافة إلى نشاطات شركة «نستله ووترز» في الضفة الغربية المحتلة.

كما إن «ترانس ميد» موزع لمنتجات «لوريال» التي تمتلك المصنع الوحيد في الشرق الأوسط في مجدال هعيمق، المقامة فوق أنقاض قرية المجيدل الفلسطينية. بهذه الصلات المتعددة، تصبح «ترانس ميد» جزءاً من شبكة اقتصادية تدعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر.

«ألفا سايتس»
«ألفا سايتس» (AlphaSights) منصة عالمية لتبادل المعرفة تقدم خدماتها من مكتبها في تل أبيب، وتقدم الاستشارات لصناديق الاستثمار التي تدعم أعمال المستوطنات في الضفة الغربية. عبر دمج الخبراء الإسرائيليين في الأسواق العالمية، تسهم الشركة في تطبيع الاقتصاد الإسرائيلي رغم الاحتلال.

«مايدز.سي سي» الإماراتية»
تمثل شركة «مايدز.سي سي» (Maids.cc) الإماراتية نموذجاً صارخاً لاستغلال العاملات المهاجرات عبر نظام الكفالة. إذ تتعامل مع العاملات في المنازل كسلع قابلة للاستبدال، فتحتفظ بوثائقهم الرسمية وتضمن «انعدام المسؤولية القانونية» لأصحاب العمل.

وتُعرف الشركة بسياساتها التمييزية، إذ تحدد رواتب العمال بناءً على عرقهم وجنسيتهم (بدل العاملة الإفريقية مختلف عن الفيليبينية كما هو موضح على موقعها الإلكتروني). ومع ذلك، تقدم الشركة نفسها في الجامعات كمشروع ريادي يستحق الاستضافة وتوظيف الطلبة ضمن منطق الاستغلال والعنصرية نفسه.

معرض التوظيف هذا ليس مجرد منصة لتوظيف الطلاب، بل هو آلية لإعادة إنتاج علاقات القوة: تبيع الجامعة نفسها وتفتح أبوابها لشركات تمارس الاستعمار الاستيطاني والإبادة الجماعية أو استغلال العمالة المهاجرة والعنصرية، وتقدم وظائف وسيرة نجاح معمدة بدماء الفلسطينيين والعمال المهاجرين.

هذا التناقض ليس بريئاً، بل يعكس وظيفة الجامعة المزدوجة في الرأسمالية المتوحشة: ففيما تروج لخطاب العدالة في قاعات التدريس، تُخضع فرص الطلاب المستقبلية لشروط أرباب العمل الذين يموّلون الاحتلال ويُحكمون قبضة نظام الكفالة.

في هذا السياق، تصبح مقاطعة هذه الشركات أكثر من موقف أخلاقي، بل مقاومة ضد تحويل الجامعة إلى «وكالة توظيف» تعيد إنتاج العنف والعنصرية.

إذا كانت الجامعات، كما كتب إدوارد سعيد، ينبغي أن تكون «ملاذاً للتفكير النقدي»، كيف تقبل الجامعة الأميركية في بيروت أن تتحول إلى «ورشات لإنتاج المعرفة الاستعمارية» كما يقول فريد موتين، ووسيط لتوظيف طلابها في شركات مدانة؟ السؤال ليس عن «فرص وظيفية» فحسب، بل عن أي نوع من المستقبل تريد الجامعة أن تبنيه: مستقبل يُكرس الاستغلال، أم مستقبل يُحرر المعرفة من أغلال السلطة والربح؟

------------

جريدة صيدونيانيوز.نت

الأخبار : بيروت:  الأميركية تفتتح موسم التطبيع ؟ | معرض التوظيف يستضيف شركات ممولة للاحتـلال ؟

2025-04-12

دلالات: