Sidonianews.net
------------------------
الجمهورية / عماد مرمل
وسط دخان التصعيد الإسرائيلي وغبار الضغط الأميركي على لبنان، أتت المبادرة المصرية في لحظة انعدام وزن، لمحاولة استدراك الموقف قبل أن يخرج عن السيطرة، فما هو مصيرها؟
تحوط التعقيدات بمبادرة القاهرة التي حملها إلى بيروت مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، الذي يعرف جيداً أنّ مهمّته ليست سهلة، وإن تكن خبرته في إدارة المفاوضات الصعبة مع الإسرائيليِّين وحركة «حماس» قد تُفيده في مغامرته اللبنانية.
ولعلّ التحدّي الأول الذي يواجه المبادرة، يكمن في حقيقة الموقف الأميركي منها، إذ توجد مقاربتان له، الأولى تعتبر أنّ واشنطن غير مؤيّدة لمضامين الطرح المصري المقترح، ولن تُسهّل أمره، كونه لا يلحظ بوضوح نزع سلاح «حزب الله» شمال الليطاني، وبالتالي لا يحقق أحد أهم أهداف تل أبيب، بينما تفترض المقاربة الثانية أنّ المبادرة المصرية ما كانت لتولد أصلاً من دون موافقة وغطاء الولايات المتحدة، التي لا تمانع في إعطاء القاهرة مساحة ديبلوماسية كافية للمساعدة في تحقيق اختراق على الساحة اللبنانية، كما سبق لها أن ساعدت في التوصّل إلى اتفاق غزة.
التحدّي الآخر الذي وجدت المبادرة نفسها أمامه، هو إقليمي، إذ إنّ السعودية التي تُصنَّف بأنّها باتت اللاعب العربي الأساسي في لبنان بعد المتغيّرات الأخيرة، قد لا تكون مرتاحة كثيراً للإستعانة بلاعب آخر من مقاعد الاحتياط، ليشغل مركز «رأس الحربة» في الملف اللبناني، بالإضافة إلى أنّ الرياض لا تُحبِّذ على الأرجح المرونة التي تتعامل بها المبادرة مع مسألة سلاح «حزب الله».
ويبقى المحك اللبناني المتصل بمَوقف الطرف المعني مباشرة بالمبادرة المصرية، أي «حزب الله». من حيث المبدأ، رحّب «الحزب» بأصل المسعى المصري، بدل أن تظل واشنطن ممسكة لوحدها بكل الخيوط الديبلوماسية، لكنّه وبعد التدقيق في تفاصيل المبادرة ومراحلها، توصّل إلى استنتاج يُفيد أنّها تنطوي على خللٍ منهجي لا يسمح بالموافقة عليها، كما هي.
والمبادرة تلحظ إخلاء جنوب الليطاني بكامله من سلاح «حزب الله»، ثم «يُفرَز» (يُجمَّد) السلاح الموجود في منطقة شمال الليطاني، بمعنى أنّه لا يُستعمل ولا يُعزَّز، لتبدأ بعد ذلك المفاوضات حول انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من التلال الخمس ووقف الإعتداءات على لبنان وتحرير الأسرى.
ومؤدّى هذا المسار، أنّ المرحلتَين الأولى والثانية في شأن السلاح ستُنفّذان من دون وجود أي ضمانات بوقف الضربات الإسرائيلية التي سيكون مسموحاً استمرارها إلى حين تبيان ما سيؤول إليه التفاوض لاحقاً، بينما وقف الأعمال العدائية وارد أصلاً في مطلع بنود اتفاق 27 تشرين الثاني 2024، الذي ترفض تل أبيب التقيّد به، وبالتالي ينبغي الضغط عليها لإلزامها بتطبيقه، وليس طرح بدائل عنه وفق اقتناع «الحزب».
والأهم، أنّ «حزب الله» يعتبر أنّ مستقبل السلاح شمال الليطاني هو شأن داخلي يخضع إلى الحوار بين اللبنانيِّين، والبَتّ فيه يجب أن يتمّ ضمن سياق النقاش حول استراتيجية الأمن الوطني المفترضة، وليس عبر قوالب خارجية جاهزة.
وإزاء كل هذه الوقائع، تبدو فُرَص المبادرة المصرية بالنجاح ضعيفة، إلّا أنّ ذلك لا يمنع من أنّها تُشكّل «نواة» ربما يمكن البناء عليها إذا خضعت طبعتها الأولى إلى تعديلات تحقق التوازن بين مصالح جميع الأطراف، الأمر الذي يبدو متعذّراً حتى الآن، في ظل افتراض الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، أنّ لديهما حالياً فرصة لانتزاع أقصى المكاسب.
---------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / ما مصير المبادرة المصرية؟
2025-11-12





