Sidonianews.net
------------
النهار
على إيجابية عودة التواصل المباشر بين أركان السلطة ولا سيما منهم رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام بعد الهزّات والتداعيات السلبية التي أثارتها تظاهرة "حزب الله" في منطقة الروشة الأسبوع الماضي، لم يبدّد لقاء الرئيسين أمس في قصر بعبدا تماماً ظلال ما تصاعد من تباين وفتور بينهما، كما أن الجانب "المكمل" لمعالم المشهد المتأزم شهدت فصلها الثاني في ساحة النجمة مع إسقاط نصاب الجلسة التشريعية في يومها الثاني.
ولعل المفارقة السلبية الجديدة أو الإضافية بالأحرى التي برزت أمس، تمثلت في أن الانقسام النيابي المتفجر حول مسألة تصويت المغتربين الذي أسقط نصاب الجلسة في يومها الأول بعد إقرار سبعة مشاريع قوانين لم يقف أمس عند تطيير الجلسة من أساسها، بل تمددت معالم التصعيد من خلال افتعال مشكلة تفسير قانونية حول المشاريع التي أُقرت في جلسة الاثنين و"الاجتهاد" بتجميدها.
تولى تصعيد هذا الجانب المستجد من الخلاف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، في ما يرجح أنه ردّ بالوكالة عن رئيس المجلس نبيه بري على الكتل المعارضة والمستقلة التي فتحت مواجهة قاسية وربما ضارية معه من خلال خوض معركة النصاب في وجهه مباشرة، وهو الأمر الذي يضع ملف الاستحقاق الانتخابي فوق نار حامية ومسار تصعيدي خطير، علماً أن الحكومة دلّلت على مضيها في الاستعداد لإجراء الانتخابات في موعدها من خلال إعلان وزارتي الداخلية والخارجية أمس إطلاق عملية تسجيل المغتربين ابتداءً من الثاني من تشرين الأول.
في أي حال، كانت الأنظار مشدودة أولاً إلى اللقاء الأول الذي جمع أمس الرئيس عون مع الرئيس سلام بعد تطورات الأسبوع الماضي، وأعلن رسمياً من بعبدا أن الرئيس عون عرض خلال استقباله لسلام الأوضاع العامة في البلاد ونتائج اللقاءات التي عقدها في نيويورك خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما تطرّق البحث إلى الوضع الداخلي وسبل معالجة ما حصل في منطقة الروشة قبل أيام.
ولم يدلِ الرئيس سلام بأي تصريح لدى مغادرته قصر بعبدا متوجهاً إلى مجلس النواب. ورغم انتفاء التسريبات حول اللقاء تحدثت معلومات عن أنه كان عبارة عن "جلسة مكاشفة ومصارحة" على خلفية حادثة الروشة، حيث عرض كل من الرئيسين عون وسلام وجهة نظره. وأفادت هذه المعلومات أنّ رئيس الجمهورية اعتبر أن "المسّ بالجيش خط أحمر، ولا يجوز بتاتاً التطاول على موقع رئاسة الحكومة"، ولكنه أشار إلى أنه "كان من الممكن تلافي المشكلة بالتشاور". وفي المقابل اعتبر سلام أن "ما حصل شكل مسّاً بهيبة الدولة، وكان عليه أن يتصرف بناء على ضوئه".
ووفق المعلومات نفسها، فإن جلسة المصارحة بين الرئيسين انتهت إلى الاتفاق على التنسيق، ولكنها لم تنتهِ بالإيجابية المطلوبة، بل بقيت ترسبات ما حصل راسخة على جو العلاقة بين الرئاستين. وعلى رغم هذه الأجواء، إلا أن الاتفاق على التنسيق سيبقى قائماً بين عون وسلام، وكذلك التنسيق في ما يختص بالعمل الحكومي.
وأما على الجبهة النيابية، فلم يكتمل نصاب الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري استكمالاً لجلسة الاثنين وحضر 48 نائباً، وبعد انتظار أعلن إرجاء الجلسة إلى موعد لم يحدد.
وعقب الجلسة طرأ "تطور اجتهادي" على لسان نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب رفضت كتل المعارضة الأخذ به، إذ قال: "إذا لم يحصل النصاب، معنى ذلك أن الجلسة التي بدأناها بالأمس معطلة.
وبالأمس طار النصاب قبل انتهاء الجلسة، يعني لم تتم تلاوة محضر الجلسة كما يحصل في العادة من أجل القوانين السبعة التي أقرت. نستطيع أن نرسلهم في الأطر القانونية والدستورية وتنشر في الجريدة الرسمية، وبالتالي إذا لم تحصل الجلسة، كل القوانين التي أقرت بالأمس تبقى محفوظة لعقد جلسة أخرى، وعندما تحصل الجلسة الثانية عندها سيقفل المحضر". وأضاف بو صعب: "وعندما يقفل المحضر تصبح القوانين سالكة بطرقها القانونية، يعني كل ما أقر بالأمس إذا لم يحصل النصاب اليوم يعتبر مجمدا". وذهب أبعد إلى القول إن "تعطيل مجلس النواب يعني تعطيل إقرار القوانين الإصلاحية التي نعمل عليها، وبالتالي الأزمة ستتفاقم وستتطلب حلاً سياسياً".
وسرعان ما ردّ عليه نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان الذي حضر إلى المجلس، ليعلن أن "خطوة اليوم ليست لتعطيل عمل المجلس إطلاقاً بل هي خطوة لوضع عمل المجلس في المسار الذي يجب أن يعتمده، وهو إدراج القانون المعجل المكرّر على جدول أعمال الجلسة". ثم أعلن أن "القوانين التي أقرت بالأمس هي قوانين مقرة ونافذة، إلا إذا أردنا أن نقوم باجتهاد جديد".
وحمّل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الرئيس بري مباشرة مسؤولية تعطيل الجلسة التشريعية، وسأل: "كيف يجوز أن يكون 67 نائباً قد تقدّموا منذ أشهر، وليس البارحة، باقتراح قانون معجّل مكرّر لإدخال تعديلات على قانون الانتخاب النافذ تحضيراً لإجراء الاستحقاق في مواعيده، ومع ذلك تجاهل رئيس المجلس هذا الاقتراح، وضرب عرض الحائط بطلب 67 نائباً، متجاوزاً النظام الداخلي لمجلس النواب الأعراف كلها التي اعتمدت في التعاطي مع اقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة منذ نشأة المجلس النيابي وحتى اليوم؟".
واعتبر أن رفض رئيس المجلس طرح اقتراح القانون المعجّل المكرّر على الهيئة العامة يشكّل خرقاً فاضحاً للنظام الداخلي وللأعراف البرلمانية المرعية منذ عقود، والأهم أنه يشكّل انتقاصاً واضحاً من مقام وكرامة 67 نائباً يشكّلون أكثرية المجلس النيابي، وقد انتخبتهم شرائح واسعة من المجتمع اللبناني. إن الحل بيد الرئيس بري وحده، عبر تحمّله مسؤولياته كرئيس للمجلس، والدعوة إلى جلسة تشريعية اليوم قبل الغد وعلى رأس جدول أعمالها اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدَّم من 67 نائباً، خصوصاً مع بدء تسجيل المغتربين في الخارج. وإلا فإن رئيس المجلس يكون، من دون أي مبرّر، يعمل على تعطيل الانتخابات النيابية".
ورغم الاجواء التصعيدية، بادرت وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، إلى الإعلان في بيان مشترك "عملاً بأحكام المادة 113 من القانون رقم 44/2017 (قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب)، وبعد التنسيق بين وزيري الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين والتزامًا بالمهل القانونية، تم تحديد 2 تشرين الأول تاريخ البدء بتسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، على أن تنتهي المهلة في 20 تشرين الثاني من العام 2025. وياتي هذا الإعلان ثمرة التعاون والتنسيق المستمر بين الوزارتين، حيث يعمل وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار ووزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي بشكل شبه يومي على متابعة كل التفاصيل المتعلقة بهذا الاستحقاق الوطني، من أجل تأمين أفضل الظروف الإدارية والفنية لضمان مشاركة اللبنانيين المنتشرين في هذا الاستحقاق الدستوري".
-------------
جريدة صيدونيانيوز.نت
النهار: التواصل عاد فاتراً بين عون وسلام… تصعيد نيابي يستحضر النصاب والاجتهادات
2025-10-01