Sidonianews.net
----------------------
الجمهورية
جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة
كان رئيس الجمهورية جوزاف عون واضحاً تمام الوضوح عندما قال للصحافيِّين والإعلاميِّين، إنّ موضوع سلاح «حزب الله» لا يُناقَش في وسائل الإعلام، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. فهذه مسألة حسّاسة ودقيقة تتعلق بالأمن الوطني، ومقاربتها يجب أن تتمّ بموضوعية وشفافية وبمقدار من المسؤولية، لئلّا يتحوّل أي سجال حولها مصدر توتر ينعكس سلباً على المحاولات التي تبذلها الدولة لإطلاق عجلتها.
وكان سبق لرئيس الجمهورية أن أبلغ إلى أعضاء الحكومة أنّ ملف السلاح في عهدته، وهي دعوة صريحة - لمن يُجيد القراءة - إلى أنّ لا سبب لافتعال مشكلة، وإثارة حساسيات، واتباع أسلوب التحدّي، طالما أنّه التزم بالتواصل المباشر وغير المباشر مع قيادة «حزب الله» لمعالجة هذا الموضوع. وإنّ كلامه عن مؤتمر وطني لوضع استراتيجية للأمن الوطني في زيارته الأخيرة لباريس، والذي كرّره في تصريحات لاحقة، وزيارته الأخيرة للدوحة، يَنمّ عن معرفة دقيقة بالوضع الداخلي وطبيعة المرحلة، ما يستوجب مقاربة واقعية وعقلانية، بعيداً من منطق المواجهة والمكاسرة بين أفرقاء الداخل. على أنّ التصريحات النارية والحملات المتبادلة بين «الثنائي الشيعي»، وتحديداً «حزب الله»، وخصومه في شأن السلاح، تزيد الجو العام احتقاناً. وقد بلغ الاستفزاز السياسي المصحوب أحياناً بمظاهر ميدانية مدنية، حدوده القصوى، ما استدعى مواكبة مباشرة من الأجهزة الرسمية على اختلاف مستوياتها تحسّباً لأي مفاجأة.
وفي هذا الوقت، تستمر إسرائيل في اعتداءاتها على الجنوب وغاراتها العنيفة، وتهديداتها من دون رادع أو وازع، ووسط صمت دولي وعربي مُطبَق. وهذه الاعتداءات التي لم تُفلِح القرارات الدولية في لجمها، تعزّز ذريعة المعارضين لتسليم سلاح المقاومة. مع الإشارة إلى أنّ قائد الجيش العماد رودولف هيكل أكّد في غير مناسبة أنّ وحدات الجيش تعمل بحرّية تامة في منطقة جنوب الليطاني، وأنّ «حزب الله» متجاوب ولا يُعرقِل تحرّك هذه الوحدات في الكشف عن مخازن الأسلحة ومصادرتها، في حين أعلن الحزب أنّه لم يَعُد له وجود عسكري في هذه المنطقة.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، وبعيداً من السجال العقيم حول نزع السلاح أو تسليمه، والحملات الإعلامية التي تُنمّي النفور والكراهية بين مكوّنات لبنانية مكتوب عليها العيش معاً في ظل دولة واحدة موحّدة يسودها العدل والقانون، يتحرّك عون في الداخل والخارج، ويُكثف اتصالاته مع عواصم القرار من أجل بَتّ هذا الموضوع، وذلك في إطار رؤية متكاملة تبدأ من انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي احتلّتها في جنوب لبنان بعد صدور القرار الأممي بوقف إطلاق النار، ووضع حدّ لاعتداءاتها على لبنان، بعدما أصبحت منطقة جنوب الليطاني في عهدة الجيش، وحصر السلاح بيد الدولة بعد مؤتمر للحوار يناقش استراتيجية الأمن الوطني، وخطة الدفاع عن البلاد في ظل الخطر الإسرائيلي الدائم.
على أنّ استراتيجية الأمن الوطني التي تُركّز أساساً على الوضع في جنوب لبنان، والحدود مع فلسطين المحتلة، لن تستثني الوضع في شرقي البلاد وشمالها على الحدود اللبنانية - السورية التي تشكّل بؤرة توتر مستمر، إذا لم تعالَج الملفات العالقة بين بيروت ودمشق بطريقة جذرية.
ويقول سفير غربي على متابعة يومية لملف الوضع في جنوب لبنان، وعمل لجنة المراقبة الخماسية، إنّه يجب على جميع الأفرقاء في أي موقع كانوا، أن يُتيحوا الفرصة لرئيس الجمهورية لحل موضوع سلاح «حزب الله» في إطار العنوان العريض «حصر السلاح بيَد الدولة» الذي أطلقه بعيداً من الضغط والتحريض، لئلّا تتطوّر الأمور إلى غير ما يُراد للبنان من استقرار وانتظام دستوري وسياسي وأمني واقتصادي. فلبنان في هذه المرحلة يسير ببطء وحذر نحو التعافي، وإنّ أي انتكاسة سياسية أو اضطراب، مهما كان محدوداً، سينعكس عليه سلباً، وستكون تداعياته خطيرة. وفي المعلومات، إنّ رئيس الجمهورية أراد من تصريحاته الأخيرة وكلامه في مجلس الوزراء إفهام الجميع أنّه لن يدع موضوع سلاح «حزب الله» في سوق التجاذب السياسي المحلي والاستغلال الخارجي، بل سيتولّى هو شخصياً الموضوع من منطلق مسؤوليّته كرأس للدولة ورمز وحدتها، وهو الأكثر إلماماً به كونه وَفَد إلى الرئاسة الأولى من قيادة الجيش اللبناني التي تعرف كثيراً عنه، كونها المعنية الأولى به بحُكم وجود وحدات الجيش وانتشارها في الجنوب، وعلاقتها المباشرة مع قوات «اليونيفيل» والمجتمع هناك الذي يُعتبر حاضناً للمقاومة. وبالتالي، فإنّ الرئيس عون يُحسن التعاطي مع الجهات ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بهذا الملف.
هل يكون كلام رئيس الجمهورية هو الفيصل في موضوع الأمن الوطني وسلاح «حزب الله» من منطلق الثقة بدوره كرئيس للبنان وكل اللبنانيِّين؟ أم يستمر الجدال والشحن المتبادل، على النحو الذي شهدناه في الفترة الأخيرة من حملات واتهامات لم تؤدِّ إلّا إلى شحن النفوس وزيادة منسوب التحدّي الذي لا طائل تحته، اللهم إلّا استئخار الاستقرار على أنواعه، في وقت يبدو لبنان في مسيس الحاجة إليه، بعدما سئم أبناؤه وتعبوا من الحروب غير المجدية بين بعضهم البعض؟
-------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / دعوا الرئيس يعمل... لئلّا...
2025-04-23