الرئيسية / أخبار لبنان /تحقيقيات وتقارير /هل تُطْلَق يدُ إسرائيل في لبنان؟

جريدة صيدونيانيوز.نت / هل تُطْلَق يدُ إسرائيل في لبنان؟

 

Sidonianews.net

---------------------

الجمهورية / طوني عيسى

مخطئ من يظن أنّ الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك سيكشف عن أنيابه في بيروت. هو رجل أعمال من الطراز الأول. وفي «البزنس»، وجوه اللاعبين باردة دائماً، ولا يُعرف إذا كانت تبتسم للربح أو تحزن بالخسارة. لكن المؤكّد هو أنّ برّاك يخفي وراء ابتساماته المدروسة جدّية كاملة وقرارات حازمة.

على الأرجح، لم يُصَب برّاك بالإحباط عندما تلقّى الردّ اللبناني. فما كان يملكه من معلومات يكفي ليعرف مسبقاً بماذا سيردّ عليه المسؤولون اللبنانيون، حتى قبل أن تعكف لجنتهم الثلاثية على إعداده. لكن على «الكاوبوي»، «الزحلاوي» الأصل، أن يؤدي المهمّة التي كلّفه بها الرئيس دونالد ترامب.

في نظر واشنطن أنّها تطالب لبنان بالتزام «بسيط» وسبق أن تعهّد به في اتفاق وقف النار في تشرين الثاني الفائت، وهو حصر السلاح بيد الدولة والمؤسسات الشرعية. ولكن، بالنسبة إلى لبنان، هذا القرار هو بحجم نهاية العالم. وليس وارداً إطلاقاً أن تقوم الدولة بتنفيذه والاصطدام بـ«الحزب».

الردّ الذي تسلّمه برّاك أمس، هو في جوهره، كالردّ السابق، يطالب باعتماد مبدأ «الخطوة خطوة». لكن هذه الصيغة سبق أن رفضتها الولايات المتحدة وكذلك إسرائيل. وفي تفسيرهما أنّ بند نزع السلاح وارد في نص الاتفاق في شكل واضح، وقد وقّعه الجميع، وتأخّر تنفيذه 8 أشهر، وأنّ ما تقوم به إسرائيل اليوم هو نتيجة لعدم تنفيذه. ولذلك، المطلوب ترجمة هذا البند على الأرض قبل القيام بأي خطوة أخرى. ولكن، في المقابل، ومنعاً لأي سوء فهم أو تصرف، حسم «حزب الله» موقفه بنحو مباشر وواضح، فأعلن أنّه أبداً ليس في وارد التخلّي عن السلاح، لأنّه الضمان الوحيد المتبقّي له، خصوصاً في ظل المخاطر المستجدة في سوريا.

تحدث برّاك بلغة ديبلوماسية فيها المعاني كلها مستترة، لكنه قال بوضوح: «لن نلزم إسرائيل بشيء». ولهذه العبارة مغزاها العميق. ففي العادة، عندما ترى واشنطن أنّ الحلول الديبلوماسية مع أي كان في الشرق الأوسط متعثرة، فإنّها تميل فوراً إلى دعم إسرائيل لتؤدي هي الدور، وغالباً ما يكون عسكرياً. أي، سيترك الأميركيون لإسرائيل أن تتصرف في لبنان، وسيقولون للحكومة اللبنانية و»حزب الله» «قلِّعوا شوككم بأيديكم».

ما سعى إليه برّاك عملياً هو الفصل بين المسارين، نزع السلاح والانسحاب الإسرائيلي. والأميركيون مقتنعون بأنّ إسرائيل ليست مجبرة على الانسحاب من الأراضي التي تتمركز فيها أو وقف غاراتها قبل أن يُقدم «حزب الله» على نزع سلاحه، لأنّها تفعل ذلك بناءً على بند وارد في اتفاق وقف النار، يقول بحق كل من الطرفين المعنيين في الدفاع عن النفس، إذا لاحظ تهديداً في الجانب المقابل. والموقف الأميركي سيمنح إسرائيل اليد العليا في تنفيذ أي ردّ، خصوصاً أنّها هي التي تمتلك القدرة العسكرية والتكنولوجية، إضافة إلى التغطية الديبلوماسية واللوجستية الأميركية.

لن تستجيب الولايات المتحدة لطلب لبنان فرض تنازلات موازية على إسرائيل. وهذا ما سيمنح حكومة بنيامين نتنياهو شعوراً بامتلاكها ضوءاً أخضر أميركياً للتعامل مع «حزب الله» بالطرق التي تراها مناسبة. ويمكن أن يترجم ذلك بالآتي:

1- زيادة الضغط العسكري من خلال الغارات الجوية على أهداف لـ«الحزب» في لبنان، بما في ذلك مخازن الأسلحة ومواقع الصواريخ والبنية التحتية واستهداف الكوادر، بذريعة «الدفاع عن النفس» أو «منعه من حيازة الأسلحة الدقيقة». وهذا ما يحدث حالياً في شكل يومي، لكنه قد يزداد. وسيُقابل أي عمل عسكري يقوم به «الحزب»، ولو كان محدوداً، بردّ إسرائيلي أكبر بكثير.

2- إذا توافرت لإسرائيل «نافذة فرص» استراتيجية كحصولها على دعم دولي كافٍ، أو إذا تراجع النفوذ الإيراني، فليس مستبعداً أن تشنّ عملية عسكرية واسعة في لبنان، تريد بها تدمير البنية التحتية العسكرية لـ«الحزب» في شكل كامل.

3- سيمارس الإسرائيليون بدعم أميركي ضغطاً ديبلوماسياً كبيراً على «حزب الله» ولبنان، من خلال عقوبات على شخصيات، وعلى شبكات التمويل التابعة لـ«الحزب»، في محاولة لإضعاف قدراته المالية، وتفعيل قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بنزع سلاح الميليشيات في لبنان.

ولكن، في مقابل هذا الاتجاه الهجومي، ثمة خط أحمر يرجح الخبراء أن تتوقف عنده الولايات المتحدة. فهي بالتأكيد ستحاول كبح جماح إسرائيل إذا حاولت تنفيذ عملية عسكرية واسعة في لبنان، لأنّها ستؤدي إلى زعزعة استقراره، وربما استقرار الشرق الأوسط بكامله، وتهديد المصالح الأميركية. وكذلك، لن يتخلّى الأميركيون كلياً عن لبنان، وسيجدون أنّ استمرار المساعدات الإنسانية ودعم الجيش اللبناني هما حاجتان حيويتان للحفاظ على استقرار الدولة ومنع سيطرة «الحزب» عليها كلياً. وهذا ما أثبتته التجارب في السنوات الأخيرة.

---------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / هل تُطْلَق يدُ إسرائيل في لبنان؟

2025-07-22

دلالات: